مواضيع اليوم

تواطىء الأنظمة البليدة على وئد التطلعات الوطنية الوليدة

زين العابدين

2010-12-04 14:33:59

0

  تواطىء الأنظمة البليدة على وئد التطلعات الوطنية الوليدة                  
يقول الأستاذ هيكل فى حواراته مع الجزيرة " تجربة حياة " ما معناه ؛ أن العالم قد تغير من حولنا ، وبوتيرة سريعة ، ومنذ إنتهاء الحرب الباردة . فلم يعد هناك شىء اسمه سيادة الدولة بعد ذلك التطور الرهيب فى الوسائط الالكترونية من إنترنت وغيره ، وشركات عملاقة كبرى أصبحت لها قوة تفوق ما لدى القوى العظمى من إمكانيات , و ذلك بما تملكه من معلومات مثل شركة جوجل مثلا .. خلاصة القول أنه لم يعد هناك شيئا ثابتا فى ذلك العالم الذى نحيا فيه الآن ، وأصبح كل شىء متغير ، بما فى ذلك موازيين القوى التقليدية .
وقد صارت الإختراقات هى سيدة الموقف فى كل مجال وكال ناحية من نواحى الحياة ، ولم تعد أى دولة من دول العالم بمأمن من تلك الإختراقات بما فى ذلك الدول العظمى و تحديدا الولايات المتحدة ذاتها . وقد وعت أغلب دول العالم كل هذه التغيرات والمتغيرات الجارية فى العالم الآن ، وشرعت كل دولة ، و حسب قدرة كل منها وقراءاتها وفهمها وأمكاناتها ، تتكيف وتكيف نفسها مع تلك التغيرات والمتعيرات الجديدة ، والتى تلت إنتهاء الحرب الباردة ، وذلك من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ، وذلك بإستثناء منطقة واحدة ووحيدة من ذلك العالم ، وهى منطقتنا العربية ، أو عالمنا العربى .
ولايرجع السبب فى ذلك بطبيعة الحال إلى الشعوب العربية بل إلى الأنظمة العربية ذاتها والتى " تلجم " وتحبط وتجهض تطلعات تلك الشعوب نحو المستقبل بشتى الطرق ، ومن يعترض أو من لم يمتثل لأوامر السلطان ـ أو بالأحرى الشيطان ـ بالخنوع والرضا بما تمليه حكمة السلطان وزبانيته فله ـ وربما لولده و لأهله من بعده ــ الويل والثبور وعظائم الأمور ، والنى قد تفضى إلى تصفيته جسديا فى نهاية المطاف إذا لم تجد تصفيته معنويا ، وذلك على شكل فردى ـ كما حدث مع أيمن نور مثلا ـ أو على شكل جمعى ، أو عقاب جماعى ، كما حدث لكل محافظة ، وابناء بورسعيد ، لرفضهم حكم مبارك والحزب الوطنى ، فحارب الحاكم أهله فى رزقهم ، وأمات لهم عمدا المنطقة الحرة ببورسعيد ، ولاحظوا أن بورسعيد تلك هى التى تصدت للعدوان الثلاثى فى عام 1956.فهل كان يدور فى مخيلة الاستعمار أن يعاقب أهل بورسعيد بنفس الطريقة التى عامل بها مبارك تلك المديتة الباسلة التى رفضت حكمه ، وحكم حزبه ؟!
للاسف أن حكامنا هم فقط الذين جمدوا وثبتوا الأوضاع التى كانت متغيرة بطبيعتها ، وبما يخالف حتى سنن الكون ونواميس الطبيعة ذاتها ، وباتو يحكموننا ـ وكما ذكر الأستاذ هيكل ـ بعقلية الحرب الباردة ، أوحتى ماقبل الحرب الباردة ، حيث قد ولت تلك الحقب بالفعل من حاضر كافة الأمم إلا أمتنا العربية ، وهم فقط ـ أى حكامنا ـ الذين يرفضون التغيير أوحتى التجديد فى مؤسسات الدولة وتغيير دمائها على الأقل بما يضمن بقائها ، وهم يقاومون التغيير وتطلعات الأمة نحو المستقبل بعدة سبل منها على سبيل المثال ، وكما هو حادث ، وواقع بالفعل فى مصر ، من فرض قانون الطوارىء منذ ثلاثين عاما وحتى الآن ، ومن غير أن يلوح هناك فى الأفق أدنى أمل فى رفع حالة الطوارىء تلك ، أو قانون الطوارىء ، طالما استمر نظام مبارك فى الحكم .
ولم يكنف مبارك فقط بفرض قانون الطوارىء لتجميد الأمة فى ثلاجة التاريخ ، بل إنه قد لجأ أيضا إلى تفريغ كافة النقابات ومنظمات المجتمع المدنى تماما من مضمونها ـ بما فى ذلك الأحزاب السياسية ـ وهو بالفعل ، وكما هو شائع فى مصر ، قد أمم النقابات وخصخص ونهب الشركات العامة التى كانت مملوكة فى يوم ما للشعب . ويقال فى هذا الصدد إنه لو حاول إنشاء شركة جديدة واحدة فقط ، كشركة الأسمنت مثلا ، والتى تم خصخصتها أيضا ، وبيعت لأحد المستثمرين المقربين من لجنة السياسات بحوالى أربعة مليارات جنيه مصرى ، وباعها هذا المستثمر بدوره بعدئذ لإحدى الشركات الأوربية بمبلغ 34 أربعة وثلاثون مليار جنيه مصرى ـ هكذا يتم تدمبير مصر ـ نقول إذن لو أن نظام مبارك ـ وهذا لن يحدث، ولكنه مجرد إفتراض جدلى ـ أراد إنشاء شركة أسمنت جديدة مثلا فإن كل الأموال التى حصلها ـ وإذا بقى منها شىء ـ من ناتج الخصخصة لكل شركات القطاع العام لن تكف فى إنشاء تلك الشركة نظرا للإرتفاع الرهيب فى الأسعار الحالية لتلك الشركات اليوم عما كانت عليه بالأمس فى حقبة الستينات ..!
إذن لم يسع نظام مبارك فقط فى فرض قانون الطوارىء لتكبيل الشعب والحيلولة دون نهوضه مثل سائر دول أمريكا اللا تينية مثلا ، أوحتى الدول الأفريقية التى باتت الآن تحترم إرادة ناخبيها فى إختيار الحاكم الذى يريد أن يحكمها أو نظام الحكم الذى ترتضى به . بل إنه وكما أسلفنا قام بتجميد العمل فى كل النقابات المهنية التى تريد أن تنهج نهجا حنى شبه مستقلا عن سلطة الحزب الوطنى الحاكم ـ والذى هو إمتداد فعلى وطبيعى للتنظيم الواحد منذ الحقبة الاشتراكية ، و بجل شخوصة ، وأبرزهم الآن مفيد شهاب رجل وأستاذ القانون الذى لم يحترم حكم القضاء الإدارى فى بطلان الانتخابات فى كل دوائر الاسكندرية ، والعديد من الدوائر الآخرى فى أنحاء الجمهورية الملكية، ثم صفوت الشريف ، والراحل كمال الشاذلى . وأظن أن هذا هو ما قصده هيكل بأن الأوضاع وحتى الشخوص لم تتغبر كثيرا فى عالنا العربى ، ومصر تحديدا ، منذ حقبة الحرب الباردة أو حتى ما قبلها
وقد إمتد خنق نظام مبارك للحريات والمجتمع المدنى الحر الطليعى إلى الجامعات المصرية ذاتها فحاصر كل من الطلاب والأساتذة أنفسهم ، وقد أطلق عليهم البلطجية و مباحث أمن الدولة ، فهل يعقل وهل يقبل أن نرضى بأن تكون تلك العقلية الإجرامية هى التى تحكم مصر الآن ، وربما يمتد حكمها أيضا للمستقبل... ؟!
دعونا نكف قليلا عن ترديد أشعار أبو القاسم الشابى الشهيرة ، وهى رائعة وصادقة لا شك فى ذلك ، لكنى أعتقد إنها لم تعد تجدى وحدها فى إستنهاض الهمم وكسر القيود ونيل أو إكتساب الحريات والديمقراطية ، وأشهرها بيت الشعر الذى يقول :
" إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد للقيد أن ينكسر
ولابد لليل أن ينجلى "
لأنه لم يعد يكفى أن يريد الشعب فقط الحياة ، ومن ثم الحريات ، حتى يستجيب القدر ، ولكنه ينبغى أيضا أن يضحى الشعب ويبذل المزيد من التضحييات من أجل نيل الحياة الحرة الكريمة . فلم يعرف على مدى تاريخ الأمم والشعوب أن حققت أية أمة مطالبها فى الحرية والإستقلال والديموقراطية بدون تضحيات ، وتضحيات جسام

                                                                 مجدى الحداد

                                                                 كاتب

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات