مواضيع اليوم

ثورة مرتقبة في علاج سرطان الكبد

 

 

لن يمضى وقت طويل حتى تتسع مساحة الأمل فى مواجهة أورام الكبد‏‏ وباكورة هذا التفاؤل كشفت عنها الدراسات التى نوقشت فى مؤتمر الجمعية الأوروبية لدراسة الكبد الذى انعقد بمدينة دوبروفنيك بكرواتيا‏، حيث أعلنت تصنيفاً جديداً لسرطان الكبد‏‏ وذلك بحصر أنواعه الجينية‏،‏ مما يعنى تحديد نوع العلاج المناسب‏.

‏بل وتوقع نجاحه أو فشله مبكرا وفق التحليل الجيني‏,‏ كما أن هناك تحليلا جينيا يجري لمريض فيروس سي يتم بناء علي نتائجه توقع الاستجابة أو عدم الاستجابة للعلاجات المتاحة‏.‏
واعتبر الدكتور جورج لوفيت رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر أن التوقع الجيني للتحول السرطاني في الكبد طفرة في مجال التشخيص والعلاج بل والوقاية‏,‏ بل ثورة مرتقبة في علاجات سرطان الكبد ستحدث في السنوات الخمس المقبلة‏,‏ وعزز من قوتها ظهور دلائل أولية مبشرة علي نجاحات الجيل الأول من العقاقير الموجهة‏,‏ التي تسهم في الحد من ارتداد أورام الكبد بعد الزرع‏.‏ ومن بين ثنايا المناقشات ثبت أن أورام الكبد قد تحدث في مرضي فيروس سي‏,‏ حتي وإن كان التليف بسيطا‏,‏ ما ينصح بالمتابعة المستمرة لهؤلاء المرضي بدلالات الأورام والفحص بالموجات فوق الصوتية لالتقاط أي ورم مبكرا‏.‏
ووفق هذه الإنجازات فإن زراعة الكبد‏,‏ وفقا للدكتور أيمن يسري أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب القاهرة‏,‏ من الممكن أن تجري لمريض سرطان الكبد الأولي‏,‏ ولكن بشروط تضمن نجاح الزرع بدون ارتجاع الورم بنسبة تتجاوز‏90%,‏ وفق مواصفات ميلان‏Milancriteria,‏ لكن المشكلة أنه وفقا لـ‏‏ميلان‏‏ لايمكن الزرع إلا لنسبة لاتتجاوز‏10‏ ـ‏15%‏ من مرضي سرطان الكبد‏,‏ لكن العقاقير الجديدة مثل سورافينيب وسيراوليميس وأفيروليميس أحدثت ثورة في علاج أورام الكبد‏,‏ حيث أنها تعمل علي المستوي الجزيئي للخلية السرطانية للحد من نموها‏,‏ كما تحول دون تكوين الأوعية الدموية المغذية للورم‏,‏ إذ يتم حقن ورم تجاوز حجمه‏5‏ سم بمادة كيماوية أو مشعة بطريق الشريان الكبدي لتصغير حجمه قبل زرع الكبد ثم الاستعانة بالأدوية الجديدة بعد الزرع للحيلولة دون ارتجاع الورم في الكبد المنزرع‏,‏ مايعني أنه بعد توسيع حدود مواصفات ميلان يمكن زرع الكبد في حالة الأورام الأكبر حجما‏,‏ وبالتالي منح الفرصة لـ‏30‏ ـ‏40%‏ من مرضي أورام الكبد لإجراء عملية الزرع‏,‏
وبرأي الدكتور جمال شيحة أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بطب المنصورة فإن وجود دواء يؤخذ بالفم ويؤثر علي الخلايا السرطانية مباشرة ويحدث فرقا ولو بسيطا في الفترة التي يمكن أن يعيشها مريض سرطان الكبد يعد إنجازا‏,‏ ونقطة بداية للانطلاق في الاتجاه الصحيح‏,‏ وميزة هذا العلاج أنه فتح الباب المغلق للتعامل مع نسبة أكبر من مرضي سرطان الكبد‏,‏ وهو علاج شبه موجه يعمل علي الأوعية الدموية المغذية للورم‏,‏ وهذه العائلة الجديدة من العقاقير تعد اختراقا وهذه هي قيمتها‏,‏ والجديد هو استخدام الدواء ليس منفردا‏,‏ بل بالإضافة إلي الحقن الكيماوي وقبل وبعد استئصال الورم أو التردد الحراري وقبل وبعد زرع الكبد‏,‏ مؤكدا أن هذه الدراسات جديدة ولم تظهر نتائجها النهائية حتي اليوم‏.‏
