كتب الزميل العزيز ازهر مهدي موضوعا عن الحراك الشعبي في تونس ضد الدكتاتورية . وقد كنت قد كتبت من قبل مقالا عن ذات الموضوع بعنوان ، " بوزيد بعد أبو القاسم الشابي " . ولقد لاحظ العديد من السادة القراء والمعلقين عدم تصدي المدونين التونسيين لهذا الموضوع ، بل وأختفاء تعليقاتهم على مواضيع غيرهم ، اللتي تناولت هذا الحدث . كما أن هناك من تسائل عن المدونة الفاضله هدى العرضاوي بالتحديد بلهجة هي أقرب الى الأتهام بالتقاعس عن نصرة شعبها الثائر ضد الدكتاتورية .
لسنا في معرض الدفاع عن أحد في هذا المقال . والأخت الفاضلة هدى العرضاوي من الأقلام المتمكنة في أيلاف ، وهي بالتالي قادرة على الرد على كل التسائلات والأتهامات . ولكننا نود أن نستغل هذا الموضوع لطرح صورة قد تساعد في فهم موضوع الحراك الشعبي التونسي من زاوية أخرى .
في لقاء صحفي قامت به أذاعة مونتكارلو العربية مع السيدة سالي سامي ، منسقة الحملات الإقليمية لبرنامج الشرق الأوسط وإفريقيا في منظمة العفو الدولية ، والمنشور في شهر يوليو ، ( تموز ) الماضي تكلمت فيه عن تقرير " HRW " حول وضع الحريات في تونس قائلة .
" تقوم السلطات التونسية بالعديد من الإجراءات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والأصوات المعارضة داخل تونس " . كما قالت السيدة سالي في ذات اللقاء ، (الرابط) . " من أهم الأشياء التي تطرقنا إليها في التقرير ، هي الاختراقات داخل المنظمات المستقلة ، كما حدث مثلاً مع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس والنقابة الوطنية للصحفيين في تونس . إذ تقف السلطات في طريق بعض النشطاء لتسجيل منظماتهم بشكل رسمي وقانوني . فتقطع الطريق على التسجيل برفض إعطائهم وصل استلام طلب بالتسجيل . وهذا يضع المنظمات في حالة عدم يقين بوجودهم القانوني داخل البلاد ، ومنعهم من عقد العديد من الاجتماعات العامة وممارسة الأنشطة داخل البلاد .
كما تقوم السلطات التونسية بالتخويف والمضايقات للنشطاء عن طريق المراقبة الدائمة لهم ، وفي بعض الأحيان بالاعتداءات البدنية والجسدية عليهم ، ومنعهم من السفر ، أو ملاحقتهم القضائية وإلحاق تهم ملفقة بهم والقيام بحملات تشويه وتشهير إعلامية بحقهم " .
ربما يبين هذا التوضيح من منظمة العفو الدولية صمت الأخوة التوانسة وامتناعهم عن التعليق على مواضيع تهمهم بالدرجة الأولى . فكتابة تعليق بسيط ، "ناهيك عن تدوينة كاملة" ، قد يؤدي بالمعلق الى مصير طل الملوحي ، ورأفت الغانم ، ومحمد مصطفى ، ومحمد الراجي ، وغيرهم المئات من القابعين في سجون الأنظمة العربية . والحال من بعضه كما يقول المثل الشعبي .
وهناك أمر آخر لابد أن نشير أليه هنا . وهو دور الأنترنت ومواقع االتواصل الأجتماعي " وأيلاف جزء مهم منها " على الشبكة العنكبوتيه في زيادة الحراك الأفتراضي ، الثقافي والسياسي العربي ، " وهذه حالة عالمية ، والعربية جزء منها " ، واللذي أصبح ينعكس بالتأكيد على ذات الحراكين على أرض الواقع .
فالشعوب العربية اصبحت تعرف أكثر بكثير عن أحوال بعضها البعض ، وتشارك برأيها في مشاكل بعضها البعض ، بل وتستفيد من التواصل عبر الأنترنت لتكوين رأي عام ضاغط على الحكومات المحلية واللتي تسمع وترى ما يكتبه مواطنوا الدول العربية الأخرى عن مشاكلهم المحلية ، أضافة الى أثارة خوف الحكومات العربية من الوقوع بذات المازق أن هي لم تستفد من الدرس اللذي تلقنته أحداها .
نظرة واحدة الى تعليق السيد " نجيب ؟ " واللذي ورد في موضوع السيد ازهر ، (اذا الشعب يوما أراد الحياة ..) ؟، سيعرفنا بالوجود المحسوس لأدوات القمع العربي بيننا وتاثرها بما نقول هنا في أيلاف وغيرها من المواقع العربية وغير العربية .
مثال آخر على دور المدونات والمواقع العربية في بدأ تكوين رأي شعبي عربي ضاغط لابد وأن يثمر يوما عن نتائج ترتجيها هذه الشعوب .
أن حركة الأحتجاج الحالية على الأوضاع في تونس هي ليست الأولى ، فقد سبقتها حركة احتجاج ربما أوسع من الحالية بكثير ، بدأها مواطنوا منطقة الحوض المنجمي منذ سنتين . وتوسعت هذه الحركة لتتحول فيما بعد إلى حركة إعتصامات متواصلة شملت كل البلدات المنجمية ، (المظيلة ـ أم العرائس ـ الرديف المتلوي) ، لتتحول بمرور الأيام إلى حركة احتجاج محلية شاملة على المحسوبية والارتشاء والاستبعاد المتعمد لمن لا يوالي الدكتاتورية .
ألا أن أي مقارنة بين عدد اللذين يعرفون عن ذلك الحراك من غير التوانسة ، بعدد اللذين يعرفون عن حراك اليوم ستبين الفرق الكبير بين العددين . وكذلك الفرق الكبير بين المتفاعلين منهم مع الحراكين . والأمر ذاته ينطبق على الأحداث اللتي تحصل في جميع أرجاء الوطن العربي الكبير . فما يحدث في الخليج أصبح يستثير أبناء المغرب العربي ، وما يحصل في المغرب العربي أصبح يستثير أبناء مشرقه وهكذا . وهذا كله بفضل التواصل الأجتماعي الأفتراضي اللذي طوى المسافات وقرب الشعوب .
أنها نعمة الأنترنت اللتي وحدتنا أفتراضيا على الأقل ، ومن يدري ؟ .
http://azhermahdi.elaphblog.com/posts.aspx?U=916&A=72341
التعليقات (0)