في الحقيقة لم نعد نعرف ماذا يجري . الشباب الذي ضحى بألاف القتلى وعشرات الألوف من الجرحى والمعوقين لم يعد لهم دور في إقامة نظام ديمقراطي سليم مبنيا على إطلاق كل الحريات العامة وعلى رأسها حرية التعبير، والعدل المستقل ، ونظام ديمقراطي برلماني يقوم على تداول السلطة ، وحكومة يؤلفها البرلمان لا سلطة عليها سوى الشعب ، ومعارضة معترف بها تتمتع بنفس حقوق مؤيدي الحكومة في شرح سياساتها وإنتقاد سياسة الحكومة ، ورئيس دولة يمثل الليبيين بروتكوليا ولا سلطة تنفيذية له سوي التوقيع على المراسيم التي يقدمها له البرلمان . هذه المبادئ العامة التي قامت ثورة الشباب من أجلها .
من هذا نرى أن المجلس الأنتقالي والحكومة المؤقتة التي ستؤلف قريبا لا دور لها سوى إنهاء تحرير كل التراب الليبي من كتائب القذافي وإعطاء هذا أهمية أولوية لا صوت يعلو عليه ، وحفظ الأمن ، وأعادة الخدمات العامة ألى المواطنين ، وعودة الأمور إلى نصابها وإحتلال ليبيا لمكانها الدولي، وعودة نشاط كل الوزارات الى ما كانت عليه . والأهتمام بالمجال المالي والسعي لرفع الحظر على الأموال الليبية المجمدة ، ووضع الأسس السليمة لنظام مالي مراقب ، وإسناده إلى عناصر مؤهلة وخبيرة . ولا بد من إصدار قوانين بدستور مؤقت ينظم عمل المجلس الأنتقالي والمجالس المحلية في خلال فترة الثمانية أشهر وأن تتولى الجمعية التاسيسية تعديلة بما يلائم الفترة التالية حتى تتم الأنتخابات ويتولى البرلمان والحكومة الدستورية شئون البلاد . وإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية في الوقت الذي حدده المجلس الأنتقالي وهو سنة لا تمديد لها . وإصدار قانون يحدد صلاحيات المجلس الأنتقالي والمجالس المحلية فقد رأينا بداية نشوء مشاكل بينها لعدم وضوح الأختصاصات . ويجب أن يكون واضحا إنه على المجالس المحلية تنفيذ السياسة العامة التي يرسمها المجلس الأنتقالي حتى يتم إنتخاب مجلس تأسيسي أو جمعية تأسيسة في بحر ثمانية أشهرتتولى تعيين حكومة مؤقتة ووضع الدستور وإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية في الوقت الذي حدده المجلس الأنتقالي وهو سنة لا تمديد لها . كذلك يتولى المجلس الانتقالي وضع قانون لأنتخاب الجمعية التأسيسية في فترة الثمانية أشهر القادمة ’ وقانون بإنشاء الأحزاب ’وقانون لحرية الصحافة والأعلام بصفة عامة .وقانون بتطهبر ودعم الجهاز القضائي الحالي أو إنشاء محاكم خاصة من قضاة مؤهلين خبراء . وقانون يحظر الأنتخاب للبرلمان وللحكومة المقبلة لأعضاء المجلس الأنتقالي ورؤساء المجالس المحلية الحاليين ولكل من تولى مسئولية عامة في عهد ثورة الفاتح من ستمبر في فترة البرلمانية الأولى أو لمدة أربع سنوات على الأقل . والأسراع بأصدار قانون بتأسيس الجيش الليبي وقوة أمن فعالة لحماية الأمن والحدود الليبية في الفترة الأنتقالية حتى يقوم البرلمان بوضع القوانين الدائم للبلاد .
هذه وجهة نظر من خبرة شخصية بالأجراءات الأساسية التي يمكن إتباعها خلال الفترة الأنتقالية , وليس من شك إنه عندنا من الخبراء في القانون الدستوري والأداري من هو أحق بأبداء الرأي والنصيحة والمشاركة في إصدار هذه القوانين الأساسية الهامة . إن إقتراح حظر الترشح للبرلمان والحكومة المقبلة على رؤساء وأعضاء المجالس الأنتقالية يتطلبه مبدأ الحياد وعلى أساس ان العمل في المرحلة الأنتقالية هو عمل تطوعي وليس بهدف إستغلال السلطة لحكم البلاد . أما الحظر المؤقت للترشح للبرلمان والحكومة المقبلة لرؤساء وأعضاء اللجان الشعبية ورؤساء المجاس الشعبية وكل رؤساء وأعضاء اللجان الثورية وكبار الموظفين الذين تتبت تصرفاتهم غير القانونية وإستغلالهم للمال العام خلال فترة عهد ثورة الفاتح من ستمبر المنهار، فأنه لضمان عدم الألتفاف على الثورة الليبية عن طريق المشاركة في الحكم في الفترة البرلمانية الأولى . وهذا المبدأ عملت به كل الثورات الوطنية لحماية مسارها الصحيح . وهذا لا يقلل من أهمية المنشقين عن نظام القذافي والشرفاء من الذين خدموا نظام القذافي وهم الأغلبية . ويجب أن تستغل خبراتهم في المرحلة الانتقالية في كل المجالات ، وفي فترة الحظرقي الفترة البرلمانية الأولى يجب أن يتمتعوا بكل حرية في العمل السياسي في الأحزاب والأعلام والأستشارة وفي التجارة ومزاولة مهنهم بحرية وإحترام . كما يجب العناية الصحية والمادية والمعنوية لمن يتقاعد منهم أسوة بغيرهم .
إننا نقول هذا لأننا نعتقد أن الأمور تجري الان في طريق خطير تجعل الثورة تتحول من ثورة ديمقراطية حرة تحققت بفضل تضحيات الشباب إلى إنقلاب فريق منشق عن حكم القذافي لتولي حكم البلاد . وهذا يظهر بوضوح في تعيين كبار المسئولين في عهد القذافي السابق في الوظائف السيادية والرئيسية للبلاد بعد الثورة دون تعيين الشباب المؤهل الذين قاتلوا في الميدان وبالشباب المؤهل المهاجر وهم كثر والأحق بتولي المسئولية في العهد الجديد .
التعليقات (0)