أصدرت لجنة تقصي الحقائق التي شكَّلها مجلس الشعب المصري للتحقيق في الأحداث التي وقعت باستاد بورسعيد عقب مباراة فريقي "الأهلي والمصري" والتي راح ضحيتها 74 شخصًا، تقريرها المبدئي حول الأحداث ووزعته على النواب.
وذكر التقرير أن اللجنة ستحدد المسئولية السياسية عن الأحداث، وعرضها على المجلس فور استكمال أعمال اللجنة ووضع تقريرها النهائي بعد استجلاء بقية الحقائق المرتبطة بالحادث والاطلاع على تحقيقات النيابة العامة في هذا الشأن.
مسئولية الأمن
وحملت اللجنة جهاز الأمن المسئولية عما حدث واتهمته بسوء تقدير الأحداث، حيث أكدت اللجنة في تقريرها أن مسئولية الأمن تتمثل في تسهيل وتيسير وتمكين وقوع الأحداث، وذلك بسبب عدم تقدير خطورة المباراة خاصة مع ما حدث في عدة مباريات أخرى في وقت معاصر، إضافة إلى الاستهانة بخطورة المباراة رغم خروج الكثير من جماهير الأهلي من الاستاد قبل انتهاء المباراة لاستشعارهم بالخطورة.
وأشار التقرير إلى حالة من التسيب داخل وخارج الاستاد تمثلت في انعدام إجراءات التفتيش في الدخول للاستاد وهو ما تسبب في دخول ألعاب نارية بكل أنواعها بشماريخ وصواريخ وبراشوتات نارية وأسلحة بيضاء بكل أنواعها، إضافةً إلى دخول جماهير بعد بداية المباراة وبدون تذاكر، حتى أن عدد الجماهير التي دخلت المباراة يزيد على 17 ألفًا في حين أن عدد التذاكر التي تم طبعها 12 ألف تذكرة فقط.
وأضاف أن حالة التسيب تمثلت أيضًا في السماح بنزول الجماهير لأرض الملعب قبل وأثناء وبعد المباراة من قبل ضباط المباحث داخل المدرجات والأمن النظامي بالملعب دون اتخاذ إجراءات لردعهم، إضافةً إلى تمكين بعض العناصر المدنية غير معلومة الهوية من الوجود بأرض الملعب تحت مسمى اللجان الشعبية.
وأوضح التقرير أنه كانت هناك خطتان أمنيتان للمباراة مؤرختان بذات التاريخ 31/1/2012 بما ينبئ أن الخطة الثانية أعدت بعد المباراة لتغطي على أخطاء الخطة الأولى، وهو ما اعتبرته اللجنة وقعة تزوير.
وأشار التقرير إلى عدم قيام الأمن المركزي بدوره في منع الجماهير من النزول لأرض الملعب، وعدم قيام مسئولي الخدمات الأمنية الموجود بالمدرج في مصادرة الأسلحة، إضافةً إلى امتناع مدير الأمن ونائبه ومساعده عن إصدار أي تعليمات لحماية الجماهير ولم يتدخلوا بشكل فوري أثناء وقوع الأحداث.
وأكد أن العوار الشديد للخطة الأمنية من خلال تكليف العقيد محمد سعد لرئاسة باب خدمات النادي الاجتماعي، وجاء في الخطة أن يتم توجيه الجمهور الخاص بالنادي الأهلي للمدرج وغلق الأبواب عقب صعود المدرج وحتى انتهاء المباراة والاحتفاظ بالمفاتيح مع العقيد محمد سعد، ولم تنص الخطة على وجوب وجوده، وهو ما اعتبرته اللجنة تضاربًا في الخدمة المكلف بها هذا العقيد، وأضحت اللجنة عند حدوث حالة التدافع كان هناك استحالة إنقاذهم حتى لو تواجد العقيد محمد سعد بالمفتاح أمام الباب لأن الباب يفتح إلى الداخل وليس إلى الخارج، مما كان يتعين فتح الباب قبل حدوث التدافع، وكان الحل الأمثل هو أن يتم تكثيف الخدمات الأمنية وعدم غلق الباب نهائيًّا.
اتحاد الكرة
وكان الاتحاد المصري لكرة القدم هو المسئول الثالث الذي اتهمه التقرير بالمشاركة في الأحداث، حيث أوضح التقرير أن الاتحاد خالف لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم بخصوص تأمين المباريات الملزمة للاتحادات الأهلية والمتمثلة في توظيف ضابط أمن يكون مسئولاً عن مراقبة تنفيذ لوائح أمن والسلامة بالملعب ويقوم برصد سلوك الجماهير وسرعة التعامل معها.
النادي المصري
أما الجهة الرابعة التي حملها التقرير المسئولية هي النادي المصري حيث أشار التقرير إلى أن المادة 99 من لائحة المسابقات تنص على أن النادي المضيف هو المنظم للمباراة ويكون مسئولاً عن سلوك لاعبيه وجهازه الفني وجماهيره فيما يصدر منهم من تصرفات تخالف السلوك العام، أو تؤثر على سير المباراة.
وأوضح التقرير أن لوائح الفيفا تقرر مسئولية تضامنية على الاتحاد المصري لكرة القدم وعلى النادي المصري في منع دخول الجماهير الذين بحوزتهم أجسام صلبة أو أسلحة، وأنه يجب أن تكون الأبواب الخاصة بالدخول والخروج الخاص بالجماهير سهلة الفتح والغلق تحسبًا لحالات الطوارئ.
هيئة استاد بورسعيد
وكانت هيئة استاد بورسعيد هي الجهة الخامسة التي حملها تقرير لجنة تقصي الحقائق المسئولية هي هيئة استاد بورسعيد، حيث حملها التقرير مسئولية لحام الأبواب وهو ما يخالف لوائح الفيفا، إضافة إلى مخالفة هيئة الاستاد بعدم إطفاء الأنوار إلا بعد خروج آخر مشجع وهو ما لم يحدث، مما كان له الأثر في حرمان جمهور الأهلي من البحث عن منفذ للهرب، إضافةً إلى سماح هيئة الاستاد بوجود صناديق بجوار السور الفاصل بين المدرجات والملعب مما يسهل عملية القفز من وإلى الملعب.
الألتراس
وأشارت اللجنة في نهاية تقريرها إلى أن ما قام به مشجعو ألتراس المصري "جرين إيجلز" انطلاقًا من الثقافات التي يعتنقها جماهير الألتراس والتي من بينها الاستيلاء على فانلات جماهير المنافس وأدوات تشجيعه ولافتاته كانت أحد الأسباب التي أدَّت إلى اقتحام هذه الجماهير لمدرجات النادي الأهلي.
وأضاف التقرير قيام بعض المحرضين باستخدام بعض جماهير الألتراس والبلطجية لتحقيق أهدافهم السياسية بوقوع هذه المجزرة وأن اللجنة ستتقدم بأسمائهم إلى النيابة العامة.
عمل اللجنة
وذكرت اللجنة في تقريرها ما قامت به من أعمال لاستجلاء حقيقة أحداث المجزرة، وأشارت إلى أن اللجنة بدأت عملها فور تكليفها من المجلس يوم الخميس 2 فبراير الجاري وذلك بزيارة النادي الأهلي ولقاء حسن حمدي رئيس النادي وسيد عبد الحفيظ مدير الكرة ومحمود علام المدير التنفيذي للنادي.
وذكرت اللجنة أنها سافرت إلى مدينة بورسعيد يوم الجمعة وحتى يوم الأحد قامت اللجنة فيها بزيارة استاد بورسعيد ومشاهدة مواقع الأحداث ولقاء رئيس ومسئولي النادي المصري، ومسئولي والقيادات الأمنية في بورسعيد، ولقاء الضباط الذين شاركوا في تأمين المباراة وجماهير النادي الأهلي، إضافة إلى لقاء اللواء عادل الغضبان الحاكم العسكري لبورسعيد، إضافة إلى لقاء مسئولي هيئة استاد بورسعيد، ومسئولي المحافظة والصحة، وشهود العيان من أهالي بورسعيد.
وأشارت اللجنة إلى أنهم استكملوا أعمالهم في القاهرة بلقاء محافظ ومدير أمن بورسعيد السابقين، وبعض مسئولي الأمن في بورسعيد وطاقم تحكيم المباراة وحسام وإبراهيم حسن.
وذكرت اللجنة أنها طلبت من وزارة الداخلية بموافاتها بتحقيقات إدارة التفتيش بالوزارة مع ضباط مديرية أمن بورسعيد ولم ترد الوزارة عليهم حتى الآن.
الأوضاع قبل المباراة
وذكرت اللجنة أن هناك عدة عوامل أو مظاهر قبل المباراة مهدت لهذه الأحداث، وذكرت أن الشحن الإعلامي أول هذه المظاهر، وقال التقرير إن الإعلام الرياضي اتسم بالعمل على تصعيد الأحداث والشحن الزائد بين الأندية وجماهير الشعب المصري، واتهم بعض مقدمي البرامج الرياضية بالتحريض على إشعال الأزمات بين الأندية، كما حمل الإعلام الرياضي المسئولية الكبرى بسبب تغطيته لأنشطة الألتراس دون محاولة ترشيدهم واستثمار نشاطهم فيما يخدم قضايا الوطن.
وأضاف التقرير أن المظهر الثاني قبل المباراة كان هو المعارك على الإنترنت عبر شبكات التواصل الاجتماعي بين ألتراس الأهلي وألتراس المصري وظهور نبرات عدائية وعبارات مثل "موتك سيكون هنا" مكتوبة باللغة الإنجليزية من بعض ألتراس المصري موجهة لألتراس الأهلي، إضافة إلى أن أحد المواقع الرياضية ذكر أن اجتماع لألتراس الأهلي قبل المباراة تم التأكيد على الاستعداد لما أسموه "موقعة بورسعيد".
وأشار التقرير إلى أن المظهر الثالث هو الوضع الأمني في بورسعيد وقال التقرير إن الوضع الأمني في المباريات السابقة التي جرت أحداثها في بورسعيد بين النادي المصري وأندية سموحة والاتحاد وإنبي والإسماعيلي ينبئ بوقوع كارثة في القريب العاجل.
وأشارت اللجنة إلى أثر المظاهرات التي حدثت في بورسعيد على مدار اليومين السابقين للمباراة من جانب طالبي إسكان المحافظ والذين كانت لهم شكاوى تتعلق بالحجز ومقدم الحجز، وكان من بينهم بعض من ألتراس بورسعيد، وتجمع هؤلاء المتظاهرون أمام الفندق مقر إقامة النادي الأهلي.
غياب القوات المسلحة
وأكدت اللجنة أن غياب القوات المسلحة عن تأمين المباراة هيأ المناخ لهذه الأحداث، مشيرةً إلى أن إقامة مباراة بين الفريقين في أبريل الماضي وعلى الرغم من تحفز كلا الفريقين وقتها إلا أن وجود قوات الجيش في تأمين المباراة إلى جانب قوات الشرطة حال دون حدوث عنف.
وصف الحادث
ووصف اللجنة الحادث في تقريرها وقالت إن جمهور النادي المصري من الألتراس وبعض البلطجية وبعض من انضم إليهم قاموا باختراق حواجز الأمن المركزي المكلف بمنعهم من النزول إلى أرض الملعب واتجهوا إلى المدرج الشرقي المتواجد فيه جمهور الأهلي، وأشار التقرير إلى أن قوات الأمن المركزي المكلفة بحماية المدرج الشرقي أفسحت الطريق أمام جماهير المصري لاقتحام مدرج جماهير الأهلي إضافة إلى فتح الأبواب التي تفصل بين أرض الملعب والمدرجات.
ثم صعدت جماهير المصري إلى مدرجات النادي الأهلي وهي تحمل العصيان المضيئة والشوم والأسلحة البيضاء والجنازير والشماريخ والصواريخ، وتم الاعتداء على الجماهير بهذه الأسلحة، وتدافع الجمهور الأهلاوي إلى باب الخروج فوجدوه مغلقًا وتم التدافع والهرولة وملاحقتهم بالصواريخ والشماريخ من بعض ألتراس المصري والبلطجية، وفي هذه اللحظة تم إطفاء الأنوار طبقًا لتعليمات مدير الاستاد، وحدث التدافع الشديد نحو الباب المغلق وعد تدخل أي من أفراد الأمن التابعين لوزارة الداخلية والذين كانوا يقفون على مقربة من باب الخروج من الخارج وبعض أفراد الجيش دون تدخل منهم لمحاولة فتح الباب.
اخوان أون لاين
التعليقات (0)