تغييبه شعب مصر ..
ألن تفيقوا أيها المصريون من سباتكم .. أم كُتب عليكم أن يتسلط عليكم كلما استفقتم من يعيدكم الي السُبات مره أخري ..؟
انتهت الثوره في مصر فعليا بسقوط النظام .. والمفترض فعليا أن تبدأ بعد ذلك مرحله ما بعد الثوره أي مرحله بناء نظام جديد يعيد تشكيل الدوله بكافه مؤسساتها وهيئاتها بالإضافه الي إزاله آثار النظام القديم تماما من الحياه العامه وأجهزه الدوله ..
ولكن ما يحدث الآن في مصر ليس موجها نحو هذا الشطر , ما يحدث هو استلاب للثوره بواسطه خليط مُحكم من الديماجوجيا والكبت لدي البعض بالإضافه الي الحنكه السياسيه لدي البعض الآخر ويغلفهم غطاء سميك من التجهيل والإلهاء الإعلامي للشعب ..
بمعني ..
المفترض أنه سوف تجري انتخابات برلمانيه "كخطوه أولي وهامه في بناء النظام الجديد" يتشكل من خلالها برلمان جديد المُفترض أن يحمل العبء الكامل في إعاده تشكيل الدوله بملامحها القادمه , من إعداد وإقرار دستور جديد للبلاد وسن قوانين جديده بالإضافه الي تنقيه "ترسانه" القوانين الحاليه التي تحمل في طياتها متاهات ومخارج فُصلت أغلبها لأغراض تخدم النظام السابق والمنتفعين منه ..
بالإضافه الي وضع وتقنين آليات تدير الحياه العامه وتنظم وتحافظ علي الترابط المجتمعي وتوجيه الطاقات الشعبيه شطر التنميه وتحريك مصر من قاع النظام العالمي لتتبوء المكانه التي تستحق ..
وهنا المحك ..
يتوجب إعاده تثقيف الشعب ورفع مستوي الوعي السياسي وتعريفه بالمهمه الرهيبه الملقاه علي عاتق مجلس الشعب القادم وإفهامه كيفيه الاختيار الصحيح لمن سيكون مُمثلا ونائبا عن الشعب في برلمانه القادم والمواصفات المطلوبه في هذا النائب , لكون نسبه كبيره من الشعب تعاني أشد المعاناه من الأميه الثقافيه والسياسيه ويغلب عليها الفكر القبلي والطائفي ويتلاعب بها الفقر والحاجه ويحركها من يعرف كيفيه اللعب علي الأوتار ..
ولكن ..
ما نراه اليوم ماثلا وشاخصا علي الساحه المصريه والإعلاميه منها علي وجه الخصوص هو اشتراك أو اتفاق بين الإعلام الرسمي والخاص في ما يشبه المؤامره الدنيئه علي الشعب المصري تهدف في المقام الأول الي إلهائه وتجهيله ولفت انتباهه شطرا آخرا بعيدا عن الصوب المُفترض وهو تثقيفه سياسيا وتعبئته لمعركه الطريق الي المستقبل والذي سيحدده نواب الشعب القادمون ..
والأمثله علي ذلك واضحه جليه منها علي سبيل المثال لا الحصر :-
"الراجل أبو جلابيه" الذي ظهر في أرضيه الاستاد أثناء أحداث الشغب المؤسفه , هل رأيتم أتفه من هذا الإعلام عندما تُفرد مقالات يزيلها آلاف التعليقات وتخصص برامج تليفزيونيه من مشاهير الإعلاميين لهذا ال "أبو جلابيه" ..
لا .. للأسف هذا السيرك ليس تفاهه بل تخطيط مُحكم لإلهاء الشعب وتجهيله وإضاعه الوقت ..
مثال آخر .. المحاكمات المنصوبه الآن لرموز النظام السابق وما تستهلكه من وقت الناس ومجادلاتهم وحواراتهم ولفت وتشتيت انتباههم , ولكن هل تساءل أحد عن الآليه التي سيحاكمون بها والقوانين التي سيتم تطبيقها عليهم من منظومه القوانين الحاليه ..؟
البلاغات بدون حصر تقدم للنائب العام والنائب العام يستدعي للتحقيق ويأمر بحبس "الرموز البارزه" فقط حبسا احتياطيا علي ذمه التحقيقات , والإعلام يُهلل ويصور ويتابع والشعب كله مُشرئب الأعناق يشاهد ويهلل وراء الإعلام في جهاله واضحه ..
ألا يعرف هذا الشعب أنه لا توجد قوانين تعاقب علي الفساد السياسي ..؟
ألا يعرف هذا الشعب أن إجراءات المحاكمه طبقا للقوانين الحاليه طويله جدا وكلها ثغرات تُمكن المتهمين من الإفلات من العقاب , حتي وإن ثبتت التهم فما هي التهم ..؟
إهدار المال العام , التربح من الوظيفه , الإهمال الجسيم , ابحثوا عن العقوبات الوارده بشأنها في القوانين المصريه ..
ألا يعرف الشعب المصري أن المدعي الاشتراكي وجهاز الكسب الغير مشروع قد تم إلغاؤهم بقانون ..؟
لماذا لا يتم التحفظ علي هؤلاء الرموز حتي يتم سن قوانين تتناسب مع الجرم الذي اقترفوه في حق مصر ثم يحاكموا طبقا لموادها ..؟
أمر آخر وهو الأموال والممتلكات المُهربه للخارج ..
ألا يعلم الشعب المصري بأنه لا يمكن استرداد مليم واحد منها إلا بحكم قضائي نهائي نافذ يثبت بالأدله والمستندات عدم مشروعيه هذه الأموال وتقبله الدول التي بها هذه الأموال ..؟
بينما الحديث الدائر الآن علي الفضائيات عن حجم هذه الثروات ونسبتها بالنسبه لعدد أفراد الشعب لو تم توزيعها عليهم وإرسال لجان قضائيه لعده دول بهدف استرداد هذه الأموال ..؟
أي استخفاف بعقول هذا الشعب وأي تغييب لوعيه وفكره فيما يحدث إعلاميا ..؟
مثال آخر ..
الإخوان المسلمون والسلفيون والأقباط , واللغط الدائر إعلاميا ..
هل شارك الإخوان في بدايه الثوره أم لا , الإخوان سيشاركون في الإنتخابات البرلمانيه ب 30% من المقاعد "مشاركه لا مغالبه" ثم 49% ثم 75% وهل سيشاركون بمرشح في انتخابات الرئاسه أم لا ..؟
السلفيون وقطع الأذن تعزيرا وهدم الأضرحه وجوبا ونوعيه الاختلاف بينهم وبين الإخوان "تنوع أم تضاد" ومشروعيه الخروج علي الحاكم الي آخره ..
الأقباط وتظاهرات ماسبيرو وخروجهم من العزله السياسيه وتشكيل حزب قبطي أم لا وحوار شباب الأقباط مع الإخوان الي آخره ..
كل هذا وغيره الكثير مما تُفرد له الصفحات وتُخصص له البرامج وتُستضاف شخصيات ورموز من هنا وهناك , ولا برنامج واحد ولا دعايه واحده ولا مقال واحد من أجل تثقيف المصريين وإرشادهم الي كيفيه الاختيار الأمثل لشخص النائب الذي سيمثلهم في البرلمان ودفعهم الي الخروج من سلبيتهم والتفاعل مع هذا الحدث ..
بينما المفترض أنه في هذه الخمسه أشهر هو إعطاء جرعه مكثفه من الثقافه والتوعيه السياسيه للشعب في كل قريه وكل نجع حيث الكثافه السكانيه العاليه بأن مجلس الشعب القادم هو المنوط به وضع قواعد المستقبل وإزاله كل آثار النظام السابق بل وإزاله العوائق أمام نهضه وتقدم مصر ..
بل وتنبيه الناس إلي المعارك الشرسه الدائره الآن علي شكل النظام السياسي القادم ديني أم ليبرالي والتحول إلي الديمقراطيه أو الحفاظ علي الشكل القديم وهي الأشياء التي ربما لا تكون في صالح الكثير من القوي الإقليميه والدوليه , والتي من أجل ذلك تُعد الكثير من الجهات الداخليه نفسها وتحشد أتباعها لمعركه انتخابيه علي غرار المعارك الانتخابيه قبل الثوره وبنفس آلياتها وأساليبها تحت غطاء من التجهيل والتغييب للغالبيه الصامته من الشعب في دياجير الإعلام المُضلِل ..
وأخيرا أقول لكل الإعلام المصري سواء المقروء أو المسموع أو المرئي .. لحساب من تعملون ..؟
ألا تتقوا الله في مصر وشعب مصر وتكفوا عن تغييب الشعب المصري ..؟
ألا يوجد بينكم من ينبه ويثقف الشعب المصري سياسيا لوجه الله تعالي ..؟
يا أيها الشعب المصري انتبهوا .. إعلامكم الرسمي والخاص يُشتت انتباهكم ويوجهكم شطرا آخر بعيدا عن صناعه المستقبل ..
اللهم بلغت اللهم فاشهد ..
مجدي المصري
التعليقات (0)