مواضيع اليوم

تونس تستعد للانتخابات البلدية وهي في قلب عاصفة حقوقية دولية

ممدوح الشيخ

2010-03-31 12:09:55

0


تونس تستعد للانتخابات البلدية وهي في قلب عاصفة حقوقية دولية:
بن علي يهاجم معارضيه بـ "عصبية"...وهيومان رايتس ووتش تسميها "السجن الكبير"!

 

بقلم/ ممدوح الشيخ


تبدلت أحوال النظام التونسي كلية خلال فترة قصيرة من التباهي بالتجربة التونسية وترويجها "إعلانيا" كنموذج للنجاح في التنمية إلى الدفاع عن الأوضاع المأساوية للحريات وحقوق الإنسان التي أصبحت مؤخرا هدفا لسهام نقد قوية من الداخل والخارج. مع هذا التحول أصبح كل استحقاق انتخابي مناسبة للحرج الشديد من السجل الحقوقي التونسي المتدهور بوتيرة كبيرة من سيئ إلى أسوأ. وبينما تستعد تونس لانتخابات بلدية تجري في مايو/ أيار القادم دارت مرة أخرى ماكينة النقد وجاء الرد الرسمي التونسي "عصبيا" وعلى لسان رأس الدولة شخصيا!
نتائج معروفة سلفا
الانتخابات البلدية مقرر إجراؤها في 9 مايو/ أيار وتحركت الأحزاب المعارضة لضمان مناخ انتخابي أفضل قبل أن تعلن قرارها بالمشاركة فضلا عن إعلان مرشحيها، وأول مشكلات الانتخابات القادمة أن سقف ما يمكن أن تحصل عليه أحزاب المعارضة محدد سلفا، فالقانون يضمن لها 25% من المقاعد مهما كان عدد الأصوات المتحصل عليها.
وقد تطور عدد البلديات التونسية من 94 بلدية في أول انتخابات (1957) إلى 264 في انتخابات 2005، وارتفع عدد المقاعد من 770 في 1957 إلى 4336 في 2005، ويرجح أن يبلغ العدد 4626 مستشارا.
وفي هجوم يشير إلى حالة العصبية التي أصبحت تسم الخطاب الرسمي التونسي مع تصاعد حجم الانتقادات الداخلية والخارجية وتصاعد حدتها أيضا، تصدى الرئيس التونسي بنفسه لمنتقدي الوضع الديموقراطي التونسي المتردي، وهو اتهم معارضين شككوا في جدوى إجراء الانتخابات البلدية بحجة أنها ستكون غير نزيهة، بأنهم يخشون المنافسة "لقلة ثقتهم" ببرامجهم، فضلا عن وصفهم بـ "قلة الشجاعة" و"ضعف الثقة بالنفس".
مطالب وتهديد بالمقاطعة
وجاءت تصريحات بن علي ردا مباشرا على تهديد الحزب الديموقراطي التقدمي أحد أبرز تشكيلات المعارضة بمقاطعة الانتخابات الرئاسية في حال استمر الانغلاق السياسي في البلاد. كان الحزب المعارض قال إنه يطالب الحكومة بإفساح الحد الأدنى أمام المواطن ليتمكن من مشاركة فعلية ويطلع على برامج المعارضة "دون خوف"، مطالبا الحكومة بتوفير مناخ أكثر ديموقراطية وإعلام أكثر حيادا، مؤكدا أنه في حال عدم توفر هذه الشروط سيقاطع الانتخابات حتى لا يكون "ديكورا".
وكانت مطالبه الأربعة على وجه التحديد: تشكيل هيئة وطنية محايدة للإشراف على الانتخابات كشرط لضمان حياد الإدارة وسلامة العملية الانتخابية. ومراجعة نظام الاقتراع باعتماد قاعدة النسبية بما يتيح تجسيد التعددية الحقيقية. وتحرير الإعلام من القيود المفروضة عليه حتى يقوم بدوره في إنارة الرأي العام ونقل حيوية الاختلاف القائم بين الرؤى والبرامج. ورفع الحصار المضروب على العمل السياسي وفتح الفضاءات العامة أمام الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني المستقلة.
ومن ناحية أخرى بينما تفضل بعض الأحزاب المعارضة خوض الانتخابات القادمة في إطار تكتلات تضم بعض الأحزاب، وبعض التيارات الفكرية، وبعض الأحزاب اليسارية غير المعترف بها، كحركة التجديد المعارضة، فإن البعض الآخر فضل خوض الانتخابات بصفة مستقلة. وأعلن حزب الخضر للتقدم (معارض ذو توجه بيئي) والحزب الاجتماعي التحرري (معارض ليبرالي) عن قيام تنسيق كامل بينهما خلال الانتخابات القادمة، بينما سيتقدم بشكل منفرد للانتخابات؛ حزب الوحدة الشعبية المعارض (ذو توجه وحدوي)، والاتحاد الديمقراطي الوحدوي المعارض (ذو توجه قومي)، وحركة الديمقراطيين المعارضة (ذو توجه يساري).
أما حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) فلن تدخل الانتخابات منفردة بل تسعى لتكوين قوائم تضم إلى جانبها حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (ذو توجه اشتراكي)، ومجموعة الإصلاح والتنمية، وحزب العمل الوطني (يساري غير معترف به).
عاصفة حقوقية دولية
وتترافق سجالات الانتخابات مع انتقادات دولة وداخلية متتالية لحالة الحريات بتونس، فقد أعربت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن قلقها من توسع حملة حجب الإنترنت عن النشطاء من مختلف فعاليات المجتمع المدني. وحملة الحجب تطال بصفة شخصية نشطاء بالرابطة نفسها ومسؤولين بجمعيات مجتمع مدني ومدونين ونشطاء بشبكات اجتماعية. كما تصدرت تونس من جديد قائمة الدول العدوّة للإنترنت ولحرية التعبير حسب تقرير مراسلون بلا حدود الأخير.
وفي خطوة مشابهة طالبت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين في تقرير لها بإلغاء عقوبة المراقبة الإدارية في القضايا السياسية ووضع آليّة تضمن تطبيق الأحكام القضائية الصادرة لصالح المساجين السياسيين المسرحين وتعويضهم عن الأضرار البدنية والنفسية. ووردت توصيات المنظمة في تقرير من 290 صفحة عن المراقبة الإدارية في تونس.
وذكر التقرير أنّ هذه العقوبة تم التوسع في تطبيقها ممّا أدّى لتطبيق قضائي فيه تعسّف وشطط، إضافة لتطبيق أمني تعسفي كالإجبار على التوقيع في مراكز الأمن وهو ما لا ينصّ عليه القانون. والمراقبة في مفهومها الواسع أصبحت تسلّط على المجتمع المدني وعلى النشطاء تماما مثل المساجين المسرحين بما جعل المجتمع المدني على نحو آخر يقضي عقوبة تكميلية.
وفي تصعيد يكشف الدرجة التي وصل إليها توتر النظام التونسي من الاتهامات التي توجه لسجله في مجال الحريات منعت السلطات التونسية منظمة هيومن رايتس ووتش من عقد مؤتمر صحفي في تونس لإطلاق تقريرها عن وضع السجناء السياسيين السابقين في تونس. وقالت المنظمة في بيان لها إنّ المسؤولين التونسيين لم يقدموا أيّ أساس قانوني لقرار المنع.
وقد أُبلغت سارة لي ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش بأنّ وزارتي الداخلية والعدل يرفضون عرض التقرير لأنّه "منحاز ويشوّه صورة تونس"، وردت المنظمة الحقوقية قائلة إنّها في وقت سابق أتاحت لوزيري الداخلية والعدل ملخصا مفصلا لنتائج التقرير وطلبت الحصول على تعليقات أو تصحيحات، لكنّها لم تتلق أيّ رد.
ويوثق التقرير الذي أعدته المنظمة الأمريكية والمعنون بـ "السجن الكبير" التدابير القمعية التي تفرضها السلطات التونسية على المساجين السياسيين السابقين. واعتبرت المنظمة أن تعطيل عرض التقرير سيلفت النظر أكثر إلى وضع حقوق الإنسان بتونس بل إن هذا المنع قدم "نموذجا عمليا" لنوعية القمع الذي يعانيه المدافعون عن حقوق الإنسان في تونس. وفي إطار مسلسل الأزمات المتلاحقة نددت السلطات التونسية في بيان بـ "السلوك الاستفزازي" لوفد من منظمة العفو الدولية زارها مؤخرا.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !