مواضيع اليوم

ثورة لم تكن في الحسبان.

عبد الحكيم بوهلال

2011-02-15 23:37:46

0

لم يكن هناك أيّ مجال للمقارنة بين القوّة والتّنظيم والإستعداد بين الشّعب والسّلطة الحاكمة في تونس فللنّظام زمن طويل من تثبيت إرهابه بوسائله المتعدّدة بعد إستحواذه على الثّروة وبعث ميليشياته وتدعيم رجال الأمن وتسييسها لصالحه وزرع القوّادة المخبرين بين صفوف كلّ النّاس وفي كلّ المجالات حتّى بين صفوف المهرولين إليه لإزالة أيّة ثغرة يمكن أن يكون فيها نغز له وقد كثّف مع رؤوس الأمن في العالم العربي من التّداول وتبادل النّصائح من خلال اللقاءات الدّورية في تونس والتّخطيط لكلّ الإحتمالات لصدّ أيّة محاولة للخروج عن الطّاعة كما تقبّل نصائح عدوّ الشّعوب العربية الأوّل المتمثّل في الكيان الصّهيوني ومن ورائه الولايات المتّحدة الأمريكية وهو الإرهابي أبو الإرهابيين في العالم متزوّدا منهم بما كثر شرّه من بضائع القمع والتّعذيب والقتل..
بينما نرى الشّعب مصابا بنوع من الخضوع الظّاهر للعيان تراكم عليه بفعل تراكم عمليات الإنتقام والمطاردة لكلّ من تجرّأ وأطال لسانه بعض الشّئ على دكتاتور العصر التّونسي فهرب بفكره لمسائل عديمة الفائدة ككرة القدم مركّزا جلّ تفكيره عليها يقلب الدّنيا من أجلها ويعتبرها كرامته كأنّما يحاول دفن رأسه في الرّمال لكي لا يظهر الذّل االكامن في كلّ الزّوايا والمواقع.
لذلك لم يكن في الحسبان أبدا أن يحصل ماحصل.. وعندما عمد البوعزيزي على حرق نفسه في مدينة سيدي بوزيد (قمّودة سابقا) مرّ الحدث ككلّ حدث بين الأحاديث وفي آخر النّهار كان الحساب أنّ الأمر إنتهى عند هذا الحدّ ولكنّ الحسابات هذه المرّة كانت خاطئة.. خاطئة جدّا لأنّ كأس الذّلّ لم نكن نراه مرأى العين في وجوه النّاس ولم يتمكّن أحد من ملاحظة أنّ الكّأس لم يبقى فيه مجال للمزيد.. وبداية من يوم الغد تبيّن أنّ الكّأس فاض وبدأت الأعاجيب تدور أمامنا وعلى كلّ الفضائيات العربية والعالمية فالمصادمة لم تكن متوقّعة وطرفا الصّراع لم يكونا متكافئين في المستوى والخاتمة كانت ضبابا لم تتوضّح معالمها فالأيدي القذرة التي عرفها الشّعب لم ينساها ولازالت تلوّح بقذارتها بين عينيه فتبطء التّحرك المغامر ولكن عندما سقط من سقط برصاص رجال الشّرطة وإنتشر النّبأ بين النّاس تغيّر كلّ شئ..
ماكان وصفا وحديثا وكلمات أصبح صورة تراها العين.. المشهد يشابه ماتعوّدنا به على أرض فلسطين.. نفس القتلى ونفس القتل ونفس القاتل.. والرّصاص واحد.. من مصنع واحد.. وتدعّمت الفكرة بأنّ اليد التي تطلق الرّصاص هي نفس اليد الصّهيونية التي ترمي إخواننا على أرض فلسطين.. وأنّ الإجرام هو نفس الإجرام الذي يرتكبه الجنديّ الصّهيوني مع العرب في الأرض المحتلّة.. وأنّ الكراهية هي هي كراهية المحتل لإبن البلد.. كراهية المغتصب لصاحب الحقّ.. كراهية الطّغاة للمستضعفين على الأرض.
وترعرع الحقد على رجال الأمن ولم يعد للموت معنى فتعملق الشّعب وتقزّم الطّاغية وبدأت المواجهة بهذا العمق الجديد بعد أن تغيّرت الموازين في النّفوس وإنهزم الخوف وتقدّم المعذّبون السّاكتون الصابرون يلقون بأنفسهم نحو زمرة السّلطة يلقّنونهم درسا في الثّورة الحقيقية بشعار واحد تردّد قديما ولا يزال: هيهات منّا الذّلة فتبيّن أنّ ما وقع تقويته ودعمه والتّخطيك له من طرف الدّكتاتور كان أوهن من بيت العنكبوت تهاوى في ساعات قليلة وصار الضّعيف قويّا فزحف نحو رأس الأخطبوط ولم يتركه حتّى قضى عليه وجعله يفرّ خارج الأرض التي إستباحها طيلة 23 سنة.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !