منصب الضحية الوظيفي يضع رجال أعمال في قفص الاتهام
- اكتشاف وجود مسروقات بعد 24 ساعة من ارتكاب الجريمة لم ينقذ أحمد عز ونجيب ساويرس ورامي لكح ومجدي يعقوب من الاتهام
- تشبث المجني عليها بحقوق البنك وتحديها رجال الأعمال دفع المباحث للظن بأن الجاني واحد منهم أراد الانتقام.
- القاتل زوج الخادمة والغرض من الجريمة سرقة المصوغات لتسديد ديونه وربما أسباب أخرى!
حادث مقتل مديرة الائتمان ببنك مصر هالة محمد فايق (52 عام) وزوجة المستشار علي شكيب مساعد وزير العدل وأحد نواب رئيس محكمة النقض السابقين مازال يحمل العديد من الأسرار والخفايا، فبالرغم من القبض على القاتل ويدعى سامح نجيب محمد سيد مبارك "33 عاما-طباخ" زوج خادمة المجني عليها "نعمة أحمد مرزوق- 36 سنة"، واعترافه بارتكاب الجريمة تفصيليا –ثم عاد وانكر ثم اعترف من جديد ثم أنكر – إلا أن رئيس نيابة جنوب الجيزة أصدر توجيهاته للمباحث بضرورة البحث عن محرض أو صاحب مصلحة آخر من ارتكاب الجريمة، والسبب الرئيسي وراء ارتياب النيابة في حقيقة اعترافات الجاني هو منصب المجني عليها الذي يحتم عليها التعامل مع (حيتان البلد) بالإضافة إلى أن المتهم كان يقصد فتح الخزنة تمام القصد بالرغم من حصوله على المسروقات من خارجها، وأيضا عدم العثور على أوراق ومستندات بالخزنة عند معاينة النيابة له، بالرغم من تأكيد أبن المجني عليها وزوجته على أن الضحية كانت تحتفظ بأوراق ومستندات تخص عملها في الخزنة، وبالتالي رأت النيابة أن الحادث يحمل شبهات أن يكون وراؤه دوافع انتقامية، وأن الجاني استخدم كأداة لتنفيذها.
(الدافع ليس السرقة)
في الساعات الأولى من البحث أتجه رجال المباحث الجنائية بالجيزة للبحث عن خيط يقود للجاني خاصة وأن الجريمة وقعت لغرض آخر غير السرقة – قبل اكتشاف وجود مسروقات – وهو الامر الذي دفع رجال المباحث إلى الاعتقاد بأن الجريمة تمت ربما للانتقام أو تصفية الحسابات خاصة وأن المجني عليها تشغل منصب قيادي حساس ببنك مصر يضعها في المحك مع رجال أعمال من العيار الثقيل من الذين لا يتوانون عن تصفية أي شخص يحاول تهديد مصالحهم واستثماراتهم، وأكد شكوك المباحث حول ارتكاب الجريمة بدافع الانتقام هو نبأ تولى المجني عليها منصب عضو مجلس الإدارة التنفيذي ببنك القاهرة، يوم الأربعاء29 مارس الماضي –قبل الواقعة بأسبوع تقريباً-.
(البحث وراء الكبار)
توجه فريق من المباحث الجنائية في نفس يوم وقوع الجريمة إلى البحث والتحري حول عمل المجني عليها في بنكي (مصر والقاهرة) وعلاقاتها المهنية وتعاملاتها مع العملاء والتحري حول خلاقات ربما تكون قد وقعت بين المجني عليها وآخرين سواء كانوا زملاء أو عملاء بالبنك.تبين لفريق البحث والتحري أن المجني عليها مشهود لها بالكفاءة المهنية والخلق الرفيع وأنها تنال احترام وحب جميع زملائها وعملائها في العمل ولا توجد صراعات أو خصومات ظاهرية بين المتهمة وأي من العاملين معها في مواقع عملها، كما اتجه رجال المباحث إلى فحص الأوراق والمستندات والمعاملات المصرفية والائتمانية التي صدقت عليها المجني عليها مؤخرا – خلال العام الماضي والعام الجاري- حيث تبين أن هناك عدد من التعاملات المالية الكبرى بين بنك مصر وبين مستثمرين كبار جدا بالدولة وأن المجني عليها قد تسببت في عرقلة بعض من هذه العمليات وصلت إلى تحدي بعض المسئولين والمستثمرين في تنفيذها إلا باستيفاء اللوائح والشروط المصرفية للبنك، كما تبين أن المنصب الجديد ببنك القاهرة وضع المجني عليها –رغم حداثة المنصب – على المحك مع مستثمرين كبار من المتعثرين في سداد القروض التي حصلوا عليها من بنك القاهرة والمفترض تسوية مديونياتهم خلال الأيام القادمة بعد إضافة بعض التعديلات والشروط الجديدة التي وضعتها المجني عليها مؤخرا على بنود اتفاقية التسوية التي سبق وأن وضعها البنك في ملفات تسوية المديونيات المتعثرة، وإمكانية دخول بنك مصر في القروض المشتركة. استعانت إدارة المباحث بالجيزة في اليوم التالي من وقوع الجريمة بخبير مصرفي – رفض المصدر ذكر أسمه- لبحث الأوراق والمستندات والمعاملات المصرفية والائتمانية التي صدقت عليها المجني عليها مؤخرا وبيان ما يكمن حولها من صراعات وخلافات قد تتسبب فيها تلك المعاملات بين المجني عليها وأصحاب الاستثمارات المشتركة مع البنوك التي تعمل بها القتيلة..حيث تشير الأوراق التي وقعت تحت يد رجال المباحث –وارتابوا فيها - إلى أن الجني عليها كانت قد وقعت يوم الخميس 23أغسطس 2007 على عقد تسهيل ائتماني مشترك بقيمة2.3 مليار جنيه لمصلحة الشركة المصرية لخدمات الهاتف المحمول( موبينيل) وتبلغ مدة التسهيل7 سنوات فيما يبلغ سعر الفائدة عليه ما بين10 إلي10.5 في المئة سنويا.
وكان بنك مصر قاد تحالفا مصرفيا لتدبير التمويل اللازم لإقامة التوسعات الرأسمالية الخاصة بشركة موبينيل, إضافة إلي تمويل عدد من أغراضها الاستثمارية بالتضامن مع12 مصرفا أخري, وقام بنك مصر بصفته وكيلا ومديرا للقرض بالتنسيق فيما بين الشركة والبنوك المشاركة حتى تم التوصل إلي صياغة التسهيل الأخيرة، ويعد القرض الذي ينتهي موعد سداده عام 2014 في مهب الريح وبلاضمان حيث أدت المنافسة الشرسة مع شركة «اتصالات» ـ والأزمة المالية العالمية التي أثرت على القيمة السوقية لأوراسكوم تليكوم فانخفضت بنسبة تتراوح بين 70 و70% ـ إلى سعى نجيب ساويرس إلى التفريط في موبينيل التي حصل عليها بعد قيام الشركة المصرية للاتصالات بتجهيز بنيتها الأساسية، والأزمة بدأت بدخول شركة «اتصالات» كمشغل ثالث للمحمول في مصر وتوقعاته بحدوث انفجار أو تدافع نحو خدمات المحمول نتيجة للمنافسة وهو الأمر الذي أبدت الضحية ملاحظاتها عليه بضرورة تقديم شركة أوراسكوم تليكوم مزيدا من الضمانات لقيمة القروض قبل إتمام صفقة البيع.
في الوقت نفسه تفاوض كل من بنك مصر والبنك العربي الإفريقي مع شركة أجريوم مصر أحد الشركاء الرئيسيين في شركة موبكو،بهدف ترتيب قرض يصل أجله إلى 7 سنوات، وتبلغ قيمته 475 مليون دولار، يتضمن شريحتين بالجنيه والدولار .
يخصص القرض - الذي تشارك في المفاوضات الخاصة به شركة موبكو –لغرضين، الأول إعادة التمويل لجزء من القروض التي حصلت عليها أجريوم مصر خلال الفترة الماضية بقيمة 120 مليون دولار، أما الجزء الثاني ويبلغ نحو 355 مليون دولار، فسيتم استخدامه في تمويل المشروع الخاص بشركة أجريوم مصر لإنتاج الأسمدة والذي تصل تكلفته الاستثمارية إلى 1.7 مليار دولار.
إلا أن مساعي التفاوض لاعتماد التسوية المطروحة لمديونيات بنك القاهرة والبالغة 835 مليون جنيه، من أصل دين نحو 350 مليون جنيه فقط، قد تعثرت نتيجة توصية المجني عليها بضرورة وضع تدابير وبنود ضمانية لتسديد الدين مما أحبط مساعي يعقوب لتسوية ديون بنك القاهرة التي كان من المتوقع أن تتم في يونيو المقبل، قبل انعقاد الجلسة المخصصة لنظر الاستشكال المقدم في القضية،خاصة و أن يعقوب سبق وتقدم بأكثر من صيغة لتسوية مديونياته لصالح بنك القاهرة لتجنب الدخول في خصومة قضائية مع البنك.
(القبض على الجاني)
وبعد ساعات قليلة من فحص الأوراق، وقبل اتجاه المباحث للبحث والتحري حول رجال الأعمال الوارد أسمائهم في الأوراق توصل فريق البحث إلى الجاني الحقيقي بعد أن أدلت زوجة ابن المجني عليها بمعلومات حول سرقة مشغولات ذهبية كانت موجودة بخزينة المجني عليها وان الشاهدة كانت قد أهدتها انسيال ذهبي قبل أيام من وقوع الجريمة بمناسبة عيد ميلاد المجني عليها وأنه غير موجود بين مصوغاتها بالإضافة إلى اختفاء المشغولات الذهبية (الصفراء فقط) من علب المجوهرات الخاصة بالمجني عليها، كما عثر رجال المعمل الجنائي على أثار دماء على الخزينة وعلى ملابس المجني عليها تخص شخص غريب غير المقيمين بالمنزل وحددت البصمة الوراثية لبقعة الدم أن الجاني ذكر، وبالبحث وسؤال شهود العيان أكد بواب العمارة وبعض الجيران على أن هناك شخص غريب في العقد الثالث من العمر دخل إلى العمارة في الوقت الذي حددته الشرطة (وقت وقوع الجريمة) وتبين أن الأوصاف المذكورة من الشهود تتطابق وأوصاف زوج خادمة المجني عليها، وبالقبض عليه وسؤاله عن مكان تواجده وقت وقوع الجريمة فشل في إثبات مكان تواجدة حيث ادعى أنه كان في زيارة لشقيقة بمحافظة الفيوم وهو ما نفاه شقيقة وأكد على أنه لم يشاهد المتهم منذ يوم عيد شم النسيم، وبتضييق الخناق على المتهم اعترف بارتكابه الجريمة بدافع السرقة.
(اعترافات المتهم)
وقال المتهم أمام محمد عيسى فخر، رئيس النيابة الكلية، ومحمد بدوى، وكيل أول النيابة: «زوجتى نعمة محمود حددت موعد خروج الضحية من منزلها إلى العمل، وقالت لى إنها تترك والدتها العجوز داخل الشقة بمفردها، وأن الشقة بها خزينة مليئة بالمجوهرات والمشغولات الذهبية، ويوجد دولاب فى غرفة النوم به كمية كبيرة من الأموال»، وأضاف: «يوم الأحد الماضي كنت قد جهزت كل شيء.. لاصق وجوانتى من مكتبة جارنا إبراهيم صلاح بالحرانية.. وقطعة من القطن ومطواة اشتريتها من لبنان أثناء عملي هناك.. وفى السادسة صباحاً كنت واقفاً أمام العمارة، وانتظرت ساعة ونصف الساعة حتى دخل البواب إلى الجراج، فأسرعت إلى الأسانسير وصعدت إلى الطابق الثامن.. كنت أتوقع أن «هالة» نزلت للعمل، ولبست الجوانتى فى الأسانسير، وضغطت على جرس الباب حتى لا أترك بصمات، وفوجئت بصوت يقول «مين» رديت «أنا عايز أم هالة»، وظنت الضحية أنني أعرف والدتها وفتحت الباب «موارباً» قلت لها: أنا عايز فلوس، فردت باستغراب: أنت مجنون، وطلعت المطواة وأمسكت بذراع الضحية، وجعلت ظهرها ناحيتي وكتمت أنفاسها بقطنة بعد أن أطلقت صرخات استغاثة ودفعت الباب بقدمي لأغلقه. وتابع: «ضربتها بالمطواة في وجهها وسددت لها طعنتين نافذتين بالبطن، وسقطت على وجهها فسددت لها طعنة أخرى بالظهر، وتأكدت أنها توفيت، ودخلت غرفة النوم، ووجدت حقيبة يد الضحية فأفرغتها من محتوياتها وعثرت على مفاتيح الخزينة وفتحتها ووجدت كمية من المشغولات الذهبية، وكنت أظن أن الأبيض فضة فتركته دون أن ألمسه، وأخذت ٧ سلاسل و٣ ميداليات و٣ غوايش و٣ أقراط، و٧ انسيالات، وقرط كبير، وآخر بفصوص وفتحت دولاب غرفة النوم وأخذت منه ٢٣٩٠ دولاراً و٥٣٥ يورو و١٢ ألفاً و٢٠٠ جنيه و٦ آلاف و٦٣٨ ريالاً قطرياً و٤٤ ألف عملة لا أعرفها، عرفت أنها تنزانية فيما بعد، و٧٠٦ ريالات سعودية، وكنت سأستمر في عملية البحث عن أموال وذهب، لكنني سمعت صوت أم القتيلة، فقررت أن أهرب بسرعة، قبل أن أرتكب جريمة قتل ثانية. القبض على الجاني الحقيقي قبل مرور 48 ساعة من الجريمة لم ينقذ رجال الأعمال الوارد أسمائهم في أوراق التعاملات الأخيرة مع المجني عليها من البحث والتحري خلفهم وربما اتهامهم صراحة بقل المجني عليها، ولكنه أنهى التكهنات وتساؤلات الرأي العام عن تفاصيل الجريمة التي هزت محافظة الجيزة بعد شهور قليلة من وقوع جريمة هزت هي الأخرى ليس محافظة الجيزة فقط وإنما مصر كلها وهي جريمة قتل (هبة ونادين) في حي الشيخ زايد، ولتفتح قضية مقتل السيدة هبة فايق التي أقفلت بالقبض على الجاني ملفات أمن المواطن المصري والوضع الاقتصادي السيئ الذي دفع الشباب الفقراء لأن يتحولوا إلى وحوش تأكل أجساد الأثرياء من أجل سرقة بعض المشغولات الذهبية أو اداه في يد رجال الأعمال لتصفية الحسابات من بعضهم مقابل تأمين مستقبل أبناء المعدمين.
التعليقات (0)