ثلاثية الدولة-الديمقراطية-العشيرة
الشيخ نوري نعمة العنزي
المؤتمر العام لشيوخ القبائل والعشائرالعراقية
المدخل:
الشكر والعرفان للسادة أعضاء لجنة العشائر لمواقفهم الراعية والداعمة للوحدة الوطنيهة وتعزيز اللحمة الاجتماعية بالعمل على تشريع قانون المجلس الوطني لشيوخ قبائل وعشائر العراق سائلين الله ان يأخذ بايديهم وبأيدي كل المخلصين العراقيين وتقديم الرؤى والأفكار والنظريات الناضجة لبناء دولة مدنية مؤسساتية توسدها روح العدل والمساواة برفاهية اقتصادية ديمقراطية مصانة بها حرية وحقوق الجميع وخالية من كل انواع الفساد ... وكان الملتقى الفكري الحواري في المجالس الثقافيه لموضوع يعتبر من المواضيع المهمة والملحة في هذه المرحلة،وساحاول أن امر بشكل سريع ومختصر لان الموضوع واسع جداً وشامل وشائك ،نامل ان يكون بحثنا مثمرا ورساليا...
وقبل ان ندخل في تفاصيل ثلاثية (الدوله- العشائر- والديمقراطية) نود ان نعرج عليهما بتعريف وترجمه ضمن رؤى الحداثة والعصر...
الدولة: مجموعة من الناس لربما مختلفة القوميات و الاعراق والطوائف والاديان تعيش على بقعة محددة من الارض محكومة بنظام سياسي محدد وهي ملك لجميع المواطنين ولا تتطور الدولة الا بتطور النظام السياسي وبغياب الدولة لن يكون هناك مجتمع بل جماعات مبعثرة.وبقدر قوة فاعلية سلطة الدولة على تلك الجماعات تحدد مستوى عطاء وتماسك المجتمع وقدرته
على العطاء الحضاري .علما ان الدولة هي الصورة الحضارية للمجتمع المعاصر.
2- الديمقراطية:
وتعني حكم الشعب بواسطة الشعبمن اجل الشعب وهي اصلها يوناني ظهرت في القرن الخامس عشر (ق.م) وهي كلمة مكونة من مقطعين (Demos) وتعني الشعب و(krotos) وتعني السلطة واتفق عليها الجميع من ناحية المبدء لكن اختلف عليها لبكثير في التطبيق . وغالباً عندما يمر علينا ذكر دولة ديقراطية يعني دولة حرة فيها عدالة اجتماعية من حيث الوضع ( الثقافي _الاقتصادي_ السياسي ) وظهرت في التجربة الانسانية الحديثة والمعاصرة انواع متعددة للديقراطية ولكل نوع منها انصار . من اهم هذه الانواع
أ- الديقراطية المباشرة :
يعني بالديقراطية المباشرة قيام الشعب بأدارة شؤون الدولة كافة , والشعب يمارس سلطة صنع القرار المباشر ، تصويت الشعب على قرارت الحكومة والمصادقة على القوانين ورفضها بالمفهوم السياسي يتولى الشعب مضاهر السيادة كاملة .
ب- الديقراطية النيابية :
هو الاختيار الحر للشعب لاشخاص ينوبون عنه ويطلق عليهم اسم نواب الشعب وان النظام النيابي مستقل عن اي ارادة والمباشرة بمظاهر السيادة المناطة به دستورياً خلال الفترة النيابية .
ج- الديمقراطية شبه المباشرة :
تعني الابتعاد عن الديمقراطية المباشرة لعدم واقعيتها ، وبنفس الوقت الديمقراطية النيابية التي تعبر عن ابعاد الشعب في القضايا المهمة . فهي الوسطية مابين البديمقراطية المباشرة والنيابية .بوجوب احتفاظ الشعب لنفسه ببعض مظاهر السيادة يحددها له الدستور وهناك اشكال لديمقراطيات اخرى .
