تنظيم القاعدة في جدلية المقاومة والإرهاب..
بقلم/ حسام الدجني
قاعدة الجهاد أو كما يطلق عليها تنظيم القاعدة هو تنظيم سلفي مسلح, راديكالي , أنشئ في أفغانستان من قبل أسامة بن لادن في سنة 1988 كتأسيس لتواجد عربي موحد ومنظم ومستقل عن الأحزاب الأفغانية. لاحقا، قامت القاعدة بالهجوم على أهداف مدنية وعسكرية في العديد من البلدان وتعتبر هدفاً رئيسياً للحرب الأمريكية على الإرهاب.
خاض تنظيم القاعدة العديد من المعارك ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان, فازدادت شعبية التنظيم, وازداد تعاطف العالمين العربي والإسلامي مع هذا التنظيم الذي حارب بجانب إخوانه المسلمين لطرد الاتحاد السوفيتي من أفغانستان.
رفض التنظيم الظلم والقهر الذي يتعرض له المسلمون في أرجاء المعمورة, وحاول أن يجتهد, فأصاب وأخطأ, ولا عيب أن يخطئ التنظيم, ولكن العيب أن يستمر هذا الخطأ, وأن يتحول الخطأ إلى خطيئة.
وقع تنظيم القاعدة في فخ المحظور, حيث تغيرت إستراتيجيته, من خلال استهداف المصالح الأجنبية في البلدان العربية والإسلامية, مما يوقع القتلى والجرحى من المدنيين العرب والمسلمين, فتتضرر مصالح المسلمين في بلدانهم, فيصبح الأمن مفقود, فيهاجر العرب والمسلمون إلى الغرب لعلهم يجدون الأمن المفقود في وطنهم, وتهاجر العقول.
أصبح تنظيم القاعدة تنظيم تكفيري بدل أن يكون تنظيم يجمع ويلم شمل المسلمين في بقاع الأرض, فمن لم يتوافق مع فكره فهو كافر ووجب محاربته.
شكل تنظيم القاعدة خلايا له في شتى أنحاء الوطن العربي, ولكن دون وضع إستراتيجية عمل موحدة, وأهداف واضحة, فاختلط الحابل بالنابل, وأصبح التنظيم يمارس سلوكا جعل الناس يبتعدون من حوله.
فهناك عشرات العمليات التي يعلن عنها تنظيم القاعدة وخلاياه في البلدان العربية والتي تحتاج إلى مراجعة وإعادة تقييم:
1- فلسطين
تفجير المقاهي, وصالونات الحلاقة, وبعض الفنادق, والمطاعم في قطاع غزة, في الوقت الذي يجب أن تكون الأولوية صوب الاحتلال.
2- الأردن
تفجيرات عمان عام 2005 والتي راح ضحيتها مدنيين وأبرياء عرب ومسلمين, لماذا؟ لوجود شخصية ما هنا وهناك؟ اعتقد أن ذلك العمل يؤثر سلبا على صورة إسلامنا الحنيف, وباستطاعة التنظيم ضرب العدو في أراضيه, فإذا كان الهدف إسرائيليا فليضرب في إسرائيل ولتحترق أراضي الأعداء.
3- مصر
ارتكبت في مصر العديد من العمليات والتي يتهم تنظيم القاعدة بالوقوف خلفها,
فما الهدف منها؟ ضرب السياحة في مصر؟ هل ضعف مصر اقتصاديا وعسكريا وأمنيا فيه مصلحة للعرب وللمسلمين؟ أم أن تكون مصر قوية موحدة آمنه هي صمام أمان للإسلام وللعرب وللمسلمين.
4- العراق
يرتكب تنظيم القاعدة في العراق أفظع الجرائم ضد السنة والشيعة, وهذا يحتاج إلى إعادة نظر وتوضيح من قيادة التنظيم؟ فمن يقتل ائئمة المساجد في العراق؟
من يفجر السيارات بالأسواق؟ الم يوجد احتلال أمريكي بالعراق؟ إذا لم يكن التنظيم خلف الجرائم التي تحدث صباح مساء بالعراق, فاليصدر السيد الدكتور أيمن الظواهري فتوى وإدانة بمثل هذه الأعمال.
المغرب والجزائر:
تفجيرات هنا وتفجيرات هناك, والهدف منها إضعاف العرب والمسلمين, والخوف هنا أن يستغل هذا الفراغ الأمني, العدو الصهيوني المتربص بنا وبقضيتنا كأمة عربية وإسلامية, بأن يغذي هذه الظواهر الغير صحية, لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية في إقليم الشرق الأوسط, وأن يستغل الغرب هذه الظواهر الجيوبوليتيكية (الإرهاب الدولي) للهيمنة والسيطرة على ثروات ومقدرات منطقتنا العربية والإسلامية.
جميع هذه العمليات أوقعت مئات المدنيين المسلمين, حيث يعتمد قادة التنظيم على فتوى (التترس) في عملياتهم, ومن لا يعرف ما المقصود بالتترس:
يعتبر مفهوم (التترس) من المفاهيم الحاكمة للعمل العسكري لدى الجماعات الإسلامية المسلحة. وقد ارتكزت الحجة الأخلاقية لقتل المسلمين الأبرياء أثناء مواجهات هذه الجماعات مع خصومها سواء كانوا من الكفار (الأصليين) ويقصدون بذلك الغرب أو بعض الدول غير المسلمة، أو كانوا من الكفار (المرتدين) ويعنون بهم الحكومات العربية والإسلامية. على هذا المفهوم الفقهي الذي يرى أن وقوع بعض القتلى المسلمين غير المقصودين بالعمليات العسكرية لا يعتبر محرما، قياسا على بعض الآراء الفقهية القديمة التي تجيز ذلك إذا كان أعداء المسلمين قد تترسوا بأسرى مسلمين في الحرب بحيث لا يستطيع المسلمون الوصول إلى أعدائهم إلا عن طريق قتل الأسرى المسلمين.
يا أحبتي أبناء هذا التنظيم, أذكركم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لو كنت غليظ القلب فظ اللسان لان انفضوا من حولك".
يجب عليكم مراعاة طبيعة وثقافة مجتمعاتنا, فديننا الحنيف لا يعرف القسوة إلا مع أعدائه, انطلاقا من قوله تعالى في سورة البقرة "لا إكراه في الدين", فالدين النصيحة لا العنف والتكفير.
اتركوا الدول العربية والإسلامية, فلا مجال لزعزعة الاستقرار بها, فالإسرائيليون يريدون ذلك فلا تكونوا أداة بيد الصهاينة, وأذكركم بإستراتيجية السيدة وزيرة الخارجية الأمريكية المنصرفة كونداليزا رايس والتي اعتمدت في سياساتها الخارجية على ما اصطلح عليه بالفوضى الخلاقة, فلا تكونوا أداة وانتم تعلمون أو لا تعلمون. عالمنا العربي والإسلامي يجب أن يتفرغ لبناء نفسه, وبناء وحدته ومقوماته لمحاربة التحديات الجسام التي تقف أمامه, مدوا يدكم إلى حكوماتكم ولتفتح صفحات جديدة ملئها الحب والوئام والبناء.
وعلى الحكومات العربية تطبيق نموذج الإصلاح الذي طبقته المملكة العربية السعودية مع أبناء هذا التنظيم, وتوفير فرص الحياة الكريمة, وعلى علمائنا وشيوخنا توضيح رأي الدين في قتل المدنيين حتى توضع النقاط على الحروف.
حســام الدجنــي
كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
التعليقات (0)