يعيش عشرات الآلاف من رجال و نساء التعليم بالمغرب حالة من الذمر و اليأس منذ مدة طويلة تجاوزت السنوات إلى العقود..و رغم تعاقب الحكومات و الوزراء باختلاف مشاربهم و طرق تفكيرهم و تسييرهم ، إلا أن المشاكل ظلت كما هي دون حلول بل و كرست تلك المشاكل و تناسلت حتى أصبح الاعلام الحكومي يحاول تسويق فكرة التعجيز في إمكانية حلها.
وقد عرفت هذه السنة الدراسية فقط عددا غير مسبوق من الإضرابات في القطاع التعليمي لم يسبق أن سجل مثلها، بل إنها اكتست طابعا جديدا أبرز معالمه هو انفلات الفئات العريضة المتضررة من يد النقابات الكثيرة و التي تتهم في غالب الأحيان بالتخاذل و عدم الدفاع المستميت و المقنع عن الوضعية المأزومة للمدرسين المغاربة.
أمام هذا الوضع ، أصبح الأساتذة هم أصحاب زمامهم ، بل إن النقابات لم تعد تستطيع السيطرة على مناضليها في الفروع و المراكز الجهوية، فشهدت عدة جهات و أقاليم بل و مراكز حضرية و قروية إضرابات في صيغ جديدة،وضع الوزارة و الحكومة أمام إكراه التعامل مع المشاكل في جهويتها و محليتها.
لننظر فقط إلى مجموعة من المشاكل:
فئات عريضة من المدرسين محرومة من حقها في الترقي الطبيعي ، وبقيت حبيسة في زنازن رتبها القديمة فيما يشبه تجميدا منذ سنة 2003 ، هؤلاء ينتظرون ترقية استثنائية ، بينما لا تقدم الوزارة و الحكومة إلا وعدا بكوطا من كل هؤلاء المستحقين لا تتجاوز 11 في المائة كل سنة.ولنركز جيدا على كون هذه العملية غير مفيدة نهائيا لأن أكثر من هذه النسبة بأكثر من الضعف تضاف إلى اللوائح كل سنة جديدة...
ولا زالت فئات كثيرة من الاساتذة تنتظر تسويات حالتها الادارية و المالية ، إذ يكفي أن نشير إلى طوابير العرضيين السابقين الذين تم الحيف في التعامل مع ادماجهم حيث لم تحتسب سنوات أقدميتهم في العمل ، و هم منذ شهر تقريبا وهم معتصمون أمام الوزارة وفي شوارع الرباط رفقة الاساتذة المجازين الذين لا تود الوزارة احتساب إجازاتهم في التسوية الادارية..
هؤلاء ليسوا أقل حظا من رفاقهم حاملي الدكتوراه الذين تم تثبيتهم في تدريس سلك دراسي أقل من مستوى تكوينهم..
و الانكى من ذلك أن هذه الفئات المتضررة و اليائسة من مسؤولي قطاعها حين خرجت للتظاهر اليوم بعد سنوات من الاجحاف و التفقير ، سلطت عليها القوات العمومية ببشاعة إمعانها في قمعها وإهانتها..
فئات كثيرة من الأساتذة و الأستاذات تعيش في وضعيات اجتماعية غير سليمة نتيجة عدم تلبية طلباتهم في الحركات الانتقالية سواء الوطنية أو الجهوية ، مع تسجيل أن الوزارة أعطت تعليمات لمسؤوليها الاقليميين بعدم إجراء حركات انتقال محلية..
إن وزارة التربية المغربية هي من أكثر القطاعات خشبية في التعامل مع موظفيها ، بل إنها لا تصغي نهائيا لمعاناتهم و لا حتى لتوصياتهم التربوية التي لم يسبق أن اعتمدتها في إصلاح نظام التعليم المتآكل و الذي لا ينتج إلا مراتب متأخرة في التصنيف العالمي خلف جيبوتي و الأراضي الفلسطينية المحتلة..
ودون أن نطنب في الأمر الذي أردنا توضيح بعضه بهذه البساطة يلح علينا السؤال :أليس في إمكان بلد يفخر بترشيحه أربع مرات معلنا القدرة على تنظيم كأس العالم ، ان يقوم بسد ديونه لمعلميه و معلماته ؟ !
الأمر فعلا يدعو للقلق ،أو للحل السريع ، أويدعو لثورة اساتذة..
التعليقات (0)