هذه الفضائية أو تلك، وهذا الإعلامي أو ذاك، وهؤلاء الكتاب المستكتَبون أو أولئك، وتلك المطبوعة أو هذه، وعشرات من ذوي النفوذ والمرتبات والرواتب والرتب، ومئات الضالعين في هذه المخططات والخطط التي تستهدف كل ديار العروبة، وآلاف المستفيدين من الراقصين على كل الحبال، وآلاف اللاهثين خلفهم ممن يحاولون اللحاق بهم، وآلاف من السابقين، وآلاف من اللاحقين، وآلاف من الزاحفين الذين وضعوا تحت الاختبار.. كل هؤلاء وأولئك، ومن هم على شاكلتهم من المرتزقة الذين تغص بهم هذه الديار، وتضيق بهم كل الشوارع والأزقة والطرقات في كل مدن هذا العالم العربي، وفي كل بلداته وقراه ومضارب خيامه، كل هؤلاء وأولئك، وكل هذه الأدوات وتلك لا تريد إجراء هذه الانتخابات، ولا تريد الإصلاحات، ولا تريد أن يستتب الأمن، ولا تريد للحياة الطبيعية العادية أن تأخذ مجراها بأي حالٍ من الأحوال، وكل هؤلاء وأولئك من الضالين المضلين المضلَّلين المضلِّلين يجزمون ويقطعون ويتوقعون ويتنبأون ويستنتجون ويفكرون ويقدّرون ويستنبطون ويؤكدون ويبشرون بقرب انهيار هذا النظام الذي طغى وبغى واستبد بالأبرياء والضعفاء في طول البلاد وعرضها!! كثيرٌ منهم توقعوا انهيار هذا النظام قبل مدة طويلة، وكثيرٌ منهم أقام المخيمات على الحدود لاستقبال اللاجئين المفترضين قبل مدة من إشعال نيران هذه الفتنة العمياء التي أرادوا منها وبها ولها إحراق وجه البلد، وإحراق زراعته وصناعته ومؤسساته وإنسانه، وإغراق كل ربوع هذا البلد بالدماء.. وكثيرٌ منهم قبض مقدمًا ثمن مجهوداته والتزاماته وتعهداته بإسقاط النظام في مدةٍ أقصاها عشرة أشهر، لتصل قيمة ما قبضه عشرة ملياراتٍ من الدولارات.. وكثيرٌ منهم راح يقتل النساء والأطفال والضعفاء والأبرياء والبريئات، وراح ينكل بالناس بشتى الوسائل والطرق والأساليب، ويلصق كل هذه الكبائر والموبقات بالنظام، وكل شيءٍ بحسابه، وكل عمليةٍ بثمنها، وكل جريمةٍ ولها سعرها، وكل تفجيرٍ وله سقفه الذي يرفعه الممولون في كل يوم، وعند كل عمليةٍ جديدةٍ، وصفقةٍ جديدةٍ، وتفجيرٍ جديد.. والهدف هو إشاعة الرعب والفوضى والخوف في البلاد، والهدف أيضًا إهلاك الحرث والنسل، والهدف كذلك ترويع الأهالي وتخويفهم وإجبارهم على محاربة هذا النظام الذي يستبيح دماءهم وأعراضهم وكرامتهم.. ولما أيقن كل هؤلاء أن كل أساليبهم مكشوفة، وأن كل وسائلهم ودسائسهم مفضوحة، وأن كافة الفضائيات الكاذبة المأجورة قد افتُضح أمرها، واكتشف الناس مدى كذبها وتزويرها وافتراءاتها، ولما أيقن كل هؤلاء أن الغالبية العظمى من الناس ضدهم، وأنها مع هذا النظام الذي ما تخلى يومًا عنهم، وأن كافة أحرار البلاد، وكافة شرفائها وقواها وشرائحها الوطنية والقومية والاجتماعية والسياسية والفكرية قد اختارت منذ اللحظة الأولى الوقوف إلى جانب