مواضيع اليوم

تعلقات نشرت لي فبي موافع مختلفة في اغسطس ستمبر وأكتوبر2011

mos sam

2011-10-07 22:40:24

0


أبشير إبراهيم October 2011)--

  (الأيادي الخفية وراء إنقلاب ستمبر 1969
 

ليس عندنا شك أنه كان وراء إنقلاب ستمبر 1969 المشئوم أيادي خفية أجنبية خططته ونفذته مخابرات أجنبية معروفة وقد تكون الدول التي ساعدتنا من التخلص مشكورة من نظام القذافي اليوم لها دورمعين في مساعدة إنقلاب ستمبرالمذكور بشكل أو باخر . وقد حاولت البحث في الوثائق البريطانية عن دورهذه الأيادي الخفية الأجنبية في إنقلاب ستمبرالمذكورفلم أجد شيئا صريحا ، سوى تلميحات بعض الدبلوماسيين البريطانيين عن إحتمال وجود دور للمخابرات الأمريكية على مستوى محلي. ولا شك أن الحكوكة البريطانية لا تنشرعادة الوثائق الهامة التي تسئ ألى علاقات بريطانيا مع السياسيين الأحياء الذين لا زالوا في الحكم . ونأمل بعد إنتهاء حكم القذافي أن تبادر الحكومة البريطانية بنشر كل وثائقها عن ثورة ستمبر 1969 حتى تتاح الفرصة لكتاب التاريخ الرجوع ألى مصادر موثوقة قي هذا الصدد . كما نأمل من ثوار 17 فبراير أن يبحثوا في وثائق عهد القذافي ونشر أية وثائق يمكن العتور عليها عن هذه الأيادي الخفية التي ساهمت في إنقلاب ستمبر المشئوم وتعاونها مع نظام القذافي في الفترة التي تلت أحداث ستمبر . أن إحداث إنقلاب ستمبر المشئوم تمت بتخطيط ودقة وسهولة تجعلها موضع تساؤل . صحيح أن البلاد في العهد الملكي كانت مفتوحة يتمتع فيها المواطنون بحرية الأتصال مع الخارج والتنقل وبعض الحريات الاساسية التي لا تتوقر في البلاد العربية الأخرى في تلك الأونة . وكان جانب تسامح الحكومة والصفح المبالغ فيهما مع المعارضين للنظام ومع كل من حاول القيام بالأنقلاب أو خطط له علنا وسرا وأستطيع أن اقول أنه لم ينفذ حكم أعدام في ليبيا قي فترة العهد الملكي إلا مرة واحدة. وكل من حكم عليه بالاعدام أوقف تنفيذ الحكم لأسباب حالا ت المجرمين النفسية وعفو الملك. هذا التسامح والصفح خطر في السياسة ساعدا أصحاب الطموح مثل تلك الطغمة الفاسدة الجاهلة من ضباط الجيش الليبي بقيادة شخص معقد مخبول إستغلت الأوضاع المستقرة للوتوب على السلطة في ستمبر 1969. وقد تمت عملية الأنقلاب بسهولة وتم القبض في الأيام الأولى على جميع من تولى منصبا عاما من رؤساء الهيئات الدستورية التشريعية والتنفيذية والوزراء ووكلاء الوزارات والنواب المنتخبين وكبارصباط الجيش والأمن الكبار وأحال معظم السفراء ورؤساء الادارات وعمداء كليات الجامعة والهيئات العامة على التقاعد . أي كل الذين كانوا في السلطة والسابقون منهم طوال العهد الملكي مع إستتناءات قليلة جدا . والغريب إن إعتقال هذا العدد الضخم لم يؤثرفي تسييرالامورفي الأدارة فقد حل موظفون محل زملائهم المعتقلين من كبار الموظفين وواصلو ا تسيير الاعمال . وهذ يرجع إلى كفاءة الأنظمة الأدارية التي كانت سائدة في العهد الملكي رغم حداثة إستقلال البلاد . .ولم تجد طغمة إنقلاب ستمبر أية مقاومة لأن جميع المسئولين المدنيين في العهد الملكي كانوا غير مسلحين وليس لهم حراسة على الاطلاق فهم في أمان في عملهم وبيوتهم ولاكتائب خاصة لهم ولا إستنهاض قبلي مسلح كما عمل مسئولي نظام القذافي . أما ضباط الجيش والأمن السابقين فقد وقعوا في خديعة لانهم كانوا يتوقعون حدثا داخليا رسميا فلم يتحركوا حتى سيقوا جميعا الى السجن . حتى رجال القبائل في شرق ليبيا وغربها والذين قاوموا الأحتلال الأيطالي مقاومة شرسة والذين كانوا يلعبون دورا في العهد الملكي أختفوا في نجوعهم ولزموا بيوتهم ، ولم نسمع منهم سوى التسابق لـتأييد الانقلاب . وهذا يقلل من أهمية فزاعة القبلية التي نسمع ترديدها اليوم. أما الشعب فقد ساده وجوم مخيف طبعا بأستتناء الأطفال والشباب المؤيد للرئيس عبد الناصر رحمه الله ، أوالذين لا مسئولية وطنية لهم ، وطلاب الفوضى في أي إختلال أمني ، فقد رحبوا بالأنقلاب بأمل عسى أن يكون إنقلاب ستمبر البغيض إمتدادا للثورة القومية التي كان عبد الناصرينادي بها ، هذا الامل تلاشى كالسراب بعد إستقرار الأوضاع ومنذ السنوات الاولى . هكذا تم إنقلاب ستميرالمشئوم بسهولة وقبله في سنواته الاولى جميع الليبيين الشباب مخيريين والكهول والشيوخ مضطرين . واقترح أن يحاسب كل من شارك في إنقلاب ستمبر وأنتهك حقوق الأنسان في تنفيذه وهي جرائم لا تسقط بالتقادم . ومن أهم الأسباب الرئيسية التي ساعدت إنقلاب ستمبر المشئوم كان التشردم بين الشعب والحكومة نتيجة إلغاء الأحزاب ، ونزاع وتناقس على السلطة بين الاقاليم ، وبين القبائل ، وأنقسام قوات الأمن بين الشرق والغرب وإنعدام السلطة المركزية بغياب الملك إدريس رحمه الله . ورغم إعلان ألملك إدريس لوحدة ليبيا سنة 1963 لكن هذا الاعلان لم ينفذ عمليا لأسباب كثيرة وكان سبب التشردم والانقسام . أن أوضاع ثورة 17 ستمبرالمباركة تختلف كثيرا عن إنقلاب ستمبر المشئوم . فهي ثورة مشروعة أطلقها شباب ليبيا المؤمن ببلده على الظلم والطغيان الذي عاشه تحت حكم القذافي المظلم والمنغلق لفترة 42 عاما . العهد البغيض الذي شاب فيه الطفل الرضيع ولم يعد أكثر من80% من الليبيين يعرفون حكما غيره ولا تاريخ بلادهم العظيم. واليوم وقد زالت نشوة نجاح الثورة وظهرت بوادر الخلاف حري بنا أن نجعل من دروس إنقلاب ستمبرالبغيض وعهده الفاسد درسا لنا في المراحل الأولى من ثورة 17 فبراير المباركة . فنتوحد وننسى خلافاتنا الأيدولوجية، وإنتمائتنا الاقليمية والقبائلية، تحت لواء علمنا الوطني في ليبيا الموحدة . ونوطد أمن بلادنا ونننظم أنفسنا ونختار خيارنا من أهل الثقة والكفاءة والخبرة لتسيير أمور البلاد ، ونتذكرالأخطار التي تحيط بنا حتى لا نفجأ بفرد أوفئة من أهل الطموح الشخصي تحت مسمبات كثيرة وهم كثيرون تقفز في ليلة بلا قمر، لا قدر الله ، على الحكم . ويساق شباب ثورة 17 فبراير ورجالها إلى القتل والسجون. أقول هذا حتى لا يعيد التاريخ نفسه ولا نرجع ألى حكم الفرد أو حكم الفئة والذل والهوان بعد هذه التضحيات العظيمة التي سجلها شباب ليبيا .
بشير إبراهيمSeptember 2011
تصريحات الدكتور محمود جبريل
تصريحات الدكتور محمود جبريل اليوم تبعث على الأطمئنان بأن المجلس التنفيذي بدأ يعالج المشاكل المستعجلة التي أنشئ من أجلها . فصرف مرتبات لأسر الشهداء والمجاهدين في جبهات القتال والأهتمام بالجرحي ونقلهم الى العديد من الدول للعلاج شئ يتلج صدورنا جميعا ففضل هؤلاء الشهداء والجرحى على ليبيا لن تنساه الأجيال تلي الأجيال القادمة . كما أن تأكيد الدكتور جبريل بأنشاء مجلس للمناقصات وعدم السماح للوزارات بالتعاقد المباشر مع الشركات خطوة في الأتجاه الصحيح . وكذلك تعهده بنشر حسابات المجلس الأنتقالي والمجلس التنفيذي وتفاصيل الدخل والمصروفات ، وإشراف ديوان المحاسبة عليها أمرعظيم الأهمية . كما نأمل أن يستمر المجلس التنفيذي في التركيز على الخدمات الضرورية المستعجلة في مجالات الأمن والصحة والتعليم وترميم ما تهدم، وإكمال تحرير المدن والقرى الليبية ، وإتخاذ الأجراءا ت اللازمة لتنظيم شئون الأمن وحماية الحدود الليبية ومنع هروب رجال عهد القذافي . ووضع المسئولين السابقين تحت رقابة مشددة موحدة ، وقيام النائب العام بمطالبة الدول الأجنبية والهيئات الدولية بالقبض على من هرب من عائلة القذافي والمسئولين السابقين . وتقيمهم للمحاكمة امام السلطة القضائية المستقلة الحالية بعد تطهيرها أو التي ستنشأ مع الفترة الدستورية بعد أنتخاب البرلمان والحكومة .
لقد إنزعجنا في الشهور والأسابيع الماضية بما كنا نراه ونسمعه عن الأستتمارات الأجنبية وزيارات رؤساء دول وحكومات ووفود ،وتصريحات مسئولين أجانب و ليبيين حول علاقات ليبيا بدول معينة وإعطاء وعود مسبقة بمعامة تفضيلية لها . إننا نعتقد أن هذه المواضيع سابقة لأوانها . وهي من إختصاص السلطات المنتخبة التي ستتولى تسيير أ مور البلاد في المستقبل . إننا نعتقد أن المجلس الانتقالي والمجلس التنفيذي غير مفوضين بالدخول في وعود بمعاملة بعض الدول التي ساعدت ليبيا رعاية خاصة في تنمية ليبيا ، أوعقد إتفاقيات تجارية أو مالية او إقتصادية أو سياسية أوالقيام بنشاط لرسم العلاقات الليبية الدولية في المستقبل . ولا في إعطاء عقود إنشاء أو مشاريع تنمية أو إمتيازات تنقيب جديدة وغيرها . إن الثورات العربية في مصرأو تونس واليمن وسوريا وليبيا لم تكن من أجل الحريات فقط بل كانت ثورات شعبية لوقف النزيف الاقتصادي والأستغلال لمشاريع التنمية المشبوهة ، والتوسع في تشجيع الأستتمارغير المدروس، والمشتريات المشبوهة بأسعار عالية وعمولات ضخمة للمسئولين . وبيع أراضي الدولة بأسعار إسمية للشركات الأجنبية ولكبار المسئولين . كل هذا التمادي للأنظمة السابقة والتوسع في هذه المجالات وتفشي الرشوة والاستغلال وتراكم ثروات المسئولين كانت السبب المباشر في قيام الثورات العربية . واليوم يصر الثوار على تنظيم هذه المجالات وعدم تسرع السلطات الانتقالية من البت فيها حتى يتم إنتخاب الهيئات الدستورية ، ووضع خطط التنمية الأقتصادية السليمةعلى أسس علمية وحاجات فعلية للشعب ، وليست لمشاريع إستغلالية وبناء ناطحات السحاب وفنادق وإستتمارات خارجية مشبوهة . ومنع العقود المباشرة مع الشركات والدول ووضع نظام قانوني للمناقصات والمشتريات تحت رقابة سلطات منتخبة مسئولة في المستقبل وإشراف وملاحقة الهيئات القضائية لأعمالها .أننا نشكر الدكتور محمود جبريل على وضع يده على الجرح في المجالات الهامة التي تهم الشعب الليبي والتي يجب أن تعطى الأهمية القصوى كما نأمل أن يهتم بمجال الاعلام فنريد مزيدا من أخبار الثوار في الميدان حياة أولادنا الثوار في الميدان ومدى الاهتمام برعايتهم . كما نريد أن نعرف تفاصيل الأعتقالات لأركان النظام السابق وجلاديه والتحفظ على أموالهم التي تراكمت بغير وجه حق ونشر وثائق العهد القذافي. ومزيدا من المعلومات عن نشاط المكتب التنفيذي حول الشئون والتنظيمات الأمنية . كما نريد أن نسمع المزيد من أخبار أنشطة المجلس الأنتقالي والمجلس التنفيذي . وبت تلفزيوني لتصريحات ومناقشات بين المسئولين على القطاعات المختلفة والاعلاميين وأفراد الشعب لمعرفة ما يجري . وتشغيل محطات الراديو والتلفزين المطلة وإصادر صحيفة رسمية . والسماح بصدور الصحف المستقلة وتقديم الدعم العادل لها للمشاركة في خلق الراي العام المستنير . وقبل إختتام تعليقي اود أن اقول إن قرار الدكتور محمود جبريل بعدم دخول الحكومة الانتقالية بعد التحرير قرار سليم . وستعمل الحكومة الانتقالية على الأستفادة منه في مجالات كثيرة . وخروجه من الحكومة الأنتقالية يمكنه من ترشيح نفسه للبرلمان القادم ودخول الحكومة المنتخبة .
بشير إبراهيم September 2011
الذكرى الواحد والاربعون لوفاة
شهيد الوطن السيد محمود أحمد ضياء الدين المنتصر
أول رئيس وزراء ليبيا بعد الأستقلال
نتذكرك في هذه اليام العظيمة التي يحتفل فيها الليبييون بأنتصار الشباب الليبي المؤمن بوطنه وكرامته على طاغية هذا الزمان القذافي الذي إبتليت به ليبيا لمدة أثنين وأربعون عاما . نتذكرك يوم 30 ستمبر 1970 الذي رحلت فيه روحك ألى بارئها راضية مرضية ونترحم عليك وندعو الله أن يديم عليك الرحمة والغفران . لقد كنت في طليعة الرواد الليبيين الذين شيدوا صرح إستقلال ليبيا ومجدها وكنت الساعد الأيمن والسند المخلص الوفي قبل وطوال سنوات الاستقلال لمؤسس ليبيا وعاهلها الملك محمد إدريس السنوسي الاول رحمه الله وأسكنه فسيح جناته . لقد عرفت في حياتك بالحكمة وبعد النظر في البت في أمور البلاد وأحترمك كل السياسيين أنصارك وخصومك على السواء . لم تسعى في حياتك السياسية لبناء شعبية كاذبه كما يفعل الساسة الذين يفتقدون صفات الزعامة فقد كان المجد يأتي إليك ولم تسعى إليه , كنت تكره المديح والتطبيل في وسائل الأعلام ولا تعد إلا بما تستطيع إنجازه . ولا تجاري الساسة الذين يقولون ما لا يفعلون .كنت تتمتع بنزاهة فريدة
وحنكة سياسية ثاقبة وخبرة طويلة في الشئون العامة وإخلاص أصيل للوطن وحب كبير للشعب وصراحة صادقة . في نزاهتك وحرصك على المال العام كنت تقول إن من يمد يده بغير حق إلى الأشياء الصغيرة لا يتردد في مد يده إلى الأشياء الكبيرة ’ حكمة يعمل بها الساسة العظام الذين لا يريدون جزاء ولا شكورا في خدمة الوطن والأخلاص في خدمة الشعب . كنت شهما بعيد النظر تعمل بما تؤمن به وتطلب الكمال من شعب لم يصل ألى مرحلة النضوج. وكان خصومك يعرفون هذا فيك فيهاجمونك ويحترمونك . وكان سلوكك الشخصي بعيدا عن الأقاويل . كنت تحب أولادك حبا عظيما وتضحي من اجلهم لأتمام تعليمهم العالي صغارا ورعايتهم كبارا . لا زلت أتذكرك لما كنا في سجن الأعتقال في بورتا بنيتو في أوائل أيام ثورة الواحد من ستمبر المشئومة لم تكن تفكر في نفسك وأنت في السجن رغم مرضك وشيخوختك التي لم تحترمها طغمة ثورة ستمبرالمشئومة . وكان جل تفكيرك في أبنك الأكبر الدكتورعمر محمود المنتصر الذي إستدعته الثورة على عجل من لندن . فلم يغمض لك جفن حتى سمعت أنه رجع إلى بيته أمنا قأرتحت ونمت راضي البال. تحملت المسئولية عن كل ما عملت في الحكم حافظت على التمسك بأخلاصك للملك إدريس في السجن وأمام رجال التحقيق والمحكمة الجائرة التي قدمت لها بغير وجه حق . وقد لاقى كل الطغاة الذين أساءوا إليك مصيرهم المحتوم وأخرهم كبيرهم الطاغية القذافي الذي يتنقل اليوم من حفرة إلى أخرى للنجاة بنفسة قبل أن يلاقي مصيره المحتوم مثل صدام حسين . ان الله يمهل ولا يهمل وسبحان الله الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء . لقد توليت حكم ليبيا في وقت كانت فيه البلاد أفقر دولة في أفريقيا وفي العالم بشهادة خبراء الأمم المتحدة . واستطعت االحصول لهاعلى مساعدة دولية من بريطانيا وأمريكا لمواجهة نفقات التاسيس وتكاليف الأدارة الضرورية للبلاد . ووقعت من أجل ذلك معاهدة أستمرار القواعد العسكرية التي كانت في ليبيا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لفترة من الزمن ولم يكن أمامك خيار للحصول على المال اللازم لدولة فتية لا تملك مصادر للدخل لتسيير أمورها . وقد كلفك هذا ثمنا باهضا وأستطاع خصومك في الداخل والخارج الوقيعة بينك وبين الشعب الليبي الذي تحبه وتسعى لخدمته . وما أن تغيرت أحوال البلاد ورزقها الله بالنفط من حيث لا تعلم حتى سارعت بأعلان إلغائك للمعاهدة البريطانية والأتفاقية الامريكية سنة 1964 في حكومتك الثانية . ولم تخرج من الحكومة حتى تأكدت من قبول بريطانيا وأمريكا لجلاء قواتها وتحقق فعلا جلاء أخر جندي بريطاني من البلاد ووعد الأمريكيين بالجلاء في موعد انتهاء المعاهدة سنة 1970 بعد وساطة من زعيم عربي بعدم الضغط على أمريكا بطلب الجلاء العاجل لأنها الدولة الوحيدة التي يأمل العرب في مساعيها لحل القضية الفلسطنية . وقد تم فعلا جلاء القوات الأمريكية في موعدها في سنة 1971 وقد أعطي الفضل لهذا الجلاء تجنيا للطاغية القذافي وطغمته التي شاركت في إنقلاب الفاتح من ستمبر بدلا من تسجيله لك ولزميلك وصديقك الكبيرالمرحوم حسين يوسف مازق وزير خارجيتك ورئيس الوزراء بعد إستقالتك لأسباب صحية . كما أتهمت بتزوير الأنتخابات وكنت أعرف حرصك على نزاهتك في التعامل السياسي . ولا زلت أذكر إنتخابات 1964 وكنت تتابع وانت مريض في لندن وترسل برقياتك المشددة إلى رئيس الوزراء بالوكالة ووزير الداخلية في حكومتك للمحافظة على نزاهة الأنتخابات . وعندما ترامت إليك شكاوي المرشيحين وسجن بعضهم قدمت إستقالتك ألى الملك لعدم إستطاعتك الرجوع للأشراف بنفسك على الأنتخابات بسبب إصرار الأطباء على عدم قطع علاجك الضروري . ولكن الملك إدريس رحمه الله طمنك ورفض إستقالتك ألى حين وطلب منك الأستمرار في علاجك . ولم يهدأ لك بال حتى قمت بحل مجلس النواب المنتخب في غيابك حال رجوعك الى الوطن بعد إتمام العلاج . هذه لمحة مستعجلة عن بعض حسناتك وأنجازاتك الكثيرة . وأسف لعدم الأسهاب فسيرتك تحتاج الى مجلدات وليس كلمة عابرة من شخص عايشك عن قرب . وأسف فلم أعطيك حقك من الرثاء فقد وهن العقل وضعف الجسم وغابت العبارات وجف القلم. لا زلت اذكر إني خرجت لأول مرة من بيتي منذ خروجي من سجن إنقلاب ستمبر لاحضر جنازتك وأودعك الوداع الأخير ولم يكن في ذهني إني سأودع ليبيا أيضا بعد وفاتك لمدة خمسة وتلاتين سنة لم تطأ فيها قدماي ليبيا الحبيبة حتى الأن هربا إختياريا من الذل والهوان ومن حكم زمرة ضالة فاسدة تتحكم في رقاب الناس وحرياتهم .
بشير إبراهيم September 2011
الشعب يريد
الشباب والشهداء في قبورهم لم يضحوا من أجل تغيير دكتاتور بدكتاتور أخر أو زمرة متحكمة في أمور الناس بزمرة أخرى . أن الشعب الليبي مل حياة حكم الفرد لا أحد يتكلم غيره ولا ترى صورة إلا له ولا رأي لأحد غيره وكل ما يسمع طوال اليوم صوته وصورته في التلفزيون . الشعب لا يريد رئيس المجلس الأنتقالي ولا رئيس المجلس التنفيذي أن يتكلم بأسمهم ويقال لهم أن النضال ليس معيار المشاركة في الحكومة أو أن الكعكة لم تدخل الفرن بعد . الشعب الليبي هو الذي يضع معايير الحكم ومن يحكم ومن يدخل الحكومة ومن يخرج منها ويعرف متى تنضج الكعكة . الشعب لا يريد معلما جديدا كالقديم الذي يحدد لهم تاريخا هجريا جديدا أو أن شهر يناير إسمه شهر أي النار . الشعب بايع السيد عبد الجليل لكنه لم يعطيه ورقة على بياض ، فقد بايع معه المجلس الأنتقالي من دون أن يعرف حتى أسماء أعضاءه كفريق عمل ، لأن الشعب ثار على حكم الفرد . الشعب يريد الأن معرفة أعضاء المجلس الأنتقالي جميعا وكيف إختيروا وسيرة حياتهم . الشعب يريد تقارير عن أعمال المجلس الأنتقالي وقراراته اليومية ويريد ناطقا بأسم المجلس . الشعب يريد رئيس المجلس الأنتقالي عندما يخطب يقول المجلس الأنتقالي يريد والمجلس الأنتقالي قرر أوسأعرض هذا على المجلس الأنتقالي . والشعب يريد أن يرى صور أعضاء المجلس الأنتقالي حول رئيس المجلس عندما يخاطب الشعب ويريد صور أعضاء المجلس الأنتقالي يتكلمون إلى اهل مدنهم وإلى الشعب الليبي كل يوم على التلفزيون وفي الصحف وتقارير وكالات الأنباء . وعلى رئيس المجلس عرض خطبه و مشاريع سياساته على المجلس الأنتقالي قبل النطق بها . المجلس التنفيذي ليس حكومة مؤقتة حتى لو غير أسمه إلى حكومة مؤقتة . إنه جهاز تابع للمجلس الأنتقالي لتنفبذ قرارات المجلس الأنتقالي وليس له حق إصدار قرارات بل لوائح أو القاء خطب في المحافل الدولية سوى ما يحملهم المجلس الأنتقالي قوله أو التعهد به في حدود إختصاصاته المؤقتة . رئيس المكتب التنفيذي ليس رئيسا لحكومة لأن رئيس المجلس الأنتقالي هو رئيس الحكومة ورئيس الهيئة التشريعية ومجلس السيادة . ولهذا أتعجب أن يتجرأ أن يقف أحد ويقول ليبيا ستكون كذا وكذا وستعمل كذا وكذا . من فوضه بذلك ؟هل المجلس الأنتقالي درس خطبته ووافق عليها قبل إلقائها ؟وإذا حدث هذا هل من صلاحية المجلس الأنتقالي ان يرسم سياسة ليبيا في المدى القصير والطويل ؟ .الذي نعرفه إن مهام المجلس الأنتقالي الأشراف على تحرير البلاد وأعادة الأمور إلى نصابها العادي توفير الماء والكهرباء وحاجات المواطنين الأستهلاكية وخدمات الصحة والتعليم وبناء ما تهدم . أما رسم سياسة ليبيا وهل ستكون إسلامية معتدلة أو دينية أو علمانية أو علاقة وصل بين الشمال والجنوب وسياسة ليبيا من الهجرة الأفربقية وأمتيازات النفط وعقوده وإتفاقاته هذه كلها شئون سياسية وسيادية لا يقررها الا المجلس القادم المنتخب والسلطات التشريعية والتنفيذية التي سنشأ بعد الأنتخابات . الشعب لا يريد قرارات من القمة فقد عاش 42 عاما ينفذ قرارات القمة . أي قرارأو خطاب يجب أن يكوم صادرا من المجلس الأنتقالي أو البرلمان المنتخب بعد ذلك أو بتفويض منهما حتى الحكومة المنتخبة يجب أن تعمل وتنطق بتفويض محدد من البرلمان وليس من فرد مهما كان مركزه . الاعلام الرسمي هوأعلام الناس بما يجري في المجلس الأنتقالي والحكومة وتوعية الشعب لأعادة الحياة العادية إلى مجراها الطبيعي . أما الكلام عن السياسات التي يجب إتباعها في المستقبل ونوع الحكم وهيئاته وتوعية الناس بدورهم السياسي والأجتماعي والسياسي فهذا من مهام الأعلام غير الرسمي والأحزاب ثم بعد ذلك البرلمان والحكومة المنتخبين . الحكومة الديمقراطية يجب أن تكون بالشعب وللشعب وليست بالزعيم وللشعب
بشير إبراهيم September 2011
شرط تولي المناصب السياسية في الفترة الأنتقالية
لم نسمع من الذين يتدافعون إلى تولي المناصب الوزارية والسلطة ما سمعناه من المستشارمصطفى عبد الجليل بأنه لن يرشح نفسه لأي منصب سياسي أو برلماني بعد الفترة الأنتقالية المحدة للمجلس الأنتقالي بثمانية أشهروالتي سيتولى السلطة بعدها المؤتمر العام المنتخب والحكومة المؤقتة حتى تتم الموافقة على الدستور والأنتخابات ويتسلم الرئيس والبرلمان المنتخبين السلطات الدستورية في بحر سنة من إنتخاب المؤتمرالعام . هذا الوعد الصريح من رئيس المجلس الأنتقالي بعدم الترشح للبرلمان أو لأي منصب عام في الأنتخابات القادمة يجب أن ينطبق على جميع أعضاء المجلس الأنتقالي ورؤساء وأعضاء مجالس المدن لمدة أربع سنوات على الأقل . حتى يشعر جميع الطامحين في العمل السياسي بالراحة وعدم التنافس على المناصب الوزارية والسياسية في الحكومة الانتقالية . كثير من الراغبين في دخول الحكومة الأنتقالية اليوم سيمتنعون عن قبول مناصب وزارية حتى لا يحرمون من دخول الأنتخابات القادمة . ويبقى العمل قي الفترة الأنتقالية عمل تطوعي وليس لتسلق سلم السلطة . نامل تأكيد هذا للشعب وإصدار قانون ملزم بهذا الشرط . وفقا لهذا القانون يطلب رسميا من كل من يريد الأستمرار في عضوية المجلس الأنتقالي أو رئاسة وعضوية مجالس المدن الأنتقالية توقيع تعهد بعدم ترشيح أنفسهم للمؤتمر العام القادم والحكومة المنبثقة عنه أوللرئاسة وللبرلمان للفترة البرلمانية الأولى أو فترة أربع سنوات على الأقل , هذا الشرط بعدم الترشح لمدة أربع سنوات للبرلمان والمناصب العامة يجب أن ينطبق أيضا على جميع من عمل في نظام القذافي في منصب عام منذ ثورة الفاتح من ستمبر مع تقديمهم جميعا للمحاكمة كما تعهد المستشار مصطفى عبد الجليل بتقديم نفسه للمحاكمة على فترة الأربع سنوات التي قضاها في حكومة القذافي . هذا الوضوح يسهل من مهمة رئيس المجلس الأنتقالي الذي بايعه الشعب منذ الأيام الأولى للثورة . ويطمن الشعب بأن من يتقلد المناصب السياسية في الفترة الانتقالية هو متطوع مجاهد وليس متسلقا للسلطة بدون إنتخاب من وراء الشعب . وهذا لا يخالف حقوق من يحرم من الترشح للبرلمان القادم لأن المناصب السياسية في الفترة الأنتقالية تسند بالتعيين المشروط وليس بالأنتخاب .
بشير إبراهيم September 2011
لو دامت لغيرك لما وصلت لك
ليلة الفاتح من سبتمبر 1969م
بشير السني المنتصر
عند حوالي الساعة الرابعة صباحًا من يوم الاثنين 1 سبتمبر 1969م رن جرس الهاتف في بيتي فاستيقظت، إذ كنت أتوقع مكالمة في ساعة متأخرة من الليل من السفير الليبي لدى الأمم المتحدة بنيويورك الدكتور وهبي البوري لتأكيد تفاصيل زيارة المستر يوثانت الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يوم 5 نوفمبر، وهي التفاصيل التي سبق لي دراستها مع رئيس الوزراء السيد ونيس القذافي. وبمجرد إجابتي على الهاتف فوجئت بالمتكلم يستفسر مني عن اسمي ومتحججًا أنه يريد شرطة النجدة، الأمر الذي أثار غضبي فأجبته بأنه كان الأولى به التحقق من الرقم الذي يريد مكالمته بدلًا من أن يزعج العباد في مثل هذه الساعة المبكرة من الصباح وأنهيت المكالمة.
وفي الساعة السادسة صباحًا رن جرس الهاتف من جديد، وكان المتكلم الحاج صالح اهميلة رئيس مستودع سيارات رئاسة مجلس الوزراء، وكان غاضبًا، وقال لي بأن رئاسة مجلس الوزراء محاطة بالجيش وأنهم منعوا السيارات التي ستنقل الوزير المغربي الضيف السيد عبدالهادي بو طالب ومودعيه إلى المطار من الخروج، وكذلك منعوا خروج بقية سيارات الوزراء. ورغم استغرابي لمثل هذا الإجراء الأمر الذي جعلني أعتقد أن شيئًا جديدًا قد حدث أثناء الليل، وأن رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع قد يكونوا اتخذوا إجراءًا مستعجلًا بإعلان حالة الطوارىء وتكليف الجيش بتولي الأمن في البلاد، خاصة وأننا جميعًا كنا نتوقع أخبارًا هامة مثل استقالة الملك، أو إجراء تغيير في نظام الحكم، ولهذا طلبت من الحاج اهميلة أن يتقيد بأوامر الجيش وعدم إخراج السيارات حتى اتصل به بعد أن أتحرى عما يجري.
وبعد دقائق رن جرس الهاتف من جديد وكان المتكلم والدي الذي يصحو مبكرًا لصلاة الصبح، وكان يقيم في وسط المدينة قرب سيدي الشعاب قريبًا من رئاسة مجلس الوزراء، وأخبرني بأنه سمع طلقات رصاص وأن سيارات الجيش تملأ شوارع المدينة واستفسر عما كنت أعرف بما يحدث، وطلب مني الاستماع لمحطة الإذاعة إذ هناك بيانات تذاع. وفعلًا فتحت على محطة الإذاعة وسمعت بيان حركة الجيش والموسيقى العسكرية فتأكدت أن حدثًا خطيرًا قد حدث. فحاولت الاتصال برئيس الوزراء ووزير الداخلية في البيضاء ومدير الأمن العام في طرابلس ولكن يظهر أن خطوط الهاتف مع برقة قد قطعت كما أن هواتف كبار المسئولين في طرابلس قد قطعت أيضًا، واستغربت بقاء هاتفي شغالًا، إلا أنني تذكرت بأنه لا أحد يعرفه وغير مسجل في دليل الهاتف.
وبعد دقائق اتصل بي السيد محمد الخويلدي، رئيس قسم المراسم بوزارة الخارجية، وكان يسكن في وسط المدينة وقال لي إن قوات الجيش منعت الناس من الخروج من بيوتها ولا يعرف ماذا يفعل، لأنه يريد الذهاب إلى فندق الودان لمرافقة الوزير المغربي إلى المطار حسبما سبق وأن اتفقت معه عليه، فطلبت منه الانتظار حتى تتضح الأمور. وكانت تدور في رأسي تفسيرات عديدة لما كان يحدث بعد سماعي للبيانات التي تبثها الإذاعة، وعن من هم يا ترى زعماء الانقلاب؟
كنت أعرف بعض ضباط الجيش الكبار من رتبة عقيد إلى رئيس الأركان. ومعظم العقداء كانوا من جيلي وقد كان بعضهم زملاء لي في الدراسة في المدرسة الثانوية في طرابلس، كما أن الكثير منهم كانوا في القاهرة في الكلية العسكرية في نفس الوقت الذي كنت أدرس فيه في جامعة القاهرة. وكنت أعتقد أنهم بعيدون عن السياسة رغم تذمر معظمهم من مجرى الأمور في الجيش، وفي البلاد بصفة عامة. كان التفسير الوحيد والذي استقر عليه رأيي هو احتمال استقالة الملك، الشئ الذي عودنا عليها. إذ قد يكون قرر خطة جديدة بعد فقدانه الأمل في السياسيين، بأن يولي الجيش حكم البلاد بقيادة العقيد عبدالعزيز الشلحي وضباط وأفراد الجيش الموالين له وللملك، بما فيهم دون شك ضباط قوة دفاع برقة، إلا أن نغمة البيانات والأناشيد والتعليقات التي كانت تبثها الإذاعة لا تتمشى مع مثل هذا التفسير، إذ كانت كلها ضد الملك، ولا أعتقد أن العقيد عبدالعزيز الشلحي يوافق عليها.
وزادت شكوكي عندما أذيع خبر تعيين العقيد سعد الدين أبوشويرب قائدًا للانقلاب، إذ هو زميل لي في الدراسة وأعرفه معرفة جيدة كما أعرف أنه خرج من الجيش. ورغم اطمئناني لشخصية العقيد سعد الدين أبوشويرب لكونه شخصًا معتدلًا ومتعلمًا وذا خبرة في الجيش وعارفًا بشئون البلاد وينتمي إلى عائلة معروفة ومحترمة، إلا أنني لم أصدق ذلك، وكنت أرى أن إذاعة خبر تعيينه ما هو إلا تغطية من طرف الضباط الموالين للعقيد عبدالعزيز الشلحي، حتى يضمنوا بذلك تأييد باقي عقداء الجيش الغير موالين لهم.
بعد تعذر اتصالي بأي من المسئولين وعدم استطاعتي القيام بشيء، إذ لم يكن للوزراء في النظام الملكي، أي دور في شئون الأمن أو سلطة أو اتصال مباشر بقوات الجيش أو الأمن، بل حتى بيوت الوزراء وتحركاتهم كانت بدون حراسة على الإطلاق. ولهذا قررت الانتظار وكلي اطمئنان ولم يساورني أي خوف، حيث كنت واثقًا من أنني لم أرتكب عملًا ضد بلادي، ولم أشترك في أي فساد سياسي أو مالي والحمد لله، فأنا لا زلت في بداية السلم الوزاري، وجئت للوزارة من الوظيفة العامة كخبير، ولم يكن في رصيدي في المصرف حينذاك سوى بعض المدخرات، كنت أوفرها من مرتبي للإجازة التي تعودت عليها سنويا في الخارج، ولم أملك أي حساب بأي مصرف خارج ليبيا أو ممتلكات.
كنت أعيش بمفردي في بيت بحي قرقارش في طرابلس دون حرس، سوى خفير عينته إدارة الأملاك الحكومية لحراسة أثاثها المعار لبيتي، وذلك نظرًا لتغيبي الطويل في مدينة البيضاء. وكان معظم جيراني من الأجانب العاملين في شركات البترول، والذين لم يكن لي اتصال معهم، وكان والدي ووالدتي وإخوتي يعيشون بعيدًا عني وسط المدينة. جاءني الأخوان محمود والأمين بن ناجي اللذان كانا جيرانًا لي، بالإضافة لكونهما ملاكًا للبيت الذي كنت أسكنه، وذكرا لي بأنهما لا يعرفان شيئًا عن هوية من قاموا بالانقلاب، رغم أن السيد محمود بن ناجي كان عقيدًا بالجيش واستقال منذ فترة، وكانا يعتقدان كما اعتقدت أن الانقلاب بقيادة العقيد عبدالعزيز الشلحي.
كنت أنتظر اعتقالي وكان هذا واردًا بل توقعته منذ الساعات الأولى من ذلك اليوم، ويظهر أن ضباط الجيش الذين قاموا بالحركة لا يعرفون حتى بيوت الوزراء، فقد سمعت أن رجال الجيش ذهبوا إلى بيت والدي في وسط المدينة يسألون عني، وقيل لهم أنني لا أسكن هناك. وقضيت اليوم كله وأنا لا أعرف شيئا، فقد قطع خط الهاتف عني ولم يبق لدي أي مصدر لمعرفة ما يجري في البلاد سوى ما تبثه الإذاعة. وفي مساء ذلك اليوم ونظرًا لعدم اتصال الجيش بي، ذهبت إلى بيت أحد الجيران، حيث تناولت العشاء معهم وبقيت هناك حتى ساعة متأخرة، قررت بعدها الرجوع إلى بيتي، وعلمت من الخفير أن جنودًا من الجيش قد جاءوا للسؤال عني فأعلمهم بأني غير موجود بالبيت وبأنه لا يعرف مكاني.
كنت أعتقد أسوة بغيري من الشباب المثقف أن النظام الملكي لم يحقق ما كان مرجوًا منه، وأن الإصلاح من الداخل كان متعذرًا في الظروف التي كانت سائدة ويحتاج إلى وقت، كما أن دخل البترول الذي أصبح يتزايد فتح المجال للفساد، الذي بات يسري في أجهزة الدولة وفي دائرة الأعمال التجارية والمالية، كما أن الملك أصبح عاجزًا عن السيطرة على الوضع تتقاذفه، أمواج الحاشية والإقليمية الضيقة بالإضافة لحالته الصحية والنفسية، كما كنت أعتقد أن أي تغيير لن يكون أسوأ مما كان عليه الحال، خاصة إذا كان ضباط حركة الجيش من الشباب المتعلم الواعي.
في صباح يوم 2 سبتمبر وبعد رفع منع التجول، جاءني والدي وأخي الأصغر عبدالعظيم، وقالا لي بأن والدتي تمر بحالة عصبية منذ سماعها خبر الانقلاب، وأنها كانت تصرخ في وجه رجال الجيش كلما جاءوا يبحثون عني، وطلبا مني مرافقتهما إلى بيت العائلة والبقاء معهم فيه حتى يكتب الله امرًا كان مفعولًا. ولكنني رفضت ذلك، وطلبت منهما تطمين الوالدة بأني بخير، ولست خائفأ على مصيري، وليس لدي ما أخشاة، وكل ما أرجوه منها هو الاهتمام بصحتها.
اعتقال الوزراء وكبار المسئولين
أصبحت أحداث الانقلاب تتضح بعد اعتراف ولي العهد وإلقاء القبض على كبار ضباط الجيش والأمن. وبعد منتصف النهار رن جرس الباب، وعندما فتحته وجدت سيارات "لاندروفر" عسكرية أمام البيت، ورأيت عددًا من الجنود بمدافعهم الرشاشة ينتشرون حول البيت، وتقدم مني ملازم وقال إن اسمه أحمد بن حليم، واستفسر مني عن اسمي، ولما أجبته طلب مني مرافقته، فطلبت منه منحي بضع دقائق لأغير ملابسي، فأنتظرني في الخارج ولم يدخل لتفتيش البيت كما فعل غيره مع باقي من اعتقلوا، كما علمت بعد ذلك منهم بأنهم تعرضوا لمعاملة سيئة أثناء اعتقالهم.
كما علمت بعد ذلك أن أحد رجال المباحث أو الشرطة يدعى حسن المصري كما قيل لي، والذي كان يساعد رجال الجيش ويدلهم على بيوت الوزراء وغيرهم من المسئولين، قد جاء إلى بيت العائلة وطلب من أخي الأصغر عبدالعظيم مرافقته الي بيتي لتفتيشه. وفعلًا رافقه أخي وعند انتهاء التفتيش أخذ رجل المباحث معه بعض أوراقي الخاصة، بما فيها شهادات دراستي والملفات الرسمية التي كانت على مكتبي، ويظهر، كما قال لي أخي عبدالعظيم لاحقًا، بأن رجل المباحث كان يبحث عن وجود السلاح ولم يهتم كثيرًا بالأوراق. ارتديت ملابسي، وبمجرد خروجي من البيت رافقني جنديان بمدافعهما الرشاشة إلى إحدى سيارات "اللاندروفر" الواقفة أمام البيت وجلست في المقعد الخلفي بين الجنديين، بينما جلس الضابط بن حليم في المقعد الأمامي إلى جانب السائق، وركب باقي الجنود السيارات الأخرى.
وقد لاحظت أن جيراني الأمريكيين كانوا جميعًا في شرفات منازلهم يودعونني ويتابعون ما كان يجري أمامهم. وبمجرد تحرك السيارات سألني الضابط بن حليم عما إذا ما كنت أعرف بيت إسماعيل التويجيري، أحد ضباط جهاز أمن الدولة، فأجبته بالنفي، ولكن أحد الجنود قال إنه يعرفه لأنه جاء الليلة الماضية مع أحد الضباط للبحث عنه ولكنهم لم يجدوه. عند وصولنا إلى بيته واستفسار الجنود عنه أخبرهم والده بأنه قبض عليه بالأمس، ورغم عدم اقتناع الضابط بأقوال الأب، إلا أنه لم يصر على تفتيش المنزل.
بعد مغادرة بيت السيد التويجيري سألني الضابط بن حليم عما إذا كنت قد أرسلت برقية تأييد للثورة فأجبته بالإيجاب. كما سألني عما إذا كان السيد حامد العبيدي وزير الدفاع في طرابلس أو بنغازي فقلت له بأني لا أعرف ذلك ولكنه لم يحضر مأدبة العشاء التي أقيمت ليلة 31 أغسطس على شرف الوزير المغربي الزائر، وأتيحت ليّ الفرصة لسؤاله عما تم في إجراءات سفر الضيف المغربي، فأعلمني بأنه سافر برًا عن طريق تونس.
عند وصولنا إلى ثكنات باب العزيزية أخذت إلى إحدى الحجرات، وسئلت عما إذا كنت قد أحضرت معي ملابس للنوم، وعندما أجبتهم بالنفي قدموا لي جهاز هاتف وطلبوا مني الاتصال بعائلتي لإحضار ما سوف أحتاجه من ملابس، وكانت المعاملة طوال الوقت تتم بالاحترام. ووجدت بالحجرة كلا من الوزراء المهندس علي الميلودي والدكتور علي أحمد اعتيقه والسيد حامد أبوسريويل والأستاذ مصطفى بعيو والسيد سالم لطفي القاضي، وكانت الحجرة صغيرة مخصصة لإقامة ضابطين فقط في الثكنات، ويظهر أنهما غادراها على حين فجأة، إذ تركا بها أوراقهما الخاصة مبعثرة والأدراج مفتوحة وملابسهما خارجها.
قضينا ليلتنا الأولى في ثكنات باب العزيزية، وكنا نتجاذب أطراف الحديث وكأننا في مدينة البيضاء، حيث كان الوزراء يعيشون فيها أغلب الوقت بدون عائلاتهم، ويسهرون معًا، وقدمت لنا تلك الليلة وجبة عشاء بسيطة مكونة من صحن من الشوربة على ما أذكر. وفي ساعة متأخرة من الليل أفقنا مذعورين على أصوات طلقات نار من مدفع رشاش استمر بشكل متواصل لعدة دقائق، مما أثار رعب كبار السن منا، ولما كنت أنا الشخص الوحيد بينهم الأعزب وبدون أطفال قلت لهم مازحًا، وشر البلية ما يضحك، يظهر أن رجال الجيش قرروا إعدام المعتقلين، وأن دورهم قادم. ردوا عليّ بغضب ولماذا يقتلون وما ذنبهم، إن لهم أبناء يريدون تربيتهم وتعليمهم أبنائهم وليسوا مثلي رجل أعزب متشائم. وبعد توقف إطلاق النار انتظرنا أن يدخل علينا أحد ليخبرنا بما جرى. ولكن يبدو أن إطلاق النار كان عملًا فرديًا لأحد ضباط أو جنود الحراسة لبث الرعب فينا نفسيًا. وهكذا نمنا حتى الصباح بدون أن نعرف شيئا عن مصيرنا.
وفي صباح يوم 3 سبتمبر دخل علينا بعض الضباط وطلبوا منا ارتداء ملابسنا والوقوف أمام أسرتنا، وبعد ذلك طلبوا منا مغادرة الحجرة إلى خارج المبنى، حيث وجدنا عددًا من السيارات الكبيرة لنقل الجنود، وكذلك بقية المعتقلين من الحجرات الأخرى، وكان بينهم السيد محمود المنتصر رئيس الديوان الملكي، والسيد أحمد الصالحين الهوني وزير الإعلام، والسيد أحمد صويدق وزير الاقتصاد، والسيد حامد العبيدي وزير الدفاع، واللواء السنوسي شمس الدين رئيس أركان الجيش، واللواء نوري الصديق إسماعيل رئيس أركان الجيش السابق، والسيد خليل البناني محافظ مصرف ليبيا المركزي، والسيد منصور محمد خليفة عضو مجلس الشيوخ وغيرهم، وطلب منا الجنود صعود السيارات وكانت عالية مما تعذر على كبار السن الصعود إليها، فأسرعنا إلى مساعدتهم، بينما وقف الجنود الشباب يراقبوننا دون تقديم يد المساعدة.
تحركت بنا السيارات دون أن نعلم عن وجهتها، ومرت بنا عبر وسط المدينة التي كانت شوارعها تعج بالمظاهرات الشعبية الهاتفة بسقوط الملكية ومرحبة بحركة الجيش، وكما قال لنا حراسنا من الجيش، بأنه لو تم تسليمنا لتلك الجماهير لقطعتنا إربًا إربًا في شوارع طرابلس، وكان كل هذا يدل على مدى غضب الشعب في طرابلس على النظام الملكي. وصلنا ثكنات الجيش في الفرناج حيث وضعنا في نادي الضباط، وانضم إلينا بعض ضباط الأمن الذين كان من بينهم العقيد علي عقيل، وكان يبدوا عليه أنه عومل معاملة قاسية، فقد قيل بأنه رفض الأوامر التي أصدرها له رجال الجيش.
قدمت لنا وجبة الغذاء التي كانت من المكرونة المطبوخة على الطريقة الليبية، فأكل البعض وامتنع البعض الآخر. أخذنا بعد ذلك إلى صالة لعبة الأسكواش التي حوّلت إلى حجرة نوم لأكثر من 16 شخصًا، وكانت الأسرة والأغطية كلها جديدة ونظيفة وفصلونا عن ضباط الأمن، وعلمنا بوجود مجموعات أخرى في غرف أخرى منفصلة عنا. ووضعوا لنا جهاز راديو لسماع أخبار نجاح الانقلاب وتلاوة برقيات التأييد التي كانت تنهال بكثرة على قادة حركة الجيش من المسئولين والسفراء ومن المواطنين على اختلاف طبقاتهم، وكان من ضمنهم أخي علي السني المنتصر السفير الليبي في بلغراد.
كان يزورنا من حين لآخر ضباط من صغار الرتب لا نعرف منهم أحدًا، وكانوا يسألون عما كنا نحتاجة. فشكونا من عدم وجود تهوية كافية في الحجرة لعدم وجود نوافد فيها. فطلبوا من الجنود وضعنا في صالة النادي حتى مجيء وقت النوم، ووافقوا على نقل السيد محمود المنتصر إلى المستشفى العسكري لأنه كان كبيرًا في السن، ومريضًا يعاني من ضغط الدم وتصلب في شرايين القلب وتضخم في غدة البروستاتا، وكان في حاجة ماسة إلى الرعاية الطبية. وقد استلمنا بعض الملابس من عائلاتنا، وقضينا الوقت في الحديث وسط تساؤلات عن هوية ضباط الانقلاب.
وفي تلك الليلة حدث أمر أثار استغرابنا، حيث طلبوا منا عدة مرات ارتداء ملابسنا وجمع حاجاتنا والوقوف أمام أسرتنا استعدادًا للخروج، ثم طلبوا منا ارتداء ملابس النوم مرة أخرى والرجوع لحالتنا العادية. وكان السيد منصور محمد خليفة، عضو مجلس الشيوخ، كثير الحركة، فوضعوا في يديه سلسلة حديدية مثبتة في الحائط أمام الحجرة. وكان الجنود الحراس متعبين وينامون على الأرض ويرافقوننا إلى دورة المياه كلما طلبنا ذلك.
استنكار دعوة التدخل الأجنبي
وفي إحدى الليالي طلبوا منا ارتداء ملابسنا والخروج إلى قاعة النادي فوجدنا عددًا كبيرًا من باقي المعتقلين من رؤساء الحكومات والوزراء السابقين وكبار المسئولين في النظام الملكي الموجودين في طرابلس يوم قيام الانقلاب، كما لاحظنا وجود رجال الإذاعة والتلفزيون بآلاتهم للتصوير والتسجيل. وتكلم أحد الضباط وقال لقد طلب جماعة الملك الموجودين في الخارج وعلى رأسهم السيد عمر الشلحي من بريطانيا وأمريكا التدخل لقمع الثورة بالقوة، ونريد أن نعرف رأيكم؟ وطلب منا تسجيل رأينا لإذاعته في الراديو والتلفيزيون ضمن برقيات احتجاج المواطنين. وفعلًا ألقى جميعنا كلمات استنكرنا فيها أي تدخل أجنبي في ليبيا مهما كانت الدوافع، وبينا أن ضباط الانقلاب هم من أبناء الوطن وأنهم سيحرصون على مصلحة الشعب وأمن البلاد. الشخص الوحيد الذي لم يتكلم كان السيد محمود المنتصر الذي عندما جاء دوره في الكلام، حسب ترتيب مكانه بين الجالسين، قام متجهًا إلى دورة المياه ولم يطلب منه أحد الكلام بعد عودته.
أذكر أنني قلت في كلمتي بأننا في العهد الملكي حاولنا أن نؤدي واجباتنا وفقًا لضمائرنا في ضوء الظروف السائدة، ولا شك أننا فشلنا في تغيير الأوضاع والقضاء على الفساد بالشكل الذي كنا نأمله ونريده، ولكننا لم نقصر في الحد من ذلك وفقًا لإمكانياتنا، وبأني آمل بأن يتمكن الضباط الشباب الذين قاموا بالثورة من الإصلاح والسير بالبلاد في طريق الحرية والتقدم والازدهار، ونحن ندعوا لهم بالتوفيق. وفي نفس الوقت استنكرت بشدة أية دعوة للتدخل الأجنبي في شؤون البلاد الداخلية، وقلت إنه لا يجوز لأي من كان أن يتكلم باسمنا او باسم الشعب طلب التدخل الأجنبي. وقد حاول السيد عبدالحميد البكوش نصح ضباط الجيش بالتركيز على العمل بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وشرح الصعوبات التي تواجهها البلاد، كما تكلم الدكتور علي أحمد عتيقة بنفس المعنى. سمعنا بعد ذلك أن كلماتنا أذيعت على التليفزيون، مما طمأن عائلاتنا بأننا بصحة جيدة ولم نتعرض لمعاملة سيئة كما كان يشاع.
وفي إحدى الليالي دخل علينا عدد من الضباط وطلبوا منا ارتداء ملابسنا وجمع حاجياتنا والتوجه إلى الخارج، وعند خروجنا استغربنا وجود حافلات عسكرية معدة لنا وقوة عسكرية كبيرة وسيارات مدرعة، وجىء بباقي المعتقلين وكان من بينهم الأستاذ محمود البشتي وزير الداخلية السابق الذي أضيف إلى مجموعتنا. وصعدنا الحافلات، وأذكر أني جلست إلى جانب السيد حامد العبيدي وزير الدفاع السابق، وكان يسألني عن اتجاهنا لكوني من طرابلس وملمًا بمسالك طرقاتها أكثر منه، فقلت له إن الحافلات تتجه نحو مدينة طرابلس.
وعندما وصلنا إلى مفترق الطرق عند باب بن غشير اتجهت السيارات إلى اليسار، فقلت له الظاهر أنهم متجهون بنا إلى المطار ولعلهم يرغبون في نقلنا إلى فزان. ولكن قبل وصولنا إلى مفترق الطرق المؤدي إلى المطار اتجهت الحافلات يمينًا نحو الشارع الضيق المؤدي إلى السجن المركزي المبني منذ العهد الإيطالي، والذي كان يطلق عليه اسم سجن "بورتا بينيتو" وعرف أيضًا باسم سجن "الحصان الأبيض" لوجود تمثال حصان أبيض عند مدخله، وقد أسف السيد حامد العبيدي لهذا المصير المهين.
بعد وصولنا دخلنا إلى السجن بين صفين من الجنود المسلحين بمدافع رشاشة، وخصص لكل سبعة أشخاص منا حجرة تحتوي على مرحاض على الطراز التركي يصعب على كبار السن منا استعماله، وبها نافذة قرب السقف محصنة بأعمدة حديدية وكان باب الحجرة من الحديد، أقفل بمجرد دخولنا. والسجن ينقسم إلى أقسام مفصولة عن بعضها البعض، وكان قسمنا كله مخصصا للسياسيين، بينما خصص قسم آخر للعسكريين وقوات الأمن وقسم ثالث لرجال الأعمال وغيرهم، بينما أودع ولي العهد والعقيد عبدالعزيز الشلحي في قسم مستقل كما قيل. كانت الأسرة والأغطية كلها جديدة. وكانت المجموعة التي شاركتني الحجرة تتألف من السادة سالم لطفي القاضي وزير المواصلات، وأحمد الصالحين الهوني وزير الإعلام، والهادي القعود وزير المالية، وأحمد صويدق وزير الاقتصاد، وخليل البناني محافظ بنك ليبيا المركزي، ومحمد فخر الدين رئيس تحرير جريدة طرابلس الغرب الرسمية.
السيد الهادي القعود السيد أحمد صويدق السيد محمد فخر الدين
استقر بنا الحال ولم يسمح لنا بالخروج لاستنشاق الهواء والاختلاط بزملائنا الآخرين، أو الاتصال بعائلاتنا هاتفيًا للحصول على ملابس لتغيير ما كنا نرتديه. وبعد أيام سمح لنا بالخروج إلى ساحة السجن مع بقية المعتقلين من الحجرات الأخرى. وكانت أسوار وسطوح السجن المحاطه بالساحة مليئة بالجنود المسلحين. وطلب منا غسل ملابسنا بأنفسنا في الساحة، وكان بعض الجنود يضحكون ويتندرون علينا.
وأذكر أن السيد محمد سيف النصر الموجود معنا في المعتقل، نظر إلى الجنود ناهرًا إياهم بحدة على سوء تصرفاتهم. ولم نكلف بتنظيف حجراتنا بل أتي الحراس بالمساجين العاديين للقيام بذلك، وحذرونا منهم بعدم ترك حاجات ثمينة في متناولهم أثناء تنظيفهم للحجرات لأنهم كانوا من اللصوص المحترفين أصحاب السوابق. وفعلًا وفي كل مرة بعد تنظيفهم للحجرات يعود إلينا الجنود بالساعات والحاجات الثمينة التي سرقها السجناء من حاجيتنا واسترجعها منهم الجنود.
وكان من بين المساجين سجين قديم من عائلة اعبيد التي أعرفها بمصراته، وكان يعرف أفراد عائلتي، جاءني وقال لي بأنه مفرج عنه صباح اليوم التالي وسألني فيما كنت أريد تبليغ رسالة شفوية لعائلتي، فشكرته على ذلك، ولم أطلب منه شيئًا حتى لا أسبب له أية مشاكل قد يتعرض لها بسبب ذلك.
بعد أيام سمح لنا بترك باب الحجرة مفتوحًا، كما سمح لنا بعد ذلك بزيارة زملائنا في الحجرات الأخرى، وفي الليل كان بعض الضباط وبالأخص الخويلدي الحميدي وعبدالمنعم الهوني يزوروننا باستمرار، ويسألوننا عما كان يجري في البلاد، وكان السيدان الخويلدي والهوني يتصرفان معنا باحترام وتفهم كاملين. كما زارنا بعض الضباط الآخرين، وقد عرف الشيخ سالم لطفي القاضي أحدهم وقال إن اسمه عمر المحيشي، وكان يعرفه لأنه كان منافسًا لأبيه السيد عبدالله المحيشي في الانتخابات النيابية في مدينة مصراته.
أما عبدالسلام جلود فزارنا مرة واحدة وكان شديدًا في كلامه معنا، وخاطبنا بلهجة غير لائقة ووجه للمعتقلين التهم بسوء السلوك، وخص بكلامه السيد منصور محمد خليفة عضو مجلس الشيوخ من فزان. وكذلك كان المقدم موسى أحمد وزير الداخلية في زيارته الوحيدة لنا، فقد وجه التهم للمعتقلين متوعدًا بالعقاب. وقد اعتذر الضابطان الخويلدي والهوني لنا على تصرفات الضابطين عبدالسلام جلود وموسى أحمد.
وفي هذه الفترة أخبرنا الضباط المشرفين بأنه تقرر وقف صرف مرتبات الوزراء وستصرف مرتبات الموظفين لعائلاتهم. وأذكر أن الضابط عبدالمنعم الهوني طلبني لمقابلته خارج الحجرة، وسألني عما إذا كنت في حاجة إلى مبلغ من المال للانفاق على عائلتي، لأنه لاحظ أني علقت على هذا القرار بقولي وماذا يفعل الوزير الذي كان موظفًا قبل تعيينه وزيرًا. فشكرته وقلت له بأني أعزب وليست لي عائلة، وبأني سأشتغل عندما أخرج من المعتقل في أي عمل ولا أحتاج مالًا الآن، رغم أني علمت أن جاري السيد محمود بن ناجي، الذي هو في نفس الوقت مالك البيت الذي أسكنه، أرسل لعائلتي رسالة طالبًا إخلاء البيت لأن مصلحة الأملاك أنهت العقد معه، وقد طالب بإيجار البيت في حالة تأخر تسليم البيت، كما كانت لي التزامات مالية أخرى.
كان السيد محمود المنتصر، الرئيس السابق للديوان الملكي، مريضًا وأخذ إلى المستشفى عدة مرات وأعيد في اليوم التالي في كل مرة، وكنا نسمع وقع عكازه على الأرض عندما يعاد في الساعات المتأخرة من الليل. وفي أحد الأيام وقع في دورة المياه، ولم يستطع الوقوف لكبر سنه لفتح الباب، فاضطر السيد شمس الدين محسن رفيقه في الحجرة إلى الدخول من الفتحة الموجودة في أعلى الباب لإخراجه. وكانت حالته الصحية سيئة. واجتمع المعتقلون وطالبوا ضباط الجيش بنقله إلى المستشفى وتركه هناك، لأن حالته الصحيه تزداد سوءًا كل يوم. وأذكر ان السيد محمود عبدالمجيد المنتصر ابن عمه ثار في وجه الضباط قائلًا إن هذا الشخص مريض جدًا ويجب تركه تحت الحراسة في بيته إذا كان لابد من اعتقاله، وإن وفاته في المعتقل سيشوه سجل الثورة، مما جعلنا جميعًا نخاف على ما قد يلاقيه السيد محمود عبدالمجيد المنتصر نتيجة شجاعته التي قد تؤدى بوضعه في زنزانة منفردة، ولكن الذي حصل كان العكس، إذ أفرج عنه ضمن المفرج عنهم تلك الليلة.
بداية الإفراج عن المعتقلين
بعد فترة لا تزيد عن شهر بدأ الإفراج عن بعض المعتقلين، والغريب أنه أطلق سراح بعض السياسيين القدامى مثل السادة سالم لطفي القاضي وحامد أبوسريويل وأبوبكر نعامة في أول دفعة في شهر رمضان، ولكن أعيد اعتقالهم بعد ثلاثة أيام، وقيل أن ضباط حركة الجيش لاحظوا كثرة زوارهم للتهنئة، فلم يعجب هذا التصرف ضباط الجيش فأعادوهم إلى المعتقل وبقوا بعدها فترات طويلة.
السيد حامد أبوسريويل السيد أبوبكر نعامة
وفي شهر رمضان سمح للعائلات باحضار الطعام للمعتقلين، فتراكمت الموائد في السجن. وكانت مطابخ أهم وأرقى بيوت طرابلس المعروفة ترسل بكل ما لذ وطاب من طعام إلى نزلاء المعتقل من رجال العهد الملكي، مما حدا بالبعض إلى تسمية المعتقل تنذرًا باسم "هيلتون طرابلس". وكانت سهريات رمضان صاخبة في المعتقل نتيجة الدردشة ولعب الورق. وفي أحد الأيام أرسلت بعض الجرائد المصرية إلى أحد زملائنا المعتقلين، فرأينا فيها صورة الملك على الصفحة الأولى لجريدة الأهرام وهو يهبط من الباخرة في الإسكندرية، ويستقبل معززًا مكرمًا من طرف محافظ الإسكندرية نيابة عن الرئيس جمال عبدالناصر، وخصص له قصر السلطان بحي الدقي في القاهرة لإقامته. وبقدر ما سر البعض له بسلامة المصير وحسن المعاملة شعر البعض بعدم الرضا عن اختلاف المعايير في المصير، فبينما يسجن وزراء العهد الملكي يستقبل الملك بالترحيب من الرئيس عبدالناصر الذي ساعد حركة الجيش على النجاح.
خروجي من المعتقل
في يوم 3 ديسمبر بعد انقضاء أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل، شعرت بمعاملة ودية جدًا من طرف الجنود والضباط المشرفين علينا، وخاصة من الملازم المبروك القويري، مما جعل زملائي في الحجرة يتوقعون خروجي في تلك الليلة. وفعلًا طلب مني بعد تناول العشاء إعداد حاجياتي وارتداء ملابسي والخروج. وبعد توديع الزملاء مررت على إدارة المعتقل حيث قدمت لي ورقة وقعت عليها متعهدًا فيها بعدم مقاومة الثورة وأن لا أقوم بأي عمل ضدها. وكنت كباقي المعتقلين جميعًا قد سبق وأن وقعت على إقرار بذمتي المالية عن أية ممتلكات لي في داخل البلاد وخارجها.
وكلف أحد الجنود بنقلي إلى بيتي في سيارة "لاندروفر"، فطلبت من السائق نقلي إلى بيت والدي في الهضبة الخضراء، لأني لم أكن أعرف ما تم في بيتي الحكومي المؤجر في قرقارش وهل سلمّ لمالكه أم لا. عند دخولي لبيت الوالد وجدته بمفرده يؤدي صلاة التراويح، وبمجرد ما رآني بعد أن أنهى صلاته قام وعانقني وفرح كثيرًا لرؤيتي طليقًا، وأخبرني بأن والدتي وأخي عبدالعظيم ذهبا إلى بيتي في قرقارش لإحضار ملابس لي لإرسالها لي في المعتقل. وشاع خبر الإفراج عني بين عائلات المعتقلين، إذ يبدو أن بعض أفراد هذه العائلات الذين كانوا أمام المعتقل ينتظرون الدخول لزيارة ذويهم المعتقلين قد رأوني خارجًا من المعتقل في السيارة العسكرية فأخبروا أهاليهم بذلك. انهالت المكالمات الهاتفية علىّ، وسمعت الوالدة بالخبر قبل رجوعها للبيت ففرحت تلك الليلة فرحًا عظيمًا. وقد علمت بأنها كانت خلال فترة وجودي في المعتقل في حزن وعذاب شديدين أثرا في صحتها بقية حياتها.
كنت شابًا قادرًا على الحياة الخشنة، ورغم أني لم أتعرض للتعذيب أو الإهانة، إلا أنني وجدت أن نزيل المعتقل يقاسى دائمًا آلامًا نفسية صعبة. فشعوره بأنه تحت رحمة الغير ولا يستطيع عمل أي شئ تضعف من معنويته وكرامته كإنسان.
كنت الشخص الوحيد الذي أفرج عنه في تلك الليلة الأمر الذي لم يحدث من قبل، فقد كان المعتقلون يفرج عنهم في مجموعات صغيرة من حين لآخر، ولا أعرف من الذي أمر بالإفراج عني تلك الليلة، ولا كيف يتم اختيار من يفرج عنهم. ورغم أن مسئولياتي في النظام الملكي لم تكن بأهمية مسئوليات بعض زملائي الوزراء، إلا أنني أنتمي إلى عائلة لعب بعض أفرادها دورًا بارزًا في النظام الملكي، وأعتقد أن ذلك كان سبب الإبقاء عليّ لفترة ثلاثة أشهر بدلًا من إخراجي مع أول دفعة. كنت آخر معتقل يفرج عنه طوال شهر ديسمبر، لأنه بعد الإفراج عني بأيام اعتقل المقدمان موسى أحمد وآدم الحواز بعد أول محاولة انقلاب فاشلة على النظام الجديد وأغلقت أبواب المعتقل لفترة نتيجة لذلك.
أول شيء عملته بعد الإفراج عني هو الانتقال إلى بيتي الجديد في جوار الوالد، وسلمت البيت المؤجر إلى صاحبه والأثات إلى إدارة الأملاك، ولم أطلب إجراءات تمليكي للأثاث بعد نصيحة السيد سليمان الكبير مدير إدارة الأملاك آنذاك بعدم شرائه من الإدارة، لأن ثمن الأثاث الحكومي غالبًا ما يكون عاليًا جدًا كعادة المشتريات الحكومية، وهكذا أعدته لإدارة الأملاك وفرشت بيتي الجديد بأثاث بسيط.
وفاة السيد محمود المنتصر
بقيت في بيتي ولم أخرج منه بالرغم من عدم وضعي تحت الإقامة الجبرية كبعض المعتقلين الذين أفرج عنهم. وفي هذه الفترة حصلت أحداث أولها قيام المقدمين موسى أحمد وآدم الحواز بحركة تمرد على حركة الجيش التي كانا من المشتركين فيها، وفرضت قيود جديدة على التحركات وتوقف الإفراج عن المعتقلين السياسيين من العهد الملكي السابق.
أما الحدث الثاني فكان وفاة السيد محمود المنتصر في المعتقل يوم 30 ديسمبر 1970. وقد تأثرت لذلك كثيرًا إذ كان يحبني كأحد أولاده ويحترمني ويعاملني في العمل معاملة حسنة، ولا أعتقد أنه وثق في إنسان أكثر من ثقته بي. ولم أتمكن من رؤيته منذ نقله من المعتقل إلى المستشفى بعد حادثة وقوعه في دورة المياة. ورغم أني كنت أقيم في حجرة غير الحجرة التي كان يقيم فيها في المعتقل، إلا أنني كنت أقضي معه بعض ساعات النهار والليل عندما كان في المعتقل، وكان حراس السجن ينقلونه إلى المستشفى للكشف والعلاج ثم يعيدونه إلى المعتقل باستمرار، ورغم مرضه ووضعه الصعب كانت حالته النفسية حسنة ومتفائلًا.
ولقد خرجت لأول مرة من بيتي بعد مغادرتي للمعتقل لحضور جنازة السيد محمود المنتصر وللمشاركة في مراسم العزاء في بيته. وقد قيل أن ضباط الجيش لم يبلغوا أو يسلموا جثمانه إلى عائلته إلا في اليوم الثاني لوفاته، حتى لا يصادف دفنه يوم تشييع جثمان الرئيس عبدالناصر، لأن ذلك قد يدفع ببعض الآف من المواطنين الذين تجمعوا يوم تشييع الرئيس عبدالناصر في طرابلس للمشاركة في جنازة السيد محمود المنتصر طبقًا لعادات الليبيين في احترامهم لجلال الموت.
وفاة الرئيس جمال عبدالناصر
وفاة الرئيس عبدالناصر كانت أيضًا مبعث أسى وحزن كبيرين لي. فقد أحببته منذ قيام ثورة 23 يوليو والتي عشت السنوات الأربع الأولى منها في مصر، وقد تشبعت بمبادئها وطموحات الرئيس عبدالناصر القومية، الذي كان وبدون منازع باعث القومية العربية والداعي إلى الوحدة والحرية في الوطن العربي. ولأول مرة في تاريخ العرب الحديث تتوحد الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تحت زعامة عربية واحدة تعبر عن آمالها وأمانيها رغم الحدود المصطنعة والأنظمة الحاكمة التي فرضها الاستعمار على العالم العربي. عندما أذيع خبر وفاته على التلفيزيون انهمرت دموعي مدرارًا وبكيت بمرارة، وكانت والدتي تراقبني باستغراب، وقالت لي إن هذا الرجل هو سبب المشاكل التي تعرضت لها بعد الثورة لها فكيف أبكيه؟ لم يكن ذلك كرهًا من والدتي للرئيس عبدالناصر، والذي أصبح في جوار ربه، إنما كان ذلك راجعًا إلى حنان الأم على ابنها الذي اعتقلته حركة الضباط التى شجعها الرئيس عبدالناصر ودعم نجاحها.
أداء فريضة الحج
بعد أن أحالت الثورة والدي على التقاعد، وكان وكيلًا لكلية العلوم في جامعة طرابلس، قرر الذهاب لآداء فريضة الحج برفقة والدتي وأخي الأوسط الحاج الهادي الخبير في شئون الحج، لأنه رافق عماته وخالته للحج عدة مرات، فتوكلت على الله وقررت مرافقتهم للحج. وكانت الصعوبة الوحيدة التي واجهتني تكمن في حصولي على الإذن بالسفر، إذ كان معظم المسئولين في النظام الملكي ممنوعين من السفر إلى خارج البلاد. وبعد عدة اتصالات ومراجعات وافق المدعي العام لمحكمة الشعب على سفري وحصولي على وثيقة سفر وتأشيرة الحج، وذلك بعد تأكده من عدم وجود أي تهمة ضدي في ملفات القضايا التي ستنظر أمام محكمة الشعب.
1970م - بشير المنتصر ووالده فوق جبل عرفات لأداء مناسك الحج
وهكذا غادرنا طرابلس للحج وكانت هذه أول رحلة لي للخارج بعد تغير نظام الحكم في البلاد. وبعد وصولنا إلى الأراضي المقدسة ساعدنا السفير الليبي السيد حسين بلعون، وهو من سفراء النظام الملكي السابق الذي لم يتم تغييره بعد، على الحصول على وسائل النقل والحجز لنا في فنادق "تيسير" المريحة في جدة والمدينة ومنى.
كان الحج راحة لي ولأعصابي بعد الأحداث التي مرت بي من اعتقال واعتكاف في البيت إلى هجران قسري واختياري للأصدقاء والأحباب. كان جلال الكعبة المكرمة وزيارة قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أعظم ما أثر في نفسي بقية حياتي، وزاد قوة إيماني بالله والاعتماد عليه، وثقتي بنفسي لخوض مرحلة حياتي الجديدة القادمة التي أقبلت عليها بعد الفاتح من سبتمبر 1969م.
بعد الحج غادرنا الرحاب الطاهرة إلى بيروت، وبعدها سافر الوالد والوالدة إلى طرابلس وأخي الهادي إلى دمشق لمواصلة دراسته الجامعية بها، وبقيت أنا في بيروت لعدة أيام، اتجهت بعدها إلى القاهرة المدينة التي ارتبطت بها عاطفيًا حيث كنت قد قضيت فيها أحسن سنوات حياتي، سنوات الدراسة الجامعية وسنوات الشباب، وبعد فترة راحة قصيرة فيها عدت إلى طرابلس. لم تكن زيارتي هذه للأراضي المقدسة هي الأولى، فقد سبق وأن زرتها للعمرة سنة 1964م عندما رافقت الوفد الليبي برئاسة رئيس الوزراء السيد محمود المنتصر لتهنئة الملك فيصل عند توليه عرش المملكة العربية السعودية. وكذلك قمت في الثمانينات بعمرة أخرى إلى مكة المكرمة عندما كنت في الأمم المتحدة أحضر مؤتمرًا للأمم المتحدة في الرياض.
بداية العمل في شركات البترول
بعد رجوعي إلى أرض الوطن شعرت بضرورة هجر حياة الانزواء التي فرضتها على نفسي. وقد سنحت لي فرصة زيارة السيد سليمان قرادة لي في البيت، وهو صديق وزميل لي في العمل حيث كان أحد المدراء في رئاسة مجلس الوزراء التي كنت أتولى وزارة الدولة فيها، والذي اختير بعد الفاتح من سبتمبر ليكون السكرتير الخاص لرئيس الوزراء آنذاك العقيد معمر القذافي رئيس مجلس قيادة الثورة. وذكرت أثناء زيارته لي في البيت بأني أرغب في العمل، إلا أنني لا أعرف عما إذا كان مسموحًا لي من قبل نظام الحكم الجديد بالعمل أم لا، فأنا كما هو يعلم لا أملك شيئًا وأعيش على المرتب الوظيفي. واقترح عليّ مشكورًا بأنه في إمكانه أن يسلم رسالة محررة مني إلى رئيس الوزراء الأخ العقيد معمر القذافي أطلب فيها الإذن بالعمل. وفعلًا سلمته رسالة مني لرئيس الوزراء بهذا المعنى طالبًا السماح لي بالعمل في شركات البترول. وبعد يومين أخبرني الأخ سليمان قرادة بالهاتف بأن رئيس الوزراء العقيد معمر القذافي لا يرى مانعًا في أن أعمل في القطاع الخاص، بما في ذلك مجال البترول، ولكنه لا يسمح لي والعاملين في المناصب العامة في العهد الملكي بالعمل مع الحكومة في النظام الجديد. وهكذا بدأت البحث عن عمل في شركات البترول.
وخلال زيارتي للسيد محمد الكاديكي، المدير الليبي للعلاقات التجارية بشركة شل، الذي عمل معها لأكثر من 17 سنة، علمت منه أن الشركة تبحث عن عنصر ليبي لتولي مهام مدير إدارتها لشئون الموظفين، لأن وزارة البترول أصرت على تلييب هذه الوظيفة في جميع شركات البترول، ونصحني بالتقدم إليها، وفعلًا تقدمت بطلب مكتوب للعمل بها. وقدمني السيد محمد الكاديكي إلى مدير عام الشركة المستر بيتر هولمز، الذي كان يعرفني لقيامي بمهام وزارة شؤون البترول بالوكالة في العهد الملكي، وقد رحب بي بكل احترام واستعرض معي ملخص حياتي الدراسية وخبرتي والمسئوليات الإدارية التي توليتها، وقال لي بأنه يسر شركة شل أن تضمني إلى فريق مدرائها، ولكن نظرًا لمناصبي السابقة إبان الحكم الملكي فإنه يود أخذ موافقة وزير النفط قبل أن يقدم لي عرضًا رسميًا بالوظيفة، الأمر الذي اتفقت معه على وجوب اتباعه. وبالمناسبة المستر بيتر هولمز المدير العام لشل ليبيا آنذاك أصبح رئيسًا لمجلس إدارة شل العالمية ومنح لقب "سير" بعد ذلك.
كان وزير النفط آنذاك السيد عزالدين المبروك وهو صديق لي وزميلي في المدرسة الثانوية في طرابلس، وكذلك تشاركنا في السكن إبان دراستنا الجامعية في القاهرة. وبعد أيام اتصل بي المستر هولمز وأبلغني أن وزير النفط وافق على تعييني في الشركة بالإضافة إلى تزكيتي وبأنني سأكون مفيدًا للشركة ولعملياتها في ليبيا.
بداية عملي بشركة شل ليبيا للاستكشاف
باشرت العمل مع شركة شل في أوائل سنة 1971، وقد أوضح لي المدير العام للشركة بأنه يتحتم عليّ قضاء فترة تدريب بمركز الشركة في لندن، وحضور دورات مكثفة في الإدارة وشئون الموظفين قبل تسلمي لمهام وظيفتي من مديرها الإنجليزي آنذاك المستر جراهام هيل. كان هذا الإجراء شيئًا جميلًا بالنسبة لي، إلا أني أشرت له بإمكانية وجود صعوبة في حصولي على إذن للسفر إلى بريطانيا. وعليه بدأت اتصالاتي للحصول على إذن السفر وبعد جهد وافق المدعي العام لمحكمة الشعب على السماح لي بالسفر إلى لندن.
سفري إلى لندن للتدريب
التحقت في لندن بالمركز الرئيسي لشركة شل العالمية للبترول في مبنى الشركة الشاهق في منطقة (ووترلو)، والذي يعتبر أحد معالم المدينة لزوار لندن من السواح. حضرت أثناء وجودي في لندن عدة دورات عالية المستوى في الإدارة على مختلف مستوياتها، سواءً كان ذلك فيما يتعلق باتخاد القرارات أو علم السلوك الصناعي والعلاقات بين المستخدمين والإدارة، بالإضافة إلى مواضيع شتى في معاهد عالية متخصصة. كانت بيئة العمل في شركة شل ممتازة تتناسب ورغبتي في مواصلة الدراسة في ميادين البترول التي لها مستقبل في ليبيا والبلاد العربية. كما كان عملي في لندن فرصة ذهبية للعودة إلى الحياة في هذه المدينة التي أحببتها وقضيت فيها حوالي أربع سنوات أثناء عملي في السلك الدبلوماسي.
وفي شهر ديسمبر من سنة 1971م استلمت رسالة من مدير عام الشركة في ليبيا يخبرني فيها بأن السلطات الليبية مصّرة على الإسراع في تلييب وظيفة مدير إدارة شئون الموظفين وسفر المدير الإنجليزي (جراهم هيل)، وعليه فهو مضطر إلى أن يطلب مني قطع فترة التدريب التي كنت ملتحقًا بها، واستدعائي للعودة إلى طرابلس لاستلام مهامي، التي عينت من أجلها، كمدير لإدارة شئون الموظفين بالشركة. وهكذا عدت إلى طرابلس وبدأت عملي الجديد في شركة شل ليبيا. وبهذا دخلت فترة جديدة من حياتي لا تشملها هذه الذكريات عن النظام الملكي في ليبيا، والتى سأتناولها بالتفصيل في الجزء الثاني من الذكريات، إذا كان في العمر بقية.  
بشير إبراهيم September 2011
الوضع السياسي بعد الثورة
مصر كانت معلمة العرب ولا زالت . علمت الشباب العربي في مدارسها وجامعاتها طوال فترة الأستعمار وخلال المراحل الأولى للأستقلال ولازالت وأرسلت مئات الألاف من المدرسين إلى مدارس وجامعات البلاد العربية ولا زالت المصدر الوحيد للمدرسين في العالم العربي. كما أستفادت البلاد العربية ولا زالت تستفيد من خبرائها في جميع المجالات . واليوم تتقدم الثورة المصرية ثورات الربيع العربي والأمل كبير في أن تنجح الثورة المصرية في تحقيق أهدافها لتكون منارة ونبراسا للثورات العربية الأخرى حتى لا تقع هذه الثورات في نفس الاخطاء . لا شك أن مصر لها مشاكلها الخاصة التي تختلف عن مشاكل ليبيا وتونس وسوريا واليمن لكن الغريب إن الثورات فيها أفرزت نفس الأوضاع السياسية التي سادت في مصر . فالحركات السياسية التي بدأت تتشكل في ليبيا قد نصنفها إلى أربع فصائل ’ الاسلاميون بفروعهم السلفيون والقاعدة وغيرهم , الليبراليون الذي يسمون تجنيا العلمانيون وأنصار النظام السابق والعسكريون . وهذه الفصائل بدأت نشاطها في ليبيا فعلا فالأسلاميون في ليبيا لعبوا دورا هاما في الثورة . ورغم تصريحات زعمائهم بأنهم يؤيدون حكومة مدنية ديمقراطية إلا أنهم كالأخوان المسلمين في مصر لم يعلنوا عن برنامجهم الحقيقي في الحكم الديمقراطي وهنا يظهر خطرهم . فهم قد يبتعدون عن المتطرفين الأسلاميين لكن على أي حال برنامجهم لن يكون ديمقراطيا بالتعريف الحديث للديمقراطية المتعارف عليه دوليا , وهذا قد يعرضهم ويعرض ليبيا لحصارالحرب ضد الأرهاب وقيود دولية نظرا لموقعها الجغرافي الأستراتيجي كما حدث لأيران مما يجر البلاد الى حكم دكتاتوري بدعوى الخطر الأجنبي الذي كان سلاح الانظمة الدكتاتورية . أما الفصيل الثاني الليبراليون الذي يسمون تجنيا علمانيون فهم يتألفون من الشباب المتعلم الذي عاش في الخارخ أويعيش مع التلفزيون والفضائيات في الداخل فهم قد تشبعوا بالثقافة الغربية والحريات والديمقراطية الغربية تعليما وممارسة للذين يعيشون في الخارج . وهؤلاء يرون أن ما ينادي به الأسلاميون يعيدهم ألى عهد الخلافة والأمارة الأسلامية وهي نوع من الدكتاتورية في الحكم . فنظام الخليفة وحكم الأمامة حدث إستتنائي في التاريخ الأسلامي أقتصرعلى عهد الخلفاء الراشدين ولم يطبق بعدهم ولا يمكن تطبيقه اليوم . وسيجد هذا الفريق تجاوبا مع جماهير الشعب تلبية لنداء الأسلام الظاهري لكن معناه الباطني الوصول إلى السلطة الذي قد لا يفهمه الشعب . والليبراليون يتهمون بانهم علمانيون تجنيا لأنهم لا يطالبون بألغاء الإسلام كدين الدولة الرسمي ويعتبرون الشريعة الأسلامية مصدرا من مصادر التشريع ودعوتهم أقرب إلى خلق نظام ديمقراطي يتمتع بأستقرار البلاد وأحترام الغرب والعالم. فالديمقراطية نظام يحترم الرأي الأخر دون فرض أي رأي يحد من الحريات والمبادئ الديمقراطية المتعارف عليها دوليا . وسيطرة الفريق الليبرالي قد تلاقي ترحيبا شعبيا إذا تمكن من شرح مبادئ الحريات والديمقراطية لجماهير الشعب وأن الديمقراطية هي الشورى الاسلامية بمعناها الحديث وهي لا تتعارض مع تعاليم الأسلام والشريعة الأسلامية . والفصيل الرابع أنصار النظام الجماهيري السابق وهم أخطر فصيل في ليبيا اليوم فهؤلاء عايشوا القذافي عقودا طويلة وتمتعوا بأمتيازات كثيرة ورغم أعلان إنشقاقهم وتأييدهم للمجلس الأنتقالي والثورة بعد هزيمة القذافي وكتائبه . الا أن معظمهم يشعرون بضياع إمتيازاتهم ويرفضون خضوعهم لمن أعتبرهم زعيمهم الاوحد القذافي الجردان . وهم يملكون المال والفيلات والمزارع في كل مدن ليبيا , وبعض النفوذ في القبائل التي تمتعت بامتيازات خاصة في عهد القذافي , ومن العائدين والمتجنسين بقرار دون قانون تنفيذا لسياسة القذافي في تغيير تركيب الهيكل السكاني لليبيا وخلق شعب أخر لا يعرف إلا هو ونظرياته . .هؤلاء يصعب إنصهارهم في الثورة في وقت قصيروسيعيشون متربصين للفرص للأنقضاض على الثورة . والفصيل الرابع العسكريون ورغم أن هذا الفصيل قد إنتهى رسميا في ليبيا لكن كافراد لديهم الخبرة في شئون الدفاع والأمن وسيكونون العنصر الأساسي في جيش ليبيا المقبل وإنتشارهم في كل مناطق ليبيا لطبيعة عملهم سيقوي من مركزهم يساعدهم على عودة سيطرة القوات المسلحة على الحكم وعودة الحاكم القائد الاوحد الذي يفرضه أي نظام عسكري ..
إن هذه الفصائل الأربعة ستسغل أجواء الحريات والديمقراطية التي تحققت بفضل الثورة وسيحاول كل فصيل منها السيطرة على البلاد والنجاح في الأنتخابات وفرض فلسفته لحكم البلاد دون إحترام للعناصر الثلاتة الأخرى و مما قد يترتب عليه عودة الصراع بين فئات الشعب . وكل ما إزداد وأشتد الصراع الشعبي كلما أمعن الحاكم بفرض نفسه على الشعب حتى ينفرد بالحكم ويصبح دكتاتورا لا رأي لسواه . وقد يؤدي هذا الوضع إلى إنقسام البلاد ألى ولايات أو دويلات صغيرة تطلب حماية القوى الاجنبية او إنقلاب تصحيحي تقوده القوات المسلحة أو الحركات السرية المتطرفة يمينا وشمالا ..
من هذا نرى ضرورة إلتفاف الشعب حول المجلس الانتقالي ونجاح المجلس يتوقف على إستغلال الحماس الشعبي لنجاح الثورة لفرض الحواروالتعاون بين الفصائل الأربعة الاخرى والأحتراز من نشاطها الخفي مبكرا ولو أدى الأمر ألى إتخاذ إجراءات إسستنائية تستدعيها المرحلة الانتقالية , ومنها فرض الحظر على دعاة التطرف الديني او اليساري أو اليميني وعلى كل المسئولين السابقين في العهد القذافي وأتباعه المشكوك في ولائهم من تولي مناصب سيادية كالوزارة في المرحلة الأنتقالية و الترشح للرئاسة والبرلمان القادم في دورته البرلمانية الاولى . وهوأجراءأتبعته معظم الثورات التي نعرفها رغم مخالفته لحقوق الانسان . لأن إيقاف هؤلاء لفترة أربع سنوات من مناصب إتخاذ القرار السياسي قد يخفف من حدة تطرفهم وتحمسهم لفصائلهم وتعود البلاد بعد هذه الفترة إلى رفع هذا الحظرالمؤقت عليهم .
الشئ الذي يطمأننا هوأن الثورة الليبية فيها وضوح ونص على خريطة طريق لها في الوثيقة الدستورية المؤقتة وهي دور المجلس الانتقالي المؤقت لفترة ثمانية أشهرلأنتخاب مجلس عام تأسيسي أو جمعية تأسيسية لكل ليبيا تقوم بتأليف الحكومة المؤقتة المنتخبة ويسلم المجلس الأنتقالي السلطة ألى المجلس التاسيسي العام الجديد الذي يقوم بدوره في فترة سنة تأسيس لجنة خاصة لوضع الدستور وعرضه على الشعب للأستفتاء ثم تتم إنتخابات الرئاسة والبرلمان ليتولى السلطة من المجلس التأسيسي وتأليف أول حكومة دستورية ليبية .والثورة الليبية في وضوحها تختلف عن الثورتين المصرية والتونسية فلازال الغموض والضبابية تهيمن عل الاوضاع والسبب هوالابقاء على عدد كبير من مسئولي نظام مبارك وبن علي في مراكز المسئولية كطابور خامس وظهور صراع قوي بين الأسلاميون والعلمانيون .. ويعمل هذا الطابور الخامس اليوم باستغلال هذا الصراع وإعلان الولاء للثورة وسحب البساط من تحت الثوار الشباب الحقيقيين وإعادة البلاد إلى حكم الفرد أو الطغمة الحاكمة والقمع والأنغلاق.
لقد إستبشرت وأستبشر الشعب خيرا بتصريحات المستشار مصطفى عبد الجليل وخاصة الأخيرة منها في طرابلس . فقراره بحل المجلس الأنتقالي والمجلس التنفيذي أو الحكومة التي ستألف وتسليم السلطة الى المؤتمر العام بعد ثمانية أشهر. وتصريحه بعدم الترشح للحكومة والبرلمان مستقبلا يجب أن ينطبق على جميع أعضاء المجلس الانتقالي ورئيس وأعضاء المجلس التنفيذي لمدة أربع سنوات على الأقل . وتأكيده بأن ليبيا دولة إسلامية معتدلة وأن الشريعة الأسلامية مصدر من مصادر التشريع وليست المصدر الوحيد للتشريع كما نشرته بعض وسائل الأعلام .وإصراره على تقديم كل من خدم في عهد القذافي عهد ثورة الفاتح من ستمبر للمحاكمة أو تحقيق النائب العام بما فيهم هو نفسه الذي سيقدم نفسه للمحاكمة على الفترة التي خدمها كوزير في عهد القذافي . وتصريحه الأخير بالتحقيق في مصدر الثروات الكبيرة التي جمعها بعض رجال العهد القذافي من مسئولين ورجال أعمال محسوبين على النظام ورصد أموالهم المخزنة في مصارف ليبيا وفي البنوك في الخارج وكذلك الاراضي والاملاك العقارية والشركات المالية والتجارية وغيرها . ومتابعتها من طرف البوليس الدولي والدول التي تتعامل مع ليبيا إقتصاديا بالذات وغيرها ’ وأعادة ثروات الشعب إلى خزينة الشعب . طلبه من الشعب عدم الأنتقام وترك الأمر للقضاء الذي نأما أن يطهر ويعين فيه قضاة خبراء مختصين ومن أهل الثقة والعدل . وإقرار المستشار بالأعتراف بالأتفاقيات والعقودالمالية والتجارية مع إعادة النظر في بعضها المبالغ في قيمتها الحقيقية . الشئ الذي نريد من السيد المستشارتأكيده هو الأصرارعلى وحدة ليبيا وأن تكون الولايات المقترحة تقسيمات إدارية ليست لها الشخصية الاعتبارية أو السيادة .فالبلاد يجب أن تحكم بحكومة مركزية تملك كل الصلاحيات في الشئون الخارجية والداخلية والاشراف التنفيذي على الولايات. كما نأمل من السيد المستشار عبد الجليل أن يهتم شخصيا بمجال الأعلام والسماح بالاعلام الحر وحرية الرأي للجميع وأصدار قانون يؤكد هذه الحريات . كل هذه السياسات التي أكدها المشتشار تبعث على الأطمئنان ونأمل أن يتمسك ويسمع صوت الشعب في مظاهراته الحرة والأعلام الحروالأستفتاءات العلمية الحرة حتى يسلم امانة الحكم لممتلي الشعب المنتخبين . وعدم غلق نفسه والأكتفاء بمقترحات زملائه ومشتاريه دون الرجوع إلى الشعب بشانها . فنحن نعرف إن كل مشاكلنا في العالم العربي هو إعتماد الحاكم على الطغمة التي حوله والتي تجره إلى الفساد شيئا فشيئا والحكم الدكتاتوري هذا ما حصل لمبارك وبن علي والأسد وعلى صالح وغيرهم .

بشير إبراهيم September 2011
لا صوت يعلو على صوت الشباب الثائر
الشعب الليبي جميعه كره القذافي ونظامه ولجانة الشعبية والثورية البغيضة منذ قيامه هو وزملائه من حتالة الضباط العابثين بالأنقلاب على على السلطة الشرعية في ليلة الواحد من ستمبر المشئومة وأسقطوا نظاما كان يحبو نحو تحقيق الديمقراطية بخطى متسارعة متخطيا العقبات والفقر والجهل والتشردم الأقليمي والمطامع الشخصية. ورغم هذه الكراهية المتزايدة للقذافي ألا أن أجيالا متعاقبة قبلت الأمر الواقع وفر من إستطاع إلى الخارج وأصبح اللجوء الى الخارج امنية الليبيين هروبا من الملاحقة وحياة القهر والكبت . وفجاة جاء الربيع العربي وهب الشباب الليبي المغبون ونفض غبار الخوف والتردد ووقف ضد قوى الطغيان .ورأينا على شاشاة التلفزيون هذا الشباب الشجاع وهو يواجة الموت بصدور عارية ينتزع السلاح من أيدي كتائب الطغيان ليحاربها بها . وكان لتضحيات هذا الشباب الفضل في أن تسارع الجامعة العربية للمطالبة بوقف عمليات الأبادة التي بدأ نظام القذافي فرضها على هذا الشباب المطالب بحريته ورفع الأمر لمجلس الأمن فتجاوبت قوى العالم والناتو مع هذا التصميم الذي فرضه الشباب الليبي على الاوضاع في ليبيا . وقامت دول الناتو بالأسراع بمساعدة هذا الشباب المتحفز مضحية بمصالح إقتصادية وسارعت إلى الأعتراف بالمجلس الانتقالي والفضل كله للشباب وتضحياته وليس لأفراد معينين أو دول معينة كما نسمع ويشاع . ومن حسن حظ الشباب إنشقاق بعض الشخصيات من المسئولين والجيش الليبي ورجال الامن على نظام القذافي وأولاده . وسارع بعض الليبيين الذين يعيشون في الخارج إلى الرجوع غلى الوطن ومشاركة الشباب في ثورته . وقد شجع هذا جمبع جماهير الشعب الليبي لمعانقة الشباب والانطواء معهم تحت علم الثورة والفضل كله كان للشباب وتصميمه وإقدامه على الثورة . وقد ألتف الشباب والشعب الليبي حول المجلس الأنتقالي برأسة السيد مصطفى عبد الجليل ورفاقه تقديرا للشيخ مصطفى عبد الجليل منذ أن رفع صوته ضد القذافي في مجلس الشعب عندما طالب بالأفراج عن الذين حكمت المحاكم بتبرئتهم .والأن وقد تم الحسم وزهق الباطل يتجه الشعب ألى السيد مصطفى عبد الجليل ليقود سفينة الوطن ألى شاطئ السلامة وأعادة النظام والحياة العادية للبلاد والبدء في إنشاء دولة ليبيا الحرة الديمقراطية البرلمانية حسب الأعلان الدستور ي والتمسك بمراحل التنفيذ التي حددت فيه.
ويثق الشعب اليوم في نزاهة السيد مصطفى عبد الجليل للتشاور مع الثوار الشباب والمجالس المحلية وقادة ثوار المناطق لتأليف حكومة من الخبراء المؤهلين من أهل الثقة الشعبية ومن المجالس المحلية , على أن لا تشمل الحكومة الجديدة رؤساء وأعضاء اللجان الشعبية ورؤساء المجاس الشعبية وكل رؤساء وأعضاء اللجان الثورية وغيرهم من كبار المسئولين الذين الذين عرفوا بأقترافهم ومساهمتهم في جرائم القتل والقمع والتعذيب والذين تتبت تصرفاتهم غير القانونية وإستغلالهم للمال العام خلال فترة عهد ثورة الفاتح من ستمبر المنهار. كما يجب حظر ترشيح هذه الفئة للرئاسة وللبرلمان والحكومة المنبثقة عنه للفترة البرلمانية الاولى ولمدة أربع سنوات على الاقل لضمان عدم الألتفاف على الثورة الليبية عن طريق المشاركة في الحكم . وهذا المبدأ عملت به كل الثورات الوطنية لحماية مسارها الصحيح . وهذا لا يقلل من أهمية المنشقين عن نظام القذافي والشرفاء من الذين خدموا نظام القذافي وهم الأغلبية . ويجب أن تستغل خبراتهم في المرحلة الانتقالية في كل المجالات وتعيين بعض المنشقين من الذين عرفوا بالكفاءة والخبرة في السلك الدبلوماسي ، كما يجب أن تتمتع هذه الفئة بكل حرية في العمل السياسي في الأحزاب والأعلام والأستشارة وفي التجارة ومزاولة مهنهم بحرية وإحترام . كما يجب العناية الصحية والمالية لمن هو في سن التقاعد أسوة بغيرهم من المواطنين .
ونظرا لأنتهاء مؤسسات الجيش والشرطة فعلى قادة ثوار المناطق التنسيق فيما بينهم وتأليف مجلس لهم برئاسة وزير الدفاع لتبادل المعلومات والأفكار وتقديم مقترحاتهم الى المجلس الأنتقالي لتاسيس الجيش الليبي الجديد والعناصر التي يجب أن يضمها وكذلك تطهير نظام الشرطة وتعيين المسئولين عن أمن المناطق والمدن فالوضع لا يحتمل الأنتظار . ودورقادة ثوارالمناطق في شئون الامن هام جدا لانهم هم الذين يسيطرون على البلاد اليوم وأقدرالجهات على السيطرة على النظام بأشراف المجلس الأنتقالي الذي يجب أن تكون له الكلمة الأخيرة في أتخاذ القرارات التي يقترحها قادة ثوار المناطق .
الشعب اليوم يريد أن يعرف عن نشاط المجلس الأنتقالي والمجلس التنفيذي والحكومة المؤقتة القادمة وإجتماعاتهم الدورية وقراراتهم . كما إنه يجب على المسئول على الأعلام الأسراع لأستئناف البت الأذاعي الداخلي والدولي وأنشاء صحيفة رسمية للدولة لنشر القرارات والأعلانات الرسمية وأصدار قانون مؤقت للأعلام لتنظيم العمل لمن يرغب في إصدار صحف ووسائل إعلام خاصة . نحن في الخارج لا نعرف ما يحدث سوى ما تنشره الصحف الأجنبية وتديعه وسائل الاعلام الأجنبية التي لا تعطي صورة كاملة وصحيحة. كما نسمع أحيانا عن إلقاء القبض على بعض العناصر من مسئولي النظام السابق ولكننا لا نعرف تفاصيل من تم القبض عليهم والقائمة للمطلوب إعتقالهم وأخرى للمطلوب محاكمتهم فالثورة ليست مجرد تغيير في جهاز نظام القذافي وإنما هي إسقاط لنظام القذافي وإنشاء نظام جديد . و تعيين نائب عام تابع للمجلس الأنتقالي لأصدار أوامره بالقبض على كل من هو خطر على الثورة وخاصة من رؤساء وأعضاء اللجان الشعبية والمؤتمرات الشعبية وكل رؤساء وأعضاء اللجان الثورية وضباط الجيش والشرطة. وأن يقوم النائب العام بالطلب من البوليس الدولي( الأنتربول ) للقبض على الهاربين إلى الجزائر والنيجر وباقي دول العالم . ومعرفة نية المجلس الانتقالي لتقديم المتهمين من رجال العهد النهار ألى المحاكم العادية بعد تطهيرها وتعيين قضاء معروف لهم بالعدل والنزاهة أو أن المجلس الأنتقالي يفكر في إنشاء محاكم خاصة لثورة 17 فبراير. هذه الأجراءات لا تحتمل الأنتظار حتى تأليف الحكومة أو أنتهاء عملية تحرير البلاد الذي قد يأخذ وقتا طويلا . أن عدم إتخاذ أجراءات سريعة سيشجع الطابور الخامس على تحويل ليبيا ألى أفغانستان ثانية .
بشير إبراهيمSeptember 2011
ملاحظات عامة
مقاومة الكتائب العنيفة ترجع الى تمكنها خلال الاسبوعين الماضيين من تجمعها من كل الجبهات في بني وليد وسبها وسرت بعد هروب فلولها بدون قيادة تائهة في الصحراء من هول المفاجأت بعد الإحتلال السريع لطرابلس . وكان من الممكن تعقبها بعد إحتلال طرابلس والقضاء عليها في أيام معدودة ولكن المهلة التي أعطيت لهذه المدن لأحتلالها سلميا لحقن الدماء ساعدت الكتائب على التجمع والتحصن والتسلح وحصار سكانها وستكلف الثوارضحايا تزيد بكثير عن الضحايا التي قد تنتج لو أمكن تعقبها بسرعة بعد سقوط طرابلس . ولهذا فان الأسراع بالتحرير فيه ضمان لعدم عودة القذافي إلى المدن المحررة فلا زال لديه انصار ووسائل التلاعب والألتفاف .
لا معلومات متوفرة لدى الشعب لمعرفة ما يجري في البلاد . فمثلا نسمع عن إلقاء القبض على بعض العناصر من مسئولي النظام السابق ولكننا لا نعرف تفاصيل من تم القبض عليهم والقائمة للمطلوب إعتقالهم وأخرى للمطلوب محاكمتهم فالثورة ليست مجرد تغيير في جهاز نظام القذافي وإنما هي إسقاط لنظام القذافي وإنشاء نظام جديد . وهل تم تعيين نائب عام تابع للمجلس الأنتقالي لأصدار أوامره بالقبض على كل من هو خطر على الثورة وخاصة من رؤساء وأعضاء اللجان الشعبية والمؤتمرات الشعبية وكل رؤساء وأعضاء اللجان الثورية وضباط الجيش والشرطة. وحتى يتمكن النائب العام من الطلب من البوليس الدولي( الأنتربول ) القبض على الهاربين إلى الجزائر والنيجر وباقي دول العالم . وهل في نية المجلس الانتقالي تقديم المتهمين ألى المحاكم العادية بعد تطهيرها وتعيين قضاء معروف لهم بالعدل والنزاهة أو أن المجلس الأنتقالي يفكر في إنشاء محاكم خاصة لثورة 17 فبراير. هذه الأجراءات لا تحتمل الأنتظار حتى تأليف الحكومة أو أنتهاء عملية تحرير البلاد الذي قد يأخذ وقتا طويلا . أن عدم إتخاذ أجراءات سريعة سيشجع الطابور الخامس على تحويل ليبيا ألى أفغانستان ثانية .
نظرا لأنتهاء مؤسسات الجيش والشرطة فعلى قادة ثوار المناطق التنسيق فيما بينهم وتأليف مجلس لهم برئاسة وزير الدفاع لتبادل المعلومات والأفكار وتقديم مقترحاتهم الى المجلس الأنتقالي لأنشاء الجيش والعناصر التي يجب أن يضمها وكذلك تطهير نظام الشرطة وتعيين المسئولين عن أمن المناطق والمدن فالوضع لا يحتمل الأنتظار . ودورقادة ثوار في شئون الامن هام جدا لانهم هم الذين يسيطرون على البلاد اليوم وأقدرالجهات على السيطرة على النظام بأشراف المجلس الأنتقالي الذي يجب أن تكون له الكلمة الأخيرة في أتخاذ القرارات التي يقترحها قادة ثوار المناطق .
الشعب يريد أن يعرف عن نشاط المجلس الأنتقالي والمجلس التنفيذي والحكومة المؤقتة القادمة وإجتماعاتهم الدورية وقراراتهم . كما إنه يجب على المسئول على الأعلام الأسراع لأستئناف البت الأذاعي الداخلي والدولي وأنشاء صحيفة رسمية للدولة لنشر القرارات والأعلانات الرسمية وأصدار قانون مؤقت للأعلام لتنظيم العمل لمن يرغب في إصدار صحف ووسائل إعلام خاصة . نحن في الخارج لا نعرف ما يحدث سوى ما تنشره الصحف الأجنبية وتديعه وسائل الاعلام الأجنبية التي لا تعطي صورة كاملة وصحيحة عما يحدث .
بشير إبراهيم September 2011
الفترة الأنتقالية ومسئولية الأمن
الثورة المصرية رغم إنها لم تسقط النظام كليا لأن قيادات الجيش تسلمت السلطة وساعدت على إستتاب الأمن وإستجابت لمعظم المطالب الشعبية . وتم تطهير الحكومة من عناصر العهد السابق خطوة خطوة مما ساعد على نجاح للثورة المصرية حتى الأن . وأهم إجراء إتخذ هو إطلاق أيادي النيابة في التحقيق مع كل رجال عهد مبارك بما فيهم مبارك وأولاده. وفعلا قدم أركان النظام السابق للقضاء . وقد رأى الشعب الطاغية مبارك وأولاده وأعوانه في القفص كمجرمين عاديين . وسبحان الله يعز من يشاء ويذل من يشاء .لقد كان كل هؤلاء من صغار الطغاة الذين مكنوا الطاغية الأكبر من حكم مصر أكثر من ثلاتين سنة وساعدوا على القمع والتعذيب والفساد واستغلوا أموال الشعب بغير حق . ولا شك أن مبارك لم يكن ليستمر في الحكم لولاهؤلاء طلاب السلطة والمال . وقد وجدنا أن كلهم ينكرون إجرامهم ويحيلون التهم على غيرهم وعلى رئيسهم . وهذا شئ طبيعي أن ينكر وزراء ونواب ووكلاء الوزارات وكبار النظام السابق الجرائم التي أرتكبت ويدعون بانها أوامر عليا من الرئيس وهذاعادة ما ينكره أعوان أي طاغية ينتهي ألى مصيره المحتوم .فهل يستطيع فرد من البشرأن يحكم شعبا بدون أعوان ؟ الدعوى بان الطاغية لديه أعوان سريين يقترفون الجرائم التي حسبت على النظام إلتفاف على الحقيقة وتهربا من المسئولية لأن وجودهم في مركز المسئولية ولو إسميا لن يعفهم من أية جرائم يقترفها النظام فالسكوت من علامات القبول .
إن مصر كانت دائما مثالا يقتدي به العرب في مشاكلهم وإنجازاتهم . ومنذ قيام ثورة 23 يوليو توالى ضباط الجيوش العربية في القيام بأنقلاباتهم أسوة بما يجري في مصر . ولا شك إن ثورة مصر الشعبية رغم أسبقية تونس في ثورتها كانت الحافز القوي الذي شجع باقي الثورات العربية . ومن المنطق أن تحدوا الثورات العربية حدوها في مراحلها المختلفة . وتونس تحاول أن تجاري ما يجري في مصر بعد الثورة وتتبع نفس الخطوات رغم الأختلاف في القدرات الأمنية والقانونية . وليبيا اليوم وهي تلحق بالركب العربي الثائر حري بها أن تستفيد من ثورة مصر . ونظرا للأختلاف بين الثورتين فقد تولي الجيش المصري مسئوليات الأمن بينما تشردمت وأنتهىت مؤسسات الجيش والأمن الليبيين . من هذا نري أنه على قادة ثوارالمناطق في ليبيا أن يجتمعوا وينظموا التعاون بينهم ويختاروا مجلسا ورئيسا للأشراف على نشر الأمن في البلاد وأمن الحدود . وإتاحة الفرصة للمجلس الأنتقالي برسم السياسات وإدارة مرافق البلاد وتوفير إحتياجات الشعب وتنظيم العلاقات الخارجية مع العالم وتنفيذ الخطواط الدستورية التي رسمها . وإجراء إنتخابات لمجلس تشريعي تسلم له السلطة ويحل المجلس الانتقالي ومجلس قادة الثوار بعدها وتتولى الحكومة التي يؤلفها ويحاسبها المجلس التشريعي المنتخب جميع السلطات. وتقوم الحكومةالجديدة بأنشاء لجنة لصياغة الدستور وعرضه على الشعب للاستفتاء.
وبعدها يتم إجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية وتأليف حكومة دستورية برلمانية تستلم السلطة من المجلس التشريعي . كما أقترحت سابقا يحظر على رئيس وأعضاء المجلس الأنتقالي ورؤساء وأعضاء المجالس المحلية دخول الأنتخابات للمجلس التشريعي والرئاسة والبرلمان في الفترته البرلمانية الاولى أو لمدة أربع سنوات على الأقل . كما يسري هذا الحظر على رجال العهد السابق رئيس وأعضاء اللجنة الشعبية العامة والأمناء العامين ورئيس المؤتمر الشعبي العام واعضاء مكتبه ورؤساء المؤتمرات الشعبية واعضاء اللجان الثورية جميعا وكبار الموظفين المتهمين بالأستغلال والفساد وذلك لمدة أربع سنوات على الأقل . مع تقديمهم جميعا للمحاكم العادية او إنشاء محكمة خاصة لهم . كما يجب أن تتاح الفرصة لجماهير الشعب بالتظاهر دوريا أو أيام الجمعة من كل اسبوع للأعراب سلميا عن مطالبهم وتصحبح أي إنحراف فيما يتخذ من خطوات وإجراءات من طرف المجلس الانتقالي و المجالس المحلية خلال الثمانية أشهر الأولى . وأن يكون مجلس قادة الثوار وسيطا بين الشعب والحكومة الانتقالية للأشراف والتاكد من أن المجلس الأنتقالي والمجالس المحلية تنسق وتنفذ مطالب جماهير الشعب بدون أن يتدخل مجلس قادة الثوار أويتصرف في إختصاصات المجلس الانتقالي. فلكل إختصاصه كما يحدده الدستور المؤقت الذي يحكم الفترة الأنتقالية .

بشير إبراهيم September 2011
ثورة الشباب ودور المنشقين عن القذافي
في الحقيقة لم نعد نعرف ماذا يجري . الشباب الذي ضحى بألاف القتلى وعشرات الألوف من الجرحى والمعوقين لم يعد لهم دور في إقامة نظام ديمقراطي سليم مبنيا على إطلاق كل الحريات العامة وعلى رأسها حرية التعبير، والعدل المستقل ، ونظام ديمقراطي برلماني يقوم على تداول السلطة ، وحكومة يؤلفها البرلمان لا سلطة عليها سوى الشعب ، ومعارضة معترف بها تتمتع بنفس حقوق مؤيدي الحكومة في شرح سياساتها وإنتقاد سياسة الحكومة ، ورئيس دولة يمثل الليبيين بروتكوليا ولا سلطة تنفيذية له سوي التوقيع على المراسيم التي يقدمها له البرلمان . هذه المبادئ العامة التي قامت ثورة الشباب من أجلها .
من هذا نرى أن المجلس الأنتقالي والحكومة المؤقتة التي ستؤلف قريبا لا دور لها سوى إنهاء تحرير كل التراب الليبي من كتائب القذافي وإعطاء هذا أهمية أولوية لا صوت يعلو عليه ، وحفظ الأمن ، وأعادة الخدمات العامة ألى المواطنين ، وعودة الأمور إلى نصابها وإحتلال ليبيا لمكانها الدولي، وعودة نشاط كل الوزارات الى ما كانت عليه . والأهتمام بالمجال المالي والسعي لرفع الحظر على الأموال الليبية المجمدة ، ووضع الأسس السليمة لنظام مالي مراقب ، وإسناده إلى عناصر مؤهلة وخبيرة . ولا بد من إصدار قوانين بدستور مؤقت ينظم عمل المجلس الأنتقالي والمجالس المحلية في خلال فترة الثمانية أشهر وأن تتولى الجمعية التاسيسية تعديلة بما يلائم الفترة التالية حتى تتم الأنتخابات ويتولى البرلمان والحكومة الدستورية شئون البلاد . وإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية في الوقت الذي حدده المجلس الأنتقالي وهو سنة لا تمديد لها . وإصدار قانون يحدد صلاحيات المجلس الأنتقالي والمجالس المحلية فقد رأينا بداية نشوء مشاكل بينها لعدم وضوح الأختصاصات . ويجب أن يكون واضحا إنه على المجالس المحلية تنفيذ السياسة العامة التي يرسمها المجلس الأنتقالي حتى يتم إنتخاب مجلس تأسيسي أو جمعية تأسيسة في بحر ثمانية أشهرتتولى تعيين حكومة مؤقتة ووضع الدستور وإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية في الوقت الذي حدده المجلس الأنتقالي وهو سنة لا تمديد لها . كذلك يتولى المجلس الانتقالي وضع قانون لأنتخاب الجمعية التأسيسية في فترة الثمانية أشهر القادمة ’ وقانون بإنشاء الأحزاب ’وقانون لحرية الصحافة والأعلام بصفة عامة .وقانون بتطهبر ودعم الجهاز القضائي الحالي أو إنشاء محاكم خاصة من قضاة مؤهلين خبراء . وقانون يحظر الأنتخاب للبرلمان وللحكومة المقبلة لأعضاء المجلس الأنتقالي ورؤساء المجالس المحلية الحاليين ولكل من تولى مسئولية عامة في عهد ثورة الفاتح من ستمبر في فترة البرلمانية الأولى أو لمدة أربع سنوات على الأقل . والأسراع بأصدار قانون بتأسيس الجيش الليبي وقوة أمن فعالة لحماية الأمن والحدود الليبية في الفترة الأنتقالية حتى يقوم البرلمان بوضع القوانين الدائم للبلاد .
هذه وجهة نظر من خبرة شخصية بالأجراءات الأساسية التي يمكن إتباعها خلال الفترة الأنتقالية , وليس من شك إنه عندنا من الخبراء في القانون الدستوري والأداري من هو أحق بأبداء الرأي والنصيحة والمشاركة في إصدار هذه القوانين الأساسية الهامة . إن إقتراح حظر الترشح للبرلمان والحكومة المقبلة على رؤساء وأعضاء المجالس الأنتقالية يتطلبه مبدأ الحياد وعلى أساس ان العمل في المرحلة الأنتقالية هو عمل تطوعي وليس بهدف إستغلال السلطة لحكم البلاد . أما الحظر المؤقت للترشح للبرلمان والحكومة المقبلة لرؤساء وأعضاء اللجان الشعبية ورؤساء المجاس الشعبية وكل رؤساء وأعضاء اللجان الثورية وكبار الموظفين الذين تتبت تصرفاتهم غير القانونية وإستغلالهم للمال العام خلال فترة عهد ثورة الفاتح من ستمبر المنهار، فأنه لضمان عدم الألتفاف على الثورة الليبية عن طريق المشاركة في الحكم في الفترة البرلمانية الأولى . وهذا المبدأ عملت به كل الثورات الوطنية لحماية مسارها الصحيح . وهذا لا يقلل من أهمية المنشقين عن نظام القذافي والشرفاء من الذين خدموا نظام القذافي وهم الأغلبية . ويجب أن تستغل خبراتهم في المرحلة الانتقالية في كل المجالات ، وفي فترة الحظرقي الفترة البرلمانية الأولى يجب أن يتمتعوا بكل حرية في العمل السياسي في الأحزاب والأعلام والأستشارة وفي التجارة ومزاولة مهنهم بحرية وإحترام . كما يجب العناية الصحية والمادية والمعنوية لمن يتقاعد منهم أسوة بغيرهم .
إننا نقول هذا لأننا نعتقد أن الأمور تجري الان في طريق خطير تجعل الثورة تتحول من ثورة ديمقراطية حرة تحققت بفضل تضحيات الشباب إلى إنقلاب فريق منشق عن حكم القذافي لتولي حكم البلاد . وهذا يظهر بوضوح في تعيين كبار المسئولين في عهد القذافي السابق في الوظائف السيادية والرئيسية للبلاد بعد الثورة دون تعيين الشباب المؤهل الذين قاتلوا في الميدان وبالشباب المؤهل المهاجر وهم كثر والأحق بتولي المسئولية في العهد الجديد .
بشير إبراهيم September 2011
الأتحاد والنظام والعمل
الأمم والدول تستفيد من خبراتها السياسية وليبيا لديها خبر طويلة ’ لقد مرت بفترة الكفاح ضد الأستعمار الأيطالي وقدهب الشعب ضد الأحتلال الأيطالي يدا واحدة وقدم المواطنون تضحيات استمرت عشرين عاما خسر الشعب الليبي فيها نصف سكانه ومع هذا ساعد الخلاف بين المدن وبين الزعماء على إحداث تغرات في وحدة الليبيين ساعدت على تمكن إيطاليا من إحتلال كل التراب الليبي . وقد ساعدت الحرب العالمية الثانية على تحرير ليبيا من الأستعمار الأيطالي . وهب الشعب الليبي من جديد صفا واحدا للمطالبة بالاستقلال والوحدة وإستطاع الليبيون بدعم الامم المتحدة بالصول على إستقلالهم ,ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إستقلال ليبيا إبتداء من ديسمبر 1951 وفعلا أعلن الملك إدريس رحمه الله يوم 24 ديسمبر1951 إستقلال ليبيا بعد مخاض دولي ومخاض داخلي . فقامت حركات إقليمية وظروف داخلية أدت على اقامة نظام فدرالي وعملت على تقسيم ليبيا إلى ثلات ولايات على أساس جغرافي رغم أن التركيب السكاني في ليبيا متداخل فقد تألف معظم سكان مدنها من قبائل وعائلات واحدة تفاعلت مع بعضها بالتجارة والتناسب والتواصل . وقد فشل الأتحاد الفدرالي بظهور خلافات حول إختصاصات سلطات الأتحاد والولايات وتوزيع الموارد . وقد دفع هذا الخلاف الملك إدريس رحمه الله بأعلان الوحدة سنة 1963 بقرار حازم منه لم يفرضه عليه ضغط شعبي أو قراربرلماني وقد صادق عليه البرلمان بطلب من الملك . ورغم إعلان الوحدة الليبية إلا أن الأنقسام الذي خلقه النظام الأتحادي فرض نفسه على الواقع الليبي . وقد تعرضت بتحليل مفصل لهذا الأنقسام في كتابي (مذكرات شاهد على العهد الملكي الليبي). وقد ساعد هذا الأنقسام السياسي والأداري بضعة أفراد شواد من قوات الجيش الليبي على القفز على السلطة بسهولة في اليوم المشئوم على ليبيا يوم الواحد من ستمبر’ دون مقاومة تذكر لعدم وجود سلطة مركزية واحدة وإستقلال الاقاليم الليبية أمنيا وغياب الملك في الخارج وظروفا خارجية وداخلية .
وقد ضربت مثلا عمليا يعطي أوضح دليل على شدة الأنقسام الأداري والسياسي الذي كان سائدا . فقد كانت العاصمة في البيضاء وكان وزير الداخلية السيد أحمد عون سوف وزيرا للداخلية رحمه وهو من أقوى وأقدر وزراء الداخلية عرفتهم ليبيا , وهومن طرابلس يأتي إلى البيضاء أسبوعيا تقريبا لحضور جلسات مجلس الوزراء وكان عليه النزول في مطار بنغازي ليأخذ السيارة إلى البيضاء . وقد لاحظت وكنت مسافرا معه إنه لم يقدم أحد لأستقباله من محافظة إو حكمادرية بنغازي ولا حتى جندي مرور وكان مضطرا أن يحمل حقيبته كغيره بنفسه ألى سيارته التي تقله إلى البيضاء . وكان هذا نكتة متداولة في بنغازي . وكنت قد لا حظت أثناء سفرنا من طرابلس وجود خمسة محافظين وخمسة حكمدارين وعشرات من ضباط الأمن وكبار المسئولين في توديعه وقد جاء في موكب كبير تحرسة الدرجات النارية على طول الطريق من مكتبه ألى المطار . ورغم أني أعرف الجواب لكني تجرأت وسألته هل وصولك وسفرك دائما إلى ومن مطار بنغازي يتم بهذا الشكل ؟ ولماذا يختلف عن سفرك ورجوعن ألى مطار طرابلس؟ فقال لي رحمه الله دون أية أبتسامه . إنني وزير الداخلية في طرابلس لكني في برقة لا أحد يعترف بي والمحافظون وحكمداري الشرطة فيها لا يتصلون بي أو يقدمون تقاريرهم إلي بل يتصلون رأسا برئيس الوزراء أو الملك وهو كوزير داخلية لا يعرف ماذا يحدث في محافطات برقة . ورغم أن موكب وزير الداخلية في طرابلس في ذهابه ألى ومن المطار في رحلات داخلية يثير الأنتقاد إلا أن إحترام وزير الداخلية عامل مهم لأمن البلاد ويعطي هيبة للدولة . وإنتقادي لهذا التشردم الأداري الرسمي الذي كان قائما في ليبيا لا يعني إني أنتقد نظام خدمته بأخلاص. فليبيا في العهد الملكي لم تعرف قيودا على حريات المواطنين في السفر والمرور والتجارة أوعلى حريات الأفراد بما فيها حرية الرأي والأنتقاد التي لا تتوفر في البلاد العربية الاخرى’ رغم ان القرار السياسي حول الشئون السياسية الهامة في ليبيا كان محتكرا من السلطة ( الحكومة والملك ) نظرا لألغاء الأحزاب وإنتخاب أعضاء البرلماني على أساس قبلي وفردي لم يساعد على وجود معارضة فعالة لسياسة الحكومة .
وخبرة الليبيين من نظام القذافي تجعلهم يعرفون خطر سيطرة الفرد أوطغمة حاكمة على الأمور. وثقة الشعب في حاكم فرد دون رقابة ملزمة الذي يتحول مع الزمن ألى طاغية دكتاتوريحكم مدى الحياة ويورث الحكم لورتته .
إن خبرة الليبيين بأنظمتهم السياسية السابقة تجعلهم اليوم أحرص على تجنب أخطاء الماضي ’ ونبذ الأختلاف الذي بدأت بوادره تظهر في توزيع مقر السلطة المركزية بين طرابلس وبنغازي ’ والعمل على أقامة نظام حكم ديمقراطي برلماني تتوفرفيه كل الحريات وعلى رأسها حرية الرأي وحقوق الأنسان المعترف بها في المواثيق الدولية ’ والعدل والمساواة للمواطنين وأنشاء الأحزاب والنقابات وحق التظاهر والاحتجاج وقبل هذا كله الحرص على وحدة البلاد سياسيا وإداريا إقتصاديا .

بشير إبراهيم September 2011
سرت وخرافة القبائل
سرت تضم قبائل عديدة ولا تقتصر على القدادفة كما يعتقد البعض . تولى إنشأئها قائم مقام قضاء سرت عمر باشا المنتصر الذي إستمر في منصبه أكثر من 20 سنة أشرف فيها على تأسيس المدينة ووطن بها من يرغب من قبائل البادية يذكر منهم (القذادفة والعمامرة والهماملة والورفلة والفرجان ومعدان وقماطة ولحسون وأولاد سليمان والجماعات ووالمزاوغة والربايع والمشاشي وأولاد وافي والمغاربة والهوانة والزياينة وغيرهم)، كما نقل إليها عددا من العائلات من مصراتة، وأسس بها في سنة 1898م الزاوية المعروفة بجامع بن شفيع نسبة إلى الشيخ محمد علي بن أحمد الشفيع السناري الذي تولى مشيخة الزاوية منذ تأسيسها وحتى وفاته. وجلب عمر ياشا المنتصر لها نخبة من علماء مصراتة والمحترفين لسد حاجة سكان المدينة والقبائل حولها . وقد إشترى عمر باشا المنتصر من السلطان العثماني رأسا كامل اراضي المدينة والأراضي الشاسعة البرية حولها التي كانت تستغلها القبائل البدوية في الزراعة الشتوية الموسمية وتربية الأغنام والأبل . الإنشاءات الأولى التي أقامها عمر باشا المنتصرهي مبنى دائرة حكومية تحتوي على سبع غرف، ودائرة أخرى لعائلات المأمورين فيها ست غرف على دورين مع ما يلزمها من المشتملات، وتكنة للعساكر الشاهانية، وإصطبل لخيول السواري، وفتدق وسوق ودكاكين، وفرن وطاحونة . تعتبر مدينة سرت الآن من المواقع البالغة الأهمية حيث تحتل موقعا متوسطا بين شرق ليبيا وغربها، وهي في نفس الوقت تعتبر بوابة للمناطق الداخلية بفزان، ويمكن اتخاذها قاعدة للانطلاق إلى الواحات التي تقع إلى الشرق والجنوب.
من هذا نرى أن حكاية القبائل خرافة خلقها القذافي لتفتيت الشعب . فسرت كما رأينا أعلاه كانت خليطا من عشرات القبائل وقد أختلط أفرادها بالعائلات التي سكنتها من مصراتة وطرابلس وباقي مدن ليبيا . كما أن سرت ليست مسقط رأس القذافي كما تتناولها وسائل الأعلام العالمية . فقد ولد قي البر اي خارج سرت ولم يسكن والده سرت إلا مؤخرا ثم أحتضنته عائلة سيف النصر في سبها فعاش تحت السقف لأول مرة ثم مصراتة فبنغازي . خرافة القبائل التي أثارها القذافي لم تعرفها ليبيا منذ فترة ما قبل الأحتلال الأيطالي ووجودها حول المدن الكبيرة في برقة لا يسبغ على مدن برقة صفة القبلية . فقد أختلطت مدن برقة يالقبائل التي حولها مع العائلات التي جاءت إليها من مصراتة وبني وليد وتاجوراء وبقية مدن ليبيا الغربية والشرقية . ولم تعد أية منطقة في ليبيا موطنا لقبيلة معينة . أما في غرب ليبيا فأختفت أسماء القبائل ولم نعد نسمع سوى أسماء المدن . وخرافة قبيلة ورفلة وعدد سكانها مليون نسمة نكتة إخترعها القذافي لأتنا نعرف هذه المنطقة ببني وليد . لقد عملت في العهد الملكي وزيرا لشئون رئاسة مجلس الوزراء ووكيل وزارة لشئون رئاسة مجلس الوزراء مع سبعة من رؤساء وزراء الملك إدريس العشرة وعملت مع بقيتهم كوزراء في وظائف مختلفة . وعشت في مكتب رئيس الوزراء طوال هذه الفترة في طرابلس وبنغازي ومعظم الوقت في البيضاء . وكنا نتناول الشئون الداخلية ونقرأ تقارير محافظي المناطق وعمداء المدن وتقارير حكمداري الشرطة فلم أسمع ما يقال عن وجود القبائل بل كنا نتعامل مع مناطق ومدن ليبيا . ولم يرشح شخص لأنتمائه لقبيلة معينة ولم يعين وزير لكونه من قبيلة معينة . ولكن كل هؤلاء جاءوا من مدن ومناطق معينة . أني أتكلم عن الوضع في عهد النظام الملكي أما نظام القذافي فلم أعرف عنه شيئا سوى السجن والعيش تحت الأرهاب والخوف . وقد نجوت برأسي وهربت من أجل حريتي بعد أن رايت أن من يريد الحياة في ليبيا كموظف عليه أن يكون مخبرا للنظام وعميلا لرجال المخابرات وعبدا لأرادة الحكومة والقذافي . شعرت بهذا حتى في عملي الخاص مع شركات النفط التي تفضل مدرائها الأجانب بالترحيب بي كموظف عندها بعد أن كنت متسولا أبحت عن عمل شريف . كنت في مهمة في لندن لشركة النفط التي أعمل معها فقررت فجأة عدم الرجوع لليبيا نهائيا وكان ذلك في مارس 1977 . وكنت غير مستعد للهحرة فلم أحضرمعي شيئا لا نقود ولا حتى ملابس سوى حقيبة لسفر قصير . وتركت بيتي في طرابلس بما فيه ومكتبتي لأخوتي وكل ما تركت وإعتبروه هبة أو ورائة من شخص مات . وأنتهت علاقتي بكل شئ في ليبيا . ومن حسن حظي إني وجدت عملا في الأمم المتحدة بمجهود خاص بدون طلب أو موافقة رسمية من الحكومة الليبية فبقيت في الخارج للعمل وتقاعدت وعشت على معاشي التقاعدي للأمم المتحدة حتى الأن . ولم أزر ليبيا لفترة 36 عاما كاملة حتى أصبحت لي خيالا في خاطري . ولم أخذ سنتا تقاعديا عن خدماتي في ليبيا لفترة عشرين سنة بين الحكومة والقطاع العام للشركات . إني اليوم أحمد الله إني عشت حتى أرى نهاية حكم الطاغية الذي حكم ليبيا فترة 42 عاما بالقمع والأضطهاد والفساد ولست في حاجة لشئ .وكل أملي اليوم أن يتمكن شباب الثورة الذين أتبتوا جدارة وإحترام العالم من الأشراف على المرحلة الأنتقالية إلى نظام ديمقراطي يتوفر فيه العدل والحريات. وأحذرهم من المتربصين بالثورة من الاسلاميين المتزمتين ومن مسئولي العهد القذافي المنهار الذين تقمصوا الثورية وعلقوا علم ليبيا علي صدورهم الذي يحمل في منتصفه علم الملك إدريس رحمه الله الذي ثاروا عليه . وعدم الثقة في هولاء فهمهم اليوم الألتفاف على الثورة والعودة بعهد حكم الفرد تحث شعار اليمقراطية والحريات . وأدعوا الله أن يلهم الثوار الشباب الصواب كما أحذرهم من المبالغة في التسامح والعفو حتى لا نضيع فرصة الخلاص من حكم الفرد الواحد الذي عانينا منه طوال 42 عاما .
بشير إبراهيم September 2011
مسئوليات المجلس الأنتقالي
لقد ألتف الشعب الليبي حول المجلس الأنتقالي بدون أن يعرف من هم أعضاؤه فحاز ثقة الليبيين في ايام معدودة. هبت جماهير الشعب لـتأييد المجلس الأنتقالي من شرق ليبيا وغربها لتوحيد صفوف ثورة 17فبراير أمام كتائب القمع الذي دفع بها طاغية ليبيا تقتل وتهدم وتستبح الحرمات . لم يناقش أحد مؤهلات أوسيرة أعضاء المجلس ألأنتقالي أو من أي إقليم أو مدينة جاءوا وهذا شئ طبيعي فالثورة قامت ضد الأقليمية وتنادي بالمساوات بين الجميع. وأي مواطن ليبي يحق له أن يرشح نفسه لحكم البلاد دون تمييز بين ذكر وأنثى وبين زعيم القوم أو شيخ القبيلة والمواطن العادي . الثوار يعرفون أن أعضاء المجلس الأنتقالي هبوا من تلقاء انفسهم وعرضوا أنفسهم للموت وأنتقام النظام فجمعوا أنفسهم وكونوا سلطة شعبية . المقروض أن المجلس الأنتقالي يتألف من أفراد معروفين بالكفاءة والخبرة ومن ممثلي المجالس المحلية . وكلنا يعرف أنه لا توجد مجالس محلية أختارها الشعب . فكلها مجموعات من الأفراد تطوعوا لتنظيم صفوف الثوارفي مناطقهم . الظروف التي تم فيها تأليف المجلس الأنتقالي والمجالس المحلية هي فترة إنتقالية لنظام ديمقراطي يقوم على أختيار الشعب لحكامه . لكن الوصول الى الحكم الديمقراطي وخلق كل هياكل السلطة الديمقراطية يحتاج إلى وقت حدده المجلس االانتقالي بعشرين شهر ا وثمانية أشهر لتسليم السلطة إلى مؤتمر منتخب يقوم على أقامة حكومة مؤقتة ووضع الدستور وأجراء الأنتخابات في بحر سنة. ودورالمجلس الأنتقالي في فترة الثمانية الاشهر القادمة هو نشر الأمن وبناء جهاز إداري فعال لتسيير شئون البلاد . وبحمد الله وصلت الثورة الليبية إلى مرحلة الحسم رغم أهمية نهاية الطاغية المرتقبة فهدوء ليبيا لن يتم ما دام حيا . وأنا أعتقد أن سرت وبني وليد لن تستسلما تحت أية ظروف . فالمواطنون في المدينتين ينتظرون الفرج ويتوقون إلى الأنضام ألى المناطق المحررة ولكنهم مسجونين تحت قبضة كتائب القذافي التي لن تستسلم بلا معركة حتى هزيمتها كما حصل في مصراتة والزاوية وزليطن . كما أن الدعم الدولي ودفع الدول لبعض الأموال الليبية المجمدة أعطى الثورة الليبية دفعة قوية . وبهذا تبدأ مرحلة جديدة في عمل المجلس الأنتقالي . ولكي يتم الأستقرار لا بد من أن يكتمل المجلس الأنتقالي تشكيلته ليضم عددا كافيا لتمثيل كل ليبيا و كذلك المجلس التنفبذي يجب أن يضم مزيدا من الخبراء والاستعانة بقادة الثوار الذين حققوا إنتصار الثورة . كما يجب تنظيم نشاط المجلس الأنتقالي وإرساء نظام إعلامي قوى وبدء الارسال الأذاعي والتلفزيوني وإصدار الصحف حتى يتمكن الشعب من معرفة ما يجري ونشاط المجلس الأنتقالي والمجلس التنفبذي . كما يجب على المجلس الانتقالي والمجلس التنفبذي تنظيم عملهما بعقد إجتماعات دورية لكل اعضائهما مرة أو مرتين في الأسبوع . وإصدار قرارتهما لأتاحة المجال للمواطنين والكتاب التعليق وإبداء الملاحظات عليها . وفي مجال الأمن يجب على الثوار تسليم السلاح الثقيل ألى قوات الجيش والشرطة والحصول على رخصة لمن يريد الأحتفاظ بسلاح خفيف في داخل بيته للمحافظة على سلامته ’ وعدم السماح بحمله خارج البيت إلا بتفويض رسمي . وحتى يضمن الثوار وجماهير الشعب تمسك المجلس الأنتقالي بالدستور المؤقت وتنفيذ ما تعهد به لتسليم السلطة ألى مؤتمر منتخب بعد ثمانية أشهر يسمح للشعب التظاهر في ميادين المدن الليبية كلما اقتضت الحاجة أو دوريا في أيام الجمعة للأعراب عن تمسكهم بمبادئ الثورة وتصحيح أي إنحراف عن تنفيذها . وعلى المجلس الأنتقالي مصارحة هذه الجماهير بما يتخذ من إجراءات لتطمينها كما يحصال في مصر اليوم .
والجانب الهام لنشاط المجلسين الانتقالي والتنفيذي هو الجانب المالي فيجب تحديد المسئوليات وتعيين كبار المسئولين عنه وأعضاء مجلس البنك المركزي وإنشاء لجنة للعطاءات ونشر قراراتها وإنشاء مكتب مراجعة وإصدار تقارير دورية من وزارة المالية عن نشاط كل هذه المؤسسات الهامة . وإصدار بيان دوري بحسابات الميزانية والأموال التي يستلمها المجلب الأنتقالي ومجال صرفها ’ خاصة أن هذا الجانب المالي مجال حساس تقاس به أمانة ونزاهة المسئولين وإرتباطه بعلاقات ليبيا مع دول الناتو وعلاقاتها الخارجية . فالأعلام الخارجي في دول الناتو يثير مسائل حساسة حول الشئون المالية في ليبيا ومدى إستفادة دول الناتو من النفط الليبي وتنافسها في مجالات التجارة والأنشاءات في ليبيا . وكثيرا ما تتناول التعليقات في الاعلام الغربي عمليات الفساد وما يرافقها من إشاعات حول المعاملات السرية ونشر الوثائق الرسمية حتى السرية منها الذي يترافق مع توقيع العقود المالية والتجارية . وقد بدأت هذه الأشاعات عن ما يجري فعلا من معاملات بين المجلس الانتقالي الليبي والدول الأجنبية . فقد نشرت صحيفة الديلي تلغراف اللندنية يوم 2ستمبر الجاري أن شركة بريتش بتروليوم رفضت التعليق على الأخبار التي تحدثت عن وجود مشاورات من جانبها مع الحكومة المؤقتة في ليبيا، كما نقلت جريدة الغارديان في نفس اليوم عن مصادر مطلعة بالصناعة تأكيدها لهذه المشاورات بشأن الانتاج النفطي المستقبلي. وكشفت صحيفة التايمس والتلغراف البريطانيتان عن أن شركة "فيتول" للنفط قد فازت بحقوق قيِّمة لإجراء تعاملات تجارية مع الثوار الليبيين أثناء المعارك ضد نظام القذافي، بعد إجراء محادثات سرية شاركت فيها الوحدة السرية التي أنشئت للنفط الليبي في مجلس الأمن القومي بوزارة الخارجية البريطانية وقد تم هذا التعامل بإيعاز من الوزير دونكان وقامت هذه الوحدة المذكورة بتقديم كبار مدراء شركة(فيتول)إلى أعضاء هامين في المجلس الأنتقالي الليبي.
كما كشفت الصحيفة النقاب عن أن المدير التنفيذي للشركة المستر إيان تايلور قدم مبلغاً قدره 200 ألف جنيه استرليني كتبرع للحملة الأنتخابية للمستر دونكان الوزيرالمحافظ. وقد إضطرت الحكومة البريطانية تحت ضغوط للكشف عن الدور الذي قام به الوزير دونكان لتأمين تلك الصفقة، التي قدرت قيمتها بحوالي مليار دولار (618 مليون إسترليني)، والتي تقضي بأن توفر الشركة الوقود والمنتجات المرتبطة بالنفط للثوار في مقابل الحصول على تفويض منهم للتصرف في النفط الليبي نيابةً عنهم مستقبلا . وقد أنكر المستر دونكان وزيرالتنمية الدولية أنه ساعد شركة (فيتول) فهي لها علاقات مع ليبيا من قبل وتحملت المخاطرة كما أن شل وشركة النفط البريطانية كاناعلى إستعداد لقبول هذه المخاطرة . كما صرح مكتب رئيس الوزراء البريطاني بأنه رغم الأعتماد على الوزير الن دونكان كخبير نفطي إلا أن المستر دونكان ليس له سلطة على وحدة النفط الليبي في مجلس الأمن القومي بوزارة الخارجية البريطانية .
هذا قطرة من غيت من ما نشر في الأعلام العالمي حول العلاقات النفطية والمالية مع دول الناتو التي شاركت في مساعدة الثوار الليبيين على نجاح ثورتهم . ولهذا على المجلس التنفيذي متابعة ما ينشر والتعليق بالتكذيب أو شرح ما تم فعلا من تعاملات والاجراءات المتبعة حتى تغلق الباب على المت في الماء العكر . كما أدعو الاعلام الليبي والمراقبين الاعلاميين الليبيين متابعة الاعلام العالمي ونشر ما يحصلون عليه من معلومات في هذا الشأن وتعليقات المجلس الأنتقالي وأراؤهم كصحفيين حولها .
بشير إبراهيم September 2011
سرت
سرت تضم قبائل عديدة ولا تقتصر على القدادفة كما يعتقد البعض . تولى إنشأئها قائم مقام قضاء سرت عمر باشا المنتصر الذي استمر في منصبه أزيد من 20 سنة أشرف فيها على تأسيس المدينة ووطن بها من يرغب من قبائل البادية يذكر منهم (القذادفة والعمامرة والهماملة والورفلة والفرجان ومعدان وقماطة ولحسون وأولاد سليمان والجماعات ووالمزاوغة والربايع والمشاشي وأولاد وافي والمغاربة والهوانة والزياينة وغيرهم)، كما نقل إليها عدد من العائلات من مصراتة، وأسس بها في سنة 1898م الزاوية المعروفة اليوم بجامع بن شفيع نسبة إلى الشيخ محمد علي بن أحمد الشفيع السناري الذي تولى مشيخة الزاوية منذ تأسيسها وحتى وفاته. وجلب نخبة من علماء مصراتة والمحترفين لسد حاجة سكان المدينة والقبائل حولها . وقد إشترى من السلطان العثماني كامل اراضي المدينة والأراضي الساشعة حولها التي كانت تستغلها القبائل في الزراعة الشتوية وتربية الأغنام والأبل .
الإنشاءات الأولى التي قام بها كانت دائرة حكومية تحتوي على سبع غرف، ودائرة أخرى لعائلات المأمورين فيها ست غرف على دورين مع ما يلزمها من المشتملات، وتكنة للعساكر الشاهانية، وإصطبل لأجل خيول السواري، وفتدق وسوق بعدة دكاكين، وفرن وطاحونة .
تعتبر مدينة سرت الآن من المواقع البالغة الأهمية حيث تحتل موقعا متوسطا بين شرق ليبيا وغربها، وهي في نفس الوقت تعتبر بوابة للمناطق الداخلية بفزان، ويمكن اتخاذها قاعدة للانطلاق إلى الواحات التي تقع إلى الشرق والجنوب.
بشير إبراهيم August 2011
فترة الأنتقال إلى نظام ديمقراطي حر
كثيرون ينادون بالتسامح وهذا الشعور عفوي يعبرعن عاطفة ليبية إنسانية ولكن هذا الشعور خطر على نجاح ثورة 17 فبراير في المستقبل . كثيرون من مسئولي نظام القذافي تقمصوا أو سيحاولون تقمص الثورية لخدمة مصالحهم والتمسك على الأقل بمكاسبهم من أموال وأملاك بدون وجه حق والسعي تحت السطح للألتفاف على الثورة والعودة إلى الحكم تحت ستار الديمقراطية والحرية . مع إحترامي للسيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الأنتقالي ألا أن قلبه كبير وإيمانه بالله قوي وتمسكه بتعاليم الأسلام السمحة التي تدعوإلى التسامح وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم المتميزة بالعفو عند المقدرة . هذا كله لم يمنع بعض المسلمين من الردة وبعض كبار الصحابة رضوان الله عليهم من الألتفاف حول الخلافة الأسلامية والحكم بالحيلة والسياسة. إن السياسة أصبحت علما تضاربت فيه الأراء . فمن المبدأ الداعي إلى الديمقراطية والعدل والحريات وهذا ما ألتزمت به الأنظمة الديمقراطية . ألى الميكافيليين الداعين إلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وهو ما ألتزمت به أنظمة الحكم الدكتاتورية . والسياسة التي يتبعها الساسة المعاصرين هي خليط من المبدأين . كثيرون لم يتقبلوا تصرف السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الأنتقالي الانساني المتسامح بترك محمد القذافي في بيته بدون حراسة كافية حتى تمكن من الهرب أوتم تهريبه . وكان محمد القذافي يخفي رايه صراحة عندما قال بعدم رضاه عن غياب العقل وأن الخلاف بسيط بين الثوار والنظام كان يمكن تجنبه بالتشاور. وهذه عبارات دبلوماسية تفسر في صالح الطرفين أعتبره البعض إستنكارا لتصرف أبيه ولكنه في الحقيقة هو يضع اللوم على الثوار . كما أن تمسكه بالبقاء في بيته كان يخفي ترتيب هروبه أو تهربيه . وأي سياسي سيتوقع الأسوأ ويأخد الأحتياط ويضع محمد القذافي تحت الحراسة المشددة أو يتركه للثوار للتعامل معه في أسوأ الاحوال .وقد رأينا إنه قارب النهاية ونطق بالشهادة على مكروفون الجزيرة وتركه بعد ذلك في بيته ساعد على هروبه ثم مغادرة ليبيا . الحيطة في مثل هذه المواقف تتطلبها الظروف السياسية التي تمر بها ليبيا . والشئ الثاني قول السيد عبد الجليل المتعجل بأن قبول عائلة القذافي من طرف الحكومة الجزائرية هو تصرف إنساني للحكومة الجزائرية يوافقهم عليه ولأنه ليس بين الجزائر وليبيا إتفاقية تسليم المجرمين ولكنه سيطلب من الجزائر تسليم من يحكم عليه القضاء الليبي بعقوبة . السيد محود شمام إستطاع أن يصحح هذا الراي بمطالبة الجزائر بتسليمهم جميعا حالا حتى تتم محاكمتهم في ليبيا وقد أوضح السيد فهمي البعجة رئيس اللجنة السياسية للمجلس الأنتقالي في الجزيرة بأ ن هذه التصريحات هي تعبيرات شخصية ولا تعبر عن راي المجلس الأنتقالي وإحتفظ بحق المجلس في إتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب . وما أريد أن أوضحه إننا نأمل من المجلس الأنتقالي أن يتصرف سياسيا كحكومة لها أنصارها وأعداؤها الحقيقيين . فثورة 17 فبراير قامت ضد نظام بقى 42 عاما خلق أجيالا من المسئولين توالوا عل الحكم ونفذوا سياسة القذافي القمعية و إعلاميين برروا فلسفته الحمقاء ’ ولجان شعبية وثورية نفذوا تعليماته الأستبدادية وأفكاره المضحكة وفرضوها على الشعب بالقمع والسجون والتعذيب والقتل . فالقذافي وأولاده لم يكن في إستطاعتهم حكم ليبيا بيد من حديد دون مساعدة وتأييد ولكنهم إعتمدوا على أنصارمن طلاب السلطة والمال . كل هذا لا يعفي المسئولين الذين خدموا نظام القذافي السابقين أو الذين بقوا معه حتى إنهيار نظامه . أقول هذا لأني أرى أن بعض المسئولين السابقين بدأوا يركبون الموجة الثورية الشئ الذي بعث غضب فئات كثيرة من الشعب والثوار الشباب . فثورة 17 قبراير وتضحيات الشباب الضخمة لم تبذل من أجل أن يحكمهم رجال كانوا على رأس نظام القذافي من رجال نفذوا سياسته مخيرين أو مرغامين . الشعب الليبي يقدر لمن إنشق عن القذافي وخاصة في الأسابيع الأولى للثورة وبذلوا جهذا صادقا في مساعدة الشباب التائر لتحقيق أحلامهم ومطالبهم وساهموا في عملية التحرير . ولكن حتى هؤلاء يعرفون أنهم كانوا مسئولين مخيرين او مجبرين في نظام القذافي المنهار ولهذا قال السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي أنه سيقدم نفسه للمحكمة عن الفترة التي قضاها كوزير مع القذافي وأنه لن يرشح نفسه للأنتخابات أو الحكومة الأولى التي ستتولى الحكم بعد إنتخاب البرلمان . هذا الموقف يجب أن ينطبق على جميع المسئولين السابقين في نظام القذافي . هذا لا يمنع من أن يرحب ببعضهم بتولي المسئولية والمشاركة بالنصيحة وإبداءالرأي في الفترة الأنتقالية. على أن يحظر عليهم كغيرهم من المسئولين في النظام القذافي الترشيح للبرلمان وللحكومة والرئاسة في الدورة البرلمانية الاولى أو لمدة أربع سنوات على الاقل كما هو متبع في معظم الثورات . ويترك المجال للشباب الذي قاسوا السجون والتعذيب في نظام القذافي , أو الذين هاجروا وعاشوا في الخارج مجبرين هربا من متابعة لجانه الثورية والسجون والتعذيب أو الأذلال والهوان , والشباب الذين ثاروا وضحوا بالنفس والنفيس من أجل ثورة 17 فبراير وقتل منهم عشرات الألاف وقاسى منهم مئات الألاف من الجرحى والمعوقين . والمحافظة على إنتصارات الشباب في ثورته تقتضي مزاولتهم لحقهم في الترشيح للبرلمان والمناصب التنفيذية وتولي الحكم دون غيرهم في فترة الأربع سنوات السنوات الأولى القادمة . حتى يستقر النظام الجديد على أسس سليمة ديمقراطية خلال فترة الأربع سنوات الأولى لفترة ما بعد الثورة ليفتح الباب بعدها للجميع لممارسة حقوقهم الديمقراط
بشير إبراهيم August 2011
دور الشباب في المرحلة القادمة
لقد أتبت الشباب الليبي جدارته بتضحياته الجسيمة وتصميمه على إنهاء حكم أكبر طاغية دكتاتور عرفه التاريخ الحديث بعد هتلر وقد كللت هذه التضحيات بالنجاح . وقد سجل التاريخ المعاصر صفحات ناصعة من ذهب لهؤلاء الشباب . وأشادت وسائل الأعلام العالمية بالروح العالية التي تمتع بها شباب ليبيا. ولأول مرة في التاريخ تسابقت الصحف على نشر تفاصيل المعارك التي خاضها ثوار ليبيا وقد خصصت لها بعض الصحف العالمية على إختلاف توجهاتها عشرات الصفحات طوال السبعة شهرا الماضية . وأحتلت صدارة الصفحات الاولى والأولوية بين الأخبار العالمية الهامة . لقد ضحى شباب ليبيا بعشرات الألوف من الشهداء ومئات الألاف من الجرحي والمعوقين ولم يهن هذا من تصميمهم حتى تحقق هدفهم وهو الأطاحة بالطاغية الذي قضى إتنان وأربعين عاما في حكم ليبيا يتصرف فبها كمزرعة وكنز له ولأولاده دون مراعاة لمصالح الشعب الليبي . وفرض الخوف والذعر في قلوب الشعب بحيث لم يعد يسمع صوت غير صوته ولا يذكر إسم غير إسمه مقرونا بأوصاف العظمة والألقاب المضحكة التي أسبغها على نفسه .والأن وقد تكللت ثورة الشباب بالنجاح تتوجه ألأنظار إلى فترة ما بعد القذافي ودور الشباب لفرض إرادته وتحقيق أحلامه وإقامة نظام ديمقراطي ونشر العدل والمساواة بين الجميع .وشباب ليبيا مطالب اليوم بالأشراف بالمتابعة والمشاركة في النشاط السياسي وفي الحكومة لأرساء دعائم دولته . وعدم السماح للمتربصين بالحكم والألتفاف حول منجزات الثورة وهم كثيرون . ومن هؤلاء المتربصين باعادة البلاد إلى حكم الفرد والأستبداد الجماعات الأسلامية المتطرفة ودعاة الأقليمية البغيضة وكباررجال العهد القذافي المنهار الذي تقمصوا في توب الثوار للألتفاف على ثورة الشباب . ولأكون صريحا سأتعرض الى الذين ظهروا علينا متقمصين الثورية لجني ثمار الثورة الشبابية وأقتصر اليوم على شخصين الأول طلع علنا في الأعلام والجزيرة للمطالبة بحكم البلاد وهو الذي كان الرجل الثاني بعد القذافي وشارك في الثورة على النظام الملكي الدستوري وساهم في قمع الشعب وفرض النظام الذي إبتدعه كبيرهم لحكم ليبيا وفي نشر القمع والخوف بين الناس والفساد بين الطبقة الحاكمة . ولم يترك الحكم مع القذافي إلا بعد أن كبر أبناء القذافي وطردوه وبدأوا في الأستيلاء على السلطة والتخلص من مساعدي والدهم المقربين وإهانتهم وصفعهم في العلن . وتقاسموا وتولوا جميع السلطات في كل المجالات بقيادة والدهم الذي بدأ يتفرغ لتحقيق أحلامه بزعامة العرب والأفربقيين والعالم . أني لا زلت أذكر هذا الشخص الذي تقمص دور الثوار ويضع على صدره العلم الوطني الذي يحمل علم الملك إدريس في وسطه وهو الملك الذي ثار عليه هذا الشخص سنة 1969 . أذكره في الأسبوع الأول لأنقلاب ستمبر البغيض يوم خاطب متباهيا ومتغطرصا وشتم جميع المعتقلين من كباروأفاضل رجال ليبيا وأعيانها وخيارها وشرفائها وبعضهم من كبار السن من المجاهدين القدامى من رجال العهد الملكي في ساحة سجن بورتابنيتو واصما أياهم بدون حياء بكل صفات الفساد وسوء الأخلاق والخيانة . حتى إضطر عضوي مجلس الثورة الخويلدي والهوني بعد مغادرته السجن بالأعتذار عن سلوكه . واليوم يقول في الجزيرة دون حياء أن الشعب الليبي يحبه وأن حوالي 86 % من الشعب الليبي يؤيده لزعامة ليبيا بل وزاد عن ذلك بأن هذا نتيجة إستفتاء عام تم في شهر يوليو الماضي وهو بهذا يردد ما قاله القذافي عن نفسه. وأضاف إنه لم يخرج من ليبيا إلا بعد وعد المجلس الأنتقالي له بالمشاركة وبالكلام مباشرة للشعب الليبي الذي يتوق إلى زعامته . كما أضاف بأن خروجه من ليبيا دفع ترهونة وبعض المدن الأخرى والقبائل ومناطق الجبل الغربي إلى تأييد المجلس الأنتقالي بطلب منه ومسعاه الشخصي ووووووو...... أقول هذا وليس لدي أي كراهية أو عداء لهذا الشخص بل إني أقدر دوره بخروجه على القذافي في الأيام الأواخر من حكمه وعلى تاييده لثورة الشباب وللمجلس الأنتقالي . لكن كان على هذا الشخص أن يفهم أن دوره كمسئول إنتهى ويجب أن يقتصر على إبداء الرأي والنصيحة كغيره من مسئولي عهد ثورة الفاتح من ستمبر المنهار إذا طلب منهم ذلك . أما تمتيل الشعب والحكم فسيتولاه الشباب الذي بذلوا الروح غاليا من أجل تحرير البلاد من حكم القذافي البغيض .. هذا مثل للمتربصين بحكم ليبيا على حساب دمائ الشهداء من شباب ليبيا الطاهر . والشخص الثاني هو المدعي بولاية عهد ليبيا مع علمنا جميعا بوفاة أخر ولي عهد لليبيا الامير حسن الرضا رحمه الله وأن ولاية عهد الملك إدريس لم تكن بالوراثة ولكن بموافقة خاصة منه .وأن لقب الأمارة لا يورث ولوكان ذلك متاحا لما تردد أحفاد القرهمانلي في الأدعاء بذلك . ومع إحترامنا التاريخي وتقديرنا الكبير للعائلة السنوسية وأفرادها جميعا وفيهم عدد كبير غيره جديرين بتولي أعلى المسئوليات في العهد الجديد .وتقديرنا لدور الملك إدريس الريادي رحمه الله في إستقلال ليبيا الذي سيرسخ في تاريخ ليبيا وستتذكره الأجيال تلي الأجيال . إلا أن ليبيا بعد 17فبراير لن تعود لحكم الفرد سواء كان ملكيا أو جمهوريا بل يريد الشعب حكما ديمقراطية جمهوريا برلمانيا السلطة فيه للشعب وبالشعب والشئ الأخير الذي أود أن أبدي وجهة نظري فيه هو إصدار إعلان دستوري بحل اللجنة الشعبية العامة والمؤتمر الشعب العام وجميع اللجان الثورية والشعبية وجميع الهيئات الأعتبارية الرسمية مع إستمرار من يحمل وظيفة عامة منهم في عمله حتى يتقرر مصيره . وكذلك إصدار قرار يحظر على كل من تولى منصبا عاما أو مسئولية خاصة منذ الأول من ستمبر سنة 1969وحتى قيام ثورة 17 فبراير الترشح للبرلمان أو للوزارة للفترة البرلمانية الأولى ولفترة أربع سنوات على الأقل بعد تقديمهم جميعا دون إستتناء للمحاكم العادية او محاكم خاصة لهم كما تعهد بذلك السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الأنتقالي بتقديم نفسه للمحاكمة عن فترة الأربع سنوات التي عمل فيها كوزير مع القذافي . يشمل هؤلاء المسئولين الذين يجب تقديمهم للمحاكمة جميع الأمناء العامين وأعضاء اللجان الشعبية وكبار الموظفين من درجة وكيل وكبار ضباط و الجيش والأمن والصحفيين والكتاب الذي عرفوا بدفاعهم عن النظام المنهار . كما يجب وضع كل من عرف من هؤلاء جميعا بأرتكاب جرائم القتل والتعذيب والقمع في حق المواطنين تحت الأعتقال أو التحفظ في البيت حتى يتم تقديمهم للمحاكمة .
بشير إبراهيمAugust 2011
سياسة التشدد والتسامح
الثورة تغيير ولحصول هذا التغيير في ليبيا لا بد من إستعمال الشدة مع كبار المسئولين في عهد ما قبل الثورة . الشدة لا أعني القتل والأنتقام أو التعذيب وإنما التحفظ على كل من كان في منصب المسئولية وإتخاذ القراربما في ذلك أعضاء اللجان الثورية والشعبية والكتائب . والتحفظ يجب أن يكون في مكان أمين لجميع المعتقلين في مباني حصينة تتحول إلى سجون مؤقتة مع حسن الاقامة والمعاملة والعناية الطبية وتشديد الحراسة القصوى حول أماكن الأعتقال تحت إشراف المجلس الأنتقالي والسماح لهيئات نشاط حقوق الأنسان الوطنية والدولية بزيارتهم والأ ستماع إلى ملاحظاتهم . ويجب أن يشمل الأعتقال الجميع دون تمييز بين المتهمين في جرائم ضد المواطنين أوغيرهم حتى يتم الأستقرار والقضاء على كل حركات المقاومة . وبعد ذلك ينظر في الحالات الفردية وإطلاق سراح من عرف بنزاهته للبقاء في بيته تحت الرقابة وعدم السفر أو المشاركة في أي نشاط سياسي أو إداري حتى يتم التحقيق معهم من طرف النيابة العامة العادية أو الخاصة إذا تقرر إنشاء محاكم خاصة للمسئولين في عهد القذافي ويفضل هذا الخيار . ويترك موضوع العفو العام والخاص للمجلس الأنتقالي . . وأبقاءالمتهمين في جرائم القتل والقمع والتعذيب في المعتقل حتى يحالوا إلى القضاء . إن سياسة التسامح التي ينادي بها السيد مصطفى عبد الجليل سياسة أخلاقية وإنسانية ولكن للثورات قوانينها وسلوكها. سياسة التسامح قد تشجع البعض على الأستسلام لكن لا تضمن حسن النية في الجميع , وهي خطرة في الأيام الأولى للثورة ويجب تجنبها. وعلى المجلس الانتقالي أن يضع المعايير وتحديد المناصب العامة ودرجات كبار الموظفين الذين يجب التحفظ عليهم رهن الأعتقال دون إستتناء . وقد يشمل هذا الأمناء العامين وامناء المؤتمر الشعبي العام ورؤساء وأعضاء اللجان الثورية واللجنة الشعبية العامة الحاليون والسابقون والمسئولون على اللجان الشعبية في الشعبيات . ومن الموظفين الوكلاء والمدراء العاميين وكبار رجال الجيش والشرطة ومن عرف بمساندة نظام القذافي من الكتاب والمواطنين العاديين . ويجب أن يخبر هؤلاء بأن التحفظ عليهم ليس معناه إتهامهم وأعطائهم الأمان ومقابلة عائلاتهم والعناية بهم . ويحب أن لا تكون هناك إستتناءات . والشئ الذي يجب على المجلس الأنتقالي التركيز عليه أمنيا هو تحرير كل التراب الليبي من من بقايا الكتائب .وإداريا يتولى المجلس الأنتقالي جمبع مسؤليات المؤتمر الشعب العام والمؤتمرات الأساسية واللجنة الشعبية العامة واللجان الشعبية , وإصدار إعلان دستوري بحلها جميعا . ويعين المجلس الأنتقالي حالا وكلاء وزارات ومدراء إدارات وسفراء وكبار رجال الجيش والأمن جدد من جيل شباب الثوارالمتعلم من ذوي الخبرة والمعارضين لنظام القذافي الذين دفعوا الثمن غاليا . أما القدامى قيمكن إحالتهم على التقاعد أو إعطائهم مسئوليات ووظائف أخرى وضمان مرتبات ومكافات لهم تقاعدية بعد إنتهاء التحقيق معهم . هذه إجراءات مستعجلة لا تتحمل التاجيل أو التروي فلسنا في وضع مستقر حتى ولو قبض على القذافي وأنتهت مقاومة الكتائب .إن اي تهاون في تنفيذ هذه السياسة سيتيح لأنصار العهد المنهار إلى الالتفاف حول الثورة والعودة تحت ستار الثورة . وقد رأينا كثيرين من المسئولين السابقين يتقمصون الثورية ويدعون بمعارضتهم للقذافي رغم قبولهم وإستمرارهم في العمل معه حتى فراره .أنه منظر مخزي أن نرى بعض من يدعون أنفسهم بالمنشقين يضعون العلم الليبي الجديد القديم على صدورهم ويدعون الثورية . طبعا توجد إستناءات للأفراد ألذين أنشقوا عن القذافي في الأيام الأولى للثورة وساهموا في الثورة عمليا بالسلاح او بالمشاركة في المسئولية السياسية. ولكن حتى هؤلاء يجب تقديمهم للقضاء بعد إستقرار الأوضاع للتحقيق معهم كما أوضح وتعهد السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي بتقديم نفسه للقضاء عن الفترة التي قضاها كوزير في عهد القذافي. نامل أن تكون هذه سياسة المجلس الأنتقالي مع جميع المسئولين في عهد القذافي .دون إستتناء .

بشير إبراهيم22 August 2011
تحرير طرابلس كان ضربة سريعة لم يتوقعها القذافي أو حتى دول الناتو . الفضل كله لثوار ليبيا البواسل فقد أتبتوا انهم أهل للسيطرة على بلادهم دون مساعدة خارجية على الأرض . لقد كان دور الناتو حماية المدنيين من الأسلحة الثقيلة لكتائب القذافي من دبابات ومدافع طويلىة المدى ومخازن الأسلحة . ورغم بطء قصفهم إلا أن هذه المساعدة المحدودة كانت عاملا مساعدا للثوار في هزيمة الكتائب. لكن الفضل كله والمجهود كله للثوارفقد واجهوا كتائب الطاغية وحرروا ليبيا شبرا شبرا أو زنقة زنقة بتعبير القذافي . لا أحد كان يصدق أن الثوار سيدخلون طرابلس بالسهولة التي تم بها , وكنا نتخوف وندعو الله أن يحمي طرابلس من حمام دم فحماقة القذافي غير محدودة وقد يقدم على تهديده بالأرض المحروقة . كان خطاب القذافي الأخير يدل على أنه فقد السيطرة وكان يهدي بدلا من يتكلم . وكان يجتر أحلامه بتاييد الملايين الذين كانوا يهتفون ويهللون له في ميدان الشهداء , وينادي القبائل وفروعها بالأسم قبيلة قبيلة كما نادى سابقا عائلات مصراتة أسرة اسرة ولكن بعد فوات الأوان . أن نهاية القذافي لن تكون نهاية الكفاح لليبيين لأن بناء ليبيا الحرة لن تكون عملية سهلة وتحتاج إلى أيادي وأفكار كل المواطنين . والشئ المهم هو تكريس الجهود لتجنب الخلاف وعدم تحويله إلى صراع مسلح . فالخلاف في الراي شئ صحي ويجب أن ينظم في شكل أحزاب معترف بها للتنافس في جو سلمي ديمقراطي . وليبيا رغم بقائها تحت حكم الطاغية القذافي لفترة 42 عاما إلا أن ليبيا تتمتع بمكانة هامة تاريخيا وإجتماعيا . الليبيون منذ القدم لعبوا دورا هاما في تاريخ البحر الأبيض المتوسط وفي الصحراء الكبرى وكانوا عرضة لغزوات كل الأمبرطوريات التي سيطرت على البحر المتوسط وأستطاعوا تحرير أنفسهم من السيطرة الأجنبية بعد صراع شرس أتبتوا فيه شدة العراك . لقد توالت عليهم غزوات البزنطيون والرومان والعتمانيون والطليان وطردوا كلهم من التراب الليبي .
اني من جيل عاش في ظروف غير الظروف التي يعيشها الليبيون اليوم فقد كان التعليم معدوما وكان النظام القبلي مسيطرا على الحياة السياسية والأجتماعية وفد شجع هذا النظام نعرات إقليمية تدعو إلى التقسيم. وفعلا حدث هذا بعد تحرير ليبيا من الحكم الأيطالي والحكم العسكري للحلفاء ولكن حكمة الملك إدريس وزعماء البلاد إستطاعوا التغلب على هذه النزعات الاقليمية بانشاء نظام فدرالي مؤقت سنة 1951 وقد الغى هذا النظام بعد ما تلاشت النزعات الأقليمية إلى غير رجعة . فقد ساعدت الفدرالية على التنافس على الموارد وإضعاف سلطات الأتحاد ونشر الفساد وتعرض أمن البلاد للخطر وشجع بعض عناصر الجيش على الأستلاء على الحكم لتعذر قوات الامن المنقسمة اداريا بين الولايات حماية النظام . لكن مع تطور ليبيا وإنتشار التعليم وإحتلال مكانتها بين الدول المتمدنة للعالم الديمقراطي المتحضر لم بعد النظام الاتحادي قادرا على تنمية البلاد وحماية أمنها القومي . واليوم يبدأ الليبيون مرحلة بناء دولتهم الديمقراطية الجديدة والسير في ركاب الربيع العربي الذي ينبض في كل أرجاء العالم العربي . وسيتمسك الليبيون باقامة نظام ديمقراطي وحدوي متماسك وقوي يليق بليبيا ومكانتها في البحر الأبيض المتوسط وحلقة الأتصال بين الغرب والشرق وبين الشمال والجنوب . لقد حاول القذافي إحياء النظام القبلي البغيض لتحقيق سياسة فرق تسد في تقسيم ليبيا والسيطرة عليها , ولكنه فشل فلم تعد للقبيلة سيطرة على سلوك الناس كما يحصل في الماضي في المجتمعات البدائية , وأصبح مجرد الأنتماء إلى القبيلة كالأنتماء إلى المدينة التي يولد فيها الأنسان مجرد مصدر إعتزاز كأعتزاز الليبي بأسلامه وعروبته . إن الليبي كان ولا يزال يتنقل من غرب البلاد الى غربها ومن شمالها إلى جنوبها دون أن يشعر بأنه غريب عن غيره من الليبيين حتى أصبحت المدن الليبية تضم عائلات تتوزع أصولها وفروعها في عدد من المدن الغربية والشرقية والجنوبية والشمالية .
bashiribrahim. elaphblog.com
بشير إبراهيم August 2011
الوضع المتأزم في ليبيا
كثيرون يقارنون بين ما يجري في ليبيا بما جرى في مصر أو تونس أو بما يجري الأن في سوريا واليمن . وفي الوقت الذي نتألم فيه لما حدث في تونس ومصر وما يجري الأن في سوريا واليمن من قمع وقتل للمواطنين العزل ومن ضرب المباني السكنية بالمدافع دون رعاية لساكنيها .في تفس الوقت نقول إنه لا يمكن مقارنة ما يجري في ليبيا وما جرى ويجري في بقية الدول العربية . أن القذافي لم يتعامل مع الثوار كما تعامل غيره . فقد قرر من أول يوم للثورة السحق والقتل لكل من يحتج أو يتظاهر. وفي الوقت الذي يعترف فيه زعماء مصر وتونس وسوريا واليمن بحق التظاهر والأحتجاج السلمي إلا انهم يستعملون العنف ضد المتشددين والمتطرفين ووصفهم بالارهابيين الأجانب , لا يسمح القذافي لأي إحتجاج أو تظاهر. ولو خرجت مظاهرة في طرابلس أو في أي مدينة ليبية لقامت كتائب القذافي بسحقها جميعا بالمئات والألاف دون أنتظار أو إنذار أو تفريق بين المحتجين والمارة والسكان في بيوتهم . إن عدم خروج مظاهرات في ليبيا كما خرجت في مصر وتونس وتخرج الأن في اليمن وسوريا بشكل يومي لا يرجع إلى خوف الليبيين من تصدي الكتائب لهم وإنما يعرفون أن الخروج في مظاهرة معناها الموت الجماعي المؤكد لا شك فيه ولن يرجع أحد إلى بيته . صحيح إن الثوار الليبيين إستفادوا من تدخل الناتو والعالم في صالحهم فهبوا للقتال ومنازلة كتائب القذافي بما لديهم من أسلحة بسيطة أغتصبوها من الكتائب وبالسلاح الأبيض , كالذي أخرج بندقية جده التي حارب بها الطليان في أوائل القرن الماضي ليستعملها ضد أحدث الأسلحة وأقواها وبعرض نفسه للموت المحقق . ورغم حصول بعض الثوار أخيرا على بعض الأسلحة إلا أن ما لديهم لا يمكن أن يقارن بما لدى كتائب القذافي من أسلحة فتاكة حديثة من مدافع وصواريخ بعيدة المدى لا يراها الثوار بالعين المجردة وتتساقط عليهم دون أن يستطيعوا التعامل معها بأسلحتهم الخفيفة وسياراتهم المدنية التي سخروها للمعركة . صحيح إن الأعلام العالمي ساعد الثوار الليبيين في الأسابيع الأولى للثورة لكنه صمت لفترة طويلة ولم يستيقظ إلا في الأيام القليلة الماضية بعد توالي إنتصارات الثوار في جبهات القتال وزحفهم على غربي طرابلس وحتى مشارفها . وأنصب الأعلام العالمي على الأنتصارات دون التعرض بشئ من التفصيل لمجريات القتال العنيف والضحايا من قتلى بالمئات وجرحى بالالاف ودون توفر وسائل العلاج والغذاء , وبكاء التكالى اللاتي فقدن أحبابهن .واليوم تفاجئنا الصحافة الغربية وعلى رأسها جريدة التايمس اللندنية بأن إنتصار الثوارالأن هو أسوأ نتيجة للوضع في ليبيا لان سقوط نظام القذافي سيترك فراغا للقوة في ليبيا وقيادة الثوار التي يؤيدها الناتو في فوضى وليست قادرة على القيادة ومصادرها الدبلوماسية والعسكرية تنفذ . وهذا هو رأي الدبلوماسيين الغربيين في بنغازي , والدوائر السياسية والعسكرية في الناتو, وفي روما يخافون من مواجهات دموية في طرابلس وعمليات إنتقام بين الثوار . وفي الدوائر الامريكية هناك مخاوف بأن نهاية القذافي التي يريدها الجميع كلما أقتربت زادت المخاوف حول إستعداد الثوار للحكم . هذه الأراء التي كانت تدور وراء الأبواب ظهرت للعلن . ورغم محاولة السيد عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الأنتقالي تفنيد هذه الأراء حول خطر مثل الفراغ الذي قد يحدث بعد رحيل القذافي , وبأن اللجنة التنفيذية للمجلس ستتألف في بحر أيام , إلا أني أعتقد إن إعلام الثوار يجب أن بسلط الاضواء على هذه المخاوف وتفنيدها على أوسع نطاق . كما أنه على المجلس الأنتقالي ألاستفادة مما ينشر في الاعلام ومحاولة أعادة هيكلته وزيادة تمثيل مناطق البلاد وخاصة الغربية . والأستعانة بخبراء السياسة من الجيل القديم الذين لهم خبرة بأوضاع ليبيا ومواقف الدول للأستشارة في ندوات وإجتماعات جانبية . كما ظهرت المخاوف الغربية من نمو قوة الأسلاميين بين الثوار في تصريح زعيم سابق إسلامي بوجود أنقسامات في المجلس الأنتقالي وعلى أن الشعب غير راض عن ذلك . والمشكلة في ليبيا كما وصفها أحد المعلقين هي الأسلام والقبيلة والديمقراطية , ومستقبل ليبيا يتوقف على وجود صيغة تضم هذه العوامل الثلاتة معا . واشارت التايمس ألى أثار قتل اللواء يونس وحل المجلس التنفيذي الذي لم يستخلف بعد وتقليل الغرب الخطير من نفوذ الأسلاميين بين الثواروالدور الهام للقبائل الليبية والأعتماد على اللبرياليين ذوي التعليم الغربي . كما أشارت التايمس إلى تقارير بوجود خلاف بين الثوار وأوردت أن مسئولا رئيسيا من ثوارالجبل الغربي الذين أحتلوا الزاوية لم يذكر إسمه نادى بأستقالة رئيس المجلس الأنتقالي والأعضاء الأخرين الهامين بسب ملابسات قتل اللواء يونس . وأن يضم المجلس الأنتقالي في عضويته مزيدا من التمتيل لغربي البلاد الذي يضم أغلبية السكان .
والشئ الذي يؤلمنا هو إستمرار الأعلام العالمي والعربي على نقل ما يدعيه إعلام القذافي من إدعاءات كاذبة وتكذيب لتصريحات الثوار لمجرى المعارك . وكثيرا ما يظهر الناطق الرسمي للقذافي في الأخبار يوميا بالصورة والصوت وقلما نرى الناطق الرسمي للثوار بأستتناء في الجزيرة . والجزيرة التي خدمت الثورة الليبية والثورات العربية خدمة لن تنساها الشعوب العربية لها إلا أني لاحظت أن مذيعيها إما حبا في القذافي أو إعجابا به يحرصون على تكرير خطبه ومواقفه التي قد تكون مضحكة في نظرنا ونظر العالم إلا أنها دعما له بين أنصاره الذين يؤيدون ما يقول وتكرارأقواله على مدار الساعة ومقارنة القذافي بمبارك وبن علي اللذين رحلا من الحكم في غير محلها لان القذافي لا زال في الحكم وما أتارني ترديد أغنية الطفلة البريئة ( قائدنا ما شاء الله عليه إسمه القذافي ) رغم براءتها لا أفهم تكرارها على شاشة الجزيرة ولاي سبب والتي تعطي عطفا إنسانيل للقذافي.
إن كل كيلو مترمن الأرض أحتله الثوارالليبيين في المعارك دفعوا فيه مئات الضحايا والجرحى ولم يعد حتـى الثوارأنفسهم قادرين على ذكرعدد قتلاهم وجرحاهم والمفقودين منهم رغم انهم يقتلون ويجرحون بالمئات وتدمر مساكنهم ومدنهم طوال الستة أشهر من عمر الثورة حتى أصبحت ليبيا خرابا وأمتلات الأرض بالقبور لمن وجدت جتتهم وأختفى الألاف من المواطنين ولا يعلم إلا الله مصيرهم . وهاجر مئات الألوف من مساكنهم ومدنهم الى تونس ومصر وأفريقيا وأوربا ومن إستطاع منهم النجاة بأطفاله والعيش في المخيمات . ويعاني كل سكان ليبيا نقص وإنعدام المواد الغذائية والوقود وإنقطاع الكهرباء ووسائل الأتصال . هذه هي الحالة القاتمة التي تعيش فيها ليبيا والعرب يتفرجون حتى الجيران يمنون بالاعتراف الرسمي بالثوار والمجلي الأنتقالي ومقاطعة النظام القذافي بدلا من مشاركة أخوانهم الليبيين في ثورتهم للتخلص من دكتاتور كان مع مبارك وبن علي يدا واحدة . والناتو لا يقدم إلا النذر اليسير من إمدادات السلاح وقصف القليل من الارتال من الدبابات والسيارات المدرعة والمدافع والصواريخ الطويلة المدى ويؤخرون نهاية القذافي لأسباب لا نعرفها رغم أهمية هذا القدر اليسير من المساعدة والقذف للمقاتلين الثوار. إن الدول العربية والعالم مطالبون اليوم بمساعدة الليبيين على تحرير بلادهم من حاكم طاغية أستخدم ثروة البلاد لشراء السلاح الفتاك وجلب المرتزقة الأجانب والأعلام المضلل لسحق شعبه دون رحمة .الليبيون لا يريدون مساعدة بمقاتلين من الأخوة العرب والأصدقاء الأوربيين ولكنهم في حاجة الى المساعدة بالسلاح والمال والخبرة والأعلام الصادق والأعتراف القانوني لتمثيلهم للشعب الليبي .
        بشير إبراهيم August 2011
الهدف الاول للثورة تحرير الارض                    
لا حظت أن بعض الاخوة يثيرون مواضيع حساسة قبل أوإنها كتوجيه التهم للمسئولين المنشقين أو المطالبة بالحقوق والأنصاف لما واجهوه في عهد نظام القذافي أو موضوع المصالحة قي العهد الجديد وهذا يصرفنا عن موضعنا الهام الذي نعيشه اليوم والذي لا يعلو صوت عليه وهو تحرير كل التراب الليبي من حكم الطاغية . موضوع المصالحة قد تكون أول مهمة للعهد الجديد ستتار بعد أنتهاء عملية التحرير . والمصالحة تحتاج الى ندوات ومداولات ويجب أن لا تتار إلا بعد أنتهاء تحرير البلاد من حكم الطاغية .وهو موضوع قديم في التاريخ وأقربها إ لى الدهن مصالحة جنوب أفريقيا وهي جديرة بالأ تباع في ليبيا ما بعد الثورة. لقد قضى القذافي فترة 42 عاما ولدت فيها أجيال من المو اطنين بعضهم لم يعرف حكما غير حكم القذافي إما انهم كانوا اقل من سن العاشرة أثناء قيام ثورة الفاتح من ستمبر أوولدوا خلال فترة حكم القذافي وهم أغلبية المواطنين اليوم قد يصل عددهم 90%. هؤلاء المواطنين لا يمكن أن يلاموا على أنهم عملوا في خدمة هذا النظام فمنهم المواطن العادي والمهني والعسكري والموظف والسياسي والدبلوماسي والأديب والكاتب الخ ولو حاسبنا الموظف أو العسكري لمجرد أنه خدم مع حكومة النظام لكان علينا أن نحاسب كل بقية فئات الشعب بما فيهم المواطن العادي على سكوتهم لرؤية المنكر الذي إرتكبه القذافي ولم يقاوموه بالقوة أوبالعصيان أو باللسان أو بالقلم . لكن هناك فئات قليلة من هؤلاء جميعا من قدم خدمة غيرقانونية للنظام وأجرم في حق المواطنين بالأمر بالقتل أو تنفيذ القتل أو حكم على مواطن بالقتل بغير وجه حق . أو أمر بالتعذيب أو تنفيذ التعذيب أو أمر بقمع المواطنين أو تنفيذ هذا الأمر . هؤلاء يجب محاسبتهم ومحاكمتهم والعفو من حق الضحايا وذويهم أولا ومملثي الشعب المنتخبين في البرلمان بشأن الحق العام بسن تشريع خاص بذلك . وكذلك من سرق المال العام لنفسه أو مع غيره فيجب محاكمته وفقا للقانون , وإسترجاع الأموال العامة والأعفاء من العقوبة أو تخفيف تنفيذها من حق ممثلي الشعب في البرلمان وفقا لقانون يسن خصيصا لهذا الشان. أما موضوع الحق المدني والتعويضات فيجب أن تحل وفقا للقانون وإسترجاع أموال المواطنين المسلوبة والمصادرة سواء كانت مالية أو عقارية على أن لا يتضرر من يسكنها أو يستغلها او شرائها أو أنتقلت إليه ملكيتها قانونا أو عدم قدرته على دفع قيمتها نقدا وتعوض الحكومة أصحابها تعويضا عادلا إذا تعذر إسترجاعها لهم وتتعامل الحكومة مع المستفيدين السابقين وفقا للقانون . ويجب أن تتم تسوية هذه الأمور في إطار مصالحة عامة وبرنامج إعلامي سليم يعطي المتضررين والمطالبين بالحقوق معلومات كاملة عما يتخذ من اجراءات ومواعيد تنفيذها . ولضمان تسوية عادلة لا بد من إنشاء لجنة خاصة حال إنتهاء نظام القذافي للنظر في الشكاوى والتظلمات والطلبات وإحالة الحا لات الجنائية المذكورة أعلاه ألى القضاء , والتعويضات على الجهات الحكومية المختصة وبهذا نضمن مصالحة عن طريق محاسبة مقترفي جرائم القتل والتعذيب والقمع ولصوص المال العام وتعويض الحكومة للضحايا المعتدي ويترك للبرلمان الليبي المنتخب إصدار العفو العام على المحكوم عليهم أو تخفيف العقوبة بسن تشريع خلص بذلك . وعلى أصحاب الشكاوى والتظلمات والمطالب التحلي بالصبر حتى تنتهي مرحلة تحرير البلاد من كتائب الطاغية . بشير إبراهيم

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !