مواضيع اليوم

ثــــانية

رَوان إرشيد

2012-06-23 08:19:17

0

 

 

 

 

 

 


ثــــانية

 

 


Oh, that is nothing ! It is a pleasure to me, I do not work for money ; I live entirely for my art
47.48. Oscar Wilde

 

 


هذا ما أحتاجه، لأدخل التاريخ، و أنحت الصخر، و أجلس على عرش الإنسانية العظيم، فبعض من الأحباء، و قطعة أجاص، إضافة إلى كأس ماء، هو زادي الذي يبقيني حيّ الإبداع و يضمن لي استمرارية التفكير، نعم! هذه هي حاجاتي التي تكفل لي حياة راقية.
فالشعور هو النعمة الجليلة التي أتيحت للإنسان منذ أن جعل الله خليفته في الأرض معرضا للخطأ، أين أقيم الحساب، و وضع الثواب و العقاب. و هذا ما يبدوا واضحا حين تذرف العيون الدموع، و حين تأخذ الشفاه رسما هلاليا، من أجل إظهار الابتسامة، مع امتزاج المشهد بأصوات تخرج من حناجر مجروحة. لتصميغ تلك اللوحة الجميلة التي رسمها الرسام الأعمى، ولكنه نسي أن يعطيها توقيعه الخاص.
فكم من المشاهد التي نقف أمامها منبهرين، و التي هي من صنع الصدفة الدقيقة، فتدوم أقل من ردهات زمنية أقصر من القصيرة، لكنها تبقى ضمن صفحات الذاكرة الإنسانية، فيا لها من عجائب تتعصي عن التفسير، بينما الفرد يتمنى لو دامت أكثر مما دامت في حقيقتها.
و على هذا المسار تقف الجلالة في أسمى معانيها، و يقف المعنى في منعرجات أقوالها التي تبقى عاجزة عن وصف ما حدث فعلا، فلا يوجد أدق من القول أنه لا يمكن الوصف، بل الوصف يصبح معوق المعنى، و هنا تكمن الغرابة، و يتيه الإنسان.
فموسيقى العجز تخرج حتى من أدمغة الأذكياء أمام معرفتهم الواسعة، و يقضي البشريّ بعض حيرته باحثا عما يغني عن حاله التي تبدوا بائسة، لكنّ الأمر ينفلت من بين يديه في ثانية،
آه منك أيتها الثانية !!!!
فلا أظنّ أنّ علماء الرياضيات العظام، من فيثاغوراس، و مرورا بديكارت، حتى وصولا إلى جون ناش و غيرهم.... قادرين على الإمساك بهذه الثانية التي تعدّ بجمال الحقارة، لأنها تأخذ من الإنسان ما يجعله إنسانا، أو يبقيه إنسانا إن ما هو أراد أن يظل كذلك.
ففي لحظة يفقد الفرد وعيه، و يضيع بين دهاء قدراته العقلية، ليحس بلذة العلم، و سحر العقل، و متانة الصواب، كما أنه يلمس سلاسة اليقين، و قصور التفكير، و جدوى الحياة، و قيمة الحرية، و صفاء الحقيقة، و لكن كلّ هذا يحدث في ثانية من الزمن.
فكثير من العلماء وجدوا أنفسهم يغيّرون مسار البشرية في ثانية، و كثير من الفقهاء خلدتهم أقوالهم التي صرحوا بها في ثانية، و القلة القليلة من تعطي القيمة الحقيقية لتلك الثانية، أو يحسّ بوجودها أو مرورها، لكنني أؤكد أنها ثانية. و لا تدوم سوى ستين ثالثة. ليصبح العجب واقعا و حقيقة.
لدى على من يريد المجد أن يتمتع بالثواني، و ما الحياة إلا ثواني لا تنتظر، و ما على الفــرد إلاّ استغلالها حق الاستغلال........ لأنها ثانية.

 

 

السيّد: مــــزوار محمد سعيد


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات