فضاء الكلمة:
خليل إبراهيم الفزيع
توثيق مصادر تاريخ الخليج
تشكل منطقة الخليج العربي، وما فيها من المدن القديمة والحديثة مركزا حضاريا واقتصاديا لا يمكن تجاهله عند استعراض المراكز الحضارية العالمية علي امتداد التاريخ، ولهذا ملامحه المعروفة لدي جميع الباحثين والدارسين العرب والمستشرقين علي السواء، إلي جانب ما لهذه المنطقة من تأثير علي الاقتصاد العالمي في العصر الحديث.
فقد كان لهذه المنطقة تواجدها القديم الضارب في أعماق التاريخ، وكانت علي مر العصور مصدرا للخيرات التي أغرت بعض القبائل للنزوح إليها واستيطانها، كما وفدت إليها أسر قدمت من بلاد عربية كثيرة.. فوجدت في رحابها رخاء العيش وأمن الحياة، وامتدت فروعها إلي الوقت الراهن، وطوال تاريخها ظلت منارة للعلم ومصدرا للخير وملاذا لمن جار عليهم الزمن، لذا فإن الاهتمام بتوثيق المصادر التاريخية لهذه المنطقة، يعد خطوة عملية لاستعادة الجوانب المضيئة من هذا التاريخ، مما أهمله المؤرخون، أو تعرض لعدم الدقة في النقل أو البحث والدراسة، وهذا لن يتحقق إلا ضمن مشروع رائد تتبناه الجهات المعنية بتوثيق المصادر التاريخية لتاريخ الخليج العربي.
إن ما يمكن أن تقوم به هذه الجهات من جهود في هذه المجالات يستحق المساندة، فمن خلال فرق العمل التي يمكن أن تجوب كافة مناطق الخليج العربي، ومن خلال مد جسور التعاون مع الباحثين والدارسين، ومن خلال تنظيم العديد من الندوات وورش العمل، ومن خلال احتضان تحقيق وترجمة وطباعة الكتب ذات العلاقة بتاريخ الخليج، والبحث عن الوثائق في مختلف مكتبات العالم والجهات الرسمية المعنية بذلك في العديد من الدول الغربية والشرقية، ورعاية مبادرات الباحثين والدارسين في مختلف المناشط الحياتية عبر التاريخ، إلي جانب تشجيع الأكاديميين وهواة البحث التاريخي في المضي في هذا المجال ورصد الجوائز السخية لهم، وكذلك الاهتمام بالتاريخ الشفوي والتوثيق الوطني لكل ما له علاقة بتاريخ الخليج الحضاري
من خلال ذلك كله يمكن الإسهام بجهد كبير في حفظ ذاكرة الخليج، ولا شك أن في المستقبل الكثير مما يؤمله أبناء المنطقة، وخاصة الباحثين والدارسين لتاريخ الخليج وآثاره وموروثاته المتنوعة، علي امتداد رقعته الشاسعة، وهذا العمل الجليل سيترك أثره الواضح مع مرور الزمن لتحديد الوقائع التاريخية بأقصى درجة من الدقة العلمية المتاحة، إلي جانب الحفاظ علي تراث الخليج العربي وتاريخه القديم والحديث. بقي القول إن علي أبناء هذه البلاد ومن منطلق الوعي بالمسئولية التعاون مع الجهات المعنية، فالكثيرون لديهم بعض الوثائق أو المخطوطات أو الصور القديمة أو الروايات الشفوية أو المعلومات التاريخية مما لم يأت علي ذكره الدارسون والباحثون، وما علي هؤلاء سوي التعاون مع الجهات المعنية، لحفظ أو اقتناء أو عرض أو ترميم ما لديهم من هذه المصادر التاريخية الهامة، وهذه مسؤولية وطنية، خاصة مع توفر الحرص علي حفظ حقوقهم الأدبية والمادية عن هذه المقتنيات، التي يشكل حجبها تعتيما علي جوانب من التاريخ. وما أكثر الوثائق الهامة التي طواها الإهمال والنسيان، وأصبح مصيرها مجهولا رغم أهمية ما تحتوي عليه من معلومات جديرة بالعناية، ولما قد تمثله من إضاءة لبعض الجوانب من تاريخ الخليج
التعليقات (0)