لست ضد التصحيح والتغيير ودوما كنت محرضاً للشعوب.. ولكن عندما تأتي تلك العدوى إلى الأردن فلا بد أن ندلي بدلونا للأمة والتاريخ. أرجوا أن لا يتم فهمي بشكل خاطئ ولكن ما يمكن أن يمثل نموذجاً ناجحاً في دول أخرى لا يمكن اسقاطه على المملكة الأردنية الهاشمية لاسيما أن تلك البقعة الجغرافية تعتبر مطمع إسرائيلي منذ أمد كي تنفذ مشروع الترانسفير بقسمه الأكبر عليه. نحن نطالب بالتصحيح تحت لواء الهاشميين .. لا التغيير ولا الحكومة الدستورية، لأن الآلة العسكرية الإسرائيلية لا يتسنى لجمها إلا ببقاء الأردن هاشمي الحكم والإدارة.
هذه حقيقة لا يجب علينا اسقاطها من المعادلة الاقليمية التي تحفظ بقاء الكيان الأردني وشعبه، وهي أيضاً التزامات دولية تحِّد من صلف وتعنت الساسة الاسرائيليون المتطرفون والداعون لجعل شرقي نهر الأردن هو الوطن البديل للشعب الفلسطيني بالداخل التاريخي لفلسطين. أعتقد أن جلالة الملك عبدالله الثاني لن يصم الأذان عن مطالب الشعب الأردني ولكن تنفيذها على أرض الواقع يكتنز الكثير من ويلات التهديدات الاسرائيلية، ويدرك جلالته أن تبعية ما يمكن أن يحدث في "اليوم التالي" ستكون دماراً على ديمومة الأردن أرضاً وشعباً.
إن الأحداث الاقليمية وثورات شعوب دول الشرق الأوسط تلقي بظلالها السلبية على الثقة بين الحاكم والمحكوم، وعندما ينطلق قطار التغيير والمطالبات اللامنطقية، خاصة عندنا هنا بالأرن، فلا يصبح هناك مجالاً للتراجع الشعبي عنها لاسيما ونحن نشاهد أن الأنظمة الحاكمة العربية لا تتخلى عن كرسي الحكم إلا إلى النفس الأخير. وبل ويذهب الحكام إلى أبعد من ذلك كما يحدث في ليبيا الآن، أو أن يتركوا مجتمعات حكمهم السابق في فوضى شاملة تحتاج شعوبها 20 عاماً كي تعيد تنظيمها من جديد. ما أقوله هو أن الأردن لا يحتمل هذا كله حتى بأضعف الإيمان وهو تحويل المملكة إلى مملكة دستورية.
أنا متأكدٌ تماماً أن جلالة الملك حفظه الله ورعاه لن يسمح أن تذهب الأمور إلى ما هو أبعد من المسموح، وليس هذا لأن نظامنا الهاشمي ديكتاتورياً، ولكن لأن مصلحة الوطن الاستراتيجية وحفظه من أطماع اللوبي الصهيوني المتطرف هو الأساس السامي لجلالته، ويجب أن يكون الأساس الضامن لوحدة الوطن بشكل كامل عندما ينادي الأردنيون بالاصلاح والقضاء على الفساد. نحن نقول لصالح الوطن وللتاريخ أن الموديل الأردني ليس كمثله من أقطار الدول العربية ولا يمكن أن نجعله معرضاً للدمار بأيادينا نحن الأردنيون، وهذا نداء عاجل لكل الغيورين على مصلحة الوطن ولجميع المنادين بتغيير هيكلية مسند طبيعة الحكم القائم منذ ما يزيد عن 90 عاماً مضت.
جلالة الملك عبدالله الثاني حفظك الله ورعاك.. أنا أعلم مدى حرصك على الوطن ومواطنيه وأعلم جيداً ما يمثله الأردن لكم ومن قبلكم سلفكم الهاشمي الكريم، وأعلم أن توليكم لقيادة هذه الجغرافية الأردنية هي رسالة إلهية تشرف أجدادكم بحمل لوائها منطلقين من الجزيرة العربية عندما أرسل الله جدكم الأعظم محمد عليه الصلاة والسلام برسالة الإسلام لتكون نوراً للبشرية وخاتمة للديانات السماوية، وأعلم أن جلالتكم تحملون هذه الراية بكل ما أوتيتم من قوة وعزيمة صادقة كي تبقى الأردن منطلقاً لقيام الساعة، وأعلم أن جلالتكم تأخذون ذلك بفكر التكليف لا التشريف، وأعلم أن شعبك الأردني سيعي ذلك آجلاً أم عاجلاً.
أما شعبي الأردني العزيز... أقول لكم أن أي زعزعة لأسس ما قامت عليه المملكة الأردنية وأولها طاعة ولي الأمر والتعاون معه، وايجاد صيغ قابلة لتنفيذ المطالبات التي تردد في مسيرات "الجمعة"، هو انقلاب ليس فقط على ولي الأمر والهاشميين بل يتعداه إلى الدخول في المجهول. بل ما تطالبون به هو بمثابة الجزرة التي ستتلقفها اسرائيل بسرعة الضوء كي تستولي على نهر الأردن بشكل كامل وتفريغ أرض فلسطين التاريخية من الفلسطينيين على مبدأ يهودية الدولة... فالأردن تمتلك حدود مشتركة مع فلسطين بما يزيد عن 360 كلم، وإذا لا قدر الله دخل الأردن في واقع الفوضى الشاملة وتهدد استقرارها على يد أبنائها .. ماذا تتصورون أن اسرائيل فاعلة؟؟!!
أقول لكم... هذا الشريط الحدودي وبعمق يزيد عن 20 كيلومترا ستحتله اسرائيل كاملاً مع تهجير كامل أيضاً لسكانه وخلال الخمس سنوات القادمة ستنتهي من عملية الترانسفير لشعب فلسطين حيث يكون الأردن المستوعب الأكبر له ومن ثمة غزة وجنوب لبنان. وتبقون أنتم مع الديمقراطية الأميركية تأكلون الحصرم لتتسيد اسرائيل المنطقة وتنشئ مملكتها الثانية وننتظر إلى أن يأتي المهدي المنتظر لكي يقودنا من جديد. تصوروا معي كيف هي الحياة عند ذلك وكم هو الفساد خلاله!!! فلما لا نكون أقوياء وموحدين عند ظهور المهدي.
التعليقات (0)