مواضيع اليوم

ثلاثة مواقف .. (2)

نزار النهري

2011-08-14 14:01:19

0

الموقف الاول
المكان: العراق
السنة: 1981
رايت ناس متجمعين امام منزل صديقي محمد الذي كان يجلس الى المقعد الذي بجانبي في الفصل الدراسي، سيارات امن ومجموعة من رجال الامن منتشرون هنا وهناك، لم استطع ان ارى بوضوح بسبب قصر قامتي، فتسللت بين المتجمعين ومن تحت اقدامهم، لاجد لي موقعا متقدما ارى منه مايحدث عن كثب. امرأة تبكي بالم وحرقة، هي ام صديقي محمد وهي تحمل طفلتها الصغيرة التي لم تتجاوز من العمرالا بضعة شهور. لقد اتيت متاخرا، فلقد هم الرجال لاصعادهم الى داخل المركبة، صعد محمد وامه وبقي ابوه في منظر ترق له اقوى القلوب تحجرا، لقد كان جالسا عند عتبة الدار يقبل الارض ودموعه تذرف حزنا والما وحسرة فهو لا يقوى على مغادرة داره الذي بناه بعرق جبينه ويترك هذا الصرح الجميل الذي كانت ذكرياته في كل ركن من اركانه، لم يستمر الامر طويلا حتى سحبه اثنان من جلاوزة الامن، واصعدوه الى المركبة، ثم اقفلوا الباب بالشمع الاحمر.
عائلة صديقي محمد، كانت واحدة من الاف العوائل التي تم تهجيرها قسرا من العراق، ليس لذنب سوى انهم يعودون الى اصول ايرانية. اقتلعوا من ارضهم بكل قسوة ووحشية ورمتهم قوات الامن على الحدود العراقية الايرانية في جبهات القتال، ليواجهوا مصيرهم وقدرهم المجهول.

الموقف الثاني
المكان: تونس
السنة: 1995
وانا اسير في احد اكثر الشوارع ازدحاما في العاصمة التونسية باحثا عن احد العناوين، تقدم الي شاب في بداية العشرينات، متوسط الطول، هزيل الجسم، سالني ان كان باستطاعته مساعدتي، فشكرته كثيرا للطفه وكياسته، وسالته عن العنوان الذي لم يكن يبعد الا بضعة مئات من الامتار عن مكان تواجدنا، فدلني عليه، فشكرته على مساعدته، وقررت الاسراع لهدفي قبل ان يدركني الوقت. فوجئت بمناداة الشاب لي، فرجعت استدرك الامر، فاذا به يطلب مني مالا! وسالته عن السبب، قال مقابل خدماتي! وفهمت انه يريد مبلغ من المال لانه دلني على الطريق، ووسط دهشتي وعجلتي، اخرجت دينارا من جيبي واعطيته له، فقال: هذا لا يكفي، فقلت له كم تطلب؟ قال اريد ثلاثة دنانير، فقلت له اعطني الدينار وسوف اكرمك، فاعطاني الدينار فاخذته واخبرته، بانني ساتصل بالشرطة لو حاول مضايقتي، وتركته ولم استطع ان اتمالك نفسي من شدة الصدمة.
الموقف الثالث
المكان: ايطاليا
السنة: 2006
وانا متجه بسيارتي مع عائلتي لقضاء اجازتي الصيفية في احدى مدن ايطاليا الجميلة، فوجئت بان جهاز تحديد الموقع (navigation) لم يكن يعمل بصورة جيدة، فلم يكن دقيقا في تحديد موقع الفندق الذي كنت قد حجزت فيه لقضاء الاجازة، ولم يكن امامي الا التوجه للمارة اسالهم عن الطريق، ولكن الوقت كان متاخرا جدا، ولم يكن هناك ناس في الشوارع، فلقد بدت الشوارع شبه مهجورة، فرأيت من بعيد مكانا، بدا كانه مطعما او كازينو، فتوجهت اليه وسالت صاحب الكازينو عن المكان، وكانت انجليزيته ضعيفة جدا، فلم افهم منه اي شيء، فحاول ان يرسم لي الخطة (المعقدة) على قصاصة من الورق، فلم يكن امامي حلا الا ان احاول السير عليها، وانا اهم في ترك المكان فاذا برجل في نهاية الخمسينات من عمره، كان جالسا على طاولة مع مجموعة من اصدقائه وهم يحتسون الخمر، ويبدو انه كان يتابعني منذ دخلت، فسالني عن وجهتي، فعرضت عليه ورقة مكتوب عليها اسم الفندق، ولم يكن يتكلم غير الايطالية التي لا اعرف منها غير كلمتين هما (جراتسي) و (تشاو) فاشار لي ان اخرج معه، فذهب الى سيارته واشار لي ان اتبعه، فركبت السيارة وتبعته، فاذا هو يمر بعدة طرق يمينا ويسارا واستغرق الامر اكثر من عشر دقائق حتى وصلنا بالضبط الى الفندق، وودعني بكلاكس ولم يترك لي حتى مجالا لاشكره.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !