تقارب إيران وأمريكا
الخلاف الأمريكي الإيراني خلاف إستراتيجي على مناطق النفوذ وليس خلاف أيدلوجي كما يتوهم البعض , فإيران شرطي المنطقة وعامل مهم للتوازن العسكري والاقتصادي والسياسي بالمنطقة , و كقوة عظمى متصدرة ومتسيدة الساحة العالمية لا ترغب أمريكا في ظهور قوة أخرى فكيفيها قطبي الحرب الباردة روسيا والصين الذين يتسببان بالقلق لأمريكا زعيمة العالم في هذا العصر, من أجل ذلك سعت للاستفادة من دول ذات ثقل سياسي واقتصادي يعتمد على رأس المال وعلى القوة البشرية لعزل دول تطمح لأن تكون ضمن نطاق الدول الكبرى والعظمى , فجلبت لحضن أوروبا تركيا وقاربت بين تركيا وإيران رغم الفارق الأيدلوجي بين تلك الدولتين ورغم وجود ملفات شائكة بينهما , فاستغلت قمع الأكراد والأقليات بتركيا وإيران فحولته إلى قضية ذات بعد وشأن داخلي لكلا الدولتين ولم تتحدث عن حقوق الإنسان لأن مصالحها تتطلب الصمت عن جرائم النظامين التركي والإيراني بحق الأقليات وهذا مايفضح ادعاءات أمريكا بشأن حمايتها لحقوق الإنسان في العالم , طموح ايران وتركيا يقومان على الأيدلوجيا حتى وإن كان هناك اختلاف بين الطموحين من جوانب معينة .
التقارب الأمريكي الإيراني ليس وليد اليوم بل عمره أعوام متعددة كان يحدث في السر والان في العلن , والسبب الربيع العربي الذي غير الخارطة السياسية بالمنطقة وأحدث هزة بميزان القوى جعل من الكشف عليها عملية ليست بالمعقدة كما في السابق , تقارب سيكون على حساب العرب التائهين في دهاليز القضايا الخلافية العربية الشائكة والتي ازدادت تعقيداً بعد الربيع العربي الذي إلى الأن لم تٌجني أي ثمرة منه سوى شعارات براقة تتردد بين حين وأخر وإعادة إنتاج للاستبداد بعقلية وأسلوب جديد ..
إيران دولة ذات إمكانات متعددة كان من الأولى أن تستفيد منها دول الجوار العربي ولا تأخذ في بنية علاقاتها البعد الأيدلوجي فالحكمة والمنطق يقولان بإمكانك اختيار صديقك لكنك لا يمكنك اختيار جارك , لا ننكر أن هناك محاولات للتقارب بشروط مسبقة لكن تلك المحاولات اصطدمت بعقبات الشروط المسبقة وبسحابة التقارب الأمريكي الإيراني الذي بدأ باتصال بين أوباما وروحاني , إيران روحاني لن تكون مثل إيران نجاد في كثير من الملفات , والسبب إدراك القادة الإيرانيين لمصالحهم السياسية والإستراتيجية , الشعب الإيراني الذي سلك مسلك الصمت حتى هذه اللحظة ولم يقم بثورة أو حراك على غرار الثورة الخضراء التي أعقبت التجديد لنجاد يتطلع لزوال الاحتقان السياسي الذي تسبب بعرقلة اقتصاده وقوت يومه ومع التقارب الإيراني الأمريكي سيخف ذلك الاحتقان بعض الشيء , وهنا نقول لدول العرب أدخلوا على الخط وأزيلوا الاحتقان بينكم وبين إيران كدول وكشعوب لأن التقارب الأمريكي والإيراني سيكون على حساب استقرار المنطقة وعلى حساب مصالحها القومية والإستراتيجية ...
التعليقات (0)