تغيير السلطة ينهي الانقسام
ناصر دمج
لن يكتب النجاح لأيا من المسيرات الجماهيرية الداعية لإنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني،بين سلطة الضفة الغربية وسلطة قطاع غزة، لان تلك المسيرات لا تشكل الاستجابة المناسبة للتحدي الذي قررت التصدي له وهو الانقسام الذي أصبحت تتحكم به معادلات دولية وإقليمية ،ليس اقلها وجود اسرائيل كعائق بانورامي متعدد الأدوار في الحفاظ على الشرخ على حالته الراهنة،وبسبب هذه الأمور فان مواجهة الانقسام تستدعى من الفلسطينين التحول الى خيارات أكثر نجاعة للوصول الى الهدف ،والعمل على إجبار واحدة من السلطتين في رام الله وغزة على التنحي ،وارى بان هذا الخيار قابل للتطبيق على سلطة فتح في رام الله ، لإن فتح ومعها السلطة الفلسطينية كانتا وما زالتا جزء من التيار العربي الذي تبنى خيار السلام مع الإسرائيليين،وتحالف مع الغرب،وهو التيار الذي قادة الأمة الى الخسران بزعامة النظام المصري راعي السلطة الفلسطينية،وهو الذي سقط إمام غضب الجماهير،وسقوط هذا التيار آخذ في التوسع ليشمل خلال هذا العام كافة النظم العربية المنخرطة فيه ،لذا فان سقوط السلطة الفلسطينية،يعد امرا واقعيا وفقا لنظرية تساقط أحجار الديمنو ،متأثرة بهذه الحالة، لأنها جزء أصيل منها ،فهي ماضية مع القوى المدبرة ،ولن تتمكن أي قوة من تأجيل هذا التحول التاريخي .
عندما يتحقق ذلك فان المصالحة الوطنية الفلسطينية ستكون الرابح الأكبر،وهو أمر يشبه التحسن التدريجي الحاصل ألان في العلاقة بين قطاع غزة والنظام المصري الجديد،وهو تطور نابع من قرار النظام الجديد في مصر بمراجعة دورة القومي تجاه غزة،وخاصة بعد تولي عصام شرف رئاسة الوزراء ،والدكتور نبيل العربي لوزارة الخارجية الذي أفصح عن فحوى رؤيته للحالة الفلسطينية وفي القلب منها ،حصار قطاع غزة،والتي دعا فيها الى مراجعة السياسة الخارجية لبلاده على نحو يليق بتاريخها ومكانتها في العالم، ويكفل رفع الحصار عن قطاع غزة،وأفصح عن عزمه العمل على إعادة بناء السياسة الخارجية المصرية في الفترة المقبلة، بعد ثورة 25 يناير،وشدد على حق مصر في إلغاء معاهدة السلام بينها وبين اسرائيل إذا تبين ان الأخيرة تخل بأحكام المعاهدة .
ومن المتوقع ان تجد أفكار ومواقف العربي تجاه إسرائيل انعكاسا قويا لها على السياسة المصرية،ويعد العربي من ابرز المعترضين على بناء اسرائيل لجدار الفصل العنصري داخل الضفة الغربية ،والجدار الفولاذي على الحدود المصرية الفلسطينية،لأنهما ليسا عادلين، وطالب بملاحقة إسرائيل جنائيا على خلفية جرائمها تجاه الشعب الفلسطيني،وعندما كان يجلس د. نبيل العربي كقاض في المحكمة الدولية في لاهاي لينظر في قضية جدار الفصل العنصري كان له موقف معاد لإسرائيل وطالب باتخاذ مواقف قوية تجاهها وشجع على إقامة دعاوى قضائية لملاحقتها، إضافة إلى انتقاده مواقف بلاده من فرض الحصار على قطاع غزة .
الأمر الذي يؤكد بان المنطقة العربية قد دشنت تحول من نوع فريد في التاريخ،قوامه صناعة التغيير بواسطة قوة الشعوب وتكاد تكون هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا التحول في العالم بعد الثورة الفرنسية التي ابتدأت في سنة 1789م وانتهت تقريباً في سنة 1799م ،لذا فان القوى والنظم التي لم تدرك بعد، مثل هذا البعد في ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن ،وما هو المطلوب منها تجاه شعوبها،فإنها مرشحة للعزل بقوة الجماهير، ومغادرة التاريخ بأبشع الطرق، وسيكون بعد ذاك اليوم 15/1/2011م ،صفات وسمات جديدة للشخصية العربية الموحدة، بالهموم والعذابات والموحدة بسبل وطرق الانعتاق والخلاص من المستبد الوطني ،وستكون ثورات الشعوب العربية عملا بطوليا يعول عليه ويعتد به من قبل باقي شعوب الارض،وحدثا فاصلا بين عهدين مختلفين في تاريخ الامة العربية المعاصر .
إما المطلوب من الجماهير الفلسطينية للوصول الى لحظة مشابهة،يتسنى لها معها إنفاذ مطلبها الملح بإنهاء الانقسام،فعليها التعجيل بتغير السلطة،واستبدالها بأخرى جديدة ،تكون ملزمة بتغيير فحوى عقيدتها السياسية والوطنية،ومنحازه بالمطلق لصالح الوطن بصرف النظر عن احتياجات إسرائيل ،وهذا الأمر هو وحده الذي سيكفل للشعب الفلسطيني إنهاء انقسامه وتعثر وحدته الداخلية ،على قاعدة إجماع وطني متفق علي بنودها،إما غير ذلك من فعاليات وأنشطة فلن تكون أكثر من لهو في الفراغ ومضيعة للوقت ،وذات حصيلة صفرية مؤكدة .
وهذا الأمر ان تم فانه سيمكن الشعب الفلسطيني من الإلتحاق بحركة التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة العربية، وسيكفل للشعب الفلسطيني أيضا دورا يحتاجه للتمكن من التحكم بمصيره ،وعدم تركه بأيدي الآخرين،وبأيدي القوى الصاعدة في المنطقة .
كاتب ومحلل سياسي
n-damj@maktoob.com
التعليقات (0)