تمويل الانتخابات العراقية
الديمقراطية لا تستورد وإنما تبنى بإرادة الشعوب وتجردهم من الدكتاتورية والتي هي جزء من مكون الإنسان بسجيته.
وهذه المسماة بالديمقراطية والتي تعني كما هو معروف منع الاستبداد ومشاركة الناس في إدارة شئون الدولة ومواردها واحترام العقل والمعتقد والاعتراف بحق الآخر ووجوده والتحاور معه للأفضل.
وأن يكون له دور في اختيار حاكمه ونظام حكمه، في مقابل ذلك كان هناك النظام التيوقراطي أي الحكم الديني حيث الحاكم يستمد سلطته من الله أو الآلهة ويحكم باسم هذه القوى وعلى الشعب أن يطيع ولا يتمرد لأن في مخالفة الحاكم مخالفة لله والعياذ بالله.
لا توجد بقاموسنا العربي كلمة مطاط تستوعب الكثير من التفسيرات مثلها ، فاعتقد إن من سوّقها إلينا أو أراد في يوم من الأيام أن نطبقها لم يكن يريد أن تكون ديمقراطيتنا تهدف إلى القضاء على دكتاتوريتنا التي نعطيها إلى حكامنا على طبق من ذهب حتى لو لم يكن الحاكم يرغب بها يوماً على سبيل الفرض لأن ذلك والحمد لله فرض.
واليوم نحن في العراق العظيم نسعى لبناء الديمقراطية!!!
وثقتنا بالعراقيين الاصلاء الحاكمون على ذلك، فقد وعِدنا منهم وهم يمثلون الإسلام السياسي كما نعرف كوننا نحن في العراق شعب يمثل الإسلام فيه أكثر من 90% من مكون شعبه وأساس هذه الأحزاب ومؤسسيها هم أناس ثقاة باعوا أنفسهم وأهليهم من اجل الدين والوطن ليكونوا جسر فيما بعد لعراق حر مزدهر، فشخصيات الوطن العراقي المجاهدة كثيرة لاتعد ولا تحصى وهم من وضع العراق نصب عينه بلا طائفية أو تفرقة أو طلباً للحكم والسلطة وإنما تطبيق ما أراده الدين من تطبيق للتسامح والعدالة الاجتماعية بين الكل ولافرق بين عربياً واعجمياً إلا بالتقوى وبعد سقوط اعتى نظام دكتاتوري على وجه البسيطة في العراق وتسلم الحكم فيه إلى الأحزاب الإسلامية وهو ماكان مطلبنا في يوم من الأيام ، بدأنا نتسائل :
هل نحن أردناها هكذا؟
هل هم ما أردنا؟
هل نحن نحن؟
أو هل هُم هُم ؟
علامات استفهام كثيرة صدمنا عندما حاولنا الإجابة عليها وتوضيح الشيء المشوش الرؤية لدينا فيها ، فمن مسك السلطة العراقية وبإرادة الشعب الذي لم يكن له البُد بذلك لكي يتخلص مما وقع فيه من مآسي لاتعد ولا تحصى ، فعندها هرب الشعب العراقي إلى من يعتقد انه المنقذ من الضلال والضلالة، ولكنه نسي إن الإسلام السياسي يختلف عن غيره بكونه لا يقبل المساومة على المبدأ وهذا ديدن الدين وبالتالي فمن يحمل هذا الاسم يلتزم بمحتواه، فكنا كمن يطلب الماء في الرمضاء في الصحراء!!!
فما كان الإسلام سوى شعار لمصيدة كبيرة استطاعوا بها أن يصطادوا الشعب ذو النية الحسنة ، ولكن هيهات فلو تُركَ القطا ليلاً لناما والقانون الوضعي لا يحمي المغفلين ، ومرة أخرى يحاول من تسلق على أجسادنا أن يدوس عليها من جديد ليبقى بما هو فيه من دكتاتورية ديمقراطية جديدة النوعية على العالم اجمع ،فتارة نجد الدعاية الإعلامية الضخمة التي يهدفون بها إشباعنا بالضجيج الموعود من باب إن (غوبلز) كان شديد الذكاء بكذبه المتكرر من اجل أن يصدقه الناس مكرهين.
وهناك سؤال يجب أن يلتفت إليه من يريد أن يقابل ربه بوجهٍ حسنْ ، فالله يوم القيامة سيُلقي الحجة علينا ويسألنا عن كوننا مخيريين ! ماذا اخترنا؟ ولماذا؟
سنقول له اخترنا إسلاميين جربناهم في فترة من الفترات وفشلوا !!!؟
نعم فشلوا نعم فشلوا نعم فشلوا.
فالإسلام لا يقول أن تُغلِب اهلك ومحسوبيك على باقي الرعية، والإسلام لم يقل أن نقتل ونغتال من ينافسنا على الحكم، والإسلام لم يقل أن الهدف هو الكرسي وليس خير الرعية ، والإسلام لم يقل لنا إن أموال الناس والرعية هي ملك للحاكم يتصرف بها بما يشتهيه فيقرب فلان بها ويبعد فلان بها ويُعلم الآخرين الولاء للمادة وليس للدين والوطن، فبأسم الإسلام أتسائل من أين لحكامنا الإسلاميين بكل الطوائف والمذاهب والملل ما نراه من ماكينة إعلامية ضخمة تدعوا لهم وكأنهم الغيث الذي نزل علينا بعد عقود من الظمأ، وكأنهم هم البناة الذين لولاهم ما أوينا تحت سقف ، وكأنهم هم الرعاة الذين بعدهم يتامى.
ما هذا ، كيف هذا، ويح هذا ، إلى متى هذا؟
والله سئمنا ويجب كسر القيد الذي علق برقابنا، فمن أين لهم مالهم من أموال يصرفونها على فضائياتهم وأزلامهم وأهليهم هل المال الذي يحصل عليه من كده؟ أو هو من عرق جبين العراق؟؟؟
من أين لهم بعد إن كانوا يستدينون ثمن تذاكر الوصول إلى العراق بعد سقوط النظام ... من أين لهم بعد أن كانوا أناس مثلنا لا يملكون سوى ما نملكه؟
فكر أيها العراقي بمن تريده أن يحكمك فكر ألف مرة فإن الله سيحاسبك بعد أبنائك ، وسيقول لك لماذا أوصلت دكتاتور سارق مجرم إلى الربوض على أنفاسنا... لماذا.
كاتب المقال
حيدر طالب الأحمر
أستاذ جامعي
التعليقات (0)