مواضيع اليوم

تفاهات إنسان مقهور!

فتح الله الحمداني

2009-05-19 19:54:33

0

أحيانا تختلط أوراقي وأنا غارق في غمرة الحياة, ويتراءى لي عجز كبير في تفسير ما يدور حولي, بدءا بالعلاقات الاجتماعية الضيقة إلى أكبر الأحداث السياسية المؤثرة, فيصبح العالم مجرد علامات استفهام لا إجابات لها, فيختلط الحابل بالنابل ويصعب التمييز بين الجيد والرديء, الخائن و النزيه, الشريف والنذل. والحقيقة أني أجد تفسير حيرتي هاته في تناقضات الواقع الذي نعيشه; مثلا هل يمكن أن نصدق أن كل هاته الأحزاب (المغربية) همها هو خدمة المواطن, ونحن نرى كيف أن مناضلي الأمس اللذين كانوا يتشدقون بالدفاع عن الجماهير الشعبية وقد أصبحوا من مالكي الملايير، ولا أثر لشعاراتهم السابقة ؟ 

هل يمكن أن نفهم شيئا ونحن نرى الهمة يخرج محاولا إقناعنا أنه ديقراطي ويؤسس "الحركة لكل الديمقراطيين"معتقدا أننا سننسى بسرعة الفظاعات التي ارتكبت في زمن كان يعتبر الماسك الحقيقي لزمام القرار بوزارة الداخلية وما يتصل بها من الملفات الأمنية؟، فكيف سيبرر إذن وجود معتقل "تمارة" السري الذي يخفي وجها آخر من أوجه الديمقراطية المغربية؟...بئس الديمقراطية هاته!

قال البعض إن خروج صاحب" التراكتور" من وزارة الداخلية كان بهدف مواجهة إسلاميي "العدالة والتنمية" والتضييق عليهم ,لكن هل حزب "العدالة والتنمية" حقيقة يثير قلقا لدى السلطة حتى يتم الدفع بالهمة -الذي قيل عنه أثناء شغله لمنصب الوزير المنتدب في الداخلية أنه الرجل الثاني في مملكة محمد السادس- لمواجهته ؟..

صراحة تبدو أسئلتي هاته تافهة جدا… وهي تافهة بالفعل, خصوصا أن الحديث بهذا الشكل المتجاوزعن الهمة يأتي متأخرا بعض الشيء، إضافة إلى أن موضوع الهمة أصبح مبتذلا ولا يثير إنتباه أحد، بعد الضجة التي رافقت تحركاته الأولى خارج عباءة وزاره الداخلية بعد مغادرته لها، لكن ماذا يمكن أن ينتظر من إنسان تافه مثلي غير هذه التفاهات والترهات؟.. أعتقد أن الشعور بالتفاهة هذا يتقاسمه معي الكثير من أبناء الشعب …أحيانا يبدو لي أني "أكلخ" (أكثر جهلا) إنسان على وجه الأرض فأحمل سياط أفكاري وأشرع في جلد نفسي حتى يغمى على ما تبقى داخلي من ثقة في النفس !!..

قرأت يوما في كتاب حول التخلف وعلاقته بسيكولوجيا الإنسان المقهور أن العلاقة السائدة في المجتمعات المتخلفة -والمغرب من بينها- إنما هي علاقة قهر بالضرورة، طرفيها الراسمألي المتسلط والمواطن المغلوب الفاقد لزمام أمره، الذي يرتبط ارتباطا مشيميا بهذا المتسلط… وعندما تصل درجات القهر المسلط على الإنسان المغلوب على أمره إلى مستويات مرتفعة ولمدة طويلة، وأمام عجزه عن مواجهة هذا الوضع أو رفع القهر الموجه ضده فإن الإنسان المقهور يحول هذا القهر المادي المسلط عليه إلى قهر داخلي يمارسه ضد نفسه، فيداخله شعور بالنقص والتفاهة ويأخذ في سب نفسه وتحقيرها كما أن العلاقة التي تجمعه بجماعة المقهورين أمثاله يشوبها توتر كبير وصراع لا ينتهي من أجل لا شيء…

ولأني ساذج وتافه وبسيط فقد صدقت بسرعة أن التحليل السيكولوجي هذا، ينطبق علي تماما، خصوصا عندما لاحظت عدوانيتي تجاه نفسي وتجاه الآخرين، حيث يبدو لي أن كل الناس مجرد "دمادم" ولا فائدة في وجودهم من عدمه… مثلي تماما…

لكن ما علاقة كل هذا، بالحديث عن الأحزاب و"الهمة" و"التراكتور" والديمقراطية ؟!.. هذا هو وجه التفاهة في كلامي هذا …ربما!!..

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !