مواضيع اليوم

تفجيرات دمشق .. بعين عربية

 باتت حياة الإنسان وقيمتها اقل كثيرا مما هي عليه قيمة الحيوانات في بعض بلدان العالم ، وللأسف هي قيمة الإنسان العربي والمسلم ، وفي العالمين العربي والمسلم ، وبات من قدر له أن ينجو بروحه ويهرب إلى دول العالم الأخرى التي توصف ( بالكافرة ) بات امرأ مطلوبا ومرادا ومحبوبا ويسعى إلى الغالبية العظمى من الناس ، وذلك ليهربوا بأرواحهم وأموالهم وأعراضهم .

بات التهديد يطارد كل واحد منا ، وباتت الحياة غير آمنة وغير مريحة ، وشعور المداهمة في أي وقت يسيطر على الناس ، وهذه نتائج مبدئية لإرهاصات ما يسمى الربيع العربي ، المطالب بالحرية والحياة الكريمة ، والمساواة والعدالة ، والديمقراطية  وكل تلك القيم النبيلة المرافقة لهذا المصطلح الكبير المغري ، والذي أغرى الكثير من أبناء الشعوب المطحونة بالثورة  وكان لسان حالهم يقول ما يقوله المثل الشعبي العربي ( أكثر من القرد شو بدك تنمسخ ) او ما ضر الغريق البلل .

 

وكانت الشعارات البراقة التي ترافق الثورات العربية مغرية أكثر ما نتوقع . وبالطبع سيكون الشباب هم الفئة الأكثر استهدافا لهذه الشعارات ، وسيكونون هم قادتها في المستقبل القريب ودعاتها ومبشريها والمدافعين عنها ومنظريها ، وليس خافيا أنهم سيكونون الأكثر تعرضا للحوادث المؤذية كالقتل والجرح والخطف والهتك والسحل والسحق تحت جنازير الدبابات العربية الصدئة ، والتي نسي قادتها انها أدوات حربية ، ولكنهم تذكروها فجأة عندما ثار من ثار من الشباب .

 

هم الشباب الأكثر تعرضا للأذى إذا ، حيث أن دعاة الثورات وجدوا ضالتهم في تلك الفئة المسحوقة البائسة المهمشة المعطلة العاطلة عن العمل من سكان العشوائيات والأحياء المنسية ، ولكنهم هم أيضا من يدركون حجم قضيتهم ومن سرقهم ونهبهم وقتلهم وهمشهم ووو ... فالمهمشين من البشر يمتلكون طاقة قابلة للانفجار في أي وقت ( حيث لاشيء لديهم ليخسروه ) وهم أيضا أنصار كل الثورات وحركات التغيير في العالم ، وعلى أكتافهم وبدمائهم بنيت الحضارات والدول الكبرى كما تهدمت أيضا ، وهم الذين ينسحبون إلى أدنى الصفوف الخلفية وآخر درجات السلم الاجتماعي حالما يتحقق النصر حيث يستولي الكبار على المقاعد الأمامية ، وربما يحتاج هؤلاء الشباب عشرات الثورات الأخرى ليهدموا ما كانوا قد بنوه بأيديهم .. وربما ندموا عليه .

 

أرهبتني مناظر الجثث المقطعة وكأنها في مسلخ غير مرخص غير منظم لجزار لا يجيد الجزارة ، أو كأنها بواقي حريق ضخم أتى على مدرسة أطفال ، أخافتني تلك الصور البشعة في تفجيرات دمشق ، وكنت وأطفالي نتناول طعام الغداء .. خفت لدرجة أنني لم أتمكن من متابعة الأخبار ، ونقلت إلى محطة أخرى ...ولكنها كانت أيضا تبث أخبارا حول تلك المجزرة الرهيبة .. التي لا اعتقد أن صاحب ضمير يقدم عليها ..

 

ارهبني لحد الفاجعة ، أن أرى الجثث تختلط ببعضها ، وتعرض على الشاشات حول العالم ، وكل يستغل تلك الصور لمصلحته دون الاعتبار لتلك الأرواح البريئة التي قضت غيلة وغدرا .. وأصبحت مادة إعلامية دعائية تستخدم لتحقيق أهداف معينة مرسومة .  فما هو ذنب الأطفال والنساء والرجال .. ما ذنب المارة في الشارع  والسوق والسيارة .. لا بل ما ذنب من هم قاطنون في بيوتهم .. لم يكترثوا لأمر المعارضة أو الموالاة ... وهم الصامتون القابعون خوفا من المعارضة والمولاة .

تفجيرات دمشق صفعة على جبين الثورات العربية .. وصفعة على جبين العروبة .. وصفعة على جبين الإنسانية ، حيث لا توجد مبررات للقتل .. آلا سحقا للسلطة والكرسي والحكم أذا كان الثمن دماء الأبرياء والبسطاء والناس تفجيرات دمشق حصاد سيء لا ينبئ بخير إطلاقا .. والخوف كل الخوف مما هو قادم .. وكما أقول دائما : القادم أعظم .. بغض النظر عن المخطئ والمصيب .. دمشق تئن وتتوجع .. وبردى يسبر غورها ويمشي بهدوء .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !