مواضيع اليوم

تعلموا من "حلالة بويز"

إدريس ولد القابلة

2012-08-20 03:03:01

0

 

منذ أكثر من أسبوعين خلال شهر رمضان و"حلالة بويز" تتجمهر بنظام وانتظام في الساحة الإدارية أمام مقر البلدية تحت حماية إيقونة "حلالة"، البطة البيضاء التي تحفظ ذكراها المعلمة المنتصبة وسط نافورة هناك... رايت بيضاء خضراء وسوداء تسيطر على المكان حالما يتم الإفطار... قبل انطلاق الحناجر بالشعارات والأناشيد الهادفة المدوية التي تمزق صمت ساعة الإفطار تتكون حلقات هنا وهناك تتجاذب أطراف الحديث في انتظار لحظة انطلاقة التظاهرة، لكنها كلها متفقة على قناعة واحدة لا ثاني لها مفادها "جمعوا راسكم أيها الفاسدون المفسدون الوصوليون الانتهازيون، فلن لتنعموا بالراحة إن أنتم أصررتم على التمادي في الفساد وانتهاز الفرص لأن نهج وأسلوب "حلالة بويز" هو الذي سيسود مهما كان الأمر، لأنهم مسلحين بقناعة الإصرار ثم الإصرار حتى تغيير الواقع",
نعم إن القانون الموضوع على المقاس بجانب خصوم "حلالة بويز"، إلا أنه قانون تجاوزه ركب الواقع وعليه أن يتغير لأنه أثبت بما فيه الكفاية أنه يشكل حصن حصين للفساد والانتهازيين الراغبين في تنمية مصالحهم الخاصة باعتبار، خلافا للسابق، أضحت الكاك اليوم "دجاجة بملحها وكامونها وديسيرها" في عيون الوصوليين الانتهازيين الراغبين في الاغتناء على حساب الصالح العام، لذا لا منجوحة عن تغيير هذا القانون أو القذف به إلى مزبلة التاريخ إن تعذر إصلاحه. فالعصر الذي نعيشه هو عصر الجماهير وما تصبو إليه وتريده، وكل قانون لا يتماشى مع الرغبة الجماهيرية الواسعة مآله إلى مزبلة التاريخ. هذه هي الرسالة الأولى التي يتحرك "حلالة بويز" من أجل إيصالها إلى القائمين على الأمور في واضحة النهار وعلى مسمع ومرأى ساكنة مدينة القنيطرة، وهم الآن أضحوا مدعومين، في السر والعلانية، بآلاف المواطنين. ولن تتوقف حركتهم الاحتجاجية الحضارية إلا بعد بلوغ هذا المرمى. ولن يرضوا بأقل من هذا أراد من أراد وكره من كره،لأننا بكل بساطة في مغرب اليوم ولجنا زمن "الشبابقراطية"، وهذا ما بدأت تؤكده حركة تلاميذ الباكالوريا الطين قرروا مسك زمام أمرهم بيدهم بعد أن تم التلاعب بمستقبلهم وأحلامهم، وقرروا اليوم العمل على إسقاط المنظومة التعليمية المهترئة التي أضحت تنتج الجهل والتردي وتقدس الرداءة نثوب المعدلات العالية المفبركة في زمن التفوق، وذلك بفعل المال والنفوذ... بكلمة هذا ما تريده الجماهير، والتاريخ الناشئ في ظل الربيع العربي أثبت رغم أنه في بداية البدايات، أنه إن بدأ رفع شعار "الشعب يريد" فلا مناص من الاستجابة.
إن لسان حال "حلالة بويز" يقول: "يجب أن تعلموا علم اليقين أن لا وجود للكاك دون "حلالة بويز"، إنها حقيقة تاريخية، وكل من غضب عنه "حلالة بويز" عليه أن يتنحى بصمت ليحفظ دم وجهه وبشرف وإلا قذف به قذفا، لأننا في زمن الضفافية والوضوح وتفعيل إرادة الجماهير، وعهد الفرض وإعداد الطبخات في المطابخ السرية قد ولى أراد من أراد وكره من كره".
للتذكير بعد الجمع العام المنعقد بتاريخ 13 يوليوز2012 المنصرم ، و الذي على إثره تشكل المكتب المسير الجديد برئاسة "يوسف شيبو ، برزت بحدة في الأفق تساؤلات حول مستقبل فريق الكاك، اعتبارا لكون عدم تسلم هذا المكتب لوصل إيداع من طرف السلطات المعنية، يشل الحركة ويجعل من المستحيل تهييئ الأجواء و الظروف الملائمة لاستعداد الفريق لخوض غمار المنافسة بشكل طبيعي أو على الأقل بشكل يقلص من الأضرار على درب السعي وراء الرجوع المياه لمجاريها .في هذا السياق اعتبر الكثيرون أن هناك مؤامرة تحاك ضد النادي القنيطري و المدينة بأكملها ، مادام هناك أطراف وجيوب رافضة للتغيير ومناهضة للتصدي للفساد. في ظل هذه الأجواء ، قرّر "إلتراس حلالة بويز" بمعية مسانديهم ومدعميهم الدخول في اعتصام مفتوح أمام مقر البلدية منذ يوم الجمعة 14 رمضان 1433 هجرية، ابتداء من الساعة 17:00 مساءاً إلى 23:00 ليلاً، يوميا رعبة في وضع حد للتلاعبات التي يمكن أن تنعكس سلبا على مسار النادي وتؤدي إلى الغموض و الفوضى واستمرار الفساد والتلاعب بالصالح العام الرياضي بالمدينة.
جاء هذا القرار بعد المرحلة العصيبة التي عاشها النادي القنيطري اضطر حكيم دومو إلى تقديم استقالته من رئاسة المكتب وتمّ تشكيل مكتب مؤقت الذي ظل مشلولا وعاجزا على رؤية مستقبلية واضحة المعالم ومحددة المقاصد ودقيقة الأهداف مما شكل حاجزا امام اي التغيير المتوخى، سيما وأنه بدأ العمل في السر لطبخ استمرار دار لقمان على حالها عوض التزام الشفافية و النزاهة لإرساء التغيير الكفيل بالتصدي للفساد المستطير الذي كاد يقضي على الفريق. لذا أخذ "حلالة بويز" على عاتقهم – مهما كلفهم ذلك- التصدي لهذا المخطط الذي أنجبته منظومة فاسدة ظلت لحقبة من الزمن تستنزف الكاك . هذا هو الذي حرك شباب حلالة.
نعم نحن اليوم في عصر "الشبابقراطية" بامتياز. إن شباب المنطقة (رجال الغد) بتمثيلية مهمة في البنية والهرم السكانيين، يشكل قوة اجتماعية، إلا أن انعكاسات الاختيارات المعتمدة أضحت تهدد بشكل خطير مستقبل اغلب الشباب، باعتبار أن عددا كبيرا ومتزايدا لا مكان لهم تحت شمس وطنهم، هؤلاء لا يتوفرون على شروط الاندماج الطبيعي في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، كما أن كلمتهم لا تلاقي أي اهتمام في أي مجال، حتى في المجال الرياضي الذي يهمهم قبل غيرهم، وهذا منحى أدى بالضرورة، إلى إقصاء وتهميش جزء كبير من جيل بكامله، وهذا أمر خطير وخطير جدا على أكثر من مستوى وصعيد، فهل للأمور أن تستقيم في بلاد فئات واسعة من جيل بكامله، محرومة من أبسط شروط العيش الكريم ومحرومين فعليا وعمليا في صناعة القرارات حتى في المجالات التي تعنيهم قبل غيرهم؟ فماذا ننتظر من شباب لم يوفر له وطنه مكانا تحت شمسه ولا يعتد برأيه؟
كان من المفروض أن يكون الشباب حاملا لعناوين المستقبل، لأن لا مستقبل بدون احترام حقوق الشباب وآرائهم سيما إن كانت سديدة، كما أنه لا مستقبل بدون تشبيب القائمين على الأمور وصناع القرار والحاملين للمسؤوليات في مختلف القطاعات والمجالات.
هناك إجماع حاليا على كون فئات واسعة من شباب قد يئست من أي تغيير إيجابي منتظر لأوضاعها، باعتبار أنهم أضحوا الآن على يقين أن بلدهم ظلمهم، وأن القائمين على الأمور لم يعملوا باختياراتهم وسياساتهم وأولوياتهم إلا على المزيد من تكريس آليات تهميشهم، وبالتالي الإصرار على المزيد من ظلمهم.
يقال إن كل النجاحات الكبرى التي غيرت العالم بدأت بحلم صغير، لكن يبدو أن هذه القاعدة لا تنطبق على حلم الشباب البسيط في العثور على مكان تحت شمس وطنهم حتى في مجال المساهمة في صناعة القرار الخاص بفريقهم المفضل.
لذلك أضحى من الضروري، ليس المطالبة بالاهتمام بمشكل الشباب، وإنما المطالبة بإقرار الشبابقراطية، أي الدفاع عن حقوق الشباب بواسطة الشباب ومن أجل الشباب، الذي عانى الأمرين بفعل دفع فاتورة انعكاسات نهب وتدبير وهدر الثروات والفساد والانتهازية من طرف أناس يتشبثون باستمرار احتلال المواقع ، فكيف لشباب خبر لدغة الثعبان على امتداد أهم مرحلة في عمر الإنسان أن يثق في الغد وفي أولئك الذين يتحدثون عن هذا الغد دون أن رأيهم بعين الاعتبار؟
هناك آلاف من الشباب آمنوا بهذا الوطن.. عشقوا هذا الوطن.. تغنوا به بصدق.. بعيدا عن الحسابات الضيقة والمزايدات لكنهم لم يحصدوا إلا الإحباط تلو الإحباط... وفي نهاية المطاف وجدوا أنفسهم على الهامش مقصيين.. قضوا اغلب فترات شبابهم عالة على أسرهم وذويهم يعاينون تبدد أحلامهم البسيطة، هؤلاء هم شباب مجتمع القاع.
إن إشكالية الشباب في مجتمعنا لم تعد مجرد مشكلة فئة عمرية، مشكلة رجال الغد كما ينعتون، رغم أن أغلبهم لم يفلحوا في إيجاد مكان تحت شمس وطنهم ليعيشوا بدفئها، إنما أضحت مشكلة مركبة تتضمن من بين ما تتضمن، الحرمان من الحق في متطلبات ومقومات أبسط مستوى العيش والحياة والاطمئنان عن الغد القريب والشعور الفعلي في صناعة القرار في مجلات تهمهم قبل غيرهم ، إنما معضلة اختلال ميزان العدالة الاجتماعية بشكل مفضوح، تكرس آلياته اليأس والإحباط وإعادة إنتاجهما، لذا أضحى من الضروري المطالبة بإقرار الشبابقراطية وليس مجرد الاهتمام بمشاكل الشباب، لأن هناك علاقة عضوية بين أنماط التدبير التي مازالت سائدة حاليا، وإنتاج وإعادة إنتاج التهميش والإقصاء الممنهجين.
نتحدث عن ضرورة الإقرار بالشبابقراطية، ولعل تصرف "حلالة بويز" الحضاري دفاعا عن الرياضة بالمدينة مؤشر قوي لهذه الضرورة. لقد أضحت الشبابقراطية اليوم ضرورة تاريخية في زمن كساد مبادرات الحكومة وسياسات القائمين على الأمور، إنها ضرورة تاريخية بفعل تنامي غضب الشباب واستشراء اليأس والإحباط في صفوفهم.
إنها ضرورة تاريخية بفعل استمرار تفعيل وحشد آليات التهميش والإقصاء.
إنها ضرورة تاريخية بفعل الاختلال البنيوي الذي أضحى يحكم قضيته على البنية المجتمعية واستمرار تنامي عطالة المعطلين والمكونين وذوي الكفاءات وسد الأبواب في المساهمة في صناعة القرار.
إنها ضرورة تاريخية لأنه لا يمكن قبول تهميش وإقصاء جيل بكامله.
إنها ضرورة تاريخية لأنه وجب قلب الطاولة على الانتهازيين ومصاصي دماء هذا الوطن ورموز مناهضة التغيير.
إنها ضرورة تاريخية لأننا أضحينا نعيش في زمن رديء، زمن التسابق نحو المصالح الذاتية والفئوية الضيقة.
وإلى من لا يعرف "حلالة بويز" ، انها مجموعة ساندت بإخلاص ودون مصلحة خاصة الكاك عندما كانت في محنة وظلت تدعمها حتى استعادت مكانتها بالقسم الأول. وهي من المجموعات التي ابتكرت اسمها الخاص الذي يفتخر بالهوية المحلية والجهوية، وقد برهنت حضاريا على تألقها رغم كل المضايقات التي تعرضت لها. سيما وأنها ظلت بالمرصاد للفاسدين والمفسدين والانتهازيين والوصوليين. ورغم مرور ثلاث سنوات فقط على ظهورها ، فقد استطاعت فرض نفسها بين باقي "الإلترات" المتواجدة على الصعيدالوطني وذاع صيتها خارج مدينة القنيطرة، بفعل انضباط عناصرها، وحسن تأطيرها، وطريقة تشجيعها الحضارية، وبذلك أبهرت جميع المهتمين والفاعلين الرياضيين وحصلت عن جدارة واستحقاق باعتراف رسمي من الجامعة لها كأحسن جمهور خلال الموسم الفارط.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات