السلام عليكم
تَهْيَاذ مستمر
التَّهْيَاذ: هو فرط كلام غير مرتب، حيث يعيه مُعَانِيه، وهو من حيث هو فرط كلام غير مرتب لا يَحْدُثُ دفعة واحدة، أي أنَّ الكلامَ غير المرتب يكون كلِمات معدوة، ليست كثيرة، ولكن لأنَّ المصابُ مُصَابا بـ"تروات حاد" فيمكن أنْ يَحْدُث هيذ من حين لآخر؛ ولهذا ففرط الهيذ يعني إمكانية حُدُوث الهيذ مرات كثيرة، وليس دفعة واحدة، حيث يوجد فترات بين الهيذات؛ ولمَّا كان الإنسان يكره أنْ يُصاب بـ"هيذ" وهو بين الناس؛ فإنَّه يَهْجُرهم؛ وبهذا يتقي حُدُوث الهيذ أمام الناس، فَيَقل التروات من جسده بحيث يكون متأكد أنَّه لا يمكن أنْ يُفْضِي إلى تهياذ، ولكن الذي لا يهجرهم رغم حاله التهياذي؛ فسيُصَاب بـ"الهيذ" عدة مرات في مددٍ قصيرة، ومن هنا سُمِّي هذا التهياذ بـ"التهياذ"- أي لأنَّه يَحْدُث عدة مرات في مدة قصيرة..
الذي يُصاب بـ"التهياذ" أمام الناس كثيرا، قد يكون موضع لـ"تهزائهم" به، فـ"يتوتر" من "تهزائهم"، وربما يسمع ما يقولون جيدا، مثل: لقد انفرط مِعْقَاله؛ وهذا يجعله يتوتر، ثم إذا اسْتَسْلَم لمقالتهم فربما يُضَيَّق عقله، كما أنَّه لو اعتقد أنَّ مِعْقَاَله قد انفرط؛ فيمكن أنْ يُضَيَّق عقله، فالحذر من التخصاع للوهم، فهذا الوهم بَوَّابة الإنسان لـ"لعقل المُضَيَّق”؛ فهذا الوهم "مضيقة العقل”..
لمزيد من التوضيح، إليكم ما يلي:
مَهْيَذَة أمْخُوحية: هي الأسباب الخارجية، مضاف إليها الأسباب الداخلية، وكذلك المفسية، ولكن ليس بالضرورة أن تجتمع كل هذه العوامل لتُفْضِي إلى تهياذ، فمن الممكن أنْ يكون تهياذ بعامل واحد، ولكن إذا دخل العامل الداخلي، فالطامة كبرى؛ وذلك لأنَّ كل الكامن يمكن يهب، وربما ينتفض، لتبقى مدة أطول، فهي إنْ هبت، فستعود إلى مكمنها بسرعة، ولكن انتفضت فالعودة إلى مكمنها يحتاج وقت أطول..
مثال على المَهْيَذَة أمْجُوحية:
أ- ذهب مُمْرِيحي ذات يوم إلى مَصْرِف، حيث كان التضياق كامن، والتمغاص كامن، والتخناق كامن، فـ"التروات" الذي كان يسري في جسده، تحمامي، والتروات الذي في رأسه تصداعي، وكان التروات يجعل المُمْرِيحي يقول بلسان حاله لا نطقه: إنَّ الحياة طامة كبرى، والأفضل التخلص منها، فهي بأدنى توتر تُخْرِجُ التضياق والتخناق والتمغاص من مكامنها، وهو بهذا الحال تَقَدَّمَ إلى شابة يعرفها، فتكلَّم معها، فإذا بشابة أخرى يعرفها إلى جانبه، ولكن لم يكن يريد أنْ يَدْخُل في حوار مع أكثر من واحدة، وهو في هذا الحال، ولكن حَدَث هذا من حيث لم يُرِد، فكلمته التي على جانبه، فما كان من هذا إلا أنْ أخْرَجَ التضياق والتخناق والتمغاص من مكمنها، ولكنه مع خروجها من مكمنها قد تَكلَّم، ولكن ما فرع الكلام عندما يخرج التضياق والتخناق والتمغاص من مكمنها؟ أنَّه التهياذ.. بعد أنْ أصيب بـ"تهياذ" مباشرة، سألته التي بجانبه ماذا قلت؟ فقال لها: دعك من هذا الكلام فهو صعب، ويحتاج أناس خاصة لتفهم هذا الكلام الصعب، ولكن الحقيقة أنَّه أراد أنْ يرسل رساله أنَّ هذا الكلام له معنى، وهي أقل من أن تُدْرِكه، ولا أدري هل صدقت هذا الكلام أم لا، أغلب الظن أنَّها ظَنَّتْ أنَّ مِعْقاله قد انفرط، ولكنه جَبَّار لا يبالي بالظنون، فهو رحمة بهم – وبنفسه من ناحية أخرى - يهجرهم، وإلا فلا يحتاج للكثير من الوقت معهم، لِيُدْخِلَهم إلى المرض من أوسع أبوابه..
سنذكر بعض الأمثلة في المستقبل، ولكن هذا المثال يكفي هذه اللحظة..
مَهْيَذَة إمْدُحانية: هي الأسباب التى تكون المَكْمُونات التفعالية قد طفت على السطح، فأحدثت حالة توتارية، يمكن ملاحظتها من آثار معانيها، فشكله لا يوحي على الأغلب إلا بـ"توتار حاد”..
تَهْيَاذ امْرُحاني: هو كلام غير مرتب، ولا معنى له، سوى أنَّه يَحْدُث عندما يكون المصاب به ترواتي حاد، حيث يكون المصاب على علم تام بما حصل له، ويعرف أنَّ سبب تهياذه ترواته، أي أنَّه لا يَحْدُث إنْ لم يكن صاحبه مصاب بفرط التوتر المهيذي، وأرجو ألا يُظَن أنَّ كل تروات حاد مهيذي!.
التعليقات (0)