مواضيع اليوم

ثقافة اقوى سلاح

mohamed abdalalim

2011-11-21 04:20:23

0

منذ زمن بعيد و قريب أيضاً , و اعتقد إلى الآن يحدث في مؤسساتنا التعليميّة و الدينيّة من مدارس و جامعات و كلّيات و أيضاً في المحاضرات و الندوات الدينيّة و خطب الجمعة أقول لازال الخطاب ذاته لا يتغيّر من منطلق إسلاموي بحت إن صح التعبير , جيّرت هذه الأدوات لترسيخ مفهوم واحد تداولته شخصيات من جيل إلى جيل يهدف إلى أننا كمسلمين نملك ما لا تملكه الدول الغربية و الطاغية على مستوى العالم فنحن نملك أقوى سلاح يمكننا أن نجابه به العدو وقت ما نشاء و أينما نشاء ؟! سلاح الدعاء المتواصل على الغرب لأننا (و على حسب منطلق هذا المفهوم) لا يتخلّى عنّا الله أبداً في كل صغيرة و كبيرة مجرّدين هذا الدعاء من بقيّة الأدوات التي يجب الأخذ بها و العمل عليها و ما الدعاء إلا وسيلة لتحقيق غاية أكبر يتم نيلها بأكثر من سلاح !

لازلت أتذكّر الخطب الدينية و المحاضرات التعليميّة التي سُيّس بعضها إسلاميا ً كيف أنّها في وقت ما تكيل للشباب أنواع متعددة من المنكرات و أنهم على ضلال و شذوذ أخلاقي عن منهج " السلف " و أن عذاب الله شديد مهما طال أمده فإنه سيحل بكم يا عصاة , و لا أفهم إلى هذه اللحظة كيف يتغيّر هذا الخطاب الاشمئزازي السوداوي إلى خطاب يجعل منّا (أي الشباب) ملائكة طاهرين لا نرفع أيدينا إلى الله إلا و أيّدنا الله بنصره !

كانت معركة بدر هي الدلالة التي يستشهد بها هؤلاء دائما ً و كيف أن الله أنزل على رسول -صلى الله عليه وسلم- جند من السماء و كيف نصرهم و هم فئة قليلة على الكفّار أصحاب " العتاد و العدّة " ! متجاهلين كل الظروف و حكمة الله في نصر رسوله , و حاجة المسلمين حينها إلى نصر يثبت الإيمان في قلوبهم و يزيدهم إصراراً و عزيمة على المضي في الدعوة الإسلامية , فكان هؤلاء يقرأون التاريخ من زاويتهم التي تؤيد كل ما يقولونه فقط متجاهلين بقيّة الزوايا الأخرى المضيئة و المهمّة !

ثقافة أقوى سلاح و هو الدعاء كان تتكرر دائماً على مسامعنا بطريقة توصل لنا (أي المسلمين) أنّه ليس شيء مهم العمل و تطوير السلاح و الخطط و الأدوات الحربية و العسكرية بشكل " يضاهي " ما يتقدم به الغرب علينا منذ عقود طويلة ! فنحن نظن أنّنا إمتلاكنا (السلاح) و أرواح (المجاهدين) يكفي لوضع بصمة إسلامية و نصر مؤزر من عند الله ! غاضّين الطرف عن ما يملكه العدو من دراسات و أبحاث و عمل مضني و مليارات تدفع و تنفق في سبيل تطوير أنفسهم !

قس على ذلك التقدّم العمراني و السياحي و مقار الإنفاق العلمي و البحثي كل هذا لا يهمّنا لأننا و على حسب نظرية كرّست في عقول الكثير منّا نملك الدعاء الذي ينجّينا من السقوط في الاختبارات رغم قلّة دأبنا و جهدنا و يشفينا رغم عدم التماسنا العلاج و ندعو على الظالم و لا نسعى للأسف إلى نيل حقّنا الدنيوي منه , هكذا ( تحوّل الدعاء ) و للأسف من منهج ديني محفّز إلى منهج دنيوي مثبّط للعزائم و أخفق الكثير منّا في استغلال هذه العبادة العظيمة في منهجها الحي الذي يجب أن تصرف فيه مع العمل الجاد على كل ما نريد تحقيقه و نيله .

الدعاء بالعادة مجرّد من الإخلاص و من ما تقدّمه بين يدي الله من عمل اعتقد أنّه لا يسمّى دعاء بقدر ما هو أمل و رجاء أو تصبيراً للنفس على ما تعيشه من صراع داخلي , الدعاء لا تجد لذّته و عمقه الإيماني إلا بعمل تشرّف به نفسك عند الله و تثبّت به دعائم كلماتك التي تبثّها إلى ربّك , و لكن الدعاء بهيئته التي يسلكها (وللأسف) الكثير منّا أصبح " عادة " لا روح فيها و لا إحساس بما يجب أن يكون فيه .

يجب عدم الخلط في كلامي بين أهميّة الدعاء و مكانته و وعد الله لنا كمسلمين بالاستجابة و لكن أيضاً اعتقد أنّه يجب أن نصدم أنفسنا بالواقع المرير الذي نعيشه و نعلم أنّ الدعاء (وحده لا يكفي) ! و أن عجلة التطوّر تستوجب منّا العمل على خطط و دراسات استراتيجيّة قصيرة و طويلة المدى للمضي و النهوض من كوننا عالم ثالث يقتات على أبسط الأشياء من الخارج إلى عالم جدير بالوجود له مكانته و حضرته في مصاف دول العالم و هذا لا يحدث (بالدعاء وحده) أو سب " اليهود و النصارى " على منابر الخطب و في المدارس , يجب أن نعمل على أنفسنا و لا نتحسّر على ما سبقنا به غيرنا و نمنّي النفس بالدعاء " فقط " دون المضي قدماً بخطوات يجب فعلا أن نتّخذها !




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !