علي جبار عطية
الأربعاء 26-02-2014
طباعة المقال Print
لا ادري ما سر هذا الولع البشري باثارة الجروح وتهييج الاحزان خاصة الجروح الشخصية فضلا عن اجترار الذكريات المؤلمة والاحداث المأساوية بل الادهى من ذلك حين يسترجع المرء كل تلك الاحداث المزعجة قبيل النوم ويترك العنان لتداعيات افكاره فيكون فريسة سهلة لشبح الارق الذي يجعل الليل طويلا جدا.
قبل ايام حدثني احد الاصدقاء عن الساعات الاخيرة في حياة والده وقال بانه وثقها بالكاميرا ثم قام ابنه بعملية مونتاج ليستخرج فلما طوله ثلاث دقائق ويبث صورة منه على الشبكة العنكبوتية!
يقول :بعد الانتهاء من مراسيم الفاتحة جرى نقل الفلم على اجهزة الهواتف النقالة لكن المؤلم بل المفجع حقا ان فجيعتنا بأبينا تتجدد كلما رأيت الفلم وتنهمر عيناي بالدموع حتى لو كنت في عملي!
قلت له : ان الله سبحانه وتعالى منحنا الكثير من وسائل تجاوز المصيبة والمحنة ومنها التسلي والتصبر والنسيان لذا يمكن عد وضع صورة المتوفى حديثا على جدران الغرفة نوعا من انواع التعذيب والامعان في ايلام النفس وان كان في نظر بعضهم دلالة على الوفاء ولكن يمكن وضع الصورة في وقت تذوب فيه المصيبة تدريجيا فلماذا نصر على تعذيب انفسنا بتوثيق آلامنا وشحذ ذاكرتنا المزدحمة والمثقبة بالاحزان بهذه الذكريات الأليمة؟
وضربت مثلا بالصديق الذي زار قبر والده وجاءته فكرة تصوير القبر بالهاتف النقال وعندما عاد الى بيته يقول انه كلما فتح الهاتف اصيب بحزن شديد فضلا عن تداعي الكثير من الذكريات والصور الحزينة واضطر بعد تنغيص عيشه الى مسح الصورة والعودة الى العيش بشكل طبيعي!
الا تتفق معي ان النفوس الشفافة والرقيقة لا يستطيع اصحابها ان يجرحوا مشاعر نملة فكيف يمكنهم استطابة جرح انفسهم؟
التعليقات (0)