هذا النظام الذي يحاربه هؤلاء وأولئك خدمةً لتلك الأطراف المعادية، لأسبابٍ نعرفها ويعرفونها وتعرفها الدنيا كلها، ولما أيقنت كل هذه الأدوات أنه ليس في مقدورها مواجهة هذا النظام بجيشه وشعبه وقواه ومؤسساته ووحدته الوطنية، وإعلامه الناضج الواعي بدقته وأمانته وقدرته على التصدي للأكاذيب، وبلاغته في الرد على كل الفبركات والألاعيب، وقدرته الفائقة على إطلاع المشاهدين بالصوت والصورة على كافة الأماكن التي تزعم فضائيات الفتنة والكذب والدسيسة أنها مسرحٌ للتظاهرات ضد النظام، ووضع المشاهدين في سائر بقاع المعمورة أيضًا في صورة الأحداث الحقيقية، وتسليط الأضواء أيضًا على ملايين المواطنين المؤيدين للنظام في كافة الميادين والساحات العامة المنتشرة على طول البلاد وعرضها، وعندما أدركت كل هذه الأدوات أيضًا أنه ليس في مقدورها مواجهة مؤيدي هذا النظام في الداخل، والمتعاطفين معه في كل أقطار الجوار، لأسبابٍ يعرفونها ونعرفها وتعرفها تلك الأنظمة وتلك الأدوات، ولما أيقنوا أن البلد عصيٌّ على الكسر راحوا يصرخون ويستنجدون ويستغيثون مطالبين بالأسلحة والتسليح، وراحوا يصرخون مطالبين بالتدخل العسكري الدولي لإنقاذ الشعب من هذا النظام الدموي الذي يستبيح دماء الناس! بل لقد بلغ الأمر بأحدهم أن يستعين بحلف الناتو الذي هو أحد أعضائه لحمايته من ذلك النظام الذي بات يشكل أشد الأخطار عليه!! لقد بلغ اليأس بهم مبلغه، صحيحٌ أنهم سفكوا الدماء، وخربوا كثيرًا من مؤسسات البلد ومنشآته واقتصاده، وصحيح أنهم أربكوا البلد، ونشروا الفوضى وسلبوا ونهبوا وقتلوا واغتصبوا وأشاعوا الرعب والفوضى والفزع والهلع والاضطراب.. ولكن صحيح أيضًا أن الوحدة الوطنية، والشعب الملتف حول قيادته، والجيش المتماسك الذي أصر على حماية الوطن، ووِقفة سائر أحرار أقطار الجوار إلى جانب ذلك النظام المساند لتطلعات الشعوب، المؤيد لحقها المشروع في المقاومة والممانعة والوقوف في وجه كافة المشاريع المشبوهة في كل ديار العروبة، مضافًا إليها مواقف الأصدقاء في مجلس الأمن، ومواقف الأحرار الشرفاء في كل أقطار هذا العالم، ومضافًا إليها مواقف الشرفاء الأحرار في تركيا نفسها، ومضافًا إليها كل خطوات الإصلاح التي بدأ هذا النظام بتنفيذها قبل سنوات.. كل هذه الأسباب، وأسبابٌ أخرى غيرها لا يعلمها إلا العارفون بطبيعة هذا الشعب العربي السوري، وكافة شعوب بلاد الشام في الأردن وفلسطين ولبنان من أقاصي لواء الإسكندرون العربي شمالاً إلى أقصى جنوب قطاع غزة في رفح كانت السبب في فشل هذه الفتنة العمياء الهوجاء التي أثارها كل أولئك وهؤلاء، وكانت السبب في فشل هذه الخطط والمخططات التي استهدفت هذا القطر العربي السوري، واستهدفت أيضًا عروبة لبنان وفلسطين، وخططت منذ زمن لإقامة المشاريع المعادية على كل أرض العرب.
منذ أكثر من عام قال بعضهم إن هذا النظام سيسقط، ومنذ أكثر من عام قال كثيرٌ من المراقبين السياسيين والعسكريين، وكثيرٌ من الخبراء المطلعين على بواطن الأمور إن تلك هي أمانيُّهم، وإن تلك هي رغبة أسيادهم ومموليهم، وإن هذا النظام لن يسقط، وإن هذا النظام سيخرج من هذه الفتنة الهوجاء العمياء أكثر صلابةً، وأشد عودًا، وأمضى عزيمة.. وهذا ما حصل.. واليوم يقف الشعب التركي إلى جانب الأشقاء العرب السوريين، ويُنحي الشعب التركي بكافة أطيافه ومكوناته باللائمة على حكومة أردوغان لاعتدائها الآثم على سوريا والسوريين، ولوقوفها إلى جانب العدوان على كل بلاد الشام التي كان أردوغان حتى عهدٍ قريب يدّعي مناصرتها ومؤازرتها والوقوف إلى جانبها!! واليوم أيضًا يقف شعب فلسطين في الجليل والمثلث وفي سائر الأرض الفلسطينية وفي الشتات كما يقف مليون فلسطيني ممن يقيمون في سوريا إلى جانب الأشقاء السوريين، كما تقف الغالبية الساحقة من اللبنانيين والأردنيين، والغالبية الساحقة من العرب أيضًا إلى جانب هذا النظام الذي لم يهِن، ولم يهُن، ولم يخُن، ولم يفرط بالثوابت، ولم يستسلم للإملاءات، ولم يبع استقلال سوريا، ولم يتآمر على حقوق اللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين والعراقيين والعرب جميعًا في العيش بأمنٍ وأمانٍ وحريةٍ واحترام واطمئنان.
وفي هذا اليوم أيضًا يتوجه نحو خمسة عشر مليونًا من العرب السوريين إلى صناديق الانتخاب لاختيار أعضاء مجلس الشعب السوري الذي سيضم ممثلين لعشرات الأحزاب والقوى والهيئات والتكتلات في سوريا إضافةً للمستقلين الذين ينتشرون على خريطة الوطن كله.. يتوجه اليوم أبناء فارس خوري، وإبراهيم هنانو، وسلطان باشا الأطرش، وصالح العلي، ويوسف العظمة، وعبد الرحمن الشهبندر، ومصطفى السمان، وشكري القوتلي، وكافة مناضلي سوريا وثوارها وأحرارها على اختلاف أسمائهم ومسمياتهم وأطيافهم كلٌّ باسمه لانتخاب مجلس الشعب الذي قد يكون فاتحةً لانتخاب مجلس بلاد الشام أسوةً بمجلس علماء الشام الذي تم تشكيله في دمشق قبل بضعة أسابيع، والذي قد يكون فاتحةً لعهدٍ جديد ترى فيه النور وحدة بلاد الشام من أقصى شمال الاسكندرون حتى ذلك الدكان ذي البابين الذي كان يتوسط المسافة بين رفح الفلسطينية والمصرية، فبابه الشمالي يدخله المسافرون إلى مصر، وبابه الجنوبي يعبره المسافرون إلى فلسطين.
أما هذه الفضائيات، ووسائل الإعلام، وأما أولئك الإعلاميون والمستكتَبون الذين باعوا أنفسهم وأقلامهم، والذين لا يروجون إلا للفتنة والوقيعة والفرقة والفساد والشقاق والانشقاق والتزوير والتدمير والتعهير وخدمة الأسياد والترويج لأفكارهم وأجنداتهم وخططهم ومخططاتهم وثقافتهم، فيكفي أن نقول لهم: خسئتم، فسوريا بخير، والعرب بدونكم بخير، ولن يكون ما تريدون، ولن يكون إلا ما يريده الأحرار الشرفاء العرب العروبيون في بلاد الشام، والشرفاء الأحرار العرب العروبيون في العراق، والعرب العروبيون الأحرار الشرفاء الذين يطالبون بوحدة عراقية شامية تمهيدًا لوحدةٍ عربيةٍ شاملةٍ كبرى فوق كل أرض العرب ولو كره الكارهون.
التعليقات (0)