موافقة الجامعة العربية ممثلة باللجنة العربية للسلام، على مبادلة الاراضي، شكل صدمة للجميع، وخاصة للشعب العربي الفلسطيني، الذي كان ينتظر من هذه اللجنة ان تعيد النظر جذريا في اسلوب التفاوض، لقطع الطريق على مناورات العدو، والعودة بالقضية الى المربع الاول، ونعني التشديد على الانسحاب من كافة الاراضي المحتلة عام67 وعودة اللاجئين، بعدأن استغل العدو المفاوضات لمدة تزيد عن عشرين عاما، لتكريس الامر الواقع ، وتهويد الارض، فاستولى على أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية ، و86% من اراضي القدس المحتلة.
هذا التفريط يعني ان الجامعة العربية العتيدة تشرع الاستيطان ، بموافقتها على مبادلة المستوطنات باراض اسرائيلية، واسقاط القدسية عن الارض الفلسطينية، والتي كانت وستبقى هي محور الصراع مع العدو، ما دفع نتنياهو الى القول: ان الصراع ليس على الارض، وانما على الاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية.
فقرار الجامعة العربية هذا برأي رئيس وزراء العدو، حصر الصراع في الاعتراف بيهودية الدولة، وليس بالأرض، وجعل تلميذة الموساد النجيبة “تسيبي ليفني” ترحب بهذا القرار غير المتوقع..!!
لا نعرف أسباب اقدام الجامعة العربية على تعديل المبادرة العربية، واضافة هذا البند الخطير، والذي ينطبق عليه ، ما انطبق على وعد بلفور “ من لا يملك يعطي لمن لا يستحق!
لقد جاء هذا التفريط بمثابة مكافأة للعدو الصهيوني، الذي لم يتنازل عن خططه ومخططاته واهدافه التوسعية التهويدية.
جاء مكافأة له لأنه يرفض الاعتراف بالحقوق الوطنية والتاريخية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني ، خاصة حقه في اقامة دولته المستقلة وحق العودة.
وجاء مكافأةً للعدو لاصراره على استباحة وانتهاك الاقصى وتهويد ساحاته؛ تمهيدا لاقامة الهيكل المزعوم.
جاء مكافأة للعدو لرفضه الانسحاب من القدس العربية، والعمل على تهويدها وفق نهج ثابت يقوم على طمس معالمها العربية- الاسلامية أو تحويلها الى عاصمة اسرائيل اليهودية.
جاء مكافأة لعصابات الاحتلال التي ترفض رفع الحصار عن غزة ، وتطلق رعاع المستوطنين ليعيثوا في الارض الفلسطينية تقتيلا وخرابا ودمارا..!!
ورغم هذا التنازل الذي يبلغ حد التفريط ، فاننا موقنون تماما بان العدو لن يتنازل ولو شكليا، عن خططه ومخططاته .. فلن يوقف الاستيطان ، ولن يوقف التهويد، بل على العكس من ذلك- وكما دلت الوقائع – فانه جدد تأكيده على تنفيذ كافة خططه الاستيطانية ، وقد أيقن أن التطرف والقوة هما وحدهما الكفيلان بحمل الجامعة على التنازل، وهذا ما كان ..!!
موقف الجامعة العربية هذا يعيدنا الى فتح الملفات والتذكير بموقف مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني من الجامعة ، بعد أن شعر انها في مواقفها لن تخرج من دائرة التبعية للاستعمار البريطاني في حينها، فطالب بتسليح الشعب الفلسطيني ،لانه قادر على تحرير وطنه، بعد أن لمس بان الجيوش العربية التي دخلت فلسطين ، كانت مكلفة بتنفيذ خطة التقسيم... واليوم يعيد التاريخ نفسه، فالجامعة العربية لا تقوم بتسليح الشعب الفلسطيني ودعمه لتحرير وطنه ، كما هي حريصة على تسليح المعارضة السورية وغيرها. .
باختصار....المبادرة العربية عام 2002 التفت على حق العودة ، وها هي اليوم تشطب قدسية الارض الفلسطينية وتشرع الاستيطان ، ما يفرض على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية أن تخرج عن صمتها، وخاصة الشعب المصري.. شعب ثورة 25 يناير المجيدة ، وقد شارك وزير خارجيته، في الوفد الذي قدم التنازل والتفريط ، لقلب الطاولة في وجه الجميع .
مقالات للكاتب رشيد حسن
التعليقات (0)