تقريب الأعداء وإقصاء الأنصار

تقريب الأعداء وإقصاء الأنصار

من بين الحكم والمواعظ والوصايا الجليلة التي كان جلالة الملك الراحل عبد العزيز آل سعود يزود بها أبناءه الأمراء ؛ قوله لهم أنه من بين أسباب ضياع وزوال حكم بعض ملوك الأرض في العصور السابقة ؛ أنهم قربوا أعداءهم وأقصوا أنصارهم ظنا منهم أن تقريب الأعداء يؤلف قلوبهم ويسكت معارضتهم ، وإعتمادا على أن الأنصار لن يغيروا ولاءاتهم تجاههم .... ولكن الذي جرى كان على العكس مما ظن بعض هؤلاء الملوك والأمراء . ذلك أن أعدائهم حين تقربوا إليهم حصلوا على النفوذ ثم الثروة والمال فجمعوا حولهم المؤيدين والأشياع وإمتلكوا السلاح ومكنوا مؤيديهم وأشياعهم من الوظائف العامة وإحتلال المواقع والمرافق والمفاصل الحساسة في الدولة .... وظل الجمر مشتعلا تحت الرماد وحقد الأعداء هؤلاء يغلي في القلوب وتكاد تتفجر من جرائه الصدور.... وتمضي السنوات ولا تلد الأفعى سوى الثعابين والأفاعي ......
وحين جاءت السانحة وحانت ساعة الصفر قلب الأعداء ظهر المجن وبانت حقيقتهم ورغبتهم في إزالة نظام الحكم القائم . فأغلقوا الطرقات وحاصروا القصور وعطلوا الأسواق وأوقفوا المصالح . فهرع الملوك إلى أنصارهم القدامى يستنجدون بهم . ولكن هالهم ما لم يكن في الحسبان فقد أصبح أنصارهم أذلاء بعد عز وفقراء بعد غنى وضعاف بعد قوة . فقد كان إقصائهم وقلة النظر في شئونهم سببا في تدني نفوذهم وتبديد ثروتهم وضياع أموالهم ، حتى بلغ الأمر بمعظمهم إلى صرف أتباعه وجنوده وبيع خيوله وسلاحه وقصوره ومعظم أملاكه كي يشتري بها أكله وشربه ويسد بها منصرفاته وديونه.