مواضيع اليوم

تعليق : هل للكلاب لحية .. ؟؟

محمد المودني

2012-03-20 12:26:38

0

تعليق :

هل للكلاب لحية .. ؟؟ 

يحكى قديما ( قبل الإسلام ) أن رجلين كانا جالسين على أطراف القرية في منطقة شبه صحراوية قبل غروب الشمس يناقشان هموم الساكنة فمر بهما كلب غريب تائه ولسانه يتدلى من شدة الحر والعطش ، فانزلقت من أحدهما قهقهة ساخرة وهو يشير بسبابته للكلب بينما احمرت وجنتا صاحبه واقشعر زغب ظهره .. توقف الكلب وجر لسانه ونطق فقال للرجل الساخر : (( ... أتضحك على صورة المخلوق .. أم على تصوير الخالق ..؟؟ )) . استغرب الرجل من نطق الكلب والتفت لصاحبه مذعورا فلم يجده بجانبه كما كان ، ثم عاد بنظره للكلب الناطق فلم يجد له أثرا .. انتابت الرجل رعشة برد شديد وبدأت أسنانه تسطك وبدنه يرتعش رغم حر الزمن والمكان ، وبدأ يحس بتحول غريب في جسده .. في غفلة منه وبقدرة قادر وفي رمشة عين تحول الرجل إلى كلب ككل الكلاب وقد تدلى واحمر لسانه وتمددت أظافر قوائمه وتجمع الذباب على جسده لكن ذاكرته البشرية لم تفارقه .. اغرورقت عيناه وفاضت بدموع الندم والحصرة تدغدغ مشاعر سكان القرية الذين تجمهروا حوله وهم رافعين أياديهم إلى السماء يلتمسون له بقلوب خاشعة العفو من الخالق .. بدأ الرجل المتكلبن يتمسح بأقدام الخلق وبالأرض ويتمرغ في التراب .. فجأة سمع المتحلقون حوله مناديا يناديهم من خلفهم دون أن يروه يأمرهم بالانتشار . ومن مهابة المشهد تفرقوا في صمت مهرولين في اتجاهات مختلفة والدموع الحارقة تنساب على خدودهم ولسان حالهم يردد : (( اللهم استرنا بسترك حتى يسترنا ترابك .. )) . بقي الرجل المتكلبن يتمرغ في التراب رافعا قوائمه نحو السماء يعوي بصوت بشري جد حاد يشق صمت القرية وقد بدأ الظلام يسدل عليها سترته الحالكة .. في لحظة استرخائه وغفيانه انبعث بجانبه الكلب المتكلم وبدأ يتمسح به ويعانقه ويلحس دموعه وكل جسده .. استفاق الرجل المتكلبن من غفوانه ليشهد بأم عينيه على بداية تحول جسده من صورة الكلب شيئا فشيئا وعودته إلى صورته الأصلية .. عادت للرجل إنسانيته كاملة واستجمع جسده وبدأ يطوف ببصره في المكان ففوجئ بوجود صديقه الرجل ، الذي كان يتحدث معه في أحوال ساكنة القرية ، إلى جانبه وهو يلامس كتفيه ولم يجد الكلب الناطق الذي كان يواسيه بلحسات لسانه ...

ارتمى بقوة ولهفة على قدمي صديقه لكنه لم يجد منه غير بلغته بين كفيه ، رفع وجهه فلم ير غير طائر ليلي صغير بين صفحات الظلام يحوم حوله بتأني .. أخذ بلغة صديقه ولمها لصدره بقوة وهو يقبلها بحرارة ثم بدأ يسير بخطوات متسارعة في اتجاه طيران الطائر الليلي على جنبات القرية إلى أن حط على صخرة ضخمة تغطيها أغصان شجرة التوت الشامخة في حضن الجبل المحتضن للقرية التي تفتقر لطبيعة عيش شجر التوت .. أوى الرجل وهو يعانق بلغة صديقه إلى جذع الشجرة وكأنه يستغيث بها فرأى ماء ينساب من تحت الصخرة يسري تحت جذور الشجرة ، خطا خطوات متأنية مع مجرى الماء باحثا عن منبعه .. غاب الرجل تحت جنبات الصخرة .. وطار الطائر الليلي ليغيب في فضاء القرية الدامس .. أرسلت الشمس أشعتها الصباحية إلى الجبل قبل القرية لتبدأ طيور " السقساق " والحمام البري تتعانق مع أخواتها فوق سقف قبة خضراء تتدلى على جنباتها غصون وأوراق وعناقيد العنب تغطيها غصون شجرة التوت وتأثث محيطها أعشاب عطرية خضراء يانعة ويخرج من تحت عتبة مدخلها ماء زلال .. غابت الصخرة الموحشة وقامت مقامها قبة خضراء منعشة .. مع سطوع الشمس جاء صياد الصقور يتتبع نسائم الماء الزلال فانبهر بخضرة ومهابة لم يألفهما .. فارتد متراجعا مهرولا ومناديا بصراخ يشق دماغ الجبل على سكان القرية .. حضر كل القوم نساء ورجالا صغارا وكبارا إلى المكان الذي عهدوه متصحرا فانبهروا بخضرته وهيبته وعطره حيث وجدوا حذاء الرجل المتكلبن على عتبة مدخل القبة الخضراء أين كانت الصخرة الموحشة ، ولم يجدوا بلغة صديقه .. من يومها أصبح حضن الجبل وموقع الصخرة الموحشة الجنة الخالدة لسكان القرية الذين تحولوا بفضلها إلى أسياد المنطقة كلها ...




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات