مواضيع اليوم

ثقافة الحوار.. والناشئون

nasser damaj

2009-11-15 21:33:19

0

ثقافة الحوار.. والناشئون
بقلم: خليل الفزيع

تفتقر مؤسساتنا العربية التربوية والتعليمية إلي الرغبة في تأصيل ثقافة الحوار بين الناشئين، مما يوجد لدي معظمهم شيئاً من الوجل والتردد قبل الحديث في أي موضوع ولو كان بسيطاً وعادياً، بفعل سياسة القمع التي يمارسها الآباء علي الأبناء بإجبارهم علي الصمت عندما يتحدث من هم أكبر سناً منهم، وبذلك تنشأ معهم عقدة التردد وعدم الثقة بالنفس، وهنا نجد أنفسنا أمام مسؤوليات تربوية وتعليمية لا بد من الإشارة إليها ومحاولة علاجها، لما تمثله من أهمية في صياغة أساليب الحياة للأجيال الجديدة، من خلال تنمية الوعي لدي الناشئين بضرورة التعود علي الحوار، والالتزام بالقيم والمبادئ الأساسية في العلاقات الإنسانية العامة، ومن هذه القيم والمبادئ إشاعة ثقافة الحوار مع الآخر وتنمية نزعة التعامل معه وفق معطيات ينتفي معها التردد أو التشرنق حول الذات بعدم منحها فرصة التعامل مع الآخر، من خلال الحوار المتكافئ والانفتاح على معطيات العصر دون التخلي عن الثوابت ذات العلاقة بالهوية والانتماء.
إن الكثير من الحواجز النفسية التي تحكم علاقتنا بالآخر تنجم عن سيطرة التردد والخوف والشك في ما قد تؤول إليه هذه العلاقة من نتائج سلبية، وهذا السلوك هو نتاج إرث اجتماعي وتربوي متراكم تحكمت في مساره أساليب التربية الخاطئة، وأسهمت في تجذيره بعض الحوادث التاريخية التي لم يعد لها وجود، مما يعني نفي تبعاتها علي مستوي العلاقات الإنسانية، من خلال تنمية ملكة الثقة بالنفس منذ سن الطفولة، فذلك كفيل بأن يثري عقول الناشئين بأهمية القدرة على تجاوز كل العقبات التي قد تعترض طريقهم في المستقبل حين التعاطي مع الآخر في أي شأن من شؤون الحياة، في عصر لم يعد لكائن من كان أن يعزل نفسه عن الآخرين.
إن ما تفرضه الحياة من علاقات في مختلف المجالات يحتم علي الأجيال الجديدة التخلي عن التردد أو الإعجاب الشديد بالذات، المؤدي إلى وهم التفوق وهو وجه آخر لعدم الثقة بالذات، إلي درجة الاعتقاد بتلقائية الانفصال عن الآخر والحذر الشديد في التعامل معه، وهذا اعتقاد لا يخدم المصالح المشتركة بين الأفراد ولا بين الأمم والشعوب، بل يضع أمامها سدوداً منيعة لا يمكن اختراقها من أجل الوصول إلي تحقيق تلك المصالح، من هنا يأتي دور التربية والتعليم في تأصيل ثقافة الحوار، سعياً وراء هدف تذويب كل الحواجز التي قد تسهم في بقاء وتنامي الشعور بالحذر أو عدم التكافؤ أو انعدام الثقة في الحوار مع الآخر، مع أن هذا الحوار كان وما يزال الوسيلة الأجدى للإسهام في صنع حضارة الإنسان عبر التاريخ، وهي حضارة لا تتحقق بالتصادم مع الآخر وإقصائه، لكن بالحوار الواعي والواثق وفق الأنساق السلوكية التي ينشأ عليها الصغار لتفتح أمامهم آفاق الحياة الجديدة المبنية على الثقة بالنفس وبالآخر.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات