ما بين الزهد والرضا بالرزق المقسوم خيط رفيع, فالزهد هو السعادة بإنفاق اليسير علي النفس وبذله للغير مع بسط الرزق. أما الرضا بالمقسوم فهو انعدام الشعور بالنقص عند امتلاك القليل. وهذه المعاني لازمة للعيش في سلام مع النفس ومع الآخرين كما أن اعتناقها يوفر شعورا مريحا لمن شكر ويمنع القناعة عند الذي كفر.
الفرق بين الرضا والقبول فرق يسير. فالرضا قبول بسرور, والقبول رضا بغير فرح, والرضا غاية لا يدركها إلا المؤمنون بحق. والراضون عن ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار, جزاء تلقيهم القدر بالحمد علي كل حال. (لكى لا تأسوا علي ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) فاعلم أن درجتك عند ربك تعلو بالشكر علي النعم والحمد علي ما تحمله المصائب من جزاء علي الصبر عليها. فاشكر الله علي ما آتاك بغير سؤال؟ واحمده علي ما رد من القدر ما لم تعرف؟ واعلم أن ما آتاك من نعمة لا تستحقها, والمصيبة التي حجب عنك أنت أهلها؟ وأن الجزاء علي الصالحات يضاعفه, وأن ما اقترفت من الذنوب يغفره, وأنه يحبك وأنت محتاج إليه, وتسهو عن ذكره وأنت مفتقر إليه. ولولا أنه إله ما أنعم عليك ولولا أنه إله ما أمهلك وربما أهلكك ولا يجيرك أحد من خلقه فالملك له والأمر له فاشك إليه ضعفك واطلب منه العفو عنك واحمده قبل ذلك وأثناءه وبعده
التفاؤل والتشاؤم حالتان تصيبان من ابتعد عن الإيمان بالقدر والرضا به والتفاؤل يتضمن عدم الرضا بالموجود وانتظار الأفضل وهو بين درجتي الرضا والرجاء. والتشاؤم يدل على شخصية لا ترى الجمال في الوجود وتحسب الأمور بالمكسب المادي ولا يعنيها تمحيص الله للأنفس حتى يميز الخبيث من الطيب, فهي بين توقع الخسارة واستقلال ما في اليد وكلاهما صفتان للآيس من الرحمة وبئس الصفات. وما أجل الإيمان بالقضاء مع الرضا. وما أتعس القنوط من رحمة الله, مع الشك في عطاءه
التعليقات (0)