في أحد المطاعم الراقية بكورنيش الدمام جمعنا مضيّفنا السيد الرقيق عدنان الموسوي بثلة طيبة من أصدقائنا الشعراء القدامى والجدد الذين تجشموا عناء المسافة المضنية والتحويلات المفنية بين الأحساء والدمام لحضور أمسية العملاق الأستاذ محمد العلي بنادي الشرقية الأدبي ، كنت تاسع تسعة ولجنا من غير ( أحم ولا دستور ) بوابة هذا المطعم الجميل فإضافة للسيد عدنان كان صديقنا الأرق الأستاذ ناجي الحرز والصديق ذو الابتسامة العذبة جاسم عساكر وصاحب الإشراقة الإيمانية ناجي حرابة وذو الهمسة المتدفقة جاسم المشرف وصاحبا الضحكة ( العنجلية ) زكي الجبران والسيد عبد المجيد الموسوي وأخيرا وليس آخرا ذو الخلق الرفيع عبد الله المحمد علي ..
بداية وقبل أن يعترضني كالقضاء المستعجل معترض ليلطش مني ابتسامتي النقية لطشا ويدحش سؤالاً في وجهي دحشاً : وما دخلنا نحن بعشائكم وبمطعمكم وبجلستكم وبتلك الأسماء المباركة التي ذكرت ، وما الفائدة المرجوة من ذلك .. سأجيب إن هذا المقال أو هذه الخربشات هي استراحة محارب ( إن عُددتُ وقلمي المزعج محاربين ) ولذا لن أسمح لأحدٍ مهما التصق بي التصاق البمبرة بالرخام الأملس وإن عدّ نفسه قريباً مقرباً وشافعاً إليّ مشفعاً أن يعترض على خربشاتي هذي أو يطوعها كيف يشاء .. فيا جماعة الخير دعوني أخربش ايماناً مني أن الخربشة حق مكفول لكل فاضٍ ليس عنده شغل مثلي .
المهم تحركنا من النادي موزعين على أربع سيارات كنتُ وصديقي الخلوق ناجي الحرز من نصيب سيارتِي ( الرزة ) ، يتبعنا عبد الله المحمد علي ويقود هذا الرتل في مسيره الإيماني اللهثوي السيد عدنان وخلفه من أمامي أخوه السيد عبد المجيد ببقية الشلة ، وبعد لفلفات وتعرجات ومستنقعات ومطبات وتحويلات وانحناءات وحفر ونُقر وحجر ومدر وكنكري حتى غدا رأسي ( اليابس ) موزعاً بين جام السيارة وصدر أخي ناجي وهو كذلك من هول ما مررنا به ..
المهم .. بعد كل هذا وذاك وصلنا ذلك المطعم المُجدل في الرمل كأنه أعمار الذين تصرموا كما قال صاحبنا المليح جاسم الصحيح .. وبسرعة البرق اندفعنا نحو بوابة المطعم وإذا بالسكيورتي يُرجعنا بنفس السرعة وبنفس الاندفاع .. ( وين وين هذا المطعم مخصص للعائلات ) قلنا خير يا طير وما المطلوب منا .. فقال لازم يجي معاكم واحد حرمة .. أدركنا هنا والدهشة تعلو محيانا قيمة المرأة فتسعة رهط أشاوس مغاوير ينطون السماء نطا ، ويخبطون الأرض خبطا ، ويبطون كبد الأعداء بطا ، ثم يقعون في معضلة ليس لها إلا امرأة واحدة .. يا للهول يا لسخرية القدر .. هنا آمنّا بمكانة المرأة وعظم قدرها وجلل خطرها ، فلو جاء رجال العالم كلهم بقضهم وقضيضهم لم ينفعونا في هذا الموقف الجلل وامرأة واحدة كفيلة بحل هذه الإشكالية .. إذن المسألة مسألة حياة أو موت نكون أولا نكون ، فبدأنا مفاوضاتنا الكسنجرية المكوكية معه ليدخلنا لا رغبة في الدخول فقد طابت النفس .. ولكن انتصاراً لرجل ظل من عهد آدم يرى نفسه سر الوجود ومحور الكون ولنثبت أيضا لكل شعوب الأرض المحبة للسلام أن الرجل يستطيع ولو لمرة واحدة أن يخلص نفسه من مأزقها دون الحاجة لامرأة وفعلا بعد إلحاح وإصرار وتلٍ وجذب ومدح وسب استطعنا أن نقنع ( السكيورتي ) ومن شغّله أن بإمكاننا أن نستغني عن ( واحد حرمة ) هذه المرة على الأقل وندخل مطعما ليس فيه ( عزوبية ) إلا نحن ،، فجعلنا نهبد الأرض هبدا ونهدُّ المكان هدا وكيف لا وقد انتصرنا لكرامتنا .. ثم دخلنا نحن العزوبية كابينة محجبة محكمة الإغلاق تحيط بها الستائر من كل ناحية أمام ساحة مفتوحة في الهواء الطلق جلست فيها العائلات ..
ومن هنا بدأت حكاية أخرى ربما أعود لها في قابل الأيام .
التعليقات (0)