رشدي أحمد طعيمة ومحمود كامل الناقة
تصدر المنظمة الإسلامية الايسيسكـو هذا الكتاب بناء على توصيات اللقاء العلمي الذي عقدته بالرباط سنة 2002 بالتعاون مـع جمعية الدعوة الإسلامية العالمية حول موضوع: اللغـة العربيـة.. إلى أيـن؟، وقد حكـم خطـة تأليف الكتاب سـد حاجـة ملحة إلى مناهـج لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها وخاصة في المجتمعات الإسلامية، والكتاب لمؤلفين ارتبط اسمهما بإعداد مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها لصالح الايسيسكـو، الدكتور رشدي أحمد طعيمة ومحمود كامل الناقة.
وتجعل الإيسيسكـو من قضية تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها توجها أصيلا لما للغة العربية من ترابط قوي بالثقافة الإسلامية، فهي ميسم الفهم الصحيح للدين الإسلامي والأداة الأسمى لحمل الثقافة الإسلامية، وعلى ضوء الترابط الوشائجي ما فتئت الايسيسكـو تجعل من اللغة العربية أساس برامجها التربوية والثقافية لتكون لغة مستقبل الأمة الإسلامية.
وعلى ضوء هذا التصـور يقارب الكتاب بين كفايتي تعليم اللغة العربية أي كفايتها اللغوية والكفايات التواصلية وفق رؤية مندمجة وتكاملية، بحيث يؤسس لاكتسابهما بيداغوجيا في الآن ذاته، كما يسعى إلى تحديد الأسس العلمية لبناء منهاج تعليم اللغة العربية على ضوء المقاربة التواصلية لرصد التمظهرات الناجعة لتعليم اللغة العربية وفق هذه المقاربة على مستوى إعداد المنهاج أو في أساليب تدريس وتقديم المادة اللغوية أو حين عملية التقويم.
فإذا كانت مختلف المناهج التعليمية السابقة قد اعتمدت طرقا وسبلا بات يقال عنها أنها تقليدية، لكونها لا تمحور العملية التعليمية حول المتعلم، ولكون تلك المناهج لم تتفاعل تطوريا في سياق ما عرفه علم اللغة التطبيقي من تقدم نظري وعملي، وهو ما ترتب عنه اقتراح بدائل عملية جديدة لتعليم اللغات الأجنبية، ولبناء منهاج تعليمية وطرائق تدريسية ووسائل ديداكتيكية حديثة.
ولقد طاف الكتاب في دروب البحوث والدراسات العلمية الحديثة، لينتخب المؤلفون استراتيجية تدريسية محكومة بمبادئ المقاربة التواصلية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، من خلال اقتراحهم للمقترب التواصلي أو ما أسموه المدخل الاتصالي لأجرأة مراحل المنهاج ولإدارة الاستراتيجيات التعليمية.
ولقد كان الانطلاق من هذا المقترب بعدما انتهـت أغلب التعاريف الحديثة إلى جوهر التعريف الذي وضعه ابن جني في الخصائص "اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم" وهو ما يركز على وظيفة اللغة التواصلية، لذلك اقترحت طرائق لتعليم اللغة من منظور تواصلي لما يكفله هذا المقترب من نتائج مرضية.
والوقع أن هذه الطريقة تتعامل بصيغ براغماتية صرفة تتوخى التعليم السريع للغة بأسلوب المحادثة بما يمكن المتعلم من لغة التخاطب البين بيني دون أن تمتد إلى القيم الثقافية لتلك اللغة، مع القفز على باقي الوظائف الأخرى للغة وخاصة تمكين المتعلمين من ثقافات هذه اللغة، إلا أن الكتاب قد انتبه إلى هذه الفجوة على مستوى دعم المضامين بالقيم واتجاهات الثقافة الإسلامية، ولكون المنهاج محكوم بخلق فضاء ثقافي يسمح بانغماس متعلمي اللغة العربية فيه لغويا وثقافيا، ومن خلال استراتيجيات التعلمات وكذلك بطرق تدريسية لا تجعل اللغة هدفا في ذاتها أي التمكن من المهارات اللغوية فقط، بل التمكن كذلك من الكفايات التواصلية والثقافية...، وهكذا كان الشق الثقافي موسوما بمنظومة ثقافية إسلامية أصيلة وعالمية، وبذلك يكون الكتاب قد جعل من المقاربة التواصلية بديلا مغريا لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ومشكلا تحـولا في بناء مناهج تعليم اللغات وطرائق تدريسها واستراتيجيات تعليمها.
ولقد عمل الكتاب على تحديد مهارات التواصل، ليخلص مميزا بين الكفاية الاتصالية واللغوية، وموضحا أسس تدريسهما في المنهاج التعليمي على ضوء تطبيقات عملية، ثم استمر بسط الكتاب لمقترحاته الخاصة بمبادئ منهاج تعليم اللغة بناء على المقترب التواصلي في سياق الأسس اللغوية والثقافية والنفسية والتربوية، محددا لعناصر المنهاج المقترح، منهاج متكامل عالج مختلف استراتيجيات تعليم اللغة العربية اتصاليا كالتعليم الإفرادي، والتعلم الذاتي، والتعلم عن بعد، والتعلم التعاوني، والتدريس التبادلي، كما أرفق الكتاب بنماذج تطبيقية لتعليم اللغة.
هـوامـش
- رشدي أحمد طعيمة ومحمود كامل الناقة، تعليم اللغة اتصاليا بين المناهج والاستراتيجيات، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط، 2006.
التعليقات (0)