مواضيع اليوم

ثورة ليبيا الجريمة المفرحة

سامي بلحاج

2011-10-22 10:12:35

0

ثورة ليبيا
الجريمة المفرحة


ككل مواطن عربي غمرني شعور عاطفي وحماسي بالفرحة العارمة ماتاها القاء القبض على العقيد معمر القذافي بعد مقاومة امتدت لعدة اشهر منذ اندلاع الثورة في ليبيا وزادت فرحتي تماشيا مع وسائل الاعلام العربية التي زينت الخبر كما اشتهت ذلك بان مقتل القذافي هو انتصار ولكن حقيقة ما يخالجني هو مرارة بان النفس العربية ضعيفة ويتلاعب بها كما اتفق والامر من ذلك هو كيف يحتفل شعب بقتل نفس حتى لو كانت طاغية في حياتها وكيف يفرح شعب ببداية عهد جديد قوامه الديمقراطية والحرية والعدالة تفوح منه رائحة الجريمة هذا ما حدث في ليبيا بايهام من الناتو ومن فرنسا وكل الغرب وهو ايحاء بالنصر حتى يدخل الاشقاء في ليبيا في دوامة وغيبوبة النصر والقضاء على طاغية دون ان ينظر اي انسان الى الوراء ليرى حجم الجرم المقترف في حق العروبة لقد قام الناتو بتطويق موكب السيارات التابعة للعقيد معمر القذافي واتباعه وقاموا بقصفه فشلت الحركة وارتبكوا واجبروا جميعهم على الخروج من السيارات والفرار الى اماكن مختلفة والمخابرات الغربية تتابع كل حركة لمعمر القذافي واتباعه وعندما تاكدوا من محاصرته قاموا باعلام الثوار ومن والاهم لملاحقته حيا والتشفي به وباهله وباتباعه حتى تبدو الصورة مكتملة للثوار بانهم من انجروا المهمة الى اخرها وهكذا يسدل الستار على مسرحية القذدافي التي تواصلت اربعة عقود .والى حد هذا التاريخ لم نستمع الى رواية واحدة صادقة ومكتملة تصور لنا حقيقة ما حدث منذ بداية مطاردة القذافي في موقعه الاخير الى حين قتله دون مقاومة وهو مستسلم للثوار والصور تؤكد ذلك .الدلائل تدين الناتو لمشاركته في عملية القتل هذه بل اكثر من ذلك فقد قام الناتو بتسليم القذافي الى الثوار ولا احد يعلم الانتماء الحقيقي لبعض هؤلاء الثوار وكلنا نعلم ان بريطانيا ارسلت مخابراتها لتعقب القذافي وكذلك فعلت ايطاليا وفرنسا فاين الحقيقة ؟
على الشعب الليبي ان يبحث في هذه الجريمة وفي تفاصيلها حتى لا تنطلي عليه اللعبة ولا يصبح في المستقبل رهين اتهام بمقتل العقيد معمر القذافي وهو اسير حرب فالغرب على استعداد لمساومة ليبيا على هذا الامر بانها بدات عهد الحرية والديمقراطية والعدالة بجريمة قتل لاسير حرب ذلك الغرب المدعي بامتلاكه شفرات حقوق الانسان والحريات في العالم .
ان ليبيا مطالبة بالتحقيق العميق في هذه القضية لفك رموز الغموض ومحاسبة من قام بقتل القذافي لا نصرة له كشخص بل نصرة للشعب الليبي ونصرة للانتماء العربي عامة فالغرب لم يكف عن تلاعبه بالعرب لانه متاكد من انهم شعوب تغلب عليهم الطائفية والعاطفة ويكفي ان تضعهم في بوتقة الانتصار حتى يقتلوا اهلهم باسم الفرحة وباسم الحق دون الاحتكام الى القضاء الشرعي او الوضعي . اذا لم تسع الدول العربية لمساعدة ليبيا في هذا الامر فان الغرب باق على عهده في التلاعب بكل الحقائق وهو مطمئن البال لانه سيتاكد من ان العرب لن يستفيقوا من غيبوبيتهم غيبوبة النرجسية والتباهي الفضفاض الفارغ من الداخل كالطبل الذي يصدر اصواتا مفزعة وهو اجوف . ان اركان الجريمة متوفرة في مقتل القذافي واسبابها والتخطيط لها ولم استمع الى الاعلام الغربي تحدث عن دور الناتو في هذه العملية بل هناك تغييب كامل للدور الغربي وللناتو حتى لا يتعمق الحديث في هذا الموضوع ولا تنكشف التفاصيل ويعود العرب ليثوروا على الغرب بالسب والشتم في الظاهر وفي الداخل مساوماة وبيوعات للهمم.
لذلك اقول ان الفرحة بالجريمة هي جريمة في حد ذاتها ولا يحق لاي كان ان يشوه تاريخ بلد باكمله باخفاء حقائق مهمة ستكون سببا في بطلان تهم بالقتل للشعب الليبي وللثوار في ليبيا لانهم منذ البداية صرحوا بانهم يرغبون في محاكمة القذافي فماذا حصل ليتغير الامر ؟ .


                                                                                                                                                                           نابل / تونس  في 22 اكتوبر 2011
                                                                                                                                                                                             سامي بلحاج
                                                                                                                                                                                              كاتب صحفي

802  348 97  Belhaj.samy@gmail.com




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !