مواضيع اليوم

ثقافة التلقين .. هل تُخرج جيلا فاشلا ؟!

تركي الأكلبي

2010-08-16 21:28:47

0


ثقافة التلقين .. هل تُخرج جيلا فاشلا ؟!

ينشأ الطفل ويكبر ويتعلم ويصبح رجلا في بيئة تنشوية وتربوية وتعليمية وعملية واجتماعية تعتمد اعتمادا كليا على التلقين وحشو المعلومات اليقينية ، وعلى تضاد طرفي العلاقة الترابطية من جانب آخر مثل الطلب والعطاء ، الهبة والاستجداء ، والفضل المرفوع بالمنّة الظاهرة على آخره ..

إذن ، هو مجتمع تنتج فيه ثقافة " تعليب العقل " بدءا من البيت وعلاقة الطفل فيه بالأم والأب والأخوة الكبار التي تقوم على الأمر والنهي إلى المدرسة التي تعتمد على أسس تربوية وتعليمية ومنهجية قديمة لم تتخلص بعد من صبغتها " الكتاتيبية " وأساليبها التعليمة ، إلى المؤسسة الوعظية ذات الطابع الأجتراري ، إلى الشارع والوعي العام المتأزم بفعل المتضادات والمتناقضات من السلوكيات والمعطيات تحت مظلة التلقين وأحاديات الرأي اليقين .

هذا التكوين المؤسسي والاجتماعي هو مصنع تواكب عملياته الإنتاجية كل المراحل العمرية للإنسان لينتجُ قوالب مختلفة الأحجام والمقاسات والألوان من العقول المعلبة والمبرمجة سلفا والمحشوة بخلاصة المنتج الثقافي الخاص !.

ومن المعروف أن العقل الملقن يعتمد على ما استطاعت ذاكرته استيعابه وتخزينه من معلومات جاهزة لم يقم بإنتاجها واستنتاجها بنفسه بل جاءته جاهزة عن طريق التلقين ، وخلال مختلف المراحل التلقينية . فهو عقل

لا يفكر بطريقة مختلفة عن السائد والمألوف ، وكثيرا ما ينفر من التفكير الإبداعي لأنه اعتاد على تلقي الآراء المعلبة والأحكام الجاهز ، وهو دائم الاعتماد على من يفكر نيابة عنه ..!

هذه الصورة ليست على إطلاقها في مجتمعنا ، وحتى لو بلغت مستوى الغالب والأعم في واقع المجتمع إلا أن كثير من عقول أبناءه استطاعت بإمكانياتها الذاتية التحرر من نتائج أساليب التلقين السلبية واستخدام طاقة الغربلة وتوظيف المعلومة الملقاة للاستنتاج والبحث وليس للتسليم بما سلمت به . ولكن الإشكال يكمن في كون نتاج ذلك الإعمال بمختلف أطيافه هو نتاج غير مؤثر . فهو أما محصور في دائرة الحياد والتجاهل أو محارب في العلن والخفاء لسبب بسيط جدا وهو الفائدة الكبيرة من انتهاج أساليب التلقين لتخريج أجيالا لا يفكر كثير منها إلا في إشباع حاجاته الغريزية .

 

خلاصة القول : العقل الملقن عقل معطل وبتعطله يخسر المجتمع
أهم موارده ومكتسباته ألا وهو العقل البشري المنتج . فمهما كانت موارد المجتمع المادية ، وفي الجانب الاقتصادي والاجتماعي مهما كان اعتماده على الأيدي العاملة الأجنبية مغريا للبعض من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، مهما كان استيراده لكل شيء متاح في كل الأحوال والظروف فلن يستطيع مقاومة كثير من المتغيرات التي تُنتج بواسطة إعمال عقل الفرد وتنميته وتفجير طاقاته في المجتمعات الأخرى ...

تركي سليم الأكلبي
Turki2a@yahoo.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !