هذا موضوع عن الاسكندرية الجميلة، لقد زرتها العام الماضي ولاحظت هذه الظاهرة التي يتحدث عنها التقرير.. للاسف فعلا المتأسلمون يريدون قتل الحب وقتل كل الاشياء الجميلة.. ولا يتورعون عن الابتذال في كل شيء معتقدين ان الله سيكافئهم بالجنة وحور العين .. هناك صور معبرة عن الموضوع لكن اضافتها تتطلب وقت يمكنكم مشاهدتها في الرابط الاصلي للموضوع
إنت بتخاف من الحكومة، الحكومة بتخاف منك
كورنيش الاسكندرية: التنافس على كتابة الشعار السلفي والليبرالي
مريم سيف- جدار
17/11/2010
تفاعل الحراك السياسي، الذي أثر فيه ظهور الدكتور محمد البرادعي ودعوته لتغيير النظام السياسي المصري، احتضنه كورنيش الأسكندرية عبر كتابات شبابية على مصدات أمواجه وجدرانه وحتى أرضيته.
تحول كورنيش الأسكندرية إلى متنفس للتعبير السياسي والثقافي الهامشي، وتحديداً في المسافة الواقعة بين الشاطبي ورشدي والتي توفر أوضاع مناسبة للكتابة بالرش أو بالحفر على مصدات الأمواج الخراسانية الواقعة على ممشى واسع يؤمه السائرون طوال أربع وعشرين ساعة.
وأصبحت الصخور الاصطناعية الخراسانية المستخدمة كمصدات للأمواج، مكاناً للتعبير عن الأزمات الشعبية مثل أزمة اختفاء الحشيش من الأسواق المصرية وارتفاع ثمنه إلى مستويات غير مسبوقة لأول مرة في التاريخ المصري كما عبرت عن ذلك الصحافة المصرية، فكانت الشعارات باللون الأحمر التي تواجه السائر من قبيل: أين الحشيش، مصر بحبك حتى لو مفيكش حشيش..
اكتسى كورنيش الأسكندرية، في وقت سابق، كفضاء للممارسة العامة المدنية، طابعاً دعائياً سلفياً عبر مئات الشعارات المطبوعة على جدرانه ومصدات الأمواج، ولفرط الابتذال قال بعض نشطاء التيار الإسلامي لـ جدار إنهم يشعرون بالامتهان الروحي وليس بنصرة الدين أو الحماس للفضيلة، فأن تجد(صلى الله عليه وسلم) أو(الله أكبر) على صخرة تنتهي بالقاذورات وآثار التبول والتبرز لهو شيء منفر، عديم الذوق والإحساس، فبدلاً من أن ترفع اسم الله ومقدساته فإنك بذلك كمن يلقي بها في مقالب القمامة. وهو مشهد يتكرر بالفعل في تلك الأماكن، على الجدران والحاويات، في العديد من أحياء المدينة، وليس على الكورنيش وحده.
هل يصبح الوضع على هذا النحو مبرراً أو مقبولاً لأجل " تقويم وإصلاح المجتمع" كما يزعم أصحابه أم أنه لايراعي سوى هدفه وهو سيادة شعاره السياسي؟
لا شك في أن تلك وسيلة دعائية لإيديولوجية سياسية تستخدم مادتها من المتن الديني الإسلامي، في مدينة الأسكندرية التي تعتبر القاعدة الأكبر للجماعات السلفية في مصرمن حيث العدد تليها جماعة الإخوان المسلمين.
الاستيكرات والملصقات تملأ أنفاق عبور المشاة أيضاً، وعربات الترام، وهي عبارة عن آيات قرآنية وأحاديث نبوية على شكل مخصص، أو ضمن إعلانات تجارية لمحال وسلع بعينها، لا غضاضة في أن يكون من بينها إعلانات المواد المعالجة لزيادة الوزن (التخسيس)، أو لملابس داخلية شرعية، إلى جانب ملصق دعائي لجماعة الإخوان المسلمين.
مع حلول ربيع هذا العام شهد الكورنيش انقلاباً بشعارات مضادة، في دلالة على نهاية الصمت السياسي السابق لبعض مكونات المجتمع المصري من بينهم فئات المثقفين والطلبة، إيذاناً بحراك جديد يشترك فيه المكون السياسي الإيديولوجي مع مسحات أدبية وفنية كما تترجمه الشعارات التي أصبحت تستعير من الشعراء المصريين ومن الروائيين العالميين كعبارة جورج أورويل الشهيرة في روايته 1984: الأخ الأكبر يراقبك.
برزت الشعارات الجديدة إلى جانب الشعارات التي سادت، وهي غير كثيرة العدد الأصلي لكنها تتكرر مئات المرات في كل ناحية، ولم يكن يكسر من حدة سيادتها وانتشارها سوى القليل من أسماء المحبين والعشاق وذكريات اللقاءات المراهقة أو الزائرين من خارج المدينة بحيث يخطون الاسم والتاريخ والعبارات التذكارية القصيرة التي لا تكاد تُرى لإنها تكتب باقلام جافة أو تحفر على نحو ما يكون على جذوع الأشجار في المنتزهات. وتوجد بعض الرسومات القليلة الملونة التي أنجزها هواة لرغبة جامحة في التعبير عن الذات أمام الملأ، أو لعزاء معنوي شخصي.
يبدو كورنيش الأسكندرية، هذه الأيام، كحلبة صراع ثقافي رمزي يستخدم الشعارات المكتوبة، وتعكس المنافسة بين تيار سلفي وآخر ليبرالي. كما تعبر المنافسة عن نفسها واقعياً في تجاور المرتاضين با
لمشي والجري صباح مساء حيث تسير العباءة والنقاب والحجاب إلى جانب السافرات والسترات الرياضية الجريئة لنساء من مختلف الأعمار.
تتغير وتتنوع الشعارات المكتوبة على مصدات الأمواج، الفاصلة بين الماء والممشى الرئيس لكورنيش الإسكندرية، والتي تمتد في بعض الأحيان على شكل سور قصير. وتتشكل من الكتل الخراسانية المتراصة كأوراق مقواة كبيرة مغروسة في الأرض أو سبورات متلاصقة تمكنك من قراءة ما عليها حتى وأنت مسرع في مشيك، ويمكنك قرائتها من مسافات بعيدة، أمامية وجانبية.
من خلال هذه الإمكانية البصرية لم يعد ممكناً لأي عابر على الكورنيش تجاهل تلك الكتابات والتي يحرص على تجديدها هواة مجهولون لكنهم مواظبون.
حوار الشعارات:
يبغي التيار الديني السلفي الوصاية على المجتمع بإلزامه بتحديدات يعتبرها مقدسة، بينما يكون التعبير من لدن التيارات الأخرى والتي يمكن وصفها بالليبرالية بأنها أكثر تألماً من الأوضاع السياسية والاقتصادية وأكثر التصاقاً بها وواقعية حسب تأويلاتها فهي تشير إلى السطوة الأمنية مثل: إنت بتخاف من الحكومة، الحكومة بتخاف منك؛ وتواكب الأحداث الأخيرة كانتخابات مجلس الشعب المصري الذي تختصه بشعار: لو كانت الانتخابات بتغير كانوا لغوها. أو عن الانتخابات الرئاسية وحديث التوريث: مبارك أبونا بس جمال مش أخونا. مبارك يا ريس بحبك أكثر من النسوان وكل مادا حبك يزيد كمان وكمان.
وفي ما يلي حزمة الشعارات الدينية، تتبعها الشعارات المضادة:
(أتق الله يجوزك /ألا تخشى الله/ أترضاه لأختك/ ألم يعلم بأن الله يرى/ الحب الحرام يسقط المرأة من عين الرجل/ الحب مش عيب الحب الحرام عيب/ كما تدين تدان/ الدنيا ساعة اجعلها طاعة/إقم صلاتك تنعم بحياتك/ الله ناظر إليك مطلع عليك / إن الله سريع العقاب).
(إتكلموا الصمت عار/ المجد للذي قال لا/ الثورة!/ الثورة الملونة!!/ الأخ الأكبر يراقبك/ أبانا الذي في المباحث قليتقدس اسمك/ إحترس من المخبرين/ ومصر غنوة مفرعة في الحلق/ لا تحلموا بعالم سعيد فبعد كل قيصر يموت قيصر جديد/ الفقراء لا يرثون الأرض في النهاية/ طوبى للفقراء/ يعيش أهل بلدي/ تصبحون على وطن/ مسارك مصيرك حدد/ إمتى آخر مرة قريت كتاب؟ أنا مبخافش من الضابط).
أخذت الكتابات تتطور إلى صيغ فلسفية وتمردية أخلاقية، مثل: غرباء في هذا العالم أو هذا الطريق ملكنا، أو أنا حرة، أو بحبه يا بابا!
وفي مفارقة معبرة في خضم الحرب بين الإيديولوجيات التي تضخ الشعارات على كورنيش الأسكندرية، قام بعض المتدينيين بإزالة رسم يحتوي على منقبة وملتحي وبينهما قلب أحمر وتقول المنقبة فيه: أحبك.
في المقابل قام آخرون بالتعليق على محاولة الإزالة هذه بـرسم سهم من الصخرة المجاورة لصخرة الرسم المشطوب وعليه تعليق: عبر عن رأيك بس ما تمحيش؛
واستمروا بالتعليق الصادم مثلاً على عبارة سلفية تقصد التقاء العشاق والمحبين، تقول: هل ترضاه لأختك، فكان التعليق نعم. وفي مكان آخر: احذروا أعداء الحب.
تصوير دينا عبد الغني
http://www.jidar.net/node/2980
التعليقات (0)