ذكرنا سابقا ان القرأن يحتوي على معضلات كثيرة تثير تساؤلات اكثر ولا يظنن جاهل اننا نتطاول على الله ونتهم كلامه بالتناقض فهذا ليس مقصودنا ابدا انما مقصودنا هو ان نثبت ان هذا الكلام ليس كلام الله وانما هو صناعة بشرية خالصة لذلك به العديد من التناقضات والاشكالات والمعضلات ، وقد ذكرنا سابقا ان تلك الاشكالات القرانية تبدأ منذ اللحظة الاولى من بداية الخلق وحتى اللحظة الاخيرة ، وذكرنا في المرة السابقة اشكالية هامة جدا في اوائل سورة فصلت وهي ان الله خلق الارض وهي مجردة نقطة صغيرة في بحر الكون اللامتناهي خلقها في اربعة ايام كاملة وبقية الكون الكبير اللامتناهي خلقه في يومين فقط ، وهذا يثبت أن المتحدث ليس الله وأنما بشرا أعطى الارض اكبر من حجمها بل أنه من فرط جهله جعلها ضعف الكون وهذا خطأ فادح جدا ، وأعتقد أن الذي ذكرناه سابقا كان أمرا جديدا ولا اعتقد أن احدا سبقنا في التحدث عنه ، الا ان ما سنتحدث عنه الان قد نوقش كثيرا من قبل وحاول البعض الرد عليه لكن دون جدوى ولم يكن هناك ردا واحدا مقنعا ، وهي معضلة اخرى حقيقية في القرأن حيث مازلنا عند بداية الخلق بل ولن نبرح نفس الايات التي ذكرناها في المقال السابق وهي الايات الواقعة في بداية سورة فصلت التي تقول قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)
ونلاحظ هنا ان الله خلق الارض وجعل الجبال رواسي ثم استوى الى السماء وهي دخان فقضاهن سبع سماوات في يومين وزينها بمصابيح أي أن جعل الجبال رواسي كان قبل خلق السماوات وكان في الايام الاربعة المخصصة للارض ، أما في سورة النازعات فالامر مناقض لذلك تماما فلنقرأ هذه الايات
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)
ففي سورة فصلت الجبال ارسيت اولا ثم خلقت السماء بعد ذلك ، أما في سورة النازعات فالامر معكوس تماما ، لأن السماء خلقت اولا ثم ارسيت الجبال بعد ذلك وطبعا لا ينفع مع هذه الايات النظام الترقيعي المسمى بالناسخ والمنسوخ الذي وضعه العلماء خصيصا للترقيع ولتغطية التناقضات القرانية وقد نجحو بالفعل بواسطة نظام الناسخ والمنسوخ بتغطية العديد من التناقضات لكن مع مثل هذه الاية لا يفيد ابدا نظام الناسخ والمنسوخ كما أن انشغال معظم الردود بالحديث عن دحو الارض وذلك للتغطية على مثل هذا التناقض الصريح لن يفيد ، لأن دحو الارض هنا ليس مشكلة في رأيي ولكن المشكلة الحقيقية في ارساء الجبال ، هل ارسيت الجبال قبل خلق السماء ؟ أم خلقت السماء قبل ارساء الجبال ؟ هنا يقع التناقض الصريح والمعضلة الحقيقية والاشكالية التي يجب الرد عليها بوضوح تام
علي سعداوي
التعليقات (0)