مواضيع اليوم

ثورة ضد العادات

 

 

في بلاد ما شرقها وغربها البحر وباطنها الصحراء , لا مُدن فيها , فقط قَوافل بَدو رُحّل يتنقلون بحثاً عن ماء ومرعى .

قرر احد ابنائهم يوماً أن يشرب الماء بحذائه , دون سبب يجعله يفعل ذلك فقط رغبة بداخله أن يشربُه هكذا .

شُوهد هذا الشاب من بين ابناء قبيلته واستعجبوا فعله , ثم قلدوه وأعجبهم ذلك , ولم يَطُول الزمن حتى أصبحت هذه القبيلة لا تشرب الماء الا بالحذاء .

في ترحال هذه القبيلة ألتقت عند غدير ماء قبيلة أخرى يستسقون الماء فتعجبت القبيلة الأخرى من فعلهم وشربهم الماء بالحذاء ولم تزل في تعجبها حتى اصبحت هي الأخرى تفعل مثلها .

انتشرت هذه العادة بعيداً وأصبحت رمزاً من رموز قبائل تلك الأرض التي لا تتخلى عنه .

توارث الأحفاد من اجدادهم أن الماء لا يُشرب بلا حذاء , ونقلوا عاداتهم لأبنائهم الذين تمسكوا بها وحافظوا عليها وجعلوها شرف لا يُهان .

قامت المدن وقام العُمران واستوطنوا أغلب قبائل تلك الأرض في المدن ودخل ابنائهم المدارس وتعلموا و وصل الكهرباء والماء لهم , وانتشرت التقنية انتشار كبير في المدن .

نهضة عمرانية وتنموية وصلت لها هذه البلاد اثارت اعجاب ماحولها من البلدان , وكذلك نهضة علمية فالجامعات التي انشئت اصبحت تُخرج كل عام الألاف من ابناء القبائل الرُّحل السابقين .

مع كل هذا التطور مازال الجميع يشرب الماء بالحذاء , لم تندثر هذه العادة , والحديث عنها من المحرمات , انها عادة وتقليد يُعرفون به , ومتمسكون به .

يوماً ما أتى شاب في مقتبل عمره وشرب الماء في كأس أمام الجميع , تعالت الصيحات حينها وجميع الأصوات تهاجمه وتهاجم فعله , هاجمته عناوين الصحف ( شاب يشرب الماء في كأس ! ) , تحدثوا عنه في المجالس , بل نسبوا عدم نزول الأمطار ذلك العام لفعله !

شاب واحد كسر عادة لا معنى لها سوى إنها من الأجداد , عادة يستمر الأحفاد بعملها حتى وهم يعلمون أنها خطأ وليست في الصواب بشيء .

هذا الشاب أشعل في صدور الشباب رغبة في كسر اساطير الأولين , أشعل بداخلهم ثورة على كل العادات البالية التي لا تحمل أي معنى في هذا الزمن .

وزعت الكؤوس في كل مكان , ليشرب الجميع بلا خجل , ليشربوا طعم انتصارهم وحريتهم وكسرهم للقيود .

سعيدة تلك البلاد , جراءة شبابها جعلها في مصاف كبار البلدان , وكم اتمنى سقوط العادات والقيود في بلادي .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !