مواضيع اليوم

ثورة لا بد منها

هشام صالح

2011-10-18 19:58:06

0


طلبت المُدَرِسة من إبنى ـ وزملائه ـ أن يبحث على شبكة الإنترنت و"ينقل" موضوع أو بحث عن "ثورة 25 يناير فى مصر" ، وطلب منى أن أساعده ، فقلت فى نفسى ولماذا لا أكتب موضوع عن ثورة يناير ؟! وكتبت الموضوع بقليل من الإهتمام ودون تعمق أو مراجعة وبعد قراءتى للموضوع شعرت أن الموضوع جاء سلساً وبسيطاً ويستحق أن أضعه على مدونتى …

مقدمة :
لو أردنا أن نكتب عنواناً مُختصراً عن ثورة 25 يناير لقلنا إنها "ثورة لابد منها " كما كانت ثورة يوليو عام "ثورة لازمة" وقتها .
ولكن الفرق بين الثورتين أن ثورة يوليو 1952 قام فيها الجيش بإنقلاب عسكرى ثم وقف الشعب مع الجيش وأيده فتحول الإنقلاب لثورة ، وفى ثورة يناير حدث العكس حيث قام الشعب بثورة سلمية عارمة تلاها تفّهم الجيش لمطالب الشعب المشروعة ووقف على الحياد فترة وجيزة بين الشعب والنظام وبعد أن أيقن أن الشعب مُصمِم على إسقاط النظام لم يكن أمامه سوى الإنحياز لمطالب الشعب ولم يطلق رصاصة واحدة ضده وهذه هى عقيدة الجيش المصرى منذ تم إنشاءه فى عهد الوالى محمد على باشا ، وكان الشعار الذى إستقبل به الشعب جيشه هو "الجيش والشعب إيد واحدة" .
لقد كانت ثورة تونس وهروب رئيسها للخارج مُلهمة للثورة المصرية قابلها النظام السابق ومنافقيه بقولهم "مصر ليست تونس" مُعتبرين كذباً أن مصر أفضل من تونس وهذا مُخالف للحقيقة حيث أن أوضاع تونس أفضل من أوضاع مصر من حيث الإقتصاد ومن حيث مستوى التعليم حيث تتضاعف أعداد الأمية فى مصر عنها فى تونس وإن كنا لا نُنكر أن مصر كان بها بعضاً من حرية إبداء الرأى عنها فى تونس الشقيقة ، وكان قولهم "مصر ليست تونس" كلمة مُهينة وكأنهم يعتبرون الشعب المصرى ينقصه الذكاء والفطنة .

أسباب ثورة 25 يناير :
يمكن تلخيص أسباب ثورة 25 يناير فى أول شعار خرج منها وهو ( خبز - حرية - عدالة إجتماعية ) فهذا الشعار البسيط يحتوى إجمالاً على أسباب قيام الشعب المصرى بثورته حيث تدهورت الحالة الإقتصادية فى مصر فى عهد الرئيس السابق وهناك الكثير والكثير من الأمثلة التى توضح ذلك حيث بدأ المصريون يدفعون حياتهم ثمناً للحصول على متطلباتهم الأساسية البسيطة مثل رغيف الخبز الذى يقفون فى طوابير للحصول عليه وهو مالم يحدث من قبل وكذلك للحصول على أنبوبة بوتاجاز وهى أبسط حقوق المواطن المصرى .
ومع أن بسطاء المصريين يموتون فى طوابير الخبز وأفضل شبابها يغرقون على سواحل أوروبا هرباً من ضيق العيش فى مصر نجد أن النظام السابق تعامل معها كأنها عزبة خاصة يملكها هو وعائلته وبعض المحيطين به ، فبدأ يوزع الأراضى على أصدقائه وأصدقاء نجليه مقابل الشراكة معهم فى المشاريع ولذلك يعطيهم الأراضى بأبخس الأسعار ويحرم تلك الأراضى على المواطنين البسطاء عكس ما فعله الرئيس الراحل أنور السادات الذى وزع الأراضى على أبناء الشعب بأسعار رخيصة ، وباع النظام السابق مصانع وشركات القطاع العام بأبخس الأسعار ، هذا القطاع الذى تحمل تكاليف هزيمة يونيو 1967 وكذلك تحمل تكاليف نصر أكتوبر المجيد .
ولا ننكر أن الرئيس السابق قد أعطى بعضاً من الحرية الشكلية للإعلام ولخص بعض الكتاب ما يحدث بأن النظام السابق كان يقول قولوا ما تريدون ونحن نفعل ما نريد ، ولكن النظام السابق أهان حرية الفرد الشخصية وأهان الشعب المصرى وليس أدل على ذلك من تصريح وزير الداخلية الذى سقط النظام فى عهده بأنه قال وإعترف بالتنصت على المكالمات التليفونية وقال بالحرف ( اللى مش عاجبه ميتكلمش) ، وفى عهد النظام السابق إختفى بعض المعارضين السياسيين وللأسف قام النظام السابق وأجهزته الأمنية بتعذيب بعض المشتبه فيهم بالإرهاب بالنيابة عن أمريكا التى تحرم التعذيب على أراضيها ، وكانت حادثة قتل الشاب خالد سعيد على يد رجال أمن من أسوأ الحوادث وكانت إحدى الشرارات لبدء الثورة فى يوم عيد الشرطة .
وفى ظل النظام السابق ضاعت العدالة الإجتماعية التى نادى بها الإسلام ونادى بها الدستور المصرى وأسس لتلك العدالة الرئيس السابق عبد الناصر ، فأصبحنا نرى كلمات غريبة تدل على أن القانون يداس بأقدام أصحاب النفوذ والسطوة فى البلد وظهرت مقولات ( إنت مش عارف أنا إبن مين ) وأصبحنا نرى توريث الوظائف العليا فى البلد ، فإبن القاضى يصبح قاضى وإبن الضابط ضابط ولو لم يكونوا جديرين بتلك المناصب ويتم تحريم تلك الوظائف على عامة البسطاء من الشعب مع أحقيتهم فى تلك الوظائف نظراً لتفوقهم العلمى والدراسى ، وكان ذلك تمهيداً لتوريث الحكم لنجل الرئيس السابق ، وكان من آثار ذلك إنتحار شاب متفوق إسمه عبد الحميد شتا لأنه تم رفض قبوله فى وظيفه يستحقها بسبب ( أنه غير لائق إجتماعياً ) ، وهذا يوضح لماذا نقول بأن ثورة 25 يناير كانت فعلاً لازمة .

أحداث ثورة 25 يناير :
لقد كانت أرض مصر ممهدة فعلاً لقيام ثورة وكان معظم المفكرين المصريين المحترمين يتوقعون قيام ثورة فى مصر لدرجة أنه قد تساءل كثيرون ومنهم من ألف كتب بعنوان ( لماذا لا يثور المصريون ) ومن فضل الله على مصر وشعبها أن الثورة جاءت من دعوات للشباب المتعلم على وسائل إلكترونية حديثة مثل شبكة الإنترنت وكذلك التليفونات المحمولة ووقى الله مصر وشعبها من ثورة يقوم بها الملايين الذين يعيشون فى المناطق العشوائية المحيطة بالقاهرة كأنها حزام ناسف وكذلك مئات الألاف من أطفال الشوارع وهم أول ضحايا النظام السابق .
وكانت دعوة الشباب للمظاهرات قد بدأت على شبكة الإنترنت وتم تحديد يوم 25 يناير لبدء المظاهرات وهو يوم له دلالة حيث أنه هو يوم تحتفل فيه وزارة الداخلية بعيدها السنوى ، وقامت المظاهرات ببعض ميادين وعواصم المحافظات وعلى رأسها القاهرة والسويس التى سقط على أرضها أول شهيدين للثورة فى أول أيامها ، ثم أصر المتظاهرون على الإعتصام بميدان التحرير ، وقام الأمن بتفريق المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع بعد منتصف الليل وتمت الدعوة للتظاهر يوم الجمعة 28 يناير وأسموها جمعة الغضب ، وقام الشعب يوم جمعة الغضب فى محافظات عديدة بتنظيم مظاهرات سلمية ، وحاول المتظاهرون دخول ميدان التحرير بالقاهرة وقابلهم رجال الشرطة بالقسوة وتم قتل الكثير من المتظاهرين عن طريق قناصة ما زالوا مجهولين حتى الآن ، وتجمع المتظاهرون فى ميدان التحرير بعد شد وجذب على كوبرى قصر النيل بالقاهرة .
وجاء الخطاب الأول للرئيس السابق بإقالة الوزارة وتشكيل وزارة جديدة ورفض الشعب ذلك الإجراء ، وقرر تجدد التظاهر يوم الثلاثاء أول فبراير ، ثم قام الرئيس السابق ببث خطاب عاطفى تعاطف معه بعضاً من المصريين بعد أن قال أنه سوف يموت على أرض مصر ، وتم فتح السجون وتهريب المساجين لبث الرعب داخل المجتمع وجاءت غباوة رجال ومساعدى الرئيس السابق فى اليوم التالى بأن جمعوا الجمال والبغال لكى يقتلوا المتظاهرين فيما تم تسميته (بموقعة الجمل ) ، وكانت تلك الموقعة هى الضربة القاسمة التى أودت بالنظام السابق ، ثم بدأت نظرية قضم الأصابع بين النظام والشعب ، بأن يخرج الشعب فى مظاهرات يليها تنازل من الرئيس فيرفض الثوار ذلك التنازل ويبدأون فى مظاهرات أخرى فيتنازل النظام أكثر ، وقبل أن تجىء جمعة 11 فبراير قال الثوار ( بكرة العصر حنهد عليه القصر ) وبالفعل ذهبوا للقصر الجمهورى ، وخرج الرئيس السابق لشرم الشيخ وتنازل وأخيراً تنحى عن الحكم ، وكلف المجلس العسكرى بتولى مقاليد الحكم .
وتنحى الرئيس السابق ولم يهدأ الشعب حتى دخل السجن هو ومعظم أركان نظامه ، وما زالت الثورة المصرية بين شد وجذب بين الثوار وبين فلول النظام السابق الذين يدافعون عن مصالحهم معه ، ويدفعون أموال طائلة لإثارة الفتن فى مصر ومن أخطرها الفتن الطائفية بين أقباط مصر ومسلميها ، ومصر الآن تسير بخطا قد تبدو بطيئة نحو إنجاح الثورة وتسليم الحكم لمدنيين كما وعد بذلك المجلس العسكرى .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !