مواضيع اليوم

تقارير صفرُ

ازهار رحيم

2009-02-09 07:51:57

0

د.ازهار رحيم

ـــــــــــــــــــــــ

azharrrehim@yahoo.com

 

 لم اكن اجيد كتابة التقارير ،ولا احب كتابتها .. ربما بسبب عقدة نفسية نمت في داخلي منذ ايام الجامعة حين كانت كتابة التقارير الحزبية ضد الطلاب الذين يرفضون الانتماء الى صفوف البعث البغيض في اوج نشاطها.
التقارير على انواع والوان.. هناك تقارير اخبارية وصحية، وتقارير حمر وصفر وخضر وبيض.. التقارير الحمر تؤشر حالة خطيرة قد تهدد بكارثة تلحق ضررا عاما مثل التقارير التي تتحدث عن احتمال حدوث كارثة بيئية.. اما الخضر فهي التي تتحدث عن النتائج الايجابية ونسب النجاح في عمل او مشروع ، واشدهن خطورة هي الصفر التي تهدف الى اقلاق راحة الاخرين واحيانا الاطاحة برؤوسهم او قطع الارزاق، كما كان يحدث في ايام نظام الطاغية حين كانت كتابة التقارير الصفر ترفع كاتبها الى منصب وظيفي اعلى او تسلم مكافأة، وتؤدي بضحيتها الى السجن والتعذيب، او الطرد ربما الى العالم الاخر، او الى خارج الحدود، حتى وان كان كاتبها يعاني من لوثة عقلية، كما قرأت في تقرير لوكيل أمن يعاني من ازمات هذيان مفاجئة، وفقدان التركيز بسبب اصابة في الرأس ،حيث ادى تقريره الى اعدام شابين نتيجة التقرير الذي اتهمهما فيه الواشي بانتمائهما الى مخابرات اجنبية حسب ماورد في قضية الشابين.. المهم ان توجد ضحية يقتنصها رجال الأمن في عهد الطاغية ليثبتوا لرئيسهم انهم حماته المخلصون، وبما ان كتابة التقارير الصفر كانت متلازمة مع الرشوة والفساد والمحسوبية والتي كانت من الركائز التي استند عليها عمل المؤسسات الحكومية في السابق واستمرت ليومنا هذا تجري في دماء بعض المدمنين عليها ، لتسريب مشاعر الخبث والغيرة من نجاح وتفوق الاخرين. فقد بقي هؤلاء يعشقون كتابة التقارير المؤذية كما حدثني احد المديرين عن موظفه المهووس بكتابة التقارير الصفر عن زملائه ورصد حركاتهم واقتناص هفواتهم بلؤم، ليقدمها في نهاية يومه لرئيسه الذي سئم من تكدس تلك التقارير على مكتبه في نهاية الاسبوع، حتى اهتدى الى طريقة يقوم من خلالها سلوك هذا الموظف، فكلفه بالجلوس امام شاشة الكمبيوتر طيلة النهار للبحث عن تقارير او معلومات في شبكة الانترنيت ، تسهم في تطوير عمل مؤسسته ،ومنذ ذلك اليوم تعلم هذا الموظف ان ينهي يومه بتقارير بيض.. اما الحادثة الطريفة فقد كانت من خلال تقرير اصفر حاول احدهم من خلاله اقصاء زميلة له  عن عملها في احدى الصحف، لتحل مكانها قريبة له ،موصيا بان تلك الزميلة لا تصلح سوى لاداء الاعمال المنزلية ، فما كان من رئيس التحرير سوى ان يهمش على التقرير بملاحظة :
(ينشر في الصفحة الرابعة) ولا يعلم احد هل كان رئيس التحرير يلقنه درسا بليغا لترك هذه العادة القبيحة... ام كان ساهيا عما كتب في التقرير:
ما زال كتاب التقارير الصفر يواصلون كتابة تقاريرهم بجد ويحتلون وظائف مهمة في المؤسسات الحكومية ويبدعون في قتل كفاءات ومواهب الاخرين...
الحل الأمثل لقطع جذور مثل هؤلاء، هو إحالتهم على التقاعد واستقدام شريحة الشباب التي تعاني من البطالة لرفد المؤسسات الحكومية التي تعاني من الترهل والشيخوخة والجمود في مفاصل عملها واحلال طاقات شابة مكانها لاحياء نسغ التغيير في كل نواحي الحياة....


كاتبه وصحفية عراقية




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !