ثورات بلا معاطف
عبد الوهاب الملوح
بمثابة المقدمة
حشود غفيرة تتدافع في الشارع الرئيسي، الأمر اللافت أن الأشجار أيضا تنقلع من جذورها وتبارح حيث يتجه الموكب الشارعي. المقاعد الخشبية المبعثرة هنا وهناك بدأت تزحف بأرجلها الأربع، الجدران العالية والواطئة تهاوت. الأزقة الجانبية اتخذت اتجاهها حيث تتجه الحشود.
السماء واطئة وقريبة على مرمى اليد. أسراب حمام تحلق على مدى منخفض. الأصوات متعالية، هادرة تحولت إلى صمت مهيب لكأنها جنازة ما.. ولا شيء آخر ...
التلفزيون الرسمي يقدم برنامجا وثائقيا عن العجائب السبع والأحزاب المعارضة الرسمية تصدر بيانات تثمن وتزكي قرارات الرئيس الأخيرة: فهمتكم وغلطوني والتخفيض في الخبز والحليب والسكر وحرية التعبير والإعلام وتتحرر البلاد على يديه مجددا، المهم أن لا يغادر كرسيه وسوف يجيد أداء المسرحية على انه كان مجرد مؤدّ ٍ، أما ا ليوم فهو المخرج وكاتب ا لنص والمؤدي. ألقى كلمته الثالثة وهو واقف عكس الأولى والثانية حيث ألقاهما وهو جالس مضطرب وبينما كان يهدد الناس في كلمته الأولى هاهو يهدد مساعديه الذين خانوه الآن. ثمة رد فعل سيكولوجي من الطرفين: الرئيس الخائف على مصيره الأسود، والشعب الذي اكتشف حالة الخوف. لقد صاحت الجموع قبل هذا الوقت بأيام انه لا مجال للخوف من أي شيء بعد الآن؛ وبدأ الانقلاب. ما عادت الناس تخاف الرئيس. هاهو الرئيس يخاف الآن. الخوف هو نفسه الذي دفع بأعوان البوليس وفرقه المتعددة الاختصاصات، فرق مقاومة الشغب، وفرق حفظ النظام العام، وفرق تفريق المتظاهرين، كل هذه الفرق انحسرت ووقفت صفا واحدا أمام مبنى وزارة الرعب. لم تستطع مواجهة المد البشري والشارع المتحرك بكل مكوناته .
الشارع جسد واحد. يد تعلو وتهبط. جوقة واحدة لأداء نغمة واحدة. الرؤوس المتعددة تتطلع لأمر واحد والعيون كلها نحو مبنى الداخلية. الشارع تسونامي بشري يأتي على كل شيء ولا يستثني شيئا. كلهم كلمة واحدة. هتف رجل وهو يندفع إلى الأمام : ليذهب كل شيء إلى الجحيم. صاح آخر: بل إلى الجنة. كان موكبا مهيبا يمضي بشكل أفقي متراص وفي نفس الوقت يصعد عموديا في اتجاه فكرة لم تخطر على بال احد. قالت امرأة يحملها صديقها على كتفيه : اليوم سنُطيح بالرئيس .. علا صوتها أعلى من نصب ساعة الساحة هناك، أعلى من ربع قرن من البؤس والخوف. رددت الجموع: ليسقط الرئيس.. وسقط الرئيس بسقوط آخر معاقله حيث انطلقت سيرته الزفت كبوليسي متخصص في الاعتقال والاغتيال.. هرب الرئيس ليلا وبقيت الحناجر تصيح مطالبة بسقوط سدنته ونظامه الهش تفرقت الجموع ولم تهدأ الحركة في الشارع رغم حظر التجول. ما زال هدير الجموع التي خرجت منذ الصباح يهد الزمن وينتفض. بدأ الرصاص يئز من جهات متعددة وكان هناك من يهتف وحده، يهتف بصوت عال رغم بحته يهتف خارج إيقاع التاريخ. كان يهتف: الرئيس هرب، يا شعب أنت حر. يكررها أكثر من مرة فيردد أصداءها الصمتُ المدوّي. كان صوته يصل ملايين الناس هنا وهناك وفي أي زمن. لم يكن نوستالجيا، لم يكن محترقا، لم يكن صوتا مكسورا بل كان صوتا مندفعا. كانت الحبال الصوتية تعيد تاريخ البلاد إلى أمجادها، تلك الحبال التي حاول الكثيرون قطعها. كان صوتا أقوى من صوت الرصاص الآتي من هنا وهناك وكان صاحب الصوت يرسل هتافه ضد القناصين الذين انتصبوا هنا وهناك ليصيبوا الثورة في مرمى القلب؟
هل قامت الثورة فعلا؟
إنها ليست مجرد عصيان مدني أو هي ليست حدثا سرياليا أو نصا روائيا. هي ليست كوميديا درامية منسوخة عن أعمال برشت. قال احدهم: لن تقوم أي ثورة في زمن العولمة، زمن الانفتاحات الكبرى على جميع الأجناس. الثورة أيضا جنس سلوكي تختص به بعض الشعوب ذات الطبيعة القلقة التي لا ترتاح لأي شيء. اندلعت من لحظة عند تماس الموت والحياة عند انسداد السبل بين الحياة والموت فإما حياة أو حياة هكذا اندلعت الشرارة الأولى، وتلاها تسونامي هو حسم اللحظة الفاصلة بين البقاء واللابقاء وكانت الانزياحات الانقلابية تنتشر في هشيم الجسد الذي بلي بفعل الزمن وبفعل رفاهية الاستعارة الحياتية ورحل السيد الأكبر لكن كلبه ما زال هنا والمثل الصيني يقول إن قتلت السيد فاقتل كلبه أيضا.
ما زال الوقت قبل الصباح بقليل والمدينة لم تتنفس هواءها الجديد. عمال التنظيف البلدي يباشرون أعمالهم بكسل متباطئ. قال احدهم وهو يشعل لفافة تبغ: لن يتغير شيء.
لم يلق الآخرون بالا إلى ما قاله والتفتوا جهة الجنوب. هناك مسيرة قادمة من أقصى الجنوب تطالب بإسقاط الحكومة. كان الأول على حق وكان الآخرون على حق أيضا لما تركوا أدواتهم والتحقوا بالجموع المتظاهرة فهناك أشياء أخرى من الأولى تنظيفها ورفع زبالاتها. كيف يمكن ان تقوم حكومة فيها ناس قامت عليهم الثورة فإما هي ثورة أو لا شيء وسوف لن تكفي الوعود بالديمقراطية والحرية وسبّ الحاكم في الشوارع. لن يكفي كل هذا الا اذا تغير كل شيء.
لم يكن استقلالا
لئن حذرت مصالح الإرصاد الجوية من شتاء مختلفا في قسوته لسنة 2011غير إن ما حدث فاق كل التوقعات وإذا بها تسونامي زعزعت أركان كل شيء وأطاحت بأنظمة عربية ذهب في ظن حكامها إنهم ملكوا البلاد والعباد والتاريخ والجغرافيا وإنهم أعلى من السماء ؟
جاء الشتاء ثورة تعيد ترتيب شؤون الأمطار وتزرع الأرض ببذور سوف لن تحتاج إلى أسمدة كيمياوية لتنبت وتنمو؛ إنها بذور مختلفة خرجت بدورها من رحم الأرض العطشى . وما قام به الشعب العربي حيث ما كان –تونس , مصر , ليبيا , اليمن , البحرين , عمان – ليس مجرّد ثروة سياسية ؛ إنّه تحرر وعي من منظومة شمولية في التفكير ونمط العيش وأسلوب النظر للحياة ؛ تحرر وعي من حالة موت سريري مفروضة عليه وإقامة جبرية في غيبوبة الاحتضار إنه فعل وعي متحرر بالضرورة تحرك وفق قانونه الداخلي الذي تأسس على ما تتسم به النزعة الانسانية من إرادة الحياة الكريمة ؛ الحرة ؛ الآمنة. هذا ما دفع جموع الشباب العربي للذهاب نحو الأقصى وعدم الرضا بأقصى ما يقترحه الحاكم من حلول .
لقد بدا وكأن الأمر في بدايته مجرد احتجاج على وضع سيء ؛ وضع اجتماعي مُهين وبالإمكان ترقيعه وإصلاحه . في البدء لم تكن هناك شعارات مرفوعة كانت تعبيرا احتجاج قاس ويائس وبائس ؛ حالة اليأس وصلت إلى ذروته القصوى وما عاد هناك ما يمكن احتماله وتحول الإحساس بالذل والهوان إلى تراجيدية إنسانية فما عاد الفرد يحتمل وجوده الى درجة القرف من ذاته والكف عنها ليس بمجرد الانتحار البسيط وللانتحار أشكاله الراقية ؛ أشكاله الإنسانية أيضا حيث سوف يعمد بعض المنتحرين إلى الرأفة بأجسادهم وأرواحهم ويطفئونه بالطرق اللائقة غير إن يتم حرق الجسد فهذه قمة الشماتة في الكيان أصلا هذا الكيان الذي تم تعميم احتقاره حتى مممن يمتلكه ؛ إنه فعل احتقار مزدوج ؛ الحاكم يحتقر المحكوم إلى درجة إن هذا الأخير يحتقر نفسه ويعمل على احتراقه ( احتقار-احتراق).. هكذا اندلعت الحرائق في أجساد الناس احتجاجا لم يتوقف بل تحول إلى انتفاضة رفعت هذه المرة شعارات مطلبية بالأساس ؛ مطلب الشغل و الحياة الكريمة و المساواة وكان الرد قاسيا ؛ لم يكن في الحقيقة حاكما بل كان ملكا بمعنى إن ما على هذه الأرض وما فوقها وما تحتها ملكه وحده وليس من حق – هذا المتاع – التذمر والاحتجاج والتظاهر والمطالبة بأي شيء فمزيته عليهم انه هنا يحميهم من لاشيء؟ كان الرد بالاعتقال والاعتداء بالضرب وكان الرد بالرصاص وعند هذه اللحظة تحرك الوعي المتحرر موت سريري وموت فعلي ولا فرق إذا وكانت المواجهة بين الأعزل والمسلح بين الميت أصلا وشبيه الميت بين البوليس والشعب بين الوجود والعدم وكانت هذه لحظة فارقة إذ تحول الأمر إلى ثورة ؛ لقد أدى سقوط أول شهيد برصاص وطني بمدينة منزل بوزيان في أقصى العمق التونسي المعزول والمنسي كان ذلك بمثابة إعلان حرب بين السلطة في شخص الرئيس وأعوانه والشعب ومن هناك تحولت تحولت الشعارات واتخذت وجهة مختلفة عن المطلبية فقط لتصل إلى تنحى الرئيس وإسقاط النظام ؛ هكذا كان مسار الخط البياني لما حدث في تونس منذ 17 ديسمبر وصولا إلى 14 جانفي وفرار بن علي .
الشعب يريد إسقاط النظام ؛ لقد كان هذا ما يريده الشعب فعلا دونما تنازل عن أي شيء رغم محاولات الإصلاح التي تقدم بها الرؤساء غير إن الشعب لم يكن يرضى بغير إسقاط كل النظام القائم وتغييره وسوف يتضح إن هذا الشعب يريد تغيير النظام تغييرا جذريا وكليا بل ما عاد يريد أن يرى أي وجه من وجوه هذا ا لنظام في جميع تمظهراته كحزب وقيادات وشخصيات وأفكار وهكذا تنقلب حالة الاحتقار فالشعب الآن يُصرّح باحتقاره ولكنه تصريح متحضر يدل على وعي متحرر إذ كان لابد من تحرك يعصف بالوهم المقدس يهشم التابو ويقطع مع جذور الاستعباد ليصنع الحقيقة .
وهو ما لم يكن بالأمر السهل إطلاقا فالتحرر ليس ضمن أي مشروع من مشاريع القادة العرب طالما إنهم مجرد أدوات للكولونيالية الجديدة التي تعمل على إفراغ الفرد من حسه بالمواطنة والكينونة والإنسانية وتعمل على سلبه كل ما هو مدعاة ليكون فردا سويا حرا ومكتمل الشخصية ولئن سحب المستعمر الأجنبي أغلب معداته وأجهزته من أغلب البلاد العربية وما عاد يباشر فعله الاستعماري بشكل فوري فلأنه عثر على من يقوم مقامه بأقل الخسائر ودون ان يضرب مصالحه الحيوية هنا وفي أي مكان آخر ؛ وكان ما يُسمى استقلالا وهو في الحقيقة امتداد شرعي لكولونيالية عملوا كلهم على تجميلها .
ربما في ضوء هذه الفكرة يمكن قراءة سياسة فرنسا إزاء الأحداث في تونس في بدايتها واقتراح وزيرة الخارجية على بن على أن تدعمه بالبوليس والعتاد إزاء ثورة شعبه ونفس الأمر مع بريطانيا التي غضت الطرف على ما يحدث من ثورة في مصر ولم تشأ التدخل شأنها شأن أمريكا التي كان عليها أن تتدارك موقفها لما رأت الغلبة للشباب وهو ما لم تفعله في اليمن أو البحرين وقد كان موقف ايطاليا مع ليبيا غير بعيد عن هذه الفكرة .
غير إن المسألة لم تكن متعلقة فقط بسياسة الغرب مع العرب ودعمه لشرعية الاحتلال الإسرائيلي وما لهذه الإستراتيجية من نتائج على هذه السياسة بل إن الحكام العرب عملوا على إرساء نظما تقوم على فكرة الحزبية العائلية – الجمهورية الملكية – بما يعني فكرة الاستيلاء على الشرعية من الشعب وبحجة الشرعية الدستورية المغدورة المدعومة بنظام بوليسي يعمل لأجل حماية هذه العائلة من شرعية الشعب ومن همومه أيضا فلم تكن هموم الشعب ضمن أولويات هؤلاء الحكام بل كانوا يعملون من اجل تحصبن مواقعهم بالمال العام وبكتائب من الأحزاب التي جاؤوا بها كديكور ليبدو المشهد ديمقراطيا فوق العادة ولم تكن هذه الأحزاب سوى خلايا تعمل وفق أجندة أحزاب الحكام إنها خيانة مزدوجة على أكثر رمن صعيد .
الثورة لم تنته
هي شبكة إذا على طريقة المافيا تعمل لحساب أفراد في السلطة من العائلة الحاكمة أو ممن لهم مصالح معها مما أدى إلى تغول الحزب الحاكم وديكتاتوريته إلى درجة إعدام الحس الوطني منه ولعل أبرز ما سيؤكد ذلك هو ما حدث بعد فرار بن علي من تونس و تنحي مبارك ومعركة القذافي مع الثوار الليبين حيث إن جيوب الردة في كل من ليبيا ومصر وتونس لجأت إلى حرق الأرض وما عليها من عباد ومؤسسات وذلك من أجل إفشال الثورة وتعطيل مسارها وشماتة بمناصريها والساهرين على نجاحها إنها فلول الكلونيالية التي تغلغلت كالسرطان ولم تستطع إن تتقبل فكرة إن يتم انتزاع منها السلطة وان تكون جنبا إلى جنب مع أفراد الشعب العاديين في خدمة الوطن ولقد كانت هناك محاولات متكررة في هذا السياق الذي لم يشأ الخروج عن السياق المعتاد ؛ سياق الفرد الواحد الأحد المنقذ البطل وذلك بالإبقاء على المنظومة القديمة وإعادة ترتيب عناصرها من جديد بلون مختلف وزي مغاير حتى بعد فرار أو هروب الرئيس وأقاربه لذلك سوف ظهر الحكومات الأولى بعد الثورة باسماء قديمة وكأن الأمر متعلق بمجرد تبديل بدلات وحتى هذه الاسماء لا يمكن أن تنال ثقة أحد قال ابن أبي الضياف في كتابه الإتحاف: ’’كيف لمن تربي من حليب الدولة الحسينية وتفيّأ ظلالها ان ينقلب عليها فجأة’’ فهذا الإصرار على النمط القديم بعود في مرجعيته إلى العقلية التي مازلت تفكر بنفس الطريقة الكلاسيكية ؛ العقلية التي لم تؤمن بالشعب يحكم نفسه بنفسه ويختار دونما وصاية من يسير شؤونه بل وللآسف فإن بعض الأحزاب المعارضة والتي كانت تعمل في الماضي القريب في الخفاء مضروبة من السلطة الحاكمة وتنادي بالدمقرطة والتحرر بعض هذه الأحزاب مازالت تفكر بنفس العقلية بل وتعمل بها أيضا وقد تأكد ذلك من خلال ترددها في أخذ القرارات ومواقفها المهزوزة ناهيك على ما كشفت عنه من انتهازية سياسية غير معنية بهموم الشعب الحقيقة ولعل استعادة مراحل الثورة منذ اندلاعها كحركة احتجاج الى إسقاط النظام يكشف مدى المسافة بين الشارع والأحزاب التي إنما ركبت قطار الثورة في إبانها الأخيرة وليس غريبا انه لا احد سمع شعار ’’ الله أكبر’’ او شعار ’’ الوحدة القومية ’’ أو شعار ’’ اتحدوا يا عما ل ’’ بل كانت مدا شعبيا عفويا تلقائيا بعيدا عن كل تأطير أو أدلجة أو ترتيب او هكذا قال لينين ذات يوم ستأتي ثورات من الشرق لا يمكن تصنيفها ضمن اي مرجعية . فمن خرجوا إلى الشوارع وواجهوا البوليس لم يكونوا من أعضاء الأحزاب أو ممن يمارسون السياسة كل يوم كانوا فقط يرغبون في ممارسة الحياة واختاروا اما ان تكون حياة او موت ولما اهتز النظام وتفكك تهافتت الأحزاب وتمادى السياسيون ليقتسموا الوليمة باسم مستقبل البلاد وهذا فعلا هو دورهم وتلك وظيفتهم النبيلة إذا ما كان همهم الآعلى خدمة الشعب بصدق النوايا وليس الضحك عليه مرة أخرى ولقد أبدى الشعب وعموم الشباب من الفطنة ما سوف يجعل هؤلاء السياسيون يعيدون حساباتهم مجددا ويرتبون امورهم ترتيبا مختلفا إذ ان ما حدث من اعتصامات متكررة هنا وهناك بعد تنحي وفرار الرؤساء يذكر بالمثل ’’ إن عادت العقرب نعود إليها بالنعال ’’ويثبت انهم على قدر كبير من اليقظة والحذر حتى لا يتم السطو على وعيهم المتحرر مرة أخرى وهو ما أدى بالفعل الى الجمهورية الثانية في تونس وفي مصر ويؤكد إن الثورة فعل مستمر لا ينتهي بانتهاء الدكتاتورية وإنما يتواصل في شتى شؤون الحياة الأخرى على أن يكون الشتاء دائما مختلفا.
التعليقات (0)