كنت أسمع عن الثورة في مدينة الفقيه بن صالح،ثورة بعض الشباب ورفضهم للواقع القمعي الهمجي الذي تسير عليه المدينة من قبل المسؤلين على الشأن السياسي للإقليم ككل،طبعا كواحد من هؤلاء الشباب كنت أحس بقدر عظيم من الابتهاج والإعجاب. لكن كنت أتمنى لو يتشرب هذا الشعور بالفخر بقدر من الحس العملي، لأن تغيير والإطاحة بالمفسدين، لا يشكل سوى خطوة أولى فقط في عملية إرساء قواعد الديمقراطية المدعومة بحكم القانون. لكن هذه الثورة تتعرضت وهي في المهد للخيانة إلى الحد الذي قد يعكس مسارها.
الانتخابات لا تصنع الديمقراطية. فماذا لو استغل أعداء الحرية الانتخابات لترسيخ أجنداتهم المناهضة للديمقراطية؟ وماذا لو كانت عناصر المدفوعة إذا صح التعبير من قبل اناس لهم تجربة سوداء في الإنتخابات السابقة، تتظاهر فقط بتبني معايير الديمقراطية في محاولة خبيثة لاختطاف الديمقراطية الجديدة؟
في مدينة اليوم، لم تعد مثل هذه التساؤلات مجردة. فبعد إنكشاف لعبة هؤلاء المندسين ، لم تصبح الديمقراطية في مدينتي مهددة فحسب، بل إن خبث هؤلاء وكتابة سيناريوا منمق بإشراقة شمس المستقبل،يجعل هذه الديمقراطية تنحرف وتخرج عن مسارها السليم بشكل منهجي منظم. وأصبحت ديمقراطيتنا المحلية مادة للمقايضة وأنا اعي كل الوعي ماذا تعني كلمة مقايضة ،لان هناك شباب للأسف إنخرطوا في هذه اللعبة القذرة وهم الذين كانوا يناهضون الإضطهاد الديمقراطي المحلي .
لا شك أن المحنة التي تعيشها مدينة الفقيه بن صالح ا لا تعني أن الساكنة لابد وأن ترفض الدعوة إلى إجراء انتخابات حرة. إن تقرير إرادة مواطن يتطلب التعبير من خلال صناديق الاقتراع. ولكن الانتخابات وحدها غير قادرة على حل المشاكل السياسية الجوهرية التي تواجه مدينة الفقيه بن صالح.
ولكي تكون الانتخابات فعّالة فلابد وأن تسبقها مناقشة مستفيضة، حيث تعرض الحجج السياسية، وتُهاجَم، ويُدافَع عنها، ثم تتجسد في النهاية في تنظيمات حزبية متماسكة إيديولوجياً. إن الإجماع الديمقراطي لا يتسنى إلا حين يحدد الناخبون على أي شيء ينبغي لهم أن يجمعوا. وكل من يرفض عرض حجته علناً فيما يتصل بما يعتزم القيام به إذا وصل إلى السلطة، أو يكذب في عرض توجهاته -كما يفعل هؤلاء الرؤساء- فإن هذا يعني أنه لا يؤيد الحكم الديمقراطي الذي تناشده الاغليبة الشبابية.
والآن يتعامل هؤلاء المندسين ومنهم شباب إنخرطوا بدورهم في هذه اللعبة القذرة مع الإنتخابات -مدفوعين إلى ذلك بغريزتهم الانا - من منطلق نظرة كارل ماركس إليهما: «خليط من العواطف والخرافات والرغبة في إضفاء صبغة منطقية عقلانية على المصالح الخاصة». أنا أقول لهم من هذا المنبر إن سرقة الانتخابات، وقمع الأصوات، والتعامل مع الإنتخابات بازدراء، كل ذلك يناقض الديمقراطية. ويتعين علينا أن ننظر إلى كل من يمارس مثل هذه الممارسات باعتباره عدواً للديمقراطية، وأن نتعامل معه من هذا المنطلق.
التعليقات (0)