أما الدكتور وحيد دوس أستاذ الكبد بقصر العيني ورئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية فيوضح أن سورافينيب بداية لعلاج بيولوجي موجه لأورام الكبد‏,‏ لكنه يحذر من الإفراط في التفاؤل في استخدامه للمرضي المصريين إلي جانب الوسائل الأخري بسبب سعره المرتفع‏,‏ لكنه يحذر من أن احتمال الإصابة بسرطان الكبد الأولي قائم‏,‏ وإن كان ضئيلا حتي للمرضي الذين تخلصوا من فيروس سي‏,‏ لذا ينصحهم بعمل متابعة دورية بالموجات فوق الصوتية كل‏6‏ أشهر‏,‏ والأهم من ذلك منع الإصابة بفيروس سي والتطعيم ضد بي‏.‏
وسرطان الكبد ممكن الوقاية منه‏,‏ كما يقول د‏.‏أشرف عمر استاذ الكبد بقصر العيني‏,‏ وهذه إحدي مهام الجمعية المصرية لسرطان الكبد‏,‏ والتي أطلقت حملتين في هذا الصدد‏,‏ الأولي للوقاية من سرطان الكبد والثانية للكشف المبكر عن سرطان الكبد‏,‏ والحملة الأولي استمدت أهدافها من نتائج دراسة مصرية أمريكية مشتركة عن الأسباب المؤدية لسرطان الكبد في مصر‏,‏ احتل فيها فيروس سي موقع الصدارة‏,‏ لكن المفاجأة أن هناك أسبابا أخري أبرزها مادة الأفلاتوكسين‏,‏ وهي مادة ناتجة عن فطر ينمو علي المواد الغذائية‏,‏ خاصة الحبوب المخزنة بشكل سيئ‏,‏ وما أكثرها في مصر‏,‏ والياميش والفول السوداني والمبيدات الزراعية والحشرية والسمنة‏,‏ بل والسكر غير المنضبط‏,‏ والتدخين أيضا‏,‏ ولأنه تم رصد هذه العوامل‏,‏ وضعت الجمعية استراتيجية لمنع الإصابة بهذا النوع من الأورام‏,‏ وكان ذلك عنوان حملة الكشف المبكر عن أورام الكبد‏,‏ لأن ذلك يزيد فرصة الشفاء إلي‏85%‏ إن كان الورم أقل من‏5‏ سم‏,‏ وتوفر هذه الحملة كل سبل العلاج المختلفة لسرطان الكبد‏,‏ بدءا من العلاج الموضعي بالكحول أو التردد الحراري وانتهاء بزرع الكبد‏,‏ وما يؤسف له أن أسباب سرطان الكبد في مصر لاتنحصر في فيروس سي‏,‏ بل لدينا أكثر من سبب‏‏ كارثي‏‏ بمفرده يؤدي إلي سرطان الكبد‏,‏ وغالبا ماتجتمع كل هذه العوامل في مريض واحد‏,‏ هو المريض المصري‏!‏
ولملاحقة حالات أورام الكبد المتزايدة في مصر‏,‏ بدأنا‏,‏ كما يقول الدكتور جمال عصمت أستاذ الكبد بطب القاهرة منذ مطلع‏2010‏ تنفيذ برنامج متكامل للكشف المبكر عن أورام الكبد من خلال الـ‏22‏ مركزا لعلاج الفيروسات الكبدية علي مستوي مصر‏,‏ حيث يتم فحص دوري لمرضي تليف الكبد أو المصابين بالتهاب كبدي مزمن للكشف المبكر عن الأورام وتحويل الحالات المكتشفة إلي‏6‏ مراكز متخصصة في جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية والمنيا والمنوفية‏‏ معهد الكبد‏‏ ومعهد الكبد القومي بالقاهرة‏,‏ حيث تم عمل فحص متكامل لهؤلاء المرضي من خلال فريق طبي يضم مختلف التخصصات‏,‏ مع العلاج التكاملي بأكثر من وسيلة‏,‏ علما بأن الكشف المبكر للورم يوفر فرصة نجاح العلاج بنسبة تقترب من‏90%,‏ لكن الشفاء الكامل يقف عند حد الصفر إن تم اكتشاف الورم متأخرا‏.‏
وهناك‏3‏ أنواع من سرطان الكبد‏,‏ سرطان الكبد الأولي وسرطان القنوات المرارية وسرطان الأوعية الدموية داخل الكبد والثانويات‏,‏ وقد أثبت الدكتور عبدالرحمن الزيادي أستاذ الكبد بطب عين شمس في دراسة له عام‏2006‏ تضاعف معدل انتشار السرطان في مصر في الفترة بين‏1992‏ ـ‏2000‏ بين حالات التليف الكبدي‏.‏
والمشكلة في مصر‏,‏ كما يضيف الدكتور الزيادي أن مريض تليف الكبد يأتي متأخرا جدا ولاتوجد وسيلة ناجعة للتعامل معه‏,‏ سواء بالتردد الحراري أو الكحول‏,‏ وهؤلاء المرضي لابد من متابعتهم بشكل دوري كل‏3‏ ـ‏4‏ أشهر بدلا من‏6‏ أشهر‏,‏ لأن الورم لو كان حجمه‏3‏ سم يبلغ‏6‏ سم بعد‏6‏ أشهر‏,‏ والمتابعة تتم بالموجات الصوتية ودلالات الأورام الفافيتوبروتين لاكتشاف أي أورام مبكرا‏,‏ لكن المشكلة أن حساسية الفافيتوبروتين لاتتعدي‏30%‏ والسونار يعتمد علي كفاءة الطبيب‏,‏ وتوصي هذه الدراسة التي ستنشر هذا الشهر بمجلة الكبد العالمية بأن يشمل الفحص المرضي الذين تلقوا الإنترفيرون أو من فشل معهم هذا العلاج‏,‏ وأفراد العائلة التي أصيب أحد أفرادها بسرطان الكبد‏.‏
واليوم‏,‏ يحاول العلماء إيجاد طرق تشخيصية جديدة في حالات سرطان الكبد الصغيرة بين‏1‏ ـ‏2‏ سم باستعمال البيولوجيا الجزيئية‏,‏ كما يحاولون العلاج بنفس الطريقة‏,‏ وعن أحدث وسائل تشخيص سرطان الكبد‏,‏ أوضح الدكتور لويجي بولوندي أستاذ الكبد بجامعة بولونيا‏,‏ أنه يمكن حاليا الكشف المبكر عن هذه الأورام بالوسائل التشخيصية دون الحاجة لأخذ عينة كبد في الأورام صغيرة الحجم‏,‏ باستخدام صبغات جديدة للأشعة مع الرنين المغناطيسي لديها القدرة علي التمييز بين البؤر السرطانية والحميدة‏,‏ خاصة عندما تكون هذه البؤر متناهية الصغر‏,‏ بعدما كانت هذه البؤر تمثل مشكلة طبية لعدة سنوات‏,‏ حيث أن الوسائل الإشعاعية المختلفة بالصبغات المختلفة لم تكن قادرة علي اكتشافها‏,‏ وإذا اكتشفت لم تكن قادرة علي تحديدها هل هي خبيثة أم حميدة‏,‏ وهناك صبغة جديدة أيضا تستخدم مع الموجات فوق الصوتية لكنها ليست متوافرة إلا في اليابان‏.‏
وحديثا هناك طريقة مبشرة قدمها الياباني أوماتا تستهدف حرق الورم بموجات تصادمية دون الحاجة للإبر أو الجراحة لعلاج سرطان الكبد الأولي إضافة إلي العلاج الموجه‏,‏ وكما يوضح الدكتور أحمد الدري أستاذ الأشعة التدخلية ورئيس مجموعة أورام الكبد بطب عين شمس‏,‏ تم تصنيع حبيبات صغيرة جدا لها القدرة علي امتصاص العلاج الكيماوي بكمية أكبر ويتم حقنها داخل الورم‏,‏ تقوم بسد الشعيرات الدموية المغذية للورم‏,‏ مما يحرم الخلايا السرطانية من الأوكسجين اللازم لنموها وتكاثرها وبذلك يصبح تأثيرها مزدوجا‏,‏ بالعلاج الكيماوي عالي الكفاءة فضلا عن منع إمدادات الدم اللازمة لنمو الخلايا السرطانية وبقاؤها حية‏,‏ وهذه الوسيلة بدأ تطبيقها في وحدة أورام الكبد بجامعة عين شمس تماشيا مع التوجه العالمي‏.‏

كرواتيا:

من حسن فتحي




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !