مواضيع اليوم

توقيع الإطاري بمن حضر

مصـعـب المشـرّف

2023-04-02 09:33:06

0

 توقيع الإطاري بمن حضر

مصعب المشـرّف

2 أبريل 2023

لم يعد من حل عملي واقعي سوى الذهاب إلى توقيع الإتفاق الإطاري بمن حضر . ووفقا لهذا التوقيع تتوافر الورقة التي بالإمكان الإستناد إليها وتبرير تطبيق البند السابع.

إن شرط البعض بأنه لا توقيع إلا إذا جاء الجميع على قلب رجل واحد ؛ هو إستنساخ لتحايل بني إسرائيل على تنفيذ أمر الله عز وجل لهم بذبح بقرة.

هو طلب للمستحيل وإرهاق وعصف سكارى وإستهتار وخداع وتقليل غير مشروع ولا مقبول ولا عادل لعقلية الشعب . الشعب الذي لا يجب التعامل معه بمثل هذا الإستغفال لعقله وفرضية القدرة على اللعب البهلواني بحبال سحرة فرعون أمامه.  

لم أجد في هذه الدنيا أو أسمع بإثنين أو ثلاثة أشخاص إتفقوا جميعهم على قلب رجل واحد في مسألة تتعلق بمصالحهم وممارستهم لحياتهم المدنية أو حتى العسكرية والأمنية. وأمامنا مثال مشهود لم يخفى على القاصي والداني ولا على أحد ، هو إختلاف وتباين صارخ في الرؤى بين القائد العام للجيش النظامي والقائد العام للدعم السريع. وهو إختلاف نشب ويتصاعد بين شخصين لا ثالث لهما يجمع بينهما خندق واحد . فكيف لنا وهذا المثال أمامنا واضح أن نطلب من شعب تعداده 45 مليون نسمة أن يأتوا إلى كراسي الحكم والسلطة متفقون على قلب رجل واحد؟

وتظل المرجعية دائماً لإختيار ورأي الأغلبية في مسارات العملية السياسية . حتى لو جاءت هذه الأغلبية بنسبة 51% في إنتخابات حرة نزيهة.  

كل الرسل ذوي العزم ، والأنبياء المعصومون المؤيدون من السماء لم يتفق حولهم الناس على قلب رجل واحد . وهناك من تجاوز الخلاف إلى الكفر وحمل السلاح في وجوههم . وهناك أمم قتلت أنبياءها دون أن يرمش لهم جفن أو يتحرك فيهم ساكن. وهناك منذ القرون الأولى إلى يومنا هذا من كفر بالله عز وجل وألحد وأنكر وعصى وجاهر. ولم يردعهم رادع رغم رؤيتهم رؤية العين والعلم اليقيني لمعجزات وخوارق لنواميس الكون قاطبة.

القرآن الكريم الذي لا ريب فيه أنزل على الحبيب المصطفى بسبعة ألسن وليس واحد . فكانت القراءات السبع . ثم كانت المذاهب الأربعة. وتعددت مصادر التشريع.. وتعددت الشعـب ولا تزال مرشحة للتعدد ما بين سـنة وشيعة وأنصار سنة وسلفيين ومتصوفة وأشعريين.

حتى الصحابة الأجلاء إختلفوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهرانيهم في تفسير اوامره ونواهيه خلال أكثر من غزوة وحملة وتجريدة وسرية ، وبعثة دعوية أو توعوية. . وإختلفوا بعد إلتحاقه عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى فكانت الفتنة الكبرى وموقعة الجمل ، ونقل  مركز الخلافة من المدينة المنورة وتقسيمها ما بين الكوفة و دمشق .. إلخ.

مطلب البعض أن ياتي الجميع على قلب رجل واحد هي إذن مماحكات وإتكاءات على عود قصب أخضر . ومحاولات للتهرب لاتنطلي على أحد . ولا تزيد قائلها والمُطالب بها سوى نعته بعدم الصدق وإنعدام الرؤية ، والمراوغة ومحاولة كسب الزمن بلا طائل . وغيبوبة تامة عن المشهد والواقع الجديد الذي فرضته ثورة ديسمبر الممتدة ؛ التي ليست كسابقاتها عبر تاريخ السودان المعاصر.

ولا نتوقع من الحركات المسلحة والفلول والأرزقية المدنيين لحم الراس من جانب آخر أن يتفقوا مع غيرهم ، أو نتوقع حتى إتفاقهم مع بعضهم في حالة إنقضت أسباب هذا الإتفاق المرحلي المؤقت الذين إضطروا إليه دفاعاً عن مصالحهم الخاصة. والطمع في الإستئثار بكيكة الثروة والأموال السائبة والمناصب التي يسيل لها لعابهم والتي لا يضمن الوصول إليها غفلة والكنكشة فيها والتلذذ بأكلها سوى الرعي والتمسح بنظام عسكري أو مليشيوي ثبلي عنصري أو عقائدي مغلق متاجر بالدين ، يسرق السلطة ويسيطر عليها بقوة السلاح والبطش والمعتقلات والسجون وبيوت الأشباح  .

وغداً أو بعد غـد  لو منح هؤلاء المرتزقة والفلول والأرزقية والثعالب والغربان والتنابلة وأحفاد أشعب الأكول الفرصة . فإنهم سيتناسوا مطلبهم هذا. ويقولون أن الإجتماع على قلب رجل واحد مستحيل.

لقد إعتاد معظم هؤلاء على الإستئثار بهدايا وهبات وعطايا ومزايا وترضيات ورشاوي ومظاريف وفتات موائد الكيزان التي يلتقطونها من تحت الأقدام.فخرجوا  لنا جيلاً منتناً وصولياً لا يخاف في إتباع الشيطان واللهث خلف مصالحه الخاصة لومة لائم ولسان حالهم يردد : مارس النفاق كأنك تعيش أبدا ... والكارثة (الأخلاقية) أنهم يظنون أنفسهم محظوظون ، وأن غيرهم من أبناء الشعب الوفي لبلاده الذين يتطهرون ويتعففون حاسدون لهم حاقدون عليهم. وهذا هو أسفل سافل الكارثة التي يترجم واقعها هؤلاء الجماعات المتعددة المتباينة الذين رمى بهم رحم الكيزان إلى ساحات المجتمع وجاءت ثمرة زقومها تراوح  إعتصام الموز وإغلاق الطرق القومية وإنتقال الصوفية والإدارات الأهلية للإعتياش منها وأكل ثمرة الحرام من سـقـط شجرتها .

لم جد في الواقع ما يمكن تسميته بالقوى السياسية حتى . فهؤلاء إن كانوا أحزاباً نظنها مدنية سياسية . فهي الأخرى تخشى المواجهة وتميل إلى الموادعة رغم أن كثير من الفرص والخيارات والأبواب مفتوحة أمامها في الداخل وقاعات الأمم المتحدة. ولكن هناك عدم إرادة لديها وكثير من الخوف يعتريها من الذهاب إلى مطالبة المبعوث الأممي فولكر السعي لتطبيق البند السابع الذي لا يحتاج الآن إلى طلب إنعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي أو خشية من فيتو روسي.

اليوم وقد أصبحت الصورة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء أن هناك قوى تحمل السلاح وتهدد بحرق البلاد من جهة وليس لديها جذور وقواعد جماهيرية ولا حواضن شعبية. وهناك إدارات أهلية تتوعد بإغلاق الطرق والمدن بما سيؤدي إلى حرب أهلية لو إمتد هذا الإغلاق لفترة طويلة.

وهناك قوى مدنية منزوعة السلاح عارية اليدين لكنها متجذرة ولديها قواعد جماهيرية وحواضن شعبية . فلا مجال للفصل بينهما وفرض القانون سوى باللجوء إلى تطبيق البند السابع . وإشراف الأمم المتحدة مباشرة على إجراء إنتخابات عامة تأتي بمن يختاره الشعب عبر صناديق الإنتخابات . مع التسليم بأن يستمر وضع الشعب السوداني تحت حماية الأمم المتحدة لثلاثة أو أربعة عقود من الزمان تكون كافية كي يخرج هذا الجيل المعربد الذي خربه الكيزان من الحياة ويدخل إلى عالم القبور . ويخرج من أصلاب هذا الشعب وأرحامه بشر يؤمنون بالديمقراطية والعدالة والحرية وحتمية الحياة المدنية . وعدم جدوى السلطة العسكرية والأمنية ومليشيات النهب المسلح في حكم دولة.

ثم أنه يجب التسليم بخيار لا بل حتمية الخضوع لحق كل إقليم في المطالبة بإجراء إستفتاء لتقرير المصير والإنفصال ، وحيث لا يعقل أن يستمر الحال والحياة في وطن واحد تحت هذا الإبتزاز طوال الأربعة وعشرين ساعة بالإنفصال وشيوع أسلوب الشريك المخالف وحماقة المرأة الناشز في العلاقة ما بين بعض الأطراف والمركز.

والبعض ممن يملأ الدنيا ضجيجاً وهو واحد لا قاعدة له ؛ هو في الحقيقة شخص يدرك أنه لا مكان له في منصبه ولا نفع برتجيه الشعب منه ولا ماضي ولا حاضر ولا مستثبل له في ظل مدنية ديمقراطية تحت سماوات مكشوفة ومفتوحة من كل الجوانب والإتجاهات . وإنه في مثل هذا الحال من سيادة القانون ونبذ الواسطة والمحاصصة لن يجد لنفسه مكاناً أو موطيء قدم في منصب ووظيفة إلا حيث هو مناسب له حسب مستوى تعليمه وقدراته الشخصية لا أكثر ولا أقل.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات