تقييم المجتمع
سنقوم في هذه المقالة التي ستكون بداية لسلسلة مقالات اجتماعية هادفة بمناقشة للطريقة الصحيحة في تقييم المجتمعات المعاصرة
بداية : المجتمع كما نعلم يمثل أحد المستويات المكونة لهرم الحياة البشرية ، وهو بأبسط تعريف مجموعة الأفراد في زمان ومكان محددين وتربطهم صفات مشتركة كالوطن والقومية والدين
تختلف المجتمعات فيما بينها باختلاف الإنتاج الاجتماعي لها ، والذي يعرف بأنه حصيلة مجموع إنتاج كامل الأفراد ضمن هذا المجتمع
يمكن أن يتفوق مجتمع على غيره في مجال حياتي محدد ، نذكر على سبيل المثال لا الحصر التفوق التكنولوجي المشهود للمجتمع الياباني
كما تختلف المجتمعات فيما بينها بنظريتها لقيمة الإنتاج الاجتماعي ، فالبعض يعتبر القيمة الأخلاقية أهم قيمة انتاجية داخل المجتمع ، والبعض الآخر يرى أن النتاج الثقافي الفكري يأتي على رأس الأولويات في المجتمع ، بينما يرى البعض أن الإنتاج التقني المتسارع له الدرجة الأولى في المجتمع
ولكن بشكل منطقي فإن المتوسط الجبري لمجمل الإنتاج الاجتماعي في جميع القطاعات الحياتية لمجتمع ما هو المعيار المحدد لقيمة هذا المجتمع وترتيبه في قائمة المجتمعات البشرية
في الواقع لا يمكن المساواة بين القيم الإنتاجية لقطاعات الانتاج المختلفة أو اعتبارها متناظرة في التأثير داخل المجتمع
فإذا مثلنا مجالات الحياة بيانيا على أنها قطاعات مختلفة المساحات على دائرة الحياة الكاملة نجد أنه كلما كان تأثير القطاع ضمن الحياة أكبر كلما كانت مساحته البيانية على دائرة الحياة أكبر
بالنتيجة : فإن هذه المناقشة العقلية تدفعنا باتجاه مفهوم واضح ومعيار سليم للتقييم العلمي والمنصف للمجتمعات البشرية وهو أن التقييم الصحيح يجب أن يرتكز على نظرة أفقية ونظرة عمودية للمجتمع
تناقش النظرة الأفقية مدى شمولية الإنتاج الاجتماعي لقطاعات إنتاجية أكثر ضمن دائرة الحياة الاجتماعية ، فعلى سبيل المثال بعض المجتمعات يشمل إنتاجها 60 بالمئة من مجمل القطاعات الإنتاجية بينما بعضها الآخر يشمل 90 بالمئة وهكذا
أما النظرة العمودية فتناقش حاصل الإنتاج الاجتماعي ضمن كل قطاع إنتاجي على حدا ، وبالتالي تحدد مدى تفوق المجتمع في كل مجال من المجالات الحياتية المختلفة
نستنتج من هذا النقاش أن القيمة الحقيقة للمجتمع وترتيبه الصحيح ضمن قائمة المجتمعات المعاصرة تعتمد على هاتين النظرتين (الأفقية والعمودية) معا ولا يجوز اعتماد إحداها فقط وإهمال النظرة الأخرى
نهاية : لا بد من أن نعلم أنه من الأعراض المبكرة للسذاجة الفكرية التي يعانيها الكثير أن يتم تقييم مجتمع ما بأنه الأكثر تقدما وتحضرا تحت تأثير تفوقه التقني مثلا مع التغاضي عن التردي الأخلاقي المتفشي داخل هذا المجتمع
التعليقات (0)