ثَعالب و قُوَّاد
- " أينما حللت أو ارتحلت ، تجد الثعالب و اللُّوبيات ..." كلام قالته لي امرأة ، عجوز ، طاعنة في سن الزمن بساطور قبضته ذهبية ، كانت متزوجة .كانوا في قبضتها ، منهم كولونيل و قواد....
- - " رُد بالك ، رآهم كاملين مبليين بالسياسة " في إشارة لزوجها ، رجل السلطة، إلى سكان منطقة ، من قبائل الشاوية العريضة.
رأيتها في دكانها تبيع الملابس الجاهزة و القديمة " البال" . تتخذ من الباب الذي فُتح قهرا في سور السوق . عيناها على سلعتها خارج السور و على دكانها في نفس الوقت.لها ثقافة كبيرة ، حينما يراها الرجال يمتعضون للسانها السَّليط، لكلامها الرجولي ، لوقفتها الصَّلبة.مع الرجال ما عليهم سوى تكميم أفواههم التي نخرها سوس التدخين.الحاجة من له القدرة على المزايدة أمامها . من له القدرة أن يقوم بمزاد علني فوق مزاد آخر؟.من له القدرة في مجاراة حديثها ؟. هي التي كانت تراقب باب الصّحراء من السماء ، من الهيليكوبتر. كانت جميلة ، لازالت حروف الزين بادية و الذكاء لا زال يتطاير من عيونها العسلية.
-" هو ايقول لك سيدي ، انت قول لو سيدي ، وسَّع له الكم، الخاطر و ملِّي ايطيح انزل عليه !".لا زالت الدَّاهية تجلس في مكانها و عينها على تجارتها.
- " آجي أنت ، جيب واحد القهوة " الكلام لرئيس المجلس .طار المستشار كهدهد ، و في سرعة البرق ، كانت القهوة على مكتب الرييس كما يحلو للبعض أن يسميه.الرئيس يتغامز مع الحاجّة في اختبار للمستشار.
- " شوف السبت راحنا غادين لمراكش ". " الذريات موجودات نعم آس" و الحاجّة كانت في مكتب الرئيس تصيخ السمع لهكذا كلام.
" هذا النوع مطلوب ، هم يريدون هكذا نوع، القوادة و أصحاب النفوس الضعيفة دائما في الخدمة ، لهم مع العطاء بدون مقابل" تستطرد الحاجّة.
وَصَلت للعاصمة بعد جهد جهيد.أمام باب الأحد أصابتها غيبوبة ، سقطت مغشي عليها.وجدت نفسها في السبيطار أمام رجال أمن.
- " شكون اللي ضغط عليك آلالا"؟ .
- - " لا أحد".
- شوفي أوكان"
- - " كيفاش نشوف أوكان ، يعني حتى واحد ما ضغط علي ".
حمل رجال الأمن ورقتهم البيضاء و غادروا.
دخلت الحاجّة إلى المحكمة . كان القاضي يريد أن يقتسم الكعكة مع حوارييه.دخلت الحاجّة و داخلها بركان خامد . نيتُها أن تنهي ولاية هذا القاضي. المرأة إن صممت على شيء نفذت ذلك ، ذاك ما جال في خاطرها.في تماطُل الوقت و تكبح غضبها، كان القاضي يصيخ السمع لها . في نهاية المقابلة ، خرجت أول شرارة بركانية :"واش غادي تعطيني حقي ، لا؟" . القاضي تزعزع في دواخله. بطنه بها عجين، تقول الحاجّة.
عيناها حاحظتان : " شوف غادية نزوَّل جلابيتي ، نغوَّث بأعلى صوت، غادية تجي الإسعاف ، ياك، غادين تديوني لبرشيد ، غادية نهضر مع الطبيب، غادي نآخذ سيارة الطاكسي ، غادي ننزل قدام المحكمة ، غادية نلوح حوايجي ، يعني غادية نتعرى عليك و ديك الساعة شوف كيفاش تفك حريرتك."
القاضي ينهر زبانيته : اعطيو للزَّمرة جَطها و سكتوها علينا ما قادين على صداع ، هاذي والله لا تفاكت معكم ".
أرادوا أن يلتهموا فلوس الجمعية، بدون عقد جمع عام، بدون تقرير مادي و لا أدبي و لا يحزنون ، تقول الحاجة، عينيهم على الصندوق وما فيه، على الدرهم يخ ، تفو. تزمجر الحاجة.
الشمس تتجه نحو المغيب. الحاجّة تراقب عبر ظل المارين أمامها. تقرأ الداهية أفكار كل شخص، من بريق عينه، من مشيته،...". رجال كُثر ، أكثرهم ثعالب ...
ب/داالزيراوي 2013
التعليقات (0)