مواضيع اليوم

ثورة على الفراغ القاتل

KHALED BAKDASH

2014-08-23 23:48:07

0

 ثورة على الفراغ القاتل


اعتمدت بعض الصحف الصفراء و بعض البرامج التلفزيونية المبرمجة  بسيناريو محدد مسبقاً على  ترويج الإشاعات و تزييف الحقائق بما يحلو لها  دون أي رقيب أو حسيب  معتمدة بذلك على قوة وجودها في الساحة الإعلامية العربية و أن تمتلك  التأثير على شريحة كبيرة من الجمهور المتابع  و المهتم بالقضايا التي تشغل فكره و التي تؤثر على رزقه و معيشته بشكل عام .

اعتمدت هذه الوسائل الإعلامية المختلفة على أن تتخذ من أي قضية أو حدث  بحيث يكون له تأثيره على الساحة الشعبية  بوابة لها لتبحر في ميدان صناعة القصص و الروايات  و بأسلوب مبهر و جذاب  تستطيع من خلال هذا الإسلوب أن تجذب القراء و الجمهور إليها متناسية أية مبادئ إعلامية مهنية و متجاهلة الميثاق الإعلامي الذي يؤكد أولاً على مصداقية نقل المعلومة و عدم تزويرها و يؤكد أيضاً على نقل المعلومة بمهنية عالية  تضمن للقارئ فيها أن تضعه بصميم الحقيقة و له القرار بالتفسير و التحليل لهذه المعلومة .

هذا ما حدث في تفسير بعض الوسائل الإعلامية لكتاب  وزيرة الخارجية  الأمريكية هيلاري كلينتون الذي يحمل عنوان " الخيارات الصعبة "  و خاصة الفقرات التي تتعلق بكتابتها عن الأوضاع في مصر و سوريا و العراق و عن صناعة الإدارة الأمريكية لتنظيم داعش الارهابي و غيرها من النقاط التي صنعوا منها قصة و رواية  نشروها للجمهور على أنها تسريبات حقيقية من هذا الكتاب و كتب البعض " و شهد شاهد من أهلهم " و كتب أخر "  كلينتون تفضح الإدارة الأمريكية " و غيرهم الكثيرين من الكتاب الذي نقلوا ذات المعلومة من ذات المصدر و نشروها على أنها تسريبات وصلت إليهم من داخل غرفة اجتماعات الكونغرس الأمريكي أو من داخل غرفة هيلاري نفسها على أنها تسريبات من الكتاب المذكور  و طبعاً لم يستطيع أحد أن ينسب هذا الكلام لقرائته الكتاب لأن الكتاب في حينها لم ينشر بالأسواق بعد ، بل اعتمدوا على خيالهم الواسع في تسريب ما سيحمله هذا الكتاب بين صفحاته  و كأنهم عاشوا داخل أفكار الكاتبة و سربوا هذه المعلومات منها ، المشكلة لا تكمن هنا أي بالتسريبات فقط بل المشكلة أن الكتاب نشر و قمنا بالإطلاع عليه لنتابع فضائح  الإدارة الأمريكية التي سربتها كلينتون و أيضاً لنتابع قصة صناعة  التنظيم الارهابي داعش و غيرها من الروايات التي سمعنا عنها مسبقاً و المفاجأة أن الكتاب لم يحمل أي من هذه السخافات
و الأكاذيب التي نشرت بل و لم  تقترب أي قصة من القصص التي نشرت عن مضمون  الكتاب ، هنا يجب أن نقف للحظة لمراجعة ما حدث و نضع علامات استفهام كثيرة  حتى ندرك  حقيقة ما حدث و خلصت أنا ببعض علامات الاستفهام و منها :

-         أن  الوسائل الإعلامية التي نشرت و زيفت الحقائق عن الكتاب هي شريك  بنسبة  في التوزيع
و الغاية هي الربح المادي .

-         أن الصحفيين الذين نشروا هذه الأكاذيب كانوا يعتمدون على مصدر غير موثوق فوضعوا أنفسهم تحت رحمة مصدر كاذب .

-         أن يكون هذا المصدر الخفي  يقوم بنشر هذه الأكاذيب حتى يشعل الفتنة بين مصر و أمريكا .

و غيرها الكثير من علامات الاستفهام التي سوف تأتي لخاطر كل من سيقرأ الكتاب لأن أول سؤال سوف يسأله أين تلك الفقرات التي قرأت عنها في الوسائل الإعلامية و التي تحمل روايات كثيرة تهم القارئ العربي و السؤال الثاني سيكون لماذا لم تنقل تلك الوسائل الإعلامية الحقيقة عن مضمون الكتاب ، و أسئلة كثيرة سوف تطرح  بفكر القراء المتابعين لأخر الأحداث و تطوراتها .

و لكن السؤال الأهم هنا .. متى يحصل القارئ على الحقيقة  ؟

الحقيقة هي أننا لم نتعلم من درسنا أبداً و جزء من الحقيقة أنه حتى لو كانت أمريكا وراء صناعة تنظيم داعش  الارهابي و حتى لو كانت أمريكا تدعم جماعة الاخوان المسلمين المحظورة  فنحن لن نستطيع أن نفعل شيئاً و ذلك لأننا نصل إلى نقطة اللاعودة بمجرد الحديث عن هذه الأمور فكل شيء واضح أمامنا
و ليس بحاجة إلى هذه التفسيرات الكثيرة التي تتوه القارئ  و تشوه الصورة الحقيقية أمامه ، نحن بحاجة إلى قدرة على استيعاب الحقيقة نفسها و على اساس ذلك ندرس خطوتنا المقبلة ، نحن بحاجة إلى الارتقاء لمستوى تفكير  من يقابلنا و يقف أمامنا حتى نعرف كيف نتعامل معه .

الحقيقة أننا خرجنا من تسمية دول العالم الثالث و التي تعني الدول النامية التي تحتاج للدعم و الرعاية  لأنها فقيرة و مريضة و إلى أخره من صفات وسمتنا فيها  الدول الغربية .

الحقيقة أننا نملك جميع الموارد التي تؤهلنا لقيادة ديمقراطيتنا الذاتية و حريتنا الشخصية التي ليس من الضروري أن تتلائم مع حرية الغرب و فضائحه .

الحقيقة أننا أقوياء باتحدنا و ضعفاء بتفككنا .

و الدليل على هذه الحقيقة و  مصدر الدليل من قلب الكتاب  كلينتون نفسها  و أقتبس " أمريكا لا تستيطع أن تجعل مصر عدوة لها و لا تستطيع محاربة مصر " .

و هذا أكبر دليل على مدى معرفتهم و ثقتهم بأننا لسنا ضعفاء و هناك الكثير من الأمور التي يمكننا أن نفعلها بمجرد أن نتحد .

 

          خالد عبد القادر بكداش

مدير المنظمة الدولية للصحافة و الإعلام

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات