مواضيع اليوم

ثمانون عاماً في السجون ..!!!!

نور حمود

2009-02-28 11:56:26

0

 
28/02/2009

إذا متُّ، وتسلمتم من إدارة السجون جثتي، لا تستعجلوا في دفني، خذوني إلى بلدتي، واتركوني قليلاً في البيت، أتغمس في الذاكرة، وأودع المكان الذي أحببت. هذه وصية الأسير العربي سامي يونس، أبو نادر الذي بلغ من العمر ثمانين عاماً في السجون الإسرائيلية.
رجل مديد القامة، نحيف، تعرفت عليه في سجن عسقلان سنة 1986، يغطي رأسه بطاقية يطل من تحتها الشعر الأبيض، والحديث معه يفيض أملاً بالحرية، وهزءاً بالدولة العبرية. وبلا فلسفات حزبية يعرف أن أرض فلسطين للفلسطينيين، فكيف صارت بين عشية وضحاها لليهود للغاصبين!! حمل السلاح، وقاتل، ودخل السجن سنة 1983، مع ماهر يونس، وكريم يونس من بلدة عارة في فلسطين المحتلة سنة 1948.
تعرف الدولة العبرية أن السجين سامي يونس تجاوز الزمن الذي يقدر فيه على محاربتها، وتعرف أن الوضع الصحي للسجين سامي يونس لا يؤهله لأن يخدم نفسه، وتعرف أن البصر، والسمع، والرئتين، والعمود الفقري لا تؤهل عجوزاً للمشي، والحركة، ولكن الدولة العبرية تعرف أن السجين سامي يونس رسالة تحمل مضامين الترهيب لمن سولت له نفسه أن يتحدي الدولة العبرية، وتحمل معاني التخويف، والقشعريرة من ملامسة سياج الاسرائيلي الذي لا ينسى، ولن يغفر، فكيف بمن تعفرت قدميه بالمقاومة، وغمس يديه بالدم الاسرائيلي؟
لقد حاكمت الدولة العبرية قبل سنوات دميانيوك بعد أن اختطفته، وعاقبته على تطاوله على الدم اليهودي، وطاردت الألماني أيخمان وحكمت عليه بالإعدام، وهي اليوم تطالب السفارة المصرية في تل أبيب بالبحث عن مصير الطبيب الألماني أربرت هايم الذي يتهم بالنازية، وتوفي في القاهرة سنة 1992، بعد اعتناقه الإسلام.
إن يد إسرائيل مخيفة، وهي تجبر أكبر مرجعية مسيحية في العالم بندكت السادس عشر على الوقوف باكياً أمام 60 زعيماً يهودياً يوم 12 شباط/فبراير 2009، يطلب منهم الصفح والغفران على ما بدر من أحد أساقفته ريتشارد وليامسون الذي أنكر المحرقة، ووصفه بأنه ضد الله وأن كل متشكك بالمحرقة كافر، فكان الرد اليهودي مسرحية تسخر من المسيح، وأمه مريم.
فمن لك أيها السجين العربي، يا أبا نادر، يا ابن الثمانين عاماً وقد وقعت بين مخالب الحقد؟ من سيشفع لك عندهم؟ وأي عارٍ هذا الذي يتساقط مع خفق الإعلام العربية؟ وأي عباءة تلك التي لا يثقبها الخجل لمجرد ذكر بنات العرب المسجونات لدى الاسرائيليين؟
ما إن شكل السيد إسماعيل هنية حكومته حتى توقفت المساعدات، وبدأت المناكفات، وتحركت المظاهرات من الموظفين والموظفات، وطافت في شوارع غزة، لقد برزت موظفة على شاشة التلفزيون الفلسطيني بكامل زينتها، ولباسها الفاخر، تحمل طنجرة فارغة، وتشكو من الجوع الفاجر، وتطالب بالراتب، ليبدأ تأليف، وتلحين، ونشر أغنية (وين الراتب، فش فش).
تعمدت المقارنة بين فلسطيني يلهث على الراتب بأي ثمن، وبين فلسطيني ينتمي لحركة فتح الثورة؛ الأسير سامي يونس ابن الثمانين عاماً، الذي لا يشتكي وجع سبعة وعشرين عاماً في السجون، وإنما يؤرقه مصير جثته بعد الموت، ويقول: إذا متُّ، وتسلمتم من إدارة السجون جثتي، لا تستعجلوا في دفني، خذوني إلى بلدتي، واتركوني قليلاً في البيت، أتغمس في الذاكرة، وأودع المكان الذي أحببت.
يا حماس، والله لأن اقتلعت غزة من جذورها، وصُبَّت عليها النار صباً، لأهون علينا من أن يطلق سراح جلعاد شليط دون أن يطلق سراح ابن حركة فتح سامي يونس، وإخوانه فلسطينيي 48، والقدس.
د. فايز ابو شمالة




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !