كعادته معهد اللغة العربية و آدابها بالجزائر العاصمة، يقيم ورشات سنويا لتكريم الأدباء و الشعراء و الأقلام المتميزة ، احتفى المعهد هذه السنة 2009 بتكريم الأستاذ الدكتور الروائي المتميز واسيني الأعرج بتنظيم ورشة أدبية خاصة تتناول أعماله الروائية ، طاقم المعهد الذي حضّر العملية تكون من رئيس الشعبة الدكتور علي ملاحي و المشرف المباشر للورشة الدكتور عبد الحق بالعابد و الدكتور أحمد منور.
ولذلك شهد معهد اللغة العربية و آدابها بحضور الروائي واسني الأعرج والدكتور الشاعر علي ملاحي الذي قدم كلمة بالمناسبة رحب فيها بالروائي و نوه بأهميته و فضله و اعتزاز الأدب الجزائري به ، كما حضر الورشة الدكتور الشاعر بن يوسف جديد و الأستاذ الروائي محمد ساري و طلبة قسم الماجستير (شعبة الدراسات الأدبية ) و حضر الجلسة القاص المبدع مسعود غراب و الشاعر المبدع أحمد عبد الكريم ، و قد حظيا بلقاء الدكاترة و الأساتذة و الأصدقاء و الطلبة ، و حضر جمع من طلبة المعهد بالإضافة إلى الإعلاميين ، تمّ نشاط الورشة يوم الخميس 18 جوان 2009 و لمدة خمس ساعات على التوالي مداخلات أدبية أكاديمية خاصة بروايات الروائي واسيني تحت عناوين مختلفة أعدها طلبة الدراسات العليا ، أدار الورشة و نسقها الدكتور عبد الحق بلعابد الذي افتتح الجلسة و عرض أهمية الورشة وما تم إنجازه خلال ست سنوات باعتبار هذه الورشة الدورة السابعة كإنجاز أدبي مهم و مكسب له أهميته الأدبية و العلمية و الحضارية والتاريخية و إرث للمعهد ، ثم عرض جدول هذه الورشة و هي عشر مداخلات قدمها الطلبة :
المداخلة الأولى الطالب/ السعيد موفقي
المداخلة الثانية الطالب / بشير ضيف لله
المداخلة الثالثة الطالبة/ صراح سكينة تلمساني
المداخلة الرابعة الطالبة/ فاطمة الزهراء باربارة
المداخلة الخامسة الطالبة/ فاطمة غادير
المداخلة السادسة الطالب/ أحمد مساوي
المداخلة السابعة الطالب/ طه حسين بن عاشورة
المداخلة الثامنة الطالب/ بشير بلعيد
المداخلة التاسعةالطالب/ محمد جودي
المداخلة العاشرة الطالب/ عبد الرحمن وغليسي
و كانت الكلمة مرة أخرى للروائي واسيني الأعرج الذي رحب بدوره بالحضور و أبدى سعادته بهذا العمل واستعرض أهمية الورشة و دورها الأكاديمي الذي يعتبره أكثر من مجرد تكريم للمبدع أو الباحث من خلالها و جملة من المنجز الثقافي و التاريخي و الأدبي و العلاقات التي يشكلها الإبداع بشكل عام ، يعد ذلك عملية تأسيسية و تأصيلية للذات و مواجهة الواقع و التاريخ و تصحيح المفاهيم .
المداخلات التي قُدمت كانت مصنفة حسب موضوعاتها و المناهج التي تناول بها الطلبة هذه الروايات ، و عقب كل مداخلة طرح الطلبة جملة من الأسئلة ذات الانشغال الأدبي و النقدي و الفلسفي و التاريخي .أهمها تمحور حول ظاهرة الحس الشعري في رواياته بشكل عام وبهذه المناسبة كشف عن محاولاته الشعرية تأكيدا على ممارسته للشعر ، و لم يبخل بتفاصيل أخرى ، من أهم أسراره و مكوناته في الطفولة خاصة وعامل التكوين الثقافي و المحيط المدرسي ، وأسئلة أخرى تمحورت حول مجموع الروايات و السياق الإنساني و التاريخي الذي نسجت على منواله مشاريع الروايات خاصة تلك التي كتبت في العشرية الأخيرة و سيطرة المحيط الجديد على الواقع السياسي و الفلسفي و علاقة توظيف التاريخ و الموروث الإنساني و الفني العربي و الغربي على وجه التحديد و علاقته بالمحنة الإنسانية
و في هذا السياق أجاب الروائي عن مجموعة أسئلة أخرى تتعلق بظاهرة المعتقد الديني و فسيفساء التنوع الطقوسي و ممارسته لدى مختلف الشعوب على اختلاف مللها و نحلها ، وأهمية المشاركة الحضارية الإنسانية المتنوعة في بناء مشروع الإنسانية الذي لا يزال يحبو و عثراته كثيرة سياسيا و ثقافيا بالمقارنة ما استجد في الغرب و الحراك الفكري و عامل الترجمة الذي ساهم في دفع دواليب الريادة الحضارية المعاصرة التي تتجه مرتكزاتها إلى الآخر و اهتمامه المتوازي مع التقدم التكنولوجي و سيطرة الذات الجديدة على زمام الأمور من حيث دينامكية الأفضل و الأقوى و الأعلم و الأبقى ...و لم تخل الأسئلة الموجهة للروائي من صراحة حول متن الرواية لديه و الخط الذي سارت عليه لعقد أو عقدين بالقدر الذي كانت فيه إجاباته أكثر صراحة ووضوحا ، الرجل يملك مخزونا معتبرا من الأدوات المختلفة ، ناهيك عن الأرشيف الذي يستند إليه ، ويستمد مادته من الآداب العربية و الأجنبية ، القديم و الحديث مما يعني طول الرحلة التي قضاها الرجل في البحث عن الحقيقة و الوقوف عند حدود القضايا الشائكة الكبرى ، تعتمد الطرح العالمي و الإنساني من وجهة نظر فلسفية التي تدعو إلى بناء نموذج بشري بعيدا عن الادعاءات وتكريس النرجسية الذاتية التي كانت من وراء فشل الفرد و المجتمع في كثير من المتجمعات و حاجة المجتمعات العربية إلى استخلاص العبر من الداخل و الخارج ، و من بين أهم ما تعرض له الروائي في إجابته عن أسئلة الطلبة ظاهرة أدب المحنة في الجزائر ، إذ اعتبر حجم المسألة بأنّه ليس سهلا ، نظرا لارتباط الظاهرة بجملة من العوامل بدءا بالتاريخية و العلاقات الإنسانية الهشة ، و تخلخل الوعي و اهتزاز المعمار الحضاري على مستوى البناء الفكري و الثقافي و الاجتماعي ، و اعتبر ظاهرة توظيف المدينة لاعتبارات فلسفية و إنسانية و فنية يساعد على معالجة الواقع في مختلف صوره و من خلال المدينة الافتراضية كما قال الروائي يمكن طرح الانشغال الحقيقي لمعاناة الإنسان في ظل تراكمات و تناقضات على امتداد سلسلة من الأحداث في تاريخ الجزائر و العوامل المختلفة التي ساهمت في تكريس هذا الاختلال ، و لم ينس الروائي تنويهه للروائي الكبير الطاهر وطار على ما بذله في هذا المجال و فضله في العملية التأسيسية لكثير من المرتكزات الفنية و التاريخية في الرواية الجزائرية ، و لم تخل الجلسة من طرف و ملح أبداها الروائي في سياق حديثه ، و كان حضور الدكتور أحمد منور مهما في طرح سؤال حول رواية الأمير و المشروع السينمائي الذي يعتقد أنّه مبرمج و ليس هناك توضيحات حوله ، كانت توضيحات الروائي واسيني الأعرج واضحة و أنّ المشروع لم يتم بشكل رسمي في انتظار قرار نهائي باعتبار رواية الأمير أحد أهم المشاريع الروائية الضخمة و المهمة في تاريخ الرواية الجزائرية ، الجلسة كانت حميمية جدا و علمية أدبية بشكل ملفت و رائع ،بهذا استطاع الطلبة انتزاع انطباع الروائي بامتياز الدفعة و اعتبارها مجموعة مختلفة ومتميّزة جدا و هذا ما أكده الطاقم الأكاديمي أيضا ، الذي أشرف على تدريس هذه الدفعة ، و كان لابد من التقاط صور تذكارية مع الدكتور الروائي واسيني و مجموع الأساتذة و طلبة الدفعة.
الشكر كل الشكر لمعهد اللغة العربية و آدابها على ما بذله من جهد لإنجاح تجربة هذا العام و الشكر و التقدير للدكتور عبد الحق بلعابد الذي قام بدور المنسق واستطاع أن يصنع الحدث بشكل متميّز، دون أن ننسى شكر الطلبة الذين بذلوا جهدا معتبرا ، النجاح و التوفيق للجميع
التعليقات (0)