1- الديمقراطية اللبرالية :
السلطة السياسية للحكومة مقيدة بدستور يحمي حقوق الاقلية ويضع قيود على الاغلبية
2- اليمقراطية الاشتراكية :
مشتقة من الافكار الشيوعية والاشتراكية اصلاح المؤسسات الاجتماعية وفق خدمة الشعب وتحسين المعيشة من خلال المؤسسات الموجودة في الدولة .
العشيرة :- مجموعة من الاسر والعوائل والافخاذ ويختلف عددها كثيرة او قليلة قد تكون العشيرة باجمعها منحدرة من جد واحد اعقب ذرية كبيرة او تكون منحدرة من بطون عديدة مختلفة الاصول واجتمعوا لتشابه الحاجات والمنافع والفوائد مكونين حلفاً عشائرياً ومبايعة اسرة كريمة الخصال طيبة الافعال فالعشيرة هي ( امة في مقاييس صغيرة ) لها ماض وتاريخ متدرج وابناء العشيرة دائما ًمتحدين في السلم والحرب وفي العشيرة طبقات وهي ( طبقة الشيوخ – طبقة العوارف – طبقة العموم ) ان هذه الطبقات متساوية في الحقوق والواجبات والجميع يخضعون لارادة مجلس العشيرة المتكون من (الشيخ العام وشيوخ الافخاذ والعوارف ) الشيخ العام متكفل بالادارة والقيادة والمشيخة تنتقل بالارث للاولاد ولاينحصر هذا الامر بالارث وحده بل ايضاً باتفاق مجلس العشيرة عندما لاتتوفر بالوريث شروط المشيخة من ذكاء ومعرفة وسداد في الرأي وكرم وشجاعة وحلم .ان القواعد والقوانين والاعراف والتقاليد العشائرية تهدف الى تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية والمساواة بين افراد العشيرة وهيوحدة اجتماعية متماسكة بقوانينها واعرافها تعضدها صلة الدم والقربى .
الانكليز – والعشائر
بعد زوال الدولة العباسيةعلى يد هولاكو سنة (1258 م) عاش العراق على مدى سبعة قرون تحت ارادة المحتلين حتى الاحتلال البريطاني سنة (1914 م ) وكان العراق يرزخ تحت منظومة تخلف فقر وجهل على كافة الاصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتمثلنسبة الريف والبداوة (75%) من نسبة السكان في العراق عليه تبنى الانكليز المطالب العشائرية على اساس الرؤية التحليلية للواقع وكما ذكرنا ان ابناء العشائر يحتلونالكثافة السكانية الاعظم والعشائر هي التي تصدت الى الاحتلال في سنة (1914) ةهي التي فجرت ثورة العشرين وهي صاحبة القرار العملي في كل التغيرات الاقتصادية والسياسية على الارض حيث لثورة عشائر الوسط والجنوب والغرب وكوردستان العراق والتي من قادتها الشيخ المرحوم محمود الحفيد لقتال الانكليز اكدت مجريات الثورة استحالة الحكم المباشر البريطاني للعراق فاستقدموا الامير فيصل من الحجاز ونادو به ملكاً على العراق واعلنت المملكة الهاشمية العراقية وسن لها دستور ونشب الخلاف في اشتراك شيوخ العراقفي تاسيس الدولة العراقية وعارضوا اهل السياسة (الافندية) الطبقة الساسية المتنفذة وتقول ( مسز بل )
(لابد ان ندرك ان ابناء المدن بوجه عام ، والملاكين فيها بوجه خاص يكرهون رجال العشائر ويخشون بأسهم )
ووضحت هذه الكراهية في مناقشة نسبة العشائر في المجلس التأسيسي العراقي (1920 –كانون الاول ) كان مجلس الوزراء ابتداء من السيد عبد الرحمن النقيب (رحمه الله) والاخرين يبذلون جهودهم من اجل اخراج شيوخ العشائر من المعادلة السياسية ويذكر الكاتب محمد مظفر الادهمي ( حين تليت ونوقشت مواد النظام المؤقت لانتخابات المجلس التأسيسي امام مجلس الوزراء ووافق الجميع عدا خمسة منهم ضد القيام بأي تنظيم لتمثيل العشائر )
زمن خلال هذه المواقف الغير مسؤلة للساسة وتوسعت فجوة الخلاف بين المؤسسة العشائرية والساسة ، مما حدا بالمشايخ ان ينسوا خلافاتهم والوقوف كتلة واحدة لمواجهة الاعيب الساسة ودهائهم التي تهدف الى تحجيمهم وتهميشهم واستأصالهم من العملية السياسية بوضع مواد في الدستور وقوانين لاتحمي حقيقتهم التاريخيه وحقيقتهم في المجتمع وبدء التجاذب والخلاف مابين الطرفين في المجلس (خرج الشيوخ من المجلس بالتأسيسي وغادرو البنايه)
اثر هذا الموقف المتعالي للساسه قرر الشيوخ الاستعانه بالانكليز في تحقيق الاستحقاقات السياسيه والاجتماعيه وتم بالفعل انفتاح الا داره البرطانيه على الشيوخ ,وتم منحهم في هذا الجو المتأزم بعض الصلاحيات الماليه والزراعيه
والوجاهيه مكنت الانكليز من تحييد العدد الكثير من الشيوخ الذين تصدوا في سنه 1914وثارو سنه 1920 ضد ارادتهم وسياستهم في العراق واحراجهم في مواق عديده
وبقي الشيوخ في حاله الحذر الشديد من كل خطوه يحاول ان يقدم عليها السياسيين وفي الوقت نفسه ازداد اعتماد الاداره الانكليزيه على شيوخ القبائل والعشائر في كبح اي خطوه باتجا تحجيم الوجود البرطاني من قبل حكومه الملك فيصل او اتي تبعتها ويذكر بطاطو (وعلى سبيل المثال عندما اخذ الانتداب البرطاني على العراق قام الشيخ عدادي الجريان من البو سلطان ومعه خمسه عشر شيخا من شط الحله بالاحتجاج بشده في برقية ارسلت الى المندوب السامي تعلن الدعم لمشروعه المفيد الذي من دونه لا يمكن للعراق ان يحقق التقدم واعلن مشايخ بني ربيعه انهم ينظرون بأشمئزاز الى احتمال سحب الاشراف البريطاني واكثر من ذلك فأن الشيخ علي سليمان ومعه اربعون رئيس عشيرة اخرون ذكروا الملك في لقاء معه بأنهم اقسموا على الولاء شرط ان يقبل بالتوجه البريطاني )
ان الملك فيصل استوعب هذا الموقف من قبل شيوخ قبائل العراق واسبابه (لن تكون حالة انحراف في مواقفهم الوطنية او هم عبارة دمى تركهم قوة الانتداب البريطاني بل واقع الحال هو الصراع ما بين الشيوخ ومجموعة الساسه التي تريد ان تسيطر على كل شيئ وقال الملك فيصل في سنة (1927 )(انهم حاولوا الاستفادة من اي خلاف مع البريطانيين والحكومة العراقية لاضعاف كلا الطرفين وبالتالي تقوية موقفهم ) واكد الدكتور سليم الوردي معلق على تصريح الملك فيصل بالقول (يستبطن هذا الحكم للملك فيصل دلاله مهمة وهي ان العشائر كنت تتحرك وفق ادراكها لمصالحها وهواجسها ازاء موقف الحكومه منها لم يكن رؤساء العشائر مجرد دمى يتلاعب بها الانكليز كما حاولت الادبيات السياسية تصويرهم وقد اثبتت الاحداث انهم كانوا لاعبين رئيسيين على المسرح ولم يكونوا مجرد كومبارس ورغم المحاولات المستمرة لابعاد شيوخ قبائل العراق عن العملية السياسية في العراق بعد ثورة 1920 لكن في سنة 1924 وصل عضوية الجمعية التأسيسية العراقية 34 نائب علما ان نسبة العشائر وقتذاك (75%) من سنة 1922 الى سنة 1933 كالأتي 19,3% و 14,8% 15,9% و 20,5% وكان السبب المباشر لانخفاض النسبة ابتعاد بعض الشيوخ عن عشائرهم كان هم الساسة وحكومتهم المتعاقبة هو كبح جماح العشائر والسيطرة عليها ولكن اخيرا ايقنت الحكومات ان الخطر الحقيقي الذي يهددها هو من المتطرفين العسكر والمعتقدات الغريبة علما ان العشيرة بشيوخها غادرت حالة الانعزال والانكفاء على الذات واصبحت جزء من الحالة السياسية المعتدلة والكثير من ابناء العشائر اكملو دراستهم وتبوءوا مراكز متقدمة في الدولة وانخرطوا في العملية السياسية لكن بحساب وبدلالة نسبة الشيوخ في البرلمان حيث وصلت الى نسبة تراوحت بين 32% و36% خلال سنوات 1943-1958 ونستنتج منالحقبة التاريخية اعلاه ان الحكومة المدنية في عصر الاحتلال والعهد الملكي وما توفرت لها من امكانات سياسية وثقافية لم تتمكن من اختراق التركيبة العشائرية وحتى البيوت والعشائر التي انتقلت من الريف الى المدينة نقلت معها كل اعرافها وتقاليدها وثقافتها العشائرية
العشائر والعسكر:
حدث المحذور الذي كان شيوخ العشائر متخوفين منه تحركت مجموعة من ضباط الجيش العراقي بتأثير قوى شيوعية تارة وقومية تارة اخرى في 1958 واطاحت بالنظام الملكي الدستوري وازاحت هذه الثورة كل انجازات الحكم البرلماني الديمقراطي موجهين حرابهم الى شيوخ العشائر ومصادرة كل حقوقهم الشرعية والانسانية وتفتيت اللحمة العشائرية لان غالبية هؤلاء الضباط انحدارهم من المدينة او من اصول غير عربية ولاتوجد لديهم جذور عشائرية ومكنواالطبقة الوسطى من استلام السلطة والحكم ،والمعروف عن هذه الطبقة تاريخياً انها غير مؤهلة لارساء نظام حكم واضح الهوية واالبرامج ,تم اصدار القوانين والقرارات الغير مدروسة بتصفية الملكية الزراعية ومن نتائجها تركت فراغاً في الريف حفز الهجرة المليونية لابناء العشائر الى المدن وتكوين مقاطعات عشوائية داخلها ولم تتمكن الحقبة الزمنية التي قادها المغفور له الزعيم الركنعبد الكريم قاسم من ي تقدم يذكر على المستوى السياسي لبناء جبهة داخلية رصينة وقوية استطاعت ان تنهض بالوضع الاقتصادي او الثقافي ونتيجته انخفظت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي من نسبة (85% سنة 1956 الى 77% سنة 1964 ) كما ان الرأسمال الثابت للقطاع الخاص قد انخفض من 68,8 مليون دينار سنة 1960 الى 52,4 مليون دينار سنة 1963
واضح ان التشويش الفكري الذي استحدثه العسكر بطرح القوانين والقرارات تشل العقل والاداء وذلك بتأسيس ثقافة ومنظومة جديدة في السياسة والعلاقات الاجتماعية والاقتصاد وتزايد تأثير الاحزاب التي تديرها ارادات مخابراتية دولية واقليمية وتخللت تلك الحقبة التي سادت النصف الاخير من القرن الاخير الكثير نمن الانقلابات الدموية قادتها العسكر بأرادات حزبية دفع العراقيين ثمن لها الكثير من الدماء
حتى دخل العراق نفق الحروب كانت بدايتها مع ايران مطلع عقد الثمانينات والتي استمرت بجدود ثمان سنوات وتعرضت الدولة الى شلل وتهديم تام للبنية الاقتصادية والتربوية والعسكرية والمحاولات الكثيرة لعسكرة المجتمع من اجل الاستبداد الطفيلي للسلطة الدكتاتورية ولد احتقان وطني عشائري في عموم العراق عبر عن نفسه بانفجارات على هيئة انتفاضات غطت ساحة العراق بعدالانتفاضات العشائرية الوطنية اقدمت السلطة الدكتاتورية وبدهاء سياسي لترغيب وترهيب بعض الشيوخ وتم فعلاً وبالاكراه استقطاب بعض الشيوخ وتصنيع البعض الاخر وتصنيفهم على اساس التأثير والتبعية (شيوخ صنف أ – شيوخ صنف ب – شيوخ صنف ج )ومنحهم ضمن مناطقهم بعض المنافع المعنوية والمادية وعلى اساس مقدار الخدمة المقدمة من قبلهم
ولم تسجل اي نجاحات للسطلة الدكتاتورية حققتها تلك الحقبة الزمنية من خلال الشيوخ بقدر ماسجل للشيوخ من دور بارز لحل المشاكل الاجتماعية وحماية الاطار المجتمعي من التفكك والتلاشي متماسك باعرافه وقيمه محافظين على مكوناتهم العشائرية والاجتماعية من كل الارادات الخبيثة لاختراقه وتحويله الى مؤسسة حزبية منزوعة القيم
العشائر والاحتلال الامريكي
دخلت قوات الحلفاء في اذار 2003 لم يكن في العراق اطار وطني متماسك فعقود القتل والتصفيات ومصادرة الحريات في الداخل وللحروب وعسكرة وتهشيم البنية الوطنية للفرد والجاعة والتسلح بالعائلة والمنطقة والمذهب للسلطة ابعدت التماسك مابين الشعب والسلطة
اقدمت الدبابات لقوات الحلفاء وهي المدعومة باستراتجية متكاملة ومجرد الضربة الاولى تشظت المنظومة العسكرية التي كان يراهن عليها الدكتاتور وتحلل المجتمع وتفتت الدولة وانفرطت المدن الى طوائف ومذاهب متناحرة وتعرضت غالبية مدن العراق الى اوسع عملية نهب وسرقة ولم تسلم منها المتاحف والمستشفيات والمعاهد والكليات والمكاتب والمصارف شكلت بعد الاحتلال مباشرة اسس لنظام حكم طائفي كأساس لعملية سياسية وتدخلت مخابرات دولية واقليمية بشكل مباشر في الوضع السياسي الامني العراقي محاولين ان يجعلوا من البيئة العشائرية حاضنة لانطلاق عملياتهم الارهابية التكفيرية التخريبية
ومن جديد برز الموقف الحقيقي الوطني لشيوخ العشائر الذين لم ينقادوا الى طائفية ولم يذهبوا الى احتراب ولم ينساقوا الى مغريات المحتل وحملوا السلاح وتصدوا للارهاب وعلى الخارجين عن القانون والمنحرفين عن الاعراف الاجتماعية واسست الصحوات من ابناء العشائر وتمكنت من تحرير المدن والقصبات من براثم الارهاب شكلت مجالس الاسناد العشائري التي كان ولازال لها الفضل في المصالحة اللاجتماعيو واستتباب الامن والاستقرار ويعود الفضل لذلك لله ولشيوخ العشائر والقبائل حفظهم الله
ومن الجدير بالملاحضة ان الرئيس الامريكي السابق سيء الصيت والسمعة جورج بوش وخلفه الرئيس الممسوخ اوباما الذين يتهافت على مقابلتهم رؤساء وملوك وقيادات احزاب وكتل سياسية معلومة يصلون الى العراق ليلتقيى برموز عشارية في مقدمتهم الشهيد عبد الستار البوريشة الذي كان يقاتل مع اخوانه من شيوخ العراق الارهاب المدعوم عالميا واقليميا نيابة عن المنطقة والعالم
ونرجوا ان تكون الزيارة رسالة واضحة ومهمة وتعبير بحق وعمق طبعة شيوخ العراق وتاثيرهم في الوضع الامني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي للعراق وهم لم يكونوا عملاء او تابعين لاجنبي مثلما فعل الثير عبر التاريخ والحاضر من سياسي العراق
اسئلة مشروعة
يبقى السؤال لماذا هذا الموقف العدائي للكثير من دعاة الحداثة يهاجمون التركيبة العشائرية ناسبين انتمائها الى ماقبل الدولة والى عصور ماقبل الحداثة وتقاطعها مع قواعد واليات المجتمع المدني والكثير منهم نسوا الظروف والمعاناة التي مرت بعد الاحتلال الانكليزي حيث تمكنت القبائل والعشائر من مغادرة حالة الانعزال والانكفاء على الذات وباشرت برسم علاقة ايجابية مع الدولة العراقية واصبحت صاحبة قرار بعد ثورة العشرين ومؤثرة كلياً على مركز القوى السياسية واصبحت العلاقة مابين الدولة والعشيرة علاقة تطبيع كما ان العشيرة جاهدت لتأسيس مشروع الدولة المدنية ودلالته نسبة تمثيل الشيوخ في البرلمان 32% - 36% خلال سنوات 1943 – 1958 ولظروف العراق الحالية ومجموعة التركة الثقيلة للاحتلال والارهاب والفصائل المسلحة والتحديات والمؤامرات الحالية وعندما تحاول المرجعيات العشائرية الاصيلة مستعينة بالله وبالنخبة الخيرة من ابنائهم واخوانهم التكنو قراط بطرح مشروع قانون ينظم العلاقة مابين الحكومة والقبائل وفق الدستور يحمل بطياته مجموعة قوانين تحمل وحدة واللحمة العراقية ويحافظ على حقوق الانسان ويكون رافد اساسي لبناء الدولة المدنية الديمفراطية دولة العدل والمساواة قانون لايشكل اي عبء مالي على الدولة العراقية ولايتداخل في القوانين والانظمة للدولة بل هو قانون اعتباري ( وجاهة ) والرقابة الشعبية المنضبطة نرى تسارع بعض الاحزاب والكتل السياسية وبأعلام خبيث مسلط يستهدف هذا المشروع (قانون المجلس الوطني لشيوخ وقبائل العراق) طارحين بعض التهم المنزوعة من الموضوعية والدليل القانوني او العرفي واهم هذه التهم
اولاً:- المشروع يسعى الى ايجاد قانون عشائري يخالف الدستور الذي ينص على استقلال القضاء .
(علما ان المشروع ينظم العمل مابين القبائل والعشائر والحكومة وضمن ارادة السلطات الثلاثة)
ثانياً:- يسمح القانون للعشائر التدخل في قرارات الحكومة (مشروع القانون لم يمنح للعشائر اي سلطة بقدر الاستشارة والرقابة
ثالثاً:- تتحول مؤسسة العشيرة الى مؤسسة حكومية تسمح للحكومة التدخل في شؤونها (المؤسسة العشائرية مستقلة ضمن مؤسسات الدولة العراقية وداعمة للبرامج الحكومية الوطنية
رابعاً:- تشريع هذا القانون يخالف الدستور حيث لم تشر المادة (45 ثانياً) على تنظيم والارتقاء بالعشيرة (كثير من المواد في الدستور لم تشر على ان تكون ضمن القانون )
ويبقى السؤال المهم عن ماهي الضوابط والمشتركات بين الدولة والنظام الديمقراطي والعشيرة بشيوخها وماهي النقاط التي يرتقيى بها والتقاط التي يختلفى فيها وهل بالامكان ان تهضم نقاط الاختلاف لبناء منظومة حضارية لقيادة النظام السياسي وبناء دولة القانون والمؤسسات والعدالة وتعاشق المؤسستين المؤسسة الحديثة ( الديمقراطية ) والمؤسسة العشائرية ( الاصالة والموروث) لنعود للواقع العشائري التاريخي وعبر المأتي من السنين لم تكن صنمية متحجرة وفي حالات كثيرة تم تطوير هيكليتها الاجتماعية والعسكرية في الدفاع او لتعزيز نظام عقائدي دون المساس في اصولها واعرافها وقيمها علما ان شيوخ العشائر لم يجمدوا دورهم في الطاء الانساني الوطني رغم محاولات السلطات المتعاقبة من اجل اختزال سلطاتها واختراقها لتطويعها لخدمة المشاريع السلطوية وبقيت العشيرة صاحبة التاثير وذلك بوجود عوامل تاريخية اجتماعية أهمها:
1. عراقتها وتدرجها التاريخي عبر السنين بروابط عديدة اهمها رابطة الدم
2. لها من القواعد والقوانين والقيم والاعراف ماتضبط انتمائهم وسلوكهم
3. التعامل الصارم مع اعراض الانحراف عن هذه القواعد
4. منعتها ازاء المؤسسات والاحزاب والكتل الاخرى
5. الهيكلية العشائرية لن تتعرض للدمار الفكري العقائدي او الققافي
6. التفاعل للعشئر مع كل المتغيرات الحضارية والانسانية واسيعابها بالقدر الذي يحمي تقاليدها واعرافها النبيلة
من هذه النقاط نستنبط سر قوة ومناعة العشيرة امام كل المحاولات التي اريد بها اضعاف هذا المكون الذي يعد اصل المجتمع والدولة العراقية وابت كلها بالفشل والمرحلة الراهنة تفرض وتبسط علينا ضلالها من اجل مشروع بناء دولة ديمقراطية تشارك بها جميع المكونات وفق واقعية تؤكد للاستحقاق الوطني والاجتماعي لقبائل وعشائر العراق لتحقيق مشروع ( قانون المجلس الوطني لقبائل وعشائر العراق )يجمع شيوخ قبائل وعشائر العراق وتعشيق هذا المجلس ضمن المؤسسة الوطنية الحديثة وفق الحقائق التالية :-
1- المؤسسة العشائرية حقيقة على الارض لها الجذور القوية والراسخة في المجتمع وتحضي بمقبولية الشعب العراقي بكافة مكوناته
2- الاستفادة من الميول والتوجهات الحقيقية لشيوخ وعشائر للمشاركة في بناء الدولة المدنية الحديثة وبروز الحاجة لديهم لحماية مواردهم وابناء عشائرهم من الافكار العنصرية والتكفيرية والطائفية ان عقلية التصدي لمشروع قانون (الشيوخ والقبائل ) او العمل على تهميش شيوخ العراق مساس خطر في المصالح العليا للوطن ومن خلال بحتنا هذا نخرج بدلالة واضحة المعالم ان العشيرة هي الحاضنة الرؤوم للافراد والجماعات وهي بمنزلة راحة الكف التي تمتد بها الاصابع اذا طعنت هذه الراحة فأن الاذى والخدر سينتقل الى الاصابع ومنها الى بقية الجسم
ان تشريع قانون المجلس يعطي المكانة اللائقة لشيوخ وقبائل العشائر ويحدد اطارا لكي يستطيعوا القيام بدورهم الوطني والسياسي ولاجل تنظيم دورهم وتوظيف جهودهم في خدمة الوطن
التعليقات (0)