كان النظام السابق ومعه كتبته يحتكرون ويضمون ما يُعرف بإسم "الأغلبية الصامته" من الشعب المصرى إلى صالحهم دونما أخذ رأى تلك الأغلبية ، لقد خصخصوا تلك الأغلبية لأنفسهم وكأنها قطعة أرض أو شركة وبذلك تخيلوا أنفسهم أكثرية ، وكانوا يطلقون على معارضيهم الشرفاء أنهم "قلة مندسة" .
وبعد أن بدأت الثورة المصرية قالوا فى البداية أنهم عشرات من المتظاهرين حتى أن رئيس مجلس إدارة أكبر صحيفة مصرية قال بعد منتصف ليل 25 يناير أن المتظاهرين ( 200 وشوية لغاية ما وصل عدد المتظاهرين 600 فرد وشوية ) ، وبعد أن بدا واضحاً حجم المتظاهرين بدأ هؤلاء المبرراتيه يقولون " ميدان التحرير ليس مصر " وكلامهم حقيقى لو قاموا بأخذ رأى المصريين بكل حيادية بدلاً من إلحاقهم قسراً فى طابورهم الخامس ، وهؤلاء لا يعلمون أن المشكلة ليست فى العدد ولكن فى مشروعية وعدالة المطالب التى يرفعها هؤلاء المتظاهرون ، فهل لأنى لم أذهب لوقفات إحتجاجية مع أسرة خالد سعيد حتى يتم محاسبة قتلته فأنا لست متعاطفاً معه ؟! .
وبعد أن قامت الثورة قامت فئات وجماعات مُختلفة بمحاولة السطو على الميراث الوهمى للنظام السابق وأصبحوا يضمون رأى"الأغلبية الصامته" قسراً ليوافق آراءهم ، فجماعة الإخوان وما يُسمى بالسلفيين ومعهم فلول الحزب الوطنى نظروا لمن قالوا نعم فى الإستفتاء على أنهم معهم وإنتفخت أوداجهم لذلك ولم ينظروا إلى أن مطالب الشعب متمثلة فى سرعة الإنتهاء مع تحقيق مطالب الثورة هو هدف كل المصريين ورأوا أن القول بنعم هو الأفضل من وجهة نظرهم ، وها هم متظاهرو جامع مصطفى محمود الموالين للنظام السابق يحتكرون الحديث بإسم "الأغلبية الصامته" ويعيدون القول بأن ميدان التحرير ليس مصر كلها ، ودخل ميدان روكسى على الخط حيث خرج عشرات من المصريين لمناصرة المجلس العسكرى وكأن ميدان التحرير هو العدو للمجلس العسكرى ، وها هى إحدى المتظاهرات من ميدان روكسى تقول ( إحنا جايين النهاردة علشان إحنا بنمثل الأغلبية الصامته ) ! .
لقد قرأنا تصريحاً لأحد قادة المجلس العسكرى يتحفظ فيه على منافقة البعض للمجلس العسكرى ، والواضح أن المُستفيدين ومن كانوا ينافقوا أو "يلعبوا" مع النظام السابق بدأوا فى نفاق المجلس العسكرى و"يلعبوا معه" بصفته يمسِك مؤقتاً بزمام الأمور فى مصر ، وبدأ بعض المنافقين ـ وليس اللاعبين ـ من هؤلاء يدعون المجلس العسكرى ويُحفزونه على تولى الحكم وبدا هذا التحفيز واضحاً فى توجهات بعض الصحفيين وبعض القنوات المشكوك فى توجهاتها ، ونعتقد أنه لن يكون هناك معارضة خارجية لذلك التوجهه ـ إن حدث ـ وبخاصة من واشنطن وحليفتها إسرائيل .
إن التباطؤ ـ ولن نقول التواطؤ ـ فى تنفيذ مطالب الشعب المتطابقة مع مطالب الثوار هو الذى سيؤخر الإستقرار الإقتصادى فى مصر ، فالإقتصاد هو الآله الجهنمية التى سوف يستخدمها أعداءنا لكى يخنقوا بها مصر وغيرها من الدول العربية الثائرة الآن وكما قال "مارك مالوك براون" وزير الدولة السابق فى بريطانيا فى مقالته المنشورة بالشروق المصرية 16/7 (( يمكن للمال أن يتحدث عندما تراوغ السياسة )) .
التاريخ الذى إستهزأ منه الرئيس المخلوع المتكبر عندما طالبه البعض بعمل إصلاحات حقيقيه حتى يدخل التاريخ فرد عليهم قائلاً " أنا لا عايز أدخل تاريخ ولا جغرافيا " ولم يتحقق مطلبه لأنه دخل التاريخ من أسوأ أبوابه ، ولكن أمام المجلس العسكرى المصرى باب التاريخ واسعاً وينادى فيهم وطنيتهم بأن يحققوا مطالب الشعب ، والشعب لن يستنكف ولن يرفض وسوف يرفع راية (( ثورة مصر تجب ما قبلها لكل من ناصرها ونصرها )) .
التعليقات